خلال الستة شهور .. أغلقنا كل الأبواب والنوافذ أمام الثورة والثوار، أصيب بعضنا ب (الحول الثوري).. وأصبح بعضنا الآخر مثل عواجيز الفرح لايعجبهم العجب ولا الصيام في رجب.. فإذا قامت مظاهرة لأهالي أسر الشهداء والمصابين تطالب بالقصاص العادل والسريع لأن القضاء البطيء ظٌلم بين .. قلنا : مجموعة من المعوقين للعمل وللمراكب السايرة. وإذا طالب آخرون بالدستور أولا.. اتهمناهم بالعمالة ومعاداة الوطن والديمقراطية. وإذا قاموا يهتفون بمحاربة الفساد ورموزه التي مازالت جاثمة.. ومطاردة الفلول ومنعها من المشاركة في مصر الجديدة. قلنا إن ذلك مخالف لأبسط حقوق الإنسان.. وإذا تجمهر أمام ماسبيرو المئات من سكان العشش والصفيح. تركناهم يؤذنون في مالطة أياما وأسابيع ثم نخرج عليهم ونقول : بلطجية مدسوسون وقطاع طرق. وإذا تجرأ البعض بالمطالبة برفع الأجور والمساواة مع الحرامية الكبار. قلنا : مطالب فئوية.. و .. وليت الأمر اقتصر علي ذلك لاعتبرناه دليلا علي الديمقراطية.. وبأن الأصوات التي تنطلق هنا وهناك.. أصبحت قادرة علي التعبير بعد سنوات من تكميم الأفواه والخوف المسيطر. ولكن أن يلصق كل خطأ أو هفوة أو حركة هنا أو هناك بالثورة. فهذا هو الخطأ بعينه ولي الحقائق.. وكأننا كنا نعيش خلال العهد البائد وماقبله في نعيم لايزول! ولم نكن نجد فيه مشاجرة بين أسرتين: مسيحية ومسلمة.. وبلطجية يعيثون فسادا في طول مصر وعرضها.. ومغتصبين يخطفون النساء والبنات. وتحرشاً جنسيا أمام سينمات وسط البلد جهارا نهارا.. ولم نكن نحن أنفسنا نخالف ماتبقي من قانون: من كسر لإشارة مرور والسير في عكس الاتجاه والركن في الممنوع وما أنزل الله من مخالفات في شارعنا ومنزلنا ومكان عملنا. الثورة ياسادة براء مما تدعون ولولا المظاهرات والوقفات المليونية ماحققنا واحداً بالمائة مما حققناه رغم ضآلته.. وبصراحة: لايغير الله مابقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم حتي لو قامت بدل الثورة.. مائة ثورة.