»ما زال يوصيني جبريل بالجار حتي ظننت أنه سيورثه» حديث صحيح عن رسول الله صلي الله عليه وسلم، وفيه تعظيم لحق الجار علي جاره، ولكن ما نشهده حاليًا هو ان المستأجر بات يرث المالك علي حياة عينه، دون مراعاة لظروف المعيشة التي أصبحت تفوق طاقة الجميع مالكًا كان أو مستأجرًا. أكثر من 6 عقود، ذلك هو عمر الأزمة التي لا تزال قائمة بسبب قانون الإيجارات القديمة، الذي يعاني منه الجميع وخاصة »المُلاك»، الحديث عن تعديلات في القانون يثير حفيظة المستأجرين، لأنه سيرفع أجرة شققهم السكنية التي ظل إيجارها بين 5 إلي 20 جنيهًا لأكثر من خمسين عامًا أو أكثر. حالة من الاستياء باتت واضحة في نفوس جميع المستأجرين ممن سمعوا بتعديل قانون الإيجار القديم من قبل البرلمان وبات الجميع يتساءل »أين سنذهب؟»، وكان لسان حال معظمهم »البلد كلها هتبات في الشارع؟»، حال تطبيق هذا القانون الذي تم طرحه من النائبين معتز محمود، وإسماعيل نصر الدين، عضوي لجنة الإسكان بالبرلمان. يشمل القانون المقدم لمجلس النواب العديد من الجوانب، أولها الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكن للأجهزة الحكومية والهيئات والجهات التابعة لها، وينص القانون علي انتهاء تلك العقود المبرمة بقوة القانون، بخصوص الوحدات التي تشغلها علي النحو الذي تبينه اللائحة التنفيذية لهذا القانون. الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكن والمخصصة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو تجاري أو مهني أو حرفي، تنتهي عقودها بوفاة المستأجر ولا تمتد إلا مرة واحدة وتكون مدتها 5 سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون، ويجوز الاتفاق بين المؤجر والمستأجر علي إخلاء العين المؤجرة قبل نهاية المدة النصوص عليها في هذا القانون من قبل المستأجر بعد تقاضيه مقابل للتنازل عن المدة المتبقية من العقد. فترة السماح تنتهي بقوة القانون عقود الإيجار الخاصة بالأماكن المعدة لأغراض السكن، وقت العمل بأحكام هذا القانون، والتي لا يسري عليها القانون رقم (4) لسنة 1996 بانتهاء 10 سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون ما لم يتفق علي غير ذلك، ولا ينتهي عقد الإيجار لموت المؤجر أو المستأجر خلال المدة المبينة بالفقرة السابقة. ويتحمل المستأجر كافة أعباء الترميم والصيانة الدورية والعامة للمباني وكافة التكاليف التي تلزم تحمل الأجزاء المشتركة للمبني، وكذلك أجر حارس العقار خلال سريان المدة المنصوص عليها في القانون ويتم توزيع تلك النفقات علي جميع شاغلي العقار كل علي حسب حصته.
فسخ العقد وينص القانون علي فسخ العقد من تلقاء نفسه دون حاجة إلي إعذار أو إنذار أو حكم قضائي في حالة عدم استعمال العين المؤجرة مدة تزيد علي 3 سنوات، وإثبات وجود سكن بديل للمستأجر سواء كان المستأجر في مصر أو في خارجها، ويجوز إثبات ذلك بكافة طرق الإثبات. ولم يغفل القانون هؤلاء المستأجرين ممن لا يملكون بديلا سكنيا ونصت المادة 12 من القانون علي انشاء صندوق لدعم غير القادرين من المستأجرين للوحدات السكنية ويمول الصندوق من حصيلة الضرائب العقارية للوحدات المؤجرة بنسبة 50٪ وجزء من الأجرة المحصلة من مالك العقار أو من أي جهة أخري تسمح الدولة بها. دعم الاستثمار نحن نمر بمرحلة صعبة والجميع يشهد بأن مصر تمر بحالة اقتصاد حرب ولا بد من التكاتف من أجل زيادة الاستثمار وعدد المستثمرين ولن يتم هذا الأمر إلا بوضع حلول جذرية لأزمة الإيجارات القديمة، هذا ما أكده عمرو حجازي، نائب رئيس جمعية المضارين من الإيجار القديم، لافتًا إلي أن عدد الوحدات السكنية المغلقة وصل إلي 8 ملايين وحدة سكنية. حجازي، أكد أنه لا يوجد خلاف مع القانون الذي تم طرحه بالبرلمان في الجزء الحكومي أما التجاري والسكني فتم وضعه بشكل فضفاض، فالمدة المقررة 5 سنوات للمحلات التجارية، و10 سنوات للشقق السكنية مدة طويلة، حيث إن صاحب المحل يبيع بأسعار اليوم، ويكسب بأسعار اليوم فلماذا لا يدفع القيمة الإيجارية بسعر اليوم؟، والأمر أيضًا ينطبق علي الشقق السكنية التي تقع في بعض الأحياء الحيوية مثل الدقي ووسط البلد، فمن غير المعقول أن يصل إيجار بعض الشقق ل2000 دولار في حين أن الإيجار لشقق مجاورة لا يتعدي ال10 جنيهات. حجازي: »أكثر من 70٪ من الملاك أصبحوا تحت خط الفقر، فلماذا يتم النظر بشفقة لحال المستأجر الذي ظل ساكنًا مجانًا طوال حياته، ويتم دائمًا التنكيل بالمالك في حين أنه صاحب الحق الأصيل في الاستفادة بعقاره الذي بناه أو ورثه بغرض الاستثمار، وأردف قائلًا: »السكن والتعليم والصحة كلها حقوق يجب أن تكفلها الدولة للمواطنين، فهل يتم المساواة بين المستشفيات الخاصة والحكومية؟، وهل يمكنني أن ألحق ابنائي بمدرسة دولية وأدفع مصاريف المدرسة الحكومية؟، كذلك السكن لابد من وضع معايير للمنطقة ولدخول الأفراد، قبل تحديد قيمة الإيجار». الدخل العقاري أضاف: نطلب من البرلمان النظر في تلك المدد الموضوعة لأنها لا تتفق مع مصلحة البلد ولا المواطن، كما أن المالك ليس لديه أي ضمانات لتنفيذ ذلك القانون حال الموافقة عليه، مثل نوع المحكمة التي سيتوجه لها حال حدوث إشكال، ومن الممكن ان تستمر فترة التقاضي لأكثر من 10 سنوات. »نحن نُحرم الحلال»، فالمالك قام ببناء العمارة السكنية كاستثمار للحصول علي الأموال لتدر له دخلًا، فما المانع من ان يُخرِج المالك المستأجر حال ثبوت تملكه لشقة أخري، ومن لا يثبت تملكه يجب تسوية الأمر مع الدولة، فالدولة مطالبة بتوفير السكن لغير القادرين، وستتحصل بالتأكيد علي مبالغ ضخمة من ملاك العقارات، ويمكنها ب40٪ من قيمة الضريبة فقط أن توفر حلاً جذريًا لأزمة الشقق السكنية ل4سنوات مقبلة، لأن مالك العقار يقوم بتقديم ضريبتين للدولة »ضريبة الدخل العقاري»، و»الضريبة العقارية». ندفع منين؟! »كل حاجة غليت، والبيوت نفسها أصبحت متهالكة وممكن تنهار في أي وقت»، هكذا تحدثت أمينة السيد، أرملة، عن احتمالات رفع الإيجارات القديمة، مضيفة: »هندفع منين أنا ساكنة مع بناتي في شقة المرحوم زوجي، هيطردونا.. ماشي.. إحنا موافقين ننام في الشارع، لكن ميقوليش ادفعي 400 جنيه إيجار، وأنا معاشي كله 1200 جنيه، حرام». إمام السيد، قال إنه يسكن في شقة بالجمالية، منذ 40 عامًا، ولديه 3 أبناء، أحدهم متزوج ومقيم معه في المنزل، وإيجار الشقة 10 جنيهات، مشيرًا إلي أنه يخشي بعد تطبيق القانون الجديد، أن يطرد ابنه وزوجته من الشقة في حالة وفاته. قوانين غير مُحصنة ما يتم تداوله الآن، أن هذا القانون به عوار كبير، ولن يتم تطبيقه لأنه مُخالف للدستور، حيث إن قانون 1948 الخاص بقانون الإيجار القديم محصن دستوريًا ولا يجوز تغييره أو تعديله من قبل البرلمان، والحقيقة أن كل هذا الكلام عار تمامًا عن الصحة، وليس له أي سند قانوني، هذا ما أكده الدكتور رأفت فودة، رئيس قسم القانون العام وأستاذ القانون الدستوري والإداري بكلية الحقوق جامعة القاهرة، مُشيرًا إلي أنه لا يوجد قانون واحد في مصر مُحصن من قبل الدستور، كما أن الدستور ذاته قابل للتعديل أو التغيير. وأكد فودة، أن قانون الإيجار القديم غير معترف به دوليًا، كما أنه مخالف لكل دساتير العالم، فمن غير المعقول أن يرتفع سعر كل شيء إلا الإيجارات، فلابد من فرض زيادة سنوية بنسب محددة يتم الاتفاق عليها وفقاً لحالة المستأجر المادية والاجتماعية وكذلك وفقاً للنطاق السكني. وأوصي الخبير الدستوري، بضرورة مواءمة المُشرع للقدرة والذمة المالية للمستأجر، حتي تحرر الشقة منه فمن يثبت أن دخله مرتفع ويمكنه شراء شقة أخري أو تعديل القيمة الإيجارية يتم التعامل معه فورًا وفقًا للقانون، لافتًا إلي ضرورة مراعاة الغضب الاجتماعي من قبل المستأجرين والظلم من قبل المالكين، وأكد فودة أن المصريين دائمًا ما يتلاعبون بالجمل ويضعونها في غير محلها، حيث إن العقد بالتأكيد هو شريعة المتعاقدين، ولكن هذا العقد يجب أن ينتهي بوفاة احد المتعاقدين، فالشقة الإيجار لا تورث حال وفاة المستأجر.