في تطور لافت، تعرضت إيران لعدة هجمات إرهابية طالت العاصمة طهران، ووصلت لمقر مبني البرلمان قبل أن تمتد لمرقد آية الله روح الله الخوميني في جنوب العاصمة، ورغم أن هذه الحوادث أسفرت عن مقتل نحو 12 شخصا وجرح نحو 44 آخرين إلا أنها تلقي بظلال جديدة حول تمويل الجماعات الإرهابية علي رأسها داعش التي أعلنت مسئوليتها عن تلك الحوادث، للضرب في قلب إيران التي طالما ساعدت الإرهاب والإرهابيين هنا وهناك وبالأخص في عدة بلدان عربية تمتد من العراقللبنانوسوريا وحتي اليمن في الجنوب. واللافت هذه المرة، أن يصل الإرهابيون إلي قلب العاصمة ويتجرأوا ويقتحموا البرلمان في طهران ثم يتحولوا لعمل لا يقل أهمية عند مرقد الخوميني في جنوب العاصمة، والذي يمثل أهمية روحية كبري ليس لشيعة إيران فقط بل للشيعة حول العالم. وأن يتبني داعش العملية هذه المرة وهي المرة الأولي منذ نشأته، وفي عملية شبه استعراضية تمثلت في قيام 3 مسلحين باقتحام مجمع مجلس الشوري »النواب الإيراني» من مدخله الشمالي قبل أن يطلقوا النار من رشاشات ومسدسات علي رجال الأمن في أحد غرفه الرئيسية وفي وقت كان المجلس يعقد جلسة علنية وحدث ذلك في غضون عشرات من الدقائق قبل أن تقتحم قوات الأمن الإيرانية الخاصة المجلس والأنباء المتضاربة التي خرجت من طهران قالت إن الحصيلة كانت نحو 9 من القتلي وإصابة نحو 33 آخرين ووسط احتجاز رهائن في البداية وموجة من الذعر والهلع سادت العاصمة كلها وحول منطقة البرلمان بوجه خاص واكتمل الهجوم، بهجوم لا يقل جرأة وعلي بعد نحو 20 كيلومترا فقط إلي الجنوب من العاصمة طهران، وفي داخل مرقد الأمام الخوميني، حينما دخل مسلح من الباب الغربي للمرقد وفتح النار علي الزائرين، قبل أن يفجر السترة الناسفة التي كان يرتديها وهو ما أدي لمقتل عدة أشخاص وإصابة نحو 5 فيما أبطلت قوات الأمن الخاصة مفعول قنبلة أخري داخل المرقد. كل ذلك ما حدث ، ولكنه يشير لعدة أمور ربما تحدث في إيران للمرة الأولي، أبرزها أنها تأتي كما تقول صحيفة الجارديان البريطانية بعد قرابة 3 أشهر من تهديد داعش لإيران عبر فيديو باللغة الفارسية من مهاجمة العاصمة والأماكن المقدسة، مع إعلانه تشكيل قوة عسكرية مكلفة باستهداف المؤسسات الإيرانية، وفي الفيديو الذي كان عنوانه »بلاد فارس بين الماضي والحاضر» ومدته نحو 36 دقيقة، قالت داعش بأنه يستهدف إيران التي تضطهد السُنة وذلك عن طريق كتائب سلمان الفارسي التي أعلن عن تشكيلها في محافظة ديالي شرق العراق، وأن تلك الكتائب ستكون النواة لمحاربة إيران الشيعية وستعتمد في المقام الأول علي العمليات الانتحارية وعلي مهاجمة الحوزات الشيعية في كل من العاصمة طهران وبلدات إيرانية رئيسية أخري علي رأسها أصفهان وقم »بلد آيات الله في إيران». وهذا التطور هو الأول من نوعه، الذي تشهده إيران منذ ثورة الخوميني علي الشاه عام 1979، حيث شهدت البلاد عدة أعمال للعنف والاغتيالات السياسية ولشخصيات دينية، وكانت كما تقول صحيفة التايمز البريطانية، صراعا حول تقاسم السلطة بعد الإطاحة بالشاه وقتالا بين عدة فصائل وجماعات قاتلت مع أو ضد الشاه أو أيدت الثورة في البداية ثم انقلبت عنها بعد قيامها بقليل، وفي هذه الأثناء ظهرت جماعات مسلحة حملت السلاح ضد السلطات الإيرانية وآيات الله والحكم الديني تمثلت في الجماعات الكردية التي نشطت في المناطق ذات الأغلبية الكردية الإيرانية علي الحدود »العراقيةالإيرانية»، وجماعات أخري أبرزها »منظمة مجاهدي خلق» المعارضة التي تنشط أساسا في خارج إيران وفي أوروبا ومنذ عام 1979 شهدت إيران عدة عمليات انتحارية وتفجيرات كان أبرزها عام 1994 في مدينة مشهد حيث تم تفجير ضريح الإمام رضا وأودي الحادث بحياة 25 شخصا وتبنته وقتها منظمة مجاهدي خلق وفي العام 2007 قامت جماعة جند الله السُنية بهجوم ضد سيارة تابعة للحرس الثوري الإيراني في مدينة زاهدات أودي بحياة 11 شخصا وجند الله جماعة سنية تحارب ضد حكم الشيعة وتنشط بوجه خاص في محافظة بلوشستان علي الحدود مع باكستان. وفي 2008 دوي انفجار في مسجد الحسين سيد الشهداء في مدينة شيراز وأودي بحياة 14 شخصا وتبنته جماعة جنود الجمعية الملكية الإيرانية. وفي 2009 قتل 29 في هجوم انتحاري في محافظة سيستان بلوشستان وفيما بين عامي 2010، 2012 اتهمت إسرائيل بأنها كانت وراء اغتيال 4 من العلماء والعاملين في البرنامج النووي الإيراني وكانوا من ضمن الفريق المنوط به تطوير هذا البرنامج، والملاحظ هنا، أن إيران التي تعرضت لكل تلك الهجمات، بقيت صامدة ضدها طوال ال5 سنوات الماضية رغم تورطها الملحوظ في العراق في تأييد قوات الحشد الشعبي الشيعية وما تقوم به من مجازر في مدن مثل الموصل، وفي سوريا وفي لبنان من وراء حزب الله اللبناني الشيعي، وفي تأييد الحوثيين الشيعة في اليمن وفي عمليات لاتقل أهمية لزعزعة الأوضاع في بلدان أخري مثل البحرين. وأيضًا، خرجت تصريحات مسئوليها لتؤكد أن الإرهابيين يلعبون بالمتفجرات ولكنهم لن يؤثروا مطلقا علي إرادة الشعب الإيراني، في إشارة للضغوط الإقليمية والدولية علي إيران لتغيير سياساتها في تأييد الأنظمة المارقة أو الجماعات الإرهابية بالمنطقة وهو ما أشار إليه دونالد ترامب بقوله بأن »إيران بعدما وقع لها من عمليات إرهابية انتحارية مؤخرا، قد وقعت في شر أعمالها».