[email protected] ربما تكون انتخابات مجلسي الشعب والشوري القادمة أقل صعوبة سياسيا من معركة الرئاسة من زاوية ضيق مساحة الاختيار وحساسية وخطورة المنصب، وحتي الآن لم يظهرالمرشح الذي بإمكاننا القول إنه يحظي بإجماع أو شعبية تؤهله عن غيره للفوز بتأييد غالبية المصريين أو بالحد المطلوب من الأصوات للوصول لسدة الحكم، فكل مرشح من الأسماء المطروحة والمحتملة لندع جانبا الباحثين عن الشهرة والأضواء وأصحاب الرؤي في المنام وأحلام اليقظة وأفكارهم وبرامجهم الغريبة مؤيد أيدلوجيا من تياره وليس من خارجه أما حظوظه في القبول العام فتلك مسألة فيها نظر، كما أن مصر لم تعش تجربة ديمقراطية حقيقية علي مدي 06 عاما كان يمكن أن تفرز صفوفا من السياسيين قادرة علي القيادة في ظل نظام حكم الفرد!! السؤال الذي يجب طرحه هو: هل نحن بحاجة لمرشح ذي شعبية طاغية أو ممن يتمتعون بكاريزما تتمثل في جاذبية شخصية وحضور لافت وقدرة علي خطف الأنظار تجعله يتقدم الصفوف واكتساح منافسيه؟ أم نريد مرشحا قادرا علي إقناعنا بمهاراته القيادية ومايعرضه من برامج لنيل ثقة الشعب ؟ صحيح أن المرشح القادم من المجهول لن يحظي بالشعبية المطلوبة للفوز في زمن قصير مما قد يضعنا أمام الاختيار بين السييء والأسوأ وكليهما مر، المشكلة لدي الجميع تكمن في معايير الاختيار وماهو متاح لنا كناخبين من قائمة المرشحين لشغل مقعد الرئاسة. لدينا علي الساحة مرشحون يلاحقهم تاريخهم وعلاقتهم بالنظام السابق بصورة أو بأخري سواء كانوا مدنيين أوعسكريين وأنهم شاركوا في صناعة قراراته وعليهم الكثير من علامات الاستفهام حول هذه المشاركة كما أن بعضهم يميل للظهورالإعلامي أكثر من طرح برنامجه وتصوراته للمستقبل بما يلبي مطالب رجل الشارع ويلاحظ أن معظم من طرحوا أنفسهم كمرشحين محتملين للرئاسة في أعمارمتقدمة (مابين العقدين السادس والثامن) أي في مرحلتي الكهولة والشيخوخة ربما لأننا في مجتمع تقليدي لايعطي للشباب فرصته في القيادة كما هو الحال في الديمقراطيات الحديثة ورغم أن الثورة بدأت في تغييرالكثير من المفاهيم لكن في هذه المسألة تحديدا ربما نحتاج لبعض الوقت قبل أن يصل للرئاسة بطريقة ديمقراطية واحد من جيل الشباب أو قريب منها لكن علي المدي القصير يمكن رؤية نواب في البرلمان أو وزراء في الحكومة ليسوا بالضرورة من المتقدمين في العمر باعتباره سن الحكمة والروية والقدرة علي الحكم علي الأمورالتي تري المجتمعات الشرقية أن الشباب يفتقدونها وهو مايحرمهم من فرصتهم وحقوقهم في ممارسة السياسة علي عكس النماذج العديدة في قارات العالم المختلفة التي تولي بعضهم الحكم في ثلاثينيات أو أربعينيات عمرهم !! الكاريزما سلاح ذو حدين فالذي يملك قدرات وجاذبية وقبولا عاما يجمع الشعب حوله يمكن أن يكون مشروع حاكم مستبد أو استنساخ فرعون جديد بفضل الحاشية التي تحيط به وآلة الإعلام التي تسخر لتمجيد حكمه وحكمته، والتاريخ القريب والبعيد حافل بنماذج من أصحاب الكاريزما الفائقة الذين استطاعوا من خلالها دفع شعوبهم للأمام ومنهم من دفعها للهاوية فهناك غاندي وهتلر وتشرشل وديجول وموسوليني وغيرهم، لكن الضوابط التي تحكم حركته خاصة الدستور الذي يقلص إلي حد كبير من صلاحياته ضرورة لكبح جماح السلطة المطلقة للحاكم وتوزيع الصلاحيات بين سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية بصورة تضمن حقوق وحريات الشعب، لذا كانت خطوة في المسار الصحيح أن يأتي وضع الدستور قبل انتخابات الرئاسة. الصورة علي أرض الواقع في مصر يكتنفها الكثير من الضبابية حول المرشح المؤهل لخوض السباق لنهايته نحو مقعد الرئاسة، لا أظن أن المصريين سوف يقبلون بمرشح له تاريخ مع النظام السابق حتي وإن كان يملك خبرات كبيرة وعلاقات دولية واسعة ولا بآخر لايملك مواهب سياسية ولا بثالث يسعي لنزع هوية مصر الثقافية ولا برابع لم يعش حياة المصريين ومعاناتهم طوال عقود زمنية مضت، لكن الخطورة هي أن يصل للحكم من يقف وراءه الملايين من المؤيدين لكنه لايملك رؤي أو برامج سياسية لقيادة البلاد أو يتحرك وفقا لأيدلوجيات وأجندات ومصالح حزبية ضيقة. المشكلة في المرشحين المحتملين أن الكثير منهم إما يملك خلفية قانونية أو حزبية أوعلمية أو دينية وهذه وحدها لاتكفي لقيادة البلاد فما يريده الشعب ممن يختاره لتولي هذا المنصب الرفيع والحساس أن يملك رؤية ثاقبة وبرنامجا انتخابيا طموحا لخروج البلاد من أزماتها الحالية واستعادة دورها ومكانتها إقليميا ودوليا وينفض عن ثوبها غبار التبعية وأن يعلي من مكانة الشعب ومشاركته في تقرير مصيره دون تعال أو استخفاف وأن يرعي الله ثم ضميره في هذا الشعب وألا ينفصل عن شعبه وراء أسوار القصور كما فعل الرئيس المخلوع ومن سبقه وعليه إدراك أنه يأتي في مرحلة بالغة الصعوبة والحساسية في تاريخ بلده. منصب الرئاسة ليس تكريما لمشوار أحد سواء كان سياسيا أوعلميا أو دينيا أوعسكريا أو للباحثين عن الأضواء أوالساعين لفرض أيدلوجيات وأجندات معينة لكنه مسئولية ضخمة وشاقة للنهوض بهذا البلد وإقالته من عثراته التي لاتعد ولاتحصي في كافة المجالات ولابد أن يملك من يخوض هذا السباق ضميرا يقظا ونزاهة ويشعرأنه في البدء وفي النهاية مجرد خادم للشعب الذي اختاره وفوضه لقيادة مسيرته نحو المستقبل. كلمة أخيرة إذا أراد الله بقوم سوءا منحهم الجدل ومنعهم العمل. (عمر بن الخطاب رضي الله عنه)