كثير من الديانات تعطي أولوية كبيرة لإطلاق البخور في أماكن العبادة مثل المساجد والكنائس، أثناء الصلاة أو قراءة القرآن، بما تنعش وتبث في نفس المُصلي الراحة والحيوية والنشاط الروحاني في التلقي الهادئ الممتع داخل محيط المسجد أو الكنيسة أثناء الصلاة أو إلقاء الموعظة. وطلب الرائحة الطيبة للمسجد مطلب رفيع وألا يكون معبأ بروائح غير زكية من أثر المصلين الذين لا يهتمون بأخذ زينتهم عند كل مسجد، وقد اُوصي المسلم بألا يدخل المسجد إلا وهو طيب الرائحة نظيف الثياب "يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد" (الأعراف: 31)، لذلك مما لا شك فيه استحباب تطييب المساجد بالعود والطيب مثلاً وذلك لمكانة المساجد وشرفها وأيضاً بما تسببه من محبة وسكينة بين نفوس المصلين. وقد اعتيد في المساجد منذ زمن طويل تبخير البسط والسجاد في أغلب المساجد بالعود والطيب خاصة في مواسم اجتماع المصلين كيوم الجمعة وشهر رمضان وعند صلاة العشاء والقيام، وبعدما كانوا قديماً يُصلي المصلون فوق الأرض الصلبة وما بها من زلط رفيع، وجدوا الآن في السجاجيد المُبخرة راحة وانبساطا، ويجب مراعاة ألا تزيد رائحة البخور لما قد تسببه لبعض المصلين من حساسية. ويُعرف البخور كمعطر ذي رائحة قوية تُضيف إلي جو البيت جوا من الود والراحة النفسية وتهدئة الأعصاب والسكينة، لذلك إطلاق رائحة البخور في بيوتنا إلي جانب ما يعبق به البيت من رائحة جميلة طيبة نجد أن له خصائص أخري تعمل علي تهدئة الأعصاب وإزالة التوتر والقلق التي تُصيبنا به الحياة أثناء سعينا خارج البيت في العمل أو الدراسة، مما يؤهل النفس لراحة نفسية كبيرة وتخلصه من المشاعر السلبية داخله. وعود البخور هو مادة صلبة أصلها يأتي من الأشجار المزروعة فوق المرتفعات الآتي معظمها من شرق آسيا والهند وماليزيا وإندونيسيا، وعند حرق هذه المادة النباتية الأصل ينبعث عنها رائحة عطرية ناعمة محببة، وقد تكون مادة البخور منفردة ومنها ما هو مخلوط من مواد عدة مثل: "عرق الصندل" و"عرق الزعفران" و"عرق العنبر" و"عرق المسك" و"عرق الحناء" و"عرق الياسمين"، إذ تُخلط هذه المواد معاً بدقة وبنسب معينة لتعطي كل نوع رائحة مميزة عن الآخر. وعلاقة الإنسان والبخورعلاقة ترجع إلي نشأة الحضارات القديمة لتُستخدم في المعابد ودور العبادة اعتقاداً بأن الشياطين تكره رائحة البخور وتبتعد عن المكان وأن المكان يتم تطهيره باستخدام الدخان المنبعث من البخور، وكان يُصنع قديماً من الزهور المُجففة وعود الصندل وبعض الخلطات السرية. وفي اللوحة أمامنا التي رسمها المستشرق البريطاني فرانك ديلون عام 1873 من داخل بيت الشيخ السادات نري حامل البخور يأتي بالقهوة وقد وضعها في المبخرة حتي لا تفقد سخونتها ويقدمها لسيده داخل بيت الشيخ المتميز بطرازه الإسلامي ومشربياته ونري عبر النافذة مئذنة لمسجد قريب.