مي محمد، بنت صعيدية، عشقت تماثيلها فزرعت في أوصالها الروح والجمال والشقاوة، ولدت في إحدي قري المنيا, حيث التقاليد الصارمة, يقولون إن أحلام البنات في الصعيد تموت وطموحاتهن تقتُلها العادات، لكن الأمر مختلف عندما نتوقف عند إبداعات مي التي أنتجتها من خلال النحت علي الصلصال لنجوم الكوميديا المصرية التاريخيين. التحقت مي بكلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا, مُقتدية بعمها خريج التربية الفنية، الذي كان السبب الرئيسي في عشقها للرسم، وعن اتجاهها للنحت قالت: "لم أكن أعرف النحت، وكانت هوايتي هي الرسم فقط, لأن النحت في ذلك الوقت كان أكبر من أحلامي". وتفاجأت مي بردود أفعال أهلها وأقاربها تجاه مشروع تخرجها، الذي هز أرجاء السوشيال ميديا وصفحات التواصل الاجتماعي، حيث أبدي الجميع إعجابه الشديد بالمنحوتات التي قدمتها المُبدعة الشابة، وكانت ردود الأفعال كلها إيجابية، بما يُشير في رأي مي إلي تغير كبير في تفكير الصعيد، الذي بات مُنفتحًا وأكثر تطورًا. وطالب عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وزارة الثقافة بضرورة تبني موهبة مي وتدعيمها، وعمل مشروع تجميل ميادين وشوارع مصر بتماثيل من هذا النوع، بدلًا من التماثيل القبيحة التي تنتشر بين الحين والآخر. وعن مشروعها تقول: "منحوتاتي كانت مشروع التخرج من الكلية، وهي عبارة عن قطعة "ظاظا"، وأخري "إضاءة" وقطعة حرة, وبما أنني أعشق الكاريكاتير فقد أردت تجسيد شخصيات الكوميديا في تاريخ السينما المصرية, وكانت البداية بعمل تمثال للفنان عبد الفتاح القصري, والذي نال إعجاب الكثيرين من أساتذتي وزملائي، فقررت أن أُعيد تكرار التجربة مرة أخري، ونحت تماثيل أخري لفناني الزمن الجميل, فهم في رأيي شخصيات هامة جدًا ظلت تُضحكنا علي مر السنين، ومازالوا يرسمون البسمة علي وجوهنا حتي الآن. مي، قدمت تمثالًا منحوتًا للطفلة إكرام التي ظهرت في فيلمي "سبع بنات"، و"عائلة زيزي", وتماثيل أخري للفنانين الراحلين إسماعيل ياسين، وزينات صدقي، وماري منيب، وحسن فايق, ومحمد رضا، والطفل أحمد فرحات الذي ظهر في فيلم "سر طاقية الإخفاء"، إضافة إلي شخصية الفنان الكبير نجيب الريحاني. وعن الأخير تحديدًا، قالت مي، إن نجيب الريحاني دائمًا ما كان يظهر في كل أفلامه بشخصيات "كئيبة" جدًا، ومع ذلك كان يُعد أهم مُمثل كوميديا. الفنانة الصغيرة، كانت تُشاهد أفلام هؤلاء النجوم، وتعيش حالتهم جيدًا، كما أنها كانت تبحث دائمًا عن أكثر ما يُميز كل فنان عن غيره, فمثلًا ماري منيب كانت دائمًا ما تظهر في أدوار الحماة المُفترية، فركزت علي حركة يديها الشهيرة، وجسدتها في تمثالها وكأنها تؤدي أحد أدوارها بنفس الشخصية. تماثيل مي، عُرضت في صالون الشباب، ولاقت إعجابًا شديًدا من المشاركين، وهي موجودة الآن لتزين مدخل مسرح الجامعة، وستُشارك خلال الفترة المُقبلة في جاليري بمكتبة الإسكندرية، وعدة أماكن أخري، كما ستقوم باستنساخ نفس الأعمال لعدد آخر من فنانين الكوميديا القدامي والجدد.