سطرت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلي ألمانيا علي مدار الأيام الثلاثة الماضية، جولة جديدة في سجلات الجولات الخارجية التي تستهدف المشاركة في المحافل الدولية الهامة، حيث شارك الرئيس السيسي خلالها في مؤتمر أفريقيا ومجموعة العشرين تحت شعار »الاستثمار في مستقبل مشترك»، وهي القمة المعنية بتفعيل التعاون بين دول القارة السمراء، ومجموعة العشرين في مختلف المجالات التنموية، لا سيما أن مصر تعطي أولوية هامة لقضية التنمية في أفريقيا وتضعها في مكانة هامة في سلم أولويات سياستها الخارجية. ومما يؤكد أهمية زيارة الرئيس السيسي لألمانيا المباحثات الهامة التي عقدها مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وكبار المسئولين الألمان ومجموعة من رؤساء كبريات الشركات الألمانية وذلك بخلاف حضوره توقيع محضر أعمال اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين. العلاقات بين مصر وألمانيا شهدت علي مدي العامين الماضيين تطورا غير مسبوق حيث إن ألمانيا تمثل قاطرة الاتحاد الأوروبي وأكبر اقتصاد داخل القارة الأوروبية بينما تعد مصر دولة محورية في المنطقة العربية وفي القارة الأفريقية وهي ركيزة للاستقرار في الشرق الأوسط وهدفها الرئيسي دعم السلام والاستقرار والأمن في المنطقة العربية وأفريقيا. مستقبل مشترك مشاركة السيسي في قمة مجموعة العشرين والدول الأفريقية بناء علي دعوة رسمية من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بصفتها ترأس مجموعة العشرين تأتي في إطار تقدير حكومة برلين للدور المصري الفعال في دفع فرص التنمية بالقارة الأفريقية من خلال تفعيل التعاون بين دول القارة السمراء ومجموعة العشرين وغيرها من التكتلات الهامة في مختلف المجالات. المبادرة التي طرحتها الرئاسة الألمانية خلال قمة العشرين وأفريقيا تقوم علي إنشاء الشراكات مع مؤسسات التمويل الدولية بهدف توفير مناخ موات لجذب الاستثمارات لأفريقيا بشكل مستدام بما يساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بها وتوفير فرص العمل والحد من تداعيات المشاكل التي تعاني منها القارة الأفريقية. وبخلاف مصر وجهت الرئاسة الألمانية الدعوة الرسمية لعدد محدود من زعماء الدول الأفريقية وهم قادة كل من تونس والسنغال وغانا وغينيا وكوت ديفوار ومالي والنيجر ورواندا وذلك إلي جانب مشاركة إيطاليا بصفتها رئيسة مجموعة الدول السبع الكبري وشارك في القمة أيضا رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ورؤساء عدد من المؤسسات المالية الإقليمية والدولية تشمل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنك التنمية الأفريقي. تركزت كلمة الرئيس أمام قمة دول مجموعة العشرين مع أفريقيا حول سبل الاستفادة القصوي من تفعيل التعاون بين الجانبين كما كانت له مشاركة هامة في المائدة المستديرة حول الاستثمار الخاص بالبنية التحتية بالدول الأفريقية.. وقد أوضحت الرئاسة الألمانية خلال القمة أولوياتها والتي تركزت علي الموضوعات الخاصة بتحفيز النمو الاقتصادي العالمي كأولوية وكذلك القضايا الدولية مثل تغير المناخ والإرهاب واللاجئين والهجرة غير الشرعية وتحقيق أجندة 2030 وما تتضمنه من أهداف التنمية المستدامة بالتركيز علي خلق الشراكات لتحفيز التعاون الدولي في المجال التنموي من مصادر التمويل المبتكرة وتعزيز البعد الحقوقي بالتركيز علي المساواة بين الجنسين والتمكين الاقتصادي للمرأة. وفي هذا الإطار أطلقت الرئاسة الألمانية مبادرتها للشراكة مع أفريقيا والتي تهدف إلي تقديم قيمة مضافة في التعاون المستقبلي مع القارة السمراء وذلك في إطار التأكيد علي المبادرة الأخيرة لمجموعة العشرين بشأن دعم التصنيع في أفريقيا والدول الأقل نموا والتي تضمنتها الفقرة 35 من إعلان قمة »هانجزو» بالصين في سبتمبر 2016. شراكة استراتيجية في ضوء التشاور والتنسيق المستمر بين القاهرةوبرلين أصبحت العلاقات الثنائية بين البلدين علي حد وصف السفير بدر عبدالعاطي سفير مصر لدي ألمانيا تتسم بالديناميكية والتفاعل والتنوع وأصبحت تقوم علي ما يعرف باسم الشراكة الاستراتيجية بين البلدين بما يحقق مصالحهما المشتركة ولم تعد العلاقة كما كانت في السابق علاقة مانح بمتلقٍ.. فألمانيا علي حد تصريحات السفير بدر عبدالعاطي تنظر إلي مصر باعتبارها الطرف الرئيسي الذي يخوض حربا ضد الإرهاب وله تأثير كبير في العديد من الأزمات الإقليمية وهو مفتاح تحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط المضطربة وذلك بخلاف الدور المصري الرئيسي والمتنامي في أفريقيا. ومن هذا المنطلق عقد الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال زيارته لبرلين مباحثات ثنائية هامة مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وعدد من كبار المسئولين الألمان وعلي رأسهم وزير الخارجية زيجمار جابريل فضلا عن زعيم الأغلبية البرلمانية بالبوندستاج فولكر كاودر والتي تركزت علي سبيل تطوير العلاقات بين البلدين علي مختلف المستويات.. وصرح السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية بأن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للعاصمة الألمانية تضمنت أيضا لقاءات هامة له مع العديد من الشخصيات والمسئولين الألمان المعينين بالشئون الاقتصادية ومنهم وزيرة الاقتصاد والطاقة الألمانية ووزير التعاون الاقتصادي والإنمائي ومجموعة من رؤساء كبريات الشركات الألمانية كما شارك في الجلسة الافتتاحية للمنتدي الاقتصادي المصري الألماني وشهد توقيع محضر أعمال اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين.. وأكد المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة أن الزيارة تمثل قوة دفع كبيرة لتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين مصر وألمانيا في ضوء ارتباط الجانبين بالعديد من الاتفاقيات المهمة من أبرزها اتفاقية المشاركة مع الاتحاد الأوروبي باعتبار ألمانيا إحدي الدول المؤسسة للاتحاد علما بأن هناك مفاوضات تجري حاليا في ملفي تجارة الخدمات وتعميق الاستثمارات حيث ينتظر أن تنتقل اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية إلي شكل أعمق للتعاون بين الجانبين. وأكد الدكتور نادر رياض رئيس مجلس الأعمال المصري الألماني بأن فعاليات منتدي الأعمال المصري الألماني والتي انطلقت في برلين علي هامش زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لألمانيا بمشاركة نحو 66 شركة من كبريات الشركات الألمانية وافتتح فعالياتها الرئيس السيسي مع وزير الاقتصاد والطاقة الفيدرالية الألمانية شهدت هذه الفعاليات انعقاد جلسة خاصة حول رؤية مصر المستقبلية 2030 والتي تم فيها استعراض فرص الاستثمار في مصر ولاسيما المتعلقة بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس. وفي نطاق انعقاد اجتماع اللجنة المشتركة بين البلدين برئاسة المهندس طارق قابيل وزير الصناعة والتجارة ووزير الدولة الألماني »أوفي باكمير» قد أعرب العديد من الشركات الألمانية الكبري خلال الزيارة عن تطلعها لضخ استثمارات جديدة بالبلاد والمشاركة في المشروعات الاستثمارية الكبري التي أعلنت عنها مصر. كما شهدت المباحثات الهامة التي أجراها الرئيس عبدالفتاح السيسي مع المستشارة الألمانية وكبار المسئولين ببرلين الاتفاق علي تعزيز التعاون في المجالات الأمنية واستمرار التنسيق رفيع المستوي حول القضايا الإقيلمية وعلي رأسها مكافحة الإرهاب وبالتالي ووفقا لتصريحات المراقبين السياسيين فإن ملف معاقبة الدول الداعمة للإرهاب وما حدث من قطع العلاقات مع قطر في هذا النطاق سوف يستحوذ علي مساحة هامة من النقاش خلال القمة المصرية الألمانية وذلك بخلاف ما تم بحثه من ملفات هامة بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية وملف اللاجئين وسبل إيجاد الحلول السلمية للأزمات الليبية والسورية واليمنية ودور الأزهر الشريف في مكافحة الفكر المتطرف ولاسيما أن ألمانيا تقدر بدرجة كبيرة دور الأزهر الشريف في محاربة الفكر المتطرف سواء من خلال مرصد الأزهر أو من خلال تدريب الدعاة الألمان.