حس وطني وهدف قومي ومصلحة مشتركة [email protected] شهدت العاصمة الفرنسية باريس الأسبوع الماضي مؤتمرا دوليا لدعم ليبيا اقتصاديا وسياسيا ومعنويا وإعطائها دفعة قوية لتحقيق التغيير والتطور الديمقراطي المنشود وشارك في المؤتمر 22 من الدول الكبري في مقدمتها الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي واليابان وبعض الدول العربية منها مصر وقطر إلي جانب المنظمات الدولية التنموية. قرر المؤتمر رفع الحظر عن 51 مليار دولار من الأموال الليبية المجمدة في هذه الدول لصالح المجلس الانتقالي الوطني الليبي كما قامت المملكة المتحدة بنقل 002 مليون دولار إلي ليبيا علي إحدي طائرات السلاح الجوي الملكي.. كما تم رفع الحظر عن العديد من الشركات والمؤسسات والمواني الليبية وشركة الطيران الليبية. والحقيقة أن مجموعة الدول الغربية لا تستهدف فقط من خلال هذا المؤتمر وهذه الإجراءات التي اتسمت بالحسم والسرعة دعم الاقتصاد الليبي الذي جرفه العقيد المجنون وأنهكته حرب التحرير الأخيرة وتسهيل انتقال السلطة إلي الشعب الليبي الذي حرم منها علي مدي 4 عقود وإنما تستهدف بالدرجة الأولي تحقيق مصالحها الخاصة فيما يتعلق بتسهيل عمليات إعادة ضخ البترول الليبي إلي مراكز الصناعة في كل هذه الدول وقد بدأ بالفعل الصراع بين هذه الدول حول نصيب كل منها في كعكة التنمية وإعادة الإعمار في ليبيا.. وأيا كان الهدف فإن هذه الدول تشكر علي سعيها وجهودها لإنقاذ ليبيا من قبضة نظام الأخ العقيد الذي ظل يسيطر علي البلاد لأكثر من أربعة عقود.. هذا النظام الذي أقل مايوصف به أنه أغبي وأردأ نظام في العالم.. أفقر ليبيا وشعبها وأهدر مقدراتها رغم ثرواتها الهائلة والتي كان يمكن أن تجعلها من أغني دول العالم وأكثرها تقدما.. ليبيا هذه الدولة التي تطل علي البحر الأبيض المتوسط وتربطها بالدول الأوروبية جاراتها المتوسطية مثل فرنسا وإيطاليا واسبانيا صلات قوية إلا أن »نظام الكتاب الأخضر« حال دون أن تستفيد ليبيا من التقدم والنمو الذي حققته هذه الدول خلال السنوات الأخيرة أي بعد استقلال ليبيا من الاحتلال الإيطالي. ولاشك أنه بعد القضاء نهائيا علي حكم العقيد المتخلف ربما يحدث ذلك خلال أيام أو ساعات قليلة وتولي الشعب الليبي ممثلا في المجلس الانتقالي الوطني مقاليد الحكم والسيطرة الكاملة علي كامل التراب الوطني الليبي. فإن ليبيا سوف تشهد مرحلة جديدة مشرقة من النشاط الحيوي في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية لإعادة بناء هذا الوطن دولة قوية متطورة فاعلة في مجتمعها العربي والافريقي والدولي ولن تكون أبدا ليبيا التي تعادي ويعاديها العالم مثلما كان الحال قبل اندلاع الثورة.. كما سيتم توجيه ثروات ومقدرات هذا البلد لتنميته وتطويره من أجل صالح شعبه وليس من أجل مغامرات وأهواء رجل أحمق وصف من الجميع بأنه مصاب »بجنون العظمة« أقام علاقات ليبيا مع مختلف دول العالم ومؤسساته طبقا لأهوائه ونزواته الشخصية. العلاقات المصرية/الليبية التي تعد البوابة الغربية للبلاد وجزءا من أمنها القومي تعد علاقات تاريخية جيدة برغم كل ما شهدته من توترات وانكسارات في بعض الأحيان بسبب السياسات والروح المزاجية للعقيد المتهور وعدم التزامه في معظم الأحيان بأية اتفاقات أو عقود دولية أو إقليمية أو ثنائية ذلك أن معظم قراراته كانت قرارات هوجاء غير مدروسة وكان يمكن لهذه العلاقات »المصرية الليبية« أن تكون أفضل بكثير مما هي عليه الآن وعلي مدي الأربعين عاما الماضية نظرا للحدود والتاريخ المشترك بين البلدين وما يمكن أن يمثله اقتصاد البلدين من تكامل نموذجي لصالح الشعبين المصري والليبي بل وللعديد من الشعوب الأفريقية.. ففي الوقت الذي تمتلك فيه ليبيا رؤوس الأموال الضخمة اللازمة لتمويل المشروعات التنموية العملاقة والصغيرة والمتوسطة فإن مصر التي تمتلك ثروات بشرية هائلة وخبرات متميزة في كافة المجالات يمكن أن تساهم بقدر ملموس في تحقيق النهضة الليبية الحديثة في دول أفريقية أخري وخلق تكامل اقتصادي قوي ونشاط تجاري متطور ليس فقط بين البلدين وإنما بينهما وبين العديد من الدول الأفريقية والعربية وإحداث تنمية اقتصادية واجتماعية حقيقية وفاعلة في الدول الأفريقية التي مازالت تعاني من الفقر والجهل والتخلف بهدف رفع مستوي معيشة شعوبها وتحسين أوضاعهم الانسانية. ومن المؤكد أن مصر بحكم مالها من علاقات طيبة مع القادة الليبيين الجدد ودعمها للثورة الليبية منذ اندلاعها في فبراير الماضي وهو ما أكدته زيارة محمود جبريل رئيس المجلس التنفيذي بالمجلس الانتقالي مؤخرا للقاهرة سوف تلعب أو هكذا يجب أن يكون دورا محوريا في عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في ليبيا خلال المرحلة القادمة.. وعليه فإن علي الشركات الصناعية والإنشاءات والمقاولات المصرية ذات السمعة الدولية وكذلك مراكز البحوث والجامعات أن تتقدم بقوة وسرعة للمشاركة في مشروعات التنمية وإعادة الإعمار في ليبيا وعلي العمالة المصرية التي غادرت ليبيا أثناء فترة الحرب أن تعود مرة أخري للانضمام بفكرها وسواعدها إلي الجالية المصرية التي مازالت متواجدة هناك وقوامها مليون مصري يعملون في مختلف المهن والوظائف التي تحتاجها ليبيا. إن تدعيم وتوسيع نطاق التعاون الاقتصادي والفني وتنشيط حركة التبادل التجاري بين البلدين يستلزم بكل تأكيد تطوير شبكات الطرق والمواصلات لتسهيل انتقال الأفراد والسلع والبضائع والبدء في أسرع وقت في إنشاء خط السكة الحديد الذي كان مخططا له منذ سنوات ذلك أن شبكات السكة الحديد تعد من أهم وأفضل وسائل النقل في العالم كما تعد سكك حديد مصر ثاني أقدم شبكة سكة حديد في العالم. والشعب الليبي الشقيق وقيادته الوطنية الحكيمة يقدران تماما الدور الهام الذي لعبه المصريون في ليبيا خلال السنوات الأخيرة في مختلف مناحي الحياة من تعليم وصحة وتنمية وتدريب انطلاقا من الحس الوطني والشعور القومي والمصلحة المشتركة لما فيه صالح الشعبين المصري والليبي ومازالت بصمات المدرس والطبيب والخبير المصري محفورة في عقل ووجدان جميع أبناء الشعب الليبي.. ويقيني أن هذه المشاعر والأهداف القومية العظيمة سوف تتعمق وتتأصل وتقوي خلال المرحلة القادمة.