تلقي قطاع السياحة العديد من الأخبار المبهجة ليعزز من توقعات باستعادة القطاع للكثير من ألقه مع حلول موسم الشتاء، مع إعلان استئناف الطيران الروسي لمصر خلال شهر، فيما طوت مصر وإيطاليا صفحة الخلافات بعودة السفير الإيطالي إلي القاهرة، في وقت سجلت السياحة إيرادات مضاعفة بلغت خلال السبعة أشهر الأولي من العام الجاري 170٪ عن نفس الفترة من العام الماضي، ليتفق الخبراء علي النظرة الإيجابية للموسم المقبل مع ذروة النشاط السياحي المتزامن مع موسم الشتاء وإجازات نهاية العام، علي أمل استعادة القطاع كامل نشاطه كما كان الحال في 2010. وقال مصدر حكومي في تصريحات صحفية، إن إيرادات قطاع السياحة بلغت 3.5 مليار دولار في الأشهر السبعة الأولي من العام الجاري، بنسبة زيادة تقدر ب 170٪ عن العام الماضي، وأن عدد السياح الوافدين إلي مصر زاد بنسبة 54٪ ليسجلوا 4.3 مليون سائح في أول سبعة أشهر من 2017، مشددا علي أن التحسن في الأرقام جاء بدعم من زيادة أعداد السياح الوافدين من ألمانيا وأوكرانيا، إذ هيمنت السياحة الأوروبية علي 75٪ من عدد السياح الأجانب فيما شكلت السياحة العربية 20٪، وبقية دول العالم 5٪، وسط توقعات بوصول عدد السياح مع نهاية العام إلي ثمانية ملايين، أي نحو ضعف عدد السياح في 2016، أرقام 2017 تقترب بالقطاع خطوة للعودة إلي أرقام العام 2010، عندما زار مصر 17.7 مليون سائح. وتلقي القطاع الحيوي قبلة حياة إضافية، مع إعلان وزير النقل الروسي مكسيم سوكولوف، الأسبوع الماضي، أن شركات الطيران الروسية قد تستأنف رحلاتها الجوية إلي مصر في غضون شهر، عقب توقيع المرسوم الخاص لاستئناف الرحلات، إذ يشكل السياح الروس نحو ثلث السياح الذين زاروا مصر في العام 2014، وقال في مقابلة مع وكالة »سبوتنيك»، علي هامش المنتدي الاقتصادي الشرقي في فلاديفوستوك الروسية: »يكفي أن تتعامل شركاتنا مع هذه المهمة بسرعة، خصوصا أنهم مستعدون معنويا لهذه العملية، ولا أعتقد أن يتطلب الأمر وقتا طويلا، خلال شهر واحد بالضبط سيتم إنجاز المهمة». وتأتي تصريحات الوزير الروسي، بعدما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائه بالرئيس عبد الفتاح السيسي، علي هامش قمة البريكس، إن السياحة الروسية ستعود إلي مصر قريبا. ويشكل قطاع السياحة أحد أهم أعمدة الاقتصاد المصري، إذ يوفر القطاع آلاف فرص العمل للشباب، إذ يعتمد بصورة أساسية علي القطاع بالإضافة إلي تحويلات المصريين في الخارج، لتوفير العملة الصعبة لسد بند الاستيراد وتخفيف الضغط علي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية مع ارتفاع فاتورة الاستيراد، وتعرض القطاع لتراجع حاد في أعقاب ثورة 2011 والاضطراب السياسي الذي شهدته مصر، ثم تلقي القطاع ضربة قاصمة بسقوط طائرة روسية في سيناء، 31 أكتوبر 2015، ما أسفر عن مقتل ركابها ال 224 معظمهم من السياح الروس، بعدها قررت روسيا وبريطانيا وعدة دول أخري وقف الطيران إلي مصر. من جهته، قال نقيب السياحيين، باسم حلقة، ل»حآخر ساعة»: »قطاع السياحة شهد ازدهارا كبيرا هذا العام، فالمؤشرات المعلن عنها والتي تؤكد أن هناك 4.3 مليون سائح زاروا مصر خلال سبعة شهور، تشير إلي أن القطاع في طريقه إلي التعافي بعد سنوات من التعثر بسبب الأحداث السياسية التي مرت بالبلاد منذ 2011، وأتوقع أن تحقق السياحة إيرادات مباشرة إجمالية بقيمة سبعة مليارات دولار مع نهاية العام الجاري»، وأرجع هذه الطفرة في أعداد السياح إلي زيادة إقبال الألمان والأوكرانيين علي السياحة في مصر، مطالبا بالتركيز علي التسويق للمقاصد السياحية المصرية في ألمانيا لاستغلال الأزمة السياسية بينها وبين تركيا، ما جعل الكثير من السياح الألمان يبحثون عن مقصد سياحي بعيدا عن تركيا وهو ما وجدوه في المنتجعات المصرية. وتابع حلقة: »عودة السياحة الروسية ومعها السياحة الأوروبية بعد عودة السفير الإيطالي لمصر، وانتهاء أزمة القاهرة وروما بسبب مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، كلها مؤشرات علي أن مصر مقبلة علي مرحلة استعادة الزخم في قطاع السياحة، فنحن نستقبل 145 طائرة سياحية أسبوعيا»، لكنه استدرك: »علينا أن نكون واقعين مع أن حركة الطيران الروسية ستعود قريبا إلا أن الأمر سيستغرق ما لا يقل عن ثلاثة أشهر قبل أن تعود السياحة الروسية، لأن أمور حجز الطائرات وأماكن نزول السياح في الفنادق تحتاج إلي بعض الترتيبات التي لن تلحق معظم شركات السياحة في توفيرها خلال شهر، خصوصا أن معظم الشركات انتهت من ترتيب تعاقداتها مع السياح القادمين من أوروبا».. وأشار نقيب السياحيين إلي أن هناك مشكلة تواجه قطاع السياحة يجب أن تتدخل الحكومة لحلها ومساعدة السياحيين، فبسبب أزمة الركود التي ضربت قطاع السياحة لعدة سنوات وقعت خسائر بالجملة للعاملين في القطاع، ما أصاب عمليات الصيانة في مقتل، في ظل تعنت البنوك وتوقفها عن منح القروض لأصحاب الفنادق والمنتجعات السياحية، فعلي الحكومة أن تتدخل لمنح تسهيلات في القروض للسياحيين كي يتمكنوا من إجراء عمليات صيانة للفنادق والمنتجعات، وأضاف حلقة: »هناك مشكلة أخري تتمثل في أن الأزمة التي ضربت القطاع خلال السنوات الماضية أدت إلي خروج الكثير من العمالة المدربة من القطاع للعمل في مجالات أخري، فيما ذهب البعض الآخر للعمل في دول الخليج، ما أدي إلي أن القطاع يعاني الآن من نقص في العمالة الماهرة». بدوره، أكد إلهامي الزيات، رئيس اتحاد الغرف السياحية الأسبق، أن قرار عودة السياحة الروسية سيكون له أكبر الأثر في انتعاش مدينتي الغردقة وشرم الشيخ، لاعتمادهما علي السياحة الروسية بشكل كبير، وشدد علي أن تعويم الجنيه ساعد علي زيادة إقبال السياح علي زيارة مصر، بسبب الأسعار التنافسية مقارنة بالأسواق المشابهة لمصر، وأضاف: »استفادت المنتجعات المصرية من الأزمات التي مرت بها عدد من دول المنطقة، خصوصا تركيا، التي توترت علاقتها بألمانيا وبقية دول أوروبا بشدة، وهو ما صب في مصلحة مصر، لأن السياح الألمان يمموا وجههم صوب المنتجعات المصرية، التي تتميز أيضا بكونها أرخص»، وأشار إلي أن مصر لديها فرصة ذهبية لترويج إمكاناتها السياحية في بورصة السياحة العالمية التي تعقد في روسيا الشهر الجاري. من جهته، قال أحمد محروس، أحد العاملين بقطاع السياحة، ل»آخر ساعة»، إن هناك انتعاشة ملحوظة يشعر بها جميع العاملين في القطاع، لم تتحقق منذ عدة أعوام، لذا تسود موجة من التفاؤل بين الجميع، خصوصا مع عودة جنسيات كانت اختفت بسبب الأحداث التي أعقبت ثورة 2011، مثل البريطانيين والألمان والإيطاليين، لكنه أضاف: »المشكلة أن العاملين في السياحة من المرشدين والعمالة، لم يشعروا بعد بالتحسن في القطاع، لأن المستثمرين مهتمون حالياً بتعويض خسائرهم خلال السنوات الماضية، في حين لم يحصل العاملون في القطاع علي حقوقهم المؤجلة بعد»، متوقعاً إذا استمرت المعدلات الحالية أن يتعافي قطاع السياحة بشكل كامل قبل نهاية العام المقبل.