بالأماكن القديمة ترتبط دينا الشاذلي فالفتاة التي نشأت في »باب الخلق» أدركت أن القاهرة الخديوية من أغني الأماكن بالتفاصيل التي تجذب الكاميرا، حملت عدستها وهامت في شوارع وسط البلد أملا في العثور علي لقطات تميزها عن مئات المصورين الذين ينتشرون في المكان وهم يقتلونه تصويرا. الفقراء الجالسون حول مائدة الرحمن منحوها جائزة أفضل صورة في مسابقة ناشيونال جيوجرافيك (رمضان 2015).. بينما حبها للصوفية جعلها مفتونة بتتبع الدراويش. في نهاية 2014 قرأت دينا رواية الأديبة التركية أليف شافاق »قواعد العشق الأربعون» وهو الكتاب الذي تتهمه بأنه قلب حياتها رأسا علي عقب، وحرضها علي التفتيش عن أصولها الصوفية ومناقب أجدادها خاصة أن جذور عائلتها ترجع إلي الشيخ أبو الحسن الشاذلي. تقول: كنت جائعة للتعرف علي جدي والتقرب إليه، فالتهمت الكتب التي تتحدث عنه، في الوقت الذي كنت أتنقل بعد التخرج من عمل إلي آخر ولم أمكث في أي وظيفة أكثر من ثلاثة أشهر! وتواصل: الهاتف الصغير أدخلني مجال التصوير، وهو ما أغراني بشراء كاميرا استخدمتها في البداية بشكل عشوائي من خلال رحلاتي إلي الأقصر وأسوان، لكن شوارع القاهرة أهدتني صورا لاقت إعجاب أصدقائي علي مواقع التواصل الاجتماعي. بعد وفاة خالتها أصيبت دينا بالاكتئاب خاصة بعد استغناء الشركة التي تعمل فيها عنها ورغبة في التخلص من الحالة النفسية السيئة ظلت لمدة أربعة أشهر متواصلة تنزل للشارع وتلتقط يوميا صورا في الحسين والغورية وباب الخلق ووسط البلد. بدأت التصوير بشكل احترافي بعد التحاقها بمدرسة التصوير »فوتوبيا» في مصر الجديدة والتي جمعتها بأشهر المصورين من خلال الورش والندوات والقصص التي يحكونها، فبدأت تكتسب الخبرة وشاركتهم في رحلات التصوير التي يقيمونها بشكل مستمر، حتي أعلن القائمون علي أحد المعارض عن فتح باب التقديم لمن يرغب بالالتحاق وفوجئت بأنها من الأربعين مصورا الذين فازوا بالمشاركة في المعرض بثلاثة صور وهو ما مثل لها إنجازا لم تكن تتوقعه. وفي مركز الصورة المعاصرة »cic» بدأت في التعرف علي الكثير من المصورين الصحفيين ومن هنا بدأ اسمها يتداول بين المصورين نظرا لاختلاف وتميز الصور التي شاركت بها، لتختار ناشيونال جيوجرافيك أبو ظبي إحدي لقطاتها عن موائد الرحمن كأفضل صورة في رمضان.. أما الإصابة البالغة في قدمها فقد أجبرتها علي عدم الخروج من المنزل لمدة ثلاثة أشهر وهي مليئة بطاقة للتصوير تريد إفراغها، فبدأت بالتركيز علي ما يسمي ب»تصوير أسلوب الحياة»، وهو تصويب العدسة علي أي منتج وتصوره بشكل فني هو ما جعلها تتقن هذا النوع من التصوير. تري دينا أن القاهرة كنز المصورين لأنها مليئة بالأماكن القديمة التي يمكن التقاطها من عدة زوايا وبطرق مختلفة لتنتج في كل مرة صورة تمنح من يشاهدها الإحساس بالدفء وهو ما يجعلها تعتقد أن اللون البني الذي يرمز للدفء هو ما يسيطر علي المشاهد في وسط البلد. وتقول: الأماكن القديمة تعطينا صورا جديدة ولذلك فإن عينها دائما تذهب إلي أشياء قد لا تجذب آخرين مثل باب وشباك قديمين. ولا تنسي في سيرها التقاط بورتريهات لوجوه ثرية بالتفاصيل لافتة إلي أن الحالة النفسية تتسبب دائما في رسم الوجه بصورة ما، فكلما كان الشخص مهموما نستطيع أن ننتج منه صورا مفرحة وغريبة! وتضيف: ما يناديني هي الأرواح وليس الأشكال، وكل شيء له روح في الصورة بما في ذلك الجمادات، وتحكي عن منزل ماري منيب في مصر الجديدة، وتصف الدفء الذي غمرها عندما دخلته رغم أنه بيت مهجور ولكنه لا يزال محتفظا بروحه الطيبة. وتستطرد: هناك أماكن كثيرة تناديني في المرحلة القادمة مثل تونس لأقوم بزيارة ضريح جدي أبو الحسن الشاذلي، بينما تنشغل في الفترة الحالية بمشروع تصوير دراويش المولوية في الأماكن الأثرية. وتحلم بأن تمتلك ستوديو يتيح لها تصوير أي شيء، لافتة إلي أن أجمل لوحات الفوتوغرافيا موجودة في الشارع، وأقوي وأوضح إضاءة يمكن لأي شخص التعلم عليها واللعب بها هي إضاءة الشمس.