4 ساعات هي زمن الرحلة من القاهرة إلي حقل نورس الموجود في "دلتا النيل" الذي يعد من أهم وأكبر الأكتشافات الحديثة إنتاجا للغاز في مصر وكانت بداية الحفر فيه في مارس 2015 وباكورة إنتاجه كانت في أغسطس من نفس العام و يقدر إنتاجه الحالي بحوالي30٪ من حجم إنتاج مصر الكلي في الغاز. وترجع أهميته إلي مواجهة احتياجات السوق المحلي من مشتقات الغاز ليقلل بذلك عمليات الاستيراد من الغاز ويؤثر بالايجاب علي الصناعة وإنتاج الطاقة من الكهرباء مما ينعكس بدوره علي تقليل النفقات والعمله الصعبة للوصول إلي ما تطمح إليه الدولة من الاكتفاء الذاتي من الغاز. وصلنا في تمام الساعة الثانية عشرة مساء إلي حقل أبوماضي بعد رحلة طويلة وكان في انتظارنا المهندس هشام لطفي مديرعام الحقول الذي استقبلنا في استراحته الخاصة التي علمت بعد ذلك إنها كانت استراحة المهندس حمدي البنبي وزير البترول الأسبق. و بعد أن استرحت قليلا من تعب الطريق بادرته بالسؤال عن حقل نورس وأهمية ظهور الحقل في هذا التوقيت. فأجاب وهو يبتسم بارتياح ورضا حامد المولي عز وجل علي هذا الاكتشاف وقال هذا الاكتشاف نعمه كبيرة من الله وجاء في وقته لأن حقل »أبوماضي» الذي يعد من أقدم الحقول قد تضاءل إنتاجه وكنا نستعد لإخلاء المكان وتوزيع العاملين علي أماكن أخري لتشغيلهم لولا عناية الله التي أنقذتنا بهذا الاكتشاف وأشار لطفي أن معدل إنتاج الغاز اليومي في نورس بلغ 33 مليون متر مكعب وهي في زياده كلما ازداد عدد الآبار.ويؤكد أن نجاح هذا المشروع تم في زمن قياسي»نورس» حيث تم ضغط الجدول الزمني للحفر في ظل تطبيق أعلي معايير السلامة والصحة المهنية والبيئية وتعد عملية الحفر في آبار نورس واحدة من أهم التحديات الفنية العالية في مجال الحفر حيث سجلت أعلي معدلات الحفر عالميا بتجهيزها وحفرها للبئر في زمن قياسي غير مسبوق بواقع 45 يوما والتي كانت تستلزم عدة أشهر هذا بالإضافة إلي التحدي الأكبر وهو استخدام طريقة الحفر المائل وهنا سألته لماذا تم استخدام هذه الطريقة بديلا عن المنصات البحرية فأجاب المنصات تحتاج إلي تكاليف كبيرة مقارنة بالحفر المائل البري حيث يصل إيجار الحفار البحري اليومي إلي 85000 ألف دولار يوميا بينما إيجار الحفار البري يصل إلي 18000 ألف دولار. وأوضح لطفي أن حقل نورس سمي بهذا الاسم تيمنا بطيور النورس التي تتواجد في المكان وهنا طلبت منه الاستئذان للاتجاه إلي حقل نورس الذي يبعد عن أبوماضي بحوالي 35 كيلو. الاتجاه لنورس وبالفعل ركبنا السيارة واتجهنا إلي هناك وكان يرافقنا في هذه الرحلة المهندس عمرو عرابي مدير عام مساعد الإنتاج الذي كانت تبدو علي ملامحه الارتياح والفخر وهو يتحدث عن اكتشاف نورس وصلنا الي بوابة حقل نورس وطلب منا الأمن إبراز تحقيق الشخصية لتسجيلها في دفتر الزائرين وبالفعل دخلنا إلي الموقع ولفت انتباهي أن القيادات هناك مجموعة من الشباب الواعي المخلص لوطنه والذي يتحلي بالالتزام والجدية والفهم والانضباط. إتباع السلامة وتم اصطحابنا إلي مركز التدريب وهو عبارة عن كرافان به ترابيزة متوسطة الحجم و»وايت بورد» وبعدها ظهر المهندس أحمد مجدي المسئول عن السلامة والصحة المهنية في الموقع والذي أعطانا محاضرة سريعة بها بعض التعليمات الهامة التي يجب أن نتبعها أثناء وجودنا في الموقع للحفاظ علي سلامتنا وهي السير في مجموعة واحدة وارتداء الخوذة ومعرفة اتجاه الريح عن طريق العلامات الإرشادية الموجودة »الأعلام» المخصصة لذلك ومسالك الهروب ونقطة التجمع في حالة الطوارئ. وبعدها بدأنا في التحرك والتجول داخل الحقل الذي يقع علي ساحل البحر المتوسط لتجد الحفار»59» علي مسافة تبعد حوالي 150 مترا من الشاطئ بالإضافة إلي وجود عدة »كرافانات» مابين استراحات وأماكن للتشغيل مع وجود 8 آبار تقوم بإنتاج الغاز وتحويله إلي محطة أبوماضي عن طريق مواسير بطول 35 ك متر ليتم نقله بعد ذلك إلي »جاسكو» كما يوجد أيضا مكان لتخزين المواد الكيميائية التي يتم استخدامها في عمليات الحفر. منطقة مليئة بالخيرات وبعدها استمعت لشرح أثناء سيرنا في الموقع من المهندس أحمد عبد الله مسئول الحفرفي موقع نورس عن بدايات الحفر ويقول عندما أتينا إلي هنا كانت احتمالية وجود الغاز ضعيفة جدا وحفرنا أول بئر وفوجئنا بغزارة إنتاجه العالية التي بدأت ب 2 مليون متر مكعب وهذا بالطبع أكد أن هذه المنطقة مليئة بالخيرات وبدأنا بحفر البئر الثاني وأول منطقة كان اسمها نودوكو شمال غرب وهناك نودوكو جنوب غرب والأخيرة حفرنا بها خمس آبار أما المنطقة الثانية نحفر بها الان البئر الخامسة وعن الوقت الذي يستغرقه حفر البئر يقول بالطبع في البداية كانت البئر تأخذ منا وقتا كبيرا حوالي ثلاثة شهور لأننا كانت تواجهنا مشاكل مع الحفر لكن مع الخبرة والدراية الكاملة لطبيعة المنطقة التي نحفر فيها أصبح الموضوع أسهل بكثير لدرجة إننا نستغرق في الحفر الآن حوالي شهر ونصف والصعوبات التي كانت تواجهنا كلها بسبب طبيعة الحفر فنحن نحفر بطريقة الحفر المائل ناحية البحر وكلما كانت زاوية الحفر أعلي كانت المشاكل تزيد أكثر والزاوية الحرجة لحفر الآبار تقع مابين 40 إلي 60 ونحن وصلنا للزاوية الحرجة في الحفروهي» 56» ونحن وصلنا في الحفر إلي خمسة آلاف متر وبالنسبة لتكلفة البئر الواحدة وصلت تكلفته إلي 6 ملايين دولار مقارنة بحفار البحر الذي لايقل تكلفته عن 50 مليون دولار. وهناك سوائل يتم استخدامها أثناء الحفر لعدم انهيار الطبقات. سوائل الحفر وهنا يلتقط المهندس مصطفي عبد المنعم المسئول عن خواص سوائل الحفر أطراف الحديث من المهندس عبدالله ويقول لابد أن تكون هذه السوائل مطابقة للمواصفات المطلوبة للحفاظ علي أمن وسلامة البئر وذلك عن طريق أخذ بعض العينات إلي المعمل طوال فترة العمل علي الأقل مرتان يوميا وأعقد بعض الاختبارات عليها من خلال الأجهزة المختصة وأتأكد منها من خلال الأرقام الموجودة لدي وإذا لاحظت أي خلل في النتيجة أقوم بإضافة بعض المواد الكيميائية أو تقليلها بنسب معينة لكي أصل إلي المواصفات المطلوبة. تسهيلات الغاز المبكر وبعدها نصل إلي مرحلة نقل الغاز إلي محطة تسهيلات الغاز المبكر بآبار نورس الذي يقول عنها المهندس عمرو عرابي إنه تم إنشاؤها مع تزايد الآبار المنتجة وكميات الغاز في نورس في الوقت الذي بلغت فيه المحطة الرئيسية بأبو ماضي إلي أقصي طاقة تحميلية وتتكون المحطة من 6 وحدات معالجة وتتكون كل وحدة علي حدة مجموعة مبردات هوائية ووحدات فصل المياه عن الغاز عن طريق مادة »الجلايكول» بالاضافة إلي تنكات مياه للإطفاء في الطوارئ موصلة بشبكة الإطفاء وأثناء شرح المهندس عمرو وصلنا إلي غرفة التحكم التي تخص محطة التسهيلات غرفة التشغيل وسألت مهندسي التشغيل أدهم حسام ووليد توفيق عن أهمية هذه الغرفة قالوا هي تتكون من خمس شاشات كبيرة تظهر عليها رسومات بها عدة أنابيب مختلفة تحاكي الواقع لمراقبة عملية التشغيل والتحكم في المتغيرات مثل الحرارة والضغط والتي تؤثرعلي عملية الإنتاج.