أخيرا وبعد طول انتظار استطاع مجلس النواب أن يخترق الأسلاك الشائكة، ويقتحم مافيا الصناديق الخاصة.. هذه الصناديق التي عجزت العديد من الحكومات وأيضا البرلمانات عن اتخاذ قرار بشأن أموالها التي تصل إلي مليارات الجنيهات. »الصناديق الخاصة بوابة الفساد وآن الأوان لنقلها إلي الموازنة العامة»، هكذا وصفها الدكتور علي عبدالعال، رئيس مجلس النواب، من علي منصة البرلمان معلنا فتح الملف الذي ظل غامضا لفترة من الزمن، دون معرفة أوجه إنفاقه بالتحديد. وخلال الأشهر الماضية سارع النواب إلي تقديم المقترحات ومشروعات القوانين، لتنظيم عمل تلك الصناديق ومراقبتها، وشكلت اللجنة الاقتصادية، في يناير الماضي، لجنة مصغرة للبدء في تفنيد تلك الصناديق، ليأتي رد وزير المالية، عمرو الجارحي، بأن 75٪ من الجهات رفضت الإفصاح عما تملكه من صناديق، وما تحويه من أموال، مطالبًا اللجنة بإمهاله شهراً، لاستكمال بقية البيانات وحث الجهات علي التعاون، ومن ثم إعادة إرسال الإحصائيات كاملة. عقب مرور 3 أشهر، تجددت الدعوة من جديد، لوزير المالية، بعدما كلف عبدالعال، اللجنة الاقتصادية، بدراسة مقترح النائب محمد السويدي، رئيس ائتلاف »دعم مصر»، بشأن عمل مشروع قانون لاستقطاع 10٪ من الصناديق الخاصة لدعم بطاقات التموين، و15٪ من فائض الصناديق لسد عجز الموازنة، حيث أكد السويدي، أن الحكومة لم تنفذ ما طلب منها بشأن الصناديق الخاصة وآليات الاستفادة منها، ما له من آثار سلبية علي المواطنين. ما يقرب من 30 مليار جنيه هي إجمالي أصول أموال صناديق التأمين الخاصة في مصر، التي يصل عددها إلي حوالي 700 صندوق، بينما يبلغ عدد الأعضاء ما يقرب من 5 ملايين، والصناديق الخاصة هي كل نظام في أي جمعية أو نقابة أو هيئة أو من أفراد تربطهم مهنة واحدة أو عمل واحد أو أي صلة اجتماعية أخري تتألف بغير رأسمال ويكون الغرض منها وفقاً لنظامها الأساسي أن تؤدي إلي أعضائه أو المستفيدين منه تعويضات أو مزايا مالية أو مرتبات دورية أو معاشات محددة. وأخيرا تقدمت الحكومة بمشروع قانون بأيلولة نسب من أرصدة الصناديق الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص إلي الخزانة العامة للدولة، لدعم موارد الدولة وفق 3 شرائح. وتم مناقشة مشروع القانون وأعدت لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب تقريراً حول مشروع القانون الذي حدد في مادته الأولي النسب التي تؤول للخزانة العامة للدولة من الأرصدة البنكية لكل صندوق أو حساب أو وحدة من تاريخ العمل بالقانون ولمرة واحدة علي النحو التالي: 1٪ من الأرصدة التي تزيد علي 5 ملايين جنيه ولا تجاوز 20 مليون جنيه، و5٪ من الأرصدة التي تزيد علي 20 مليون جنيه ولا تجاوز 50 مليون جنيه، ونسبة 20٪ من الأرصدة التي تزيد علي 50 مليون جنيه ولا تجاوز 100 مليون جنيه، ونسبة 15٪ من الأرصدة التي تزيد علي 100 مليون جنيه. ولا يسري تحصيل هذه النسب علي حسابات المشروعات البحثية الممولة من المنح، والاتفاقيات الدولية، والتبرعات، وحسابات المستشفيات الجامعية، والإدارات الصحية، والمستشفيات، وصناديق تحسين الخدمات الصحية بها، وصناديق الرعاية الصحية والاجتماعية للعاملين، وحسابات مشروعات الإسكان الاجتماعي. وألزمت المادة الثانية من المشروع الجهات المشار إليها في المادة الأولي بتوريد قيمة النسب المنصوص عليها خلال 15 يومًا علي الأكثر من تاريخ العمل بهذا القانون، إلي الحساب المفتوح بالبنك المركزي المصري لهذا الغرض، وفي حالة عدم التزام هذه الجهات بالتوريد، يرخص لوزارة المالية خصم هذه النسبة من الحسابات المخصصة لذلك مباشرة، وفي حال نفاد أرصدة أي من الحسابات والصناديق الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص خلال الفترة المتبقية من السنة المالية 2016/ 2017 تلتزم وزارة المالية بتدعيمها بما لا يجاوز المبلغ الذي تم استقطاعه من كل منها بموجب القانون. أما المادة الثالثة من القانون فقد أجازت للسلطة المختصة بعد موافقة وزارة المالية استخدام الفوائض المتراكمة في أحد الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص لتغطية العجز في حساب آخر، وبما لا يؤثر علي قيام الصندوق أو الحساب الخاص المسئول منه من مباشرة نشاطه. يذكر أن القانون رقم 8 لسنة 2016 صدر متضمنا أيلولة نسبة 15٪ من جملة الإيرادات الشهرية للصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص للخزانة العامة. ونظرًا لتنامي أرصدة هذه الصناديق والحسابات الخاصة في الوقت الذي تعاني فيه الخزانة العامة للدولة من عجز في مواردها تم إعداد مشروع القانون. ومن جانبه قال النائب ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان ل»آخرساعة» إن البرلمان قرر ضم 3 مليارات جنيه من أرصدة الصناديق الخاصة بتاريخ 15 إبريل عام 2017 إلي الخزانة العامة للدولة. مشيرا الي أن الصناديق الخاصة تنقسم حساباتها إلي حسابات شرعية وعددها 5729 حسابًا في البنك المركزي المصري، منها 208 حسابات خاصة ل»هيئات اقتصادية» مقدر لها أن تجمع حوالي 5 مليارات دولار، عبارة عن إيرادات تتضمن عائدات قناة السويس وقطاع البترول للعام المالي 2010/2011 ، و201 حساب خاص للأجهزة الإدارية للدولة، من المقدر لها أن تجمع حوالي 880 مليون دولار في صورة أنشطة ائتمانية، و820 حسابًا خاصًا تحتوي علي مبالغ مالية تقدر قيمتها بأكثر من مليار دولار، مكونة من عملات دولية مختلفة. وحسابات غير شرعية، بلغت 644 حسابًا خاصًا في بنوك حكومية منها 242 حسابًا في البنك الوطني المصري، و229 حسابًا في بنك مصر، و88 حسابًا في بنك القاهرة، و85 حسابًا في بنك الاستثمار الوطني. وأوضح الدكتور محمد بدراوي، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب أن المجلس ونوابه لم يتقاعسوا بشأن الصناديق الخاصة، بل كان بنفسه أحد أعضاء اللجنة المصغرة لحصر الصناديق، فبراير الماضي، وتم عقد لقاء مع وزير المالية، والذي صرح بأن عدد الصناديق حينذاك 6300 صندوق، بحجم أموال تم تقديرها ب66 مليار جنيه، وأوضح الوزير أن بعض المحافظات والجامعات لم ترد بعد بشأن عدد الصناديق الخاصة بها، فطلبنا استكمال باقي الجهات من صناديق البريد والبنوك، المسكوت عنها، وقمنا بإنجاز قانون الاستثمار، وحين الانتهاء منه، قمنا بالضغط علي المالية، ليرد علينا الوزير أن الاثنين القادم ستكون البيانات كاملة ومطروحة للنقاش. ولفت النائب أمين مسعود، عضو المكتب السياسي لائتلاف دعم مصر، إلي وجود صناديق خاصة تابعة لجهات خرجت عن مسارها الطبيعي، وأضحت »جباية» لصالح المكافآت، وهي ما يثير التساؤل عن حجم أموالها وأوجه إنفاقها، علاوة علي صناديق أخري لها أوجه إنفاق للغرض الذي أقيمت من أجله، وهي ما تستحق الدعم والمتابعة.