ملتقي الأقصر الدولي للتصوير في دورته التاسعة.. يؤكد وجوده وقوة تفاعله وسط لقاءات العالم الدولية في الفن، حيث يمتزج فيه الحاضر بتجريده بعبق التاريخ، علي أرض طيبة »الأقصر» أرض الأجداد حيث عرف البشر معني الفن والتصوير. جاءت دورته التاسعة وإن كانت لوحاتها ليست مبهرة مثل دورات الأعوام الماضية إلا أن المستوي الذي كان وراءه رعاية من صندوق التنمية الثقافية ورئيسته الدكتورة نفين الكيلاني وجهود قوميسير الملتقي الفنان الدؤوب الدكتور إبراهيم غزالة جعل ختام الملتقي رائعا رغم سحابة الحزن التي خيمت علي فنانين الملقتي برحيل الفنان التشكيلي جميل شفيق الذي لم يكمل لوحتة الأخيرة ورغم أن المعرض ضم 50 لوحة تشكيلية إلا أن جميع اللوحات ليست بقوة معارض الملتقي في السنوات الماضية. بدأت الدورة التاسعة من ملتقي الأقصر الدولي للتصوير في 14 ديسمبر الماضي بمشاركة 15 فناناً من المغرب والسعودية والأردن وسلطنة عمان وأوكرانيا وإيطاليا وصربيا والبرازيل وجورجيا وروسيا والهند إضافة إلي 10 فنانين مصريين وعلي مدي 15 يوما كان كل فنان قد رسم لوحتين ليكتمل المعرض وتتداخل الثقافات رغم اختلاف رؤي الفنانين.. كثيرا ما نتوقف أمام العديد من الأطروحات الفنية علي اختلاف صياغتها، معترفين بما تحمله بعضها من قيمة تشكيلية متفاوتة الجودة والقيمة، ونجدنا نقر في بعض الأحيان بأن المنتج الفني يحمل انعكاسات لخبرات تراكمية نلحظ تبلورها. وأساليب فنية تتأرجح بين النمطية والتجريبية الثائرة، وطرح بصري بين الخمول الساكن ودفقات النشاط الصاخب؛ ولكن يبقي هناك جزء حسي لا نستطيع الوقوف علي إحداثياته داخل العمل، وهو ذلك الجانب النابض والذي يبث الطاقة داخل العمل الفني، ويشعرنا بتلك الحياة التي تدب في جنباته، ويسبب لنا تلك الحالة من الانجذاب، تاركا لنا ذلك الانطباع الذي يعلق في أذهاننا. الفنانة الإيطالية كيري توبيا تأثرت بأحداث الكنيسة البطرسية وتأثرت بالأحداث المؤسفة التي يمر بها العالم بسبب الإرهاب من قتل ودماء متناثرة هنا وهناك ففي الوقت الذي تأثر فيه أغلبية الفنانين بالحضارة المصرية القديمة وقاموا بتقديم أعمال عنها، إلا أن الإيطالية قامت برسم لوحة تعبر عن هموم المجتمع المعاصرة حيث قامت برسم أشخاص يحملون بعض الأسلحة وآخرين ضحايا، لكنها حرصت علي طلاء الأشخاص باللون الأبيض تعبيراً عن رغبتها في السلام، وأن الله خلقنا بنفوس بيضاء، وقامت برسم الخلفية باللون الأصفر لتعبر عن صحراء مصر. أما الفنانة السعودية غادة الحسن خريجة كلية الآداب فكان لها رؤية أخري أيضا حيث استحوذ علي تفكيرها التراث التاريخي والمخطوطات الأثرية التي تري أنها هي التي تتحكم في الكون فجاءت لوحتها عن الكون وظهرت الوثائق التاريخية في لوحاتها كتميمة بشكل سحري رائع وإن كانت لوحتها بسيطة في التعبير . محمود شاب كان من ضمن الشباب العشر الذين شاركوا في الملقتي لمنح الشباب فرصة للتعبير عن وجودهم بريشتهم ..لوحة محمود كانت أغرب لوحات الملتقي ومن خلال التدقيق في اللوحة نجده يمر بصراع الثقافات والتقاليد والحروب النفسية داخل الإنسان مابين الخير والشر .. وفي لوحته امرأة عارية في لحظة ندم تخلل عناصرها كلمات هيروغليفية مع كتابات باللغة العربية الزنا العار الندم وأيضا مستشهدا بآيات قرآنية لكن حظيت اللوحة باستغراب البعض من الفنان الشاب. وبين لوحات الفنانين تقف اللوحة التي لم تكتمل للفنان الراحل جميل شفيق وثلاثة وجوه عابسة من الخشب لم يتم الانتهاء منها. فأعماله من لوحات ومنحوتات اتسمت بسحرها الخاص الذي لا يشبهها شيء. أعمال عكست روحه وخياله وعزلته الجميلة أمام البحر هو الذي غادرنا أثناء مشاركته علي نفقته الخاصة في الملتقي تاركا كنوزاً فنية ثمينة، كبصمة ستذكرنا دوماً بجميل شفيق، الفنان الذي أهدانا ما أهداه البحر.. هناك حيث انتظر الأخشاب التي سيجرفها البحر إلي الشاطئ بعد أن كانت في »حياة سابقة» تعود لقارب، أو منضدة أو لنسختها الأصلية من الأشجار. منحوتات شفيق الخشبية، التي حاور فيها البحر أو لوحاته في الأسود والأبيض التي حملت تيمات الطبيعة والإنسان والحيوان.. البحر، المرأة، الأسماك، الحصان.. تخبر الكثير عن الراحل الذي عشق الطبيعة وابتعد عن المدينة وجنونها والتكنولوجيا وتسريعها لحياتنا.. هو الذي قال في إحدي مقابلاته » أنا كائن طبيعي من الدرجة الأولي في عصر غير طبيعي من الدرجة الأولي أيضاً. فالخلل البشري الحاصل من تسارع خطوات التقدم التكنولوجي كف الإنسان عن النظر إلي الطبيعة. بشكل آخر كف الإنسان عن النظر لنفسه فأنت هنا عندما تمشي في القاهرة يمكن أن تلمس عملية الطحن المستمرة التي تحدث للإنسان»، وأضاف »أنا أهرب إلي الطبيعة وعندي هواية صيد السمك وهذا يعطيني شيئاً من التأمل؛ لذا أهرب من القاهرة إلي الصحراء أو إلي البحر فأنا أجد وجودي مع الطبيعة فالإنسان بالأساس منتج طبيعي». وتخليدا لذكراه قامت الدكتورة نيفين الكيلاني بغرس شجرة، كتعبير عن تقدير وتحية ملقي الأقصر الدولي للتصوير في دورته التاسعة، لروح الفنان الراحل جميل شفيق، وتقديرا من صندوق التنمية الثقافية وكافة المشاركين في الملتقي لفنان قدير، مات وهو مازال ممسكا بريشته، ولم يتوقف نهر إبداعه وكانت نيفين الكيلاني، والدكتور خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية، والفنان الدكتور إبراهيم غزالة قوميسير عام الملتقي، وأعضاء اللجنة العليا لملتقي الأقصر الدولي للتصوير، والفنانون المشاركون في الدورة التاسعة قد قاموا بغرس شجرتين، الأولي للراحل الفنان جميل شفيق، وشجرة أخري كتذكار للقاء الفنانين المشاركين في ملتقي الأقصر الدولي للتصوير. في ختام الملتقي تم توزيع شهادات التقدير والدروع علي المشاركين في الملتقي وهم الفنان أحمد سليم، جيهان فايز، حسيني علي، سيف الإسلام صقر، طارق الشيخ، عماد إبراهيم، محمد أبو الوفا، مروة عزت، هالة الشافعي، الفنانة هند الفلافلي من مصر، خالد البكاي »المغرب»، الفنانة ديما رعد »لبنان»، غادة الحسن »السعودية»، محمد بن عبد الله »سلطنة عمان»، محمد الجالوس »الأردن»، آن نتينياري »كينيا» ، كيارا توبيا »إيطاليا»، يوليازوكوفا »روسيا»، ماريانا إبراموفا »أوكرانيا»، يوتبال باروا »الهند»، مانيش كومار »الهند»، أولجا ديوردفيتش» صربيا»، بريتي مهدي نور »بنجلاديش»، ريجينا كارمونا »البرازيل». كذلك تم تكريم الفنانة ديما رعد، الفنان فرغلي عبد الحفيظ وتسلمه نيابة عنه الفنان الدكتور خالد سرور ، الفنانة والمعمارية سعاد عيساوي كما تم تكريم الشباب المشاركين في الملتقي وهم علياء أحمد محرز، دنيا محمود نصر، شادي مصطفي، مها إبراهيم رشاد، حسين محمود زهران، أحمد صلاح إبراهيم، مهند يوسف تهامي، محمود علي عبد الحميد، نوران أحمد، ناجح أحمد، تكريم خاص للناقدة المصاحبة للملتقي الأستاذة سوزان شكري، كما تم إهداء محافظ الأقصر درع الملتقي. جدير بالذكر أن الهند ضيف شرف الدورة التاسعة من ملتقي الأقصر الدولي للتصوير، وتضم اللجنة العليا للملتقي، الدكتورة نيفين الكيلاني رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية ورئيس اللجنة العلية للملتقي، الفنان الدكتور إبراهيم غزالة قوميسير الملتقي، الفنان الدكتور إبراهيم الدسوقي، الفنان الدكتور أحمد ذو الفقار عبد الحميد شيحة، الفنان الدكتور أيمن الصديق علي السمري، الدكتور حمدي صادي أبو المعاطي، الفنان الدكتور عبد الوهاب عبد المحسن، الفنان الدكتور خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية، الفنانة الدكتورة عقيلة رياض. الدكتور خالد سرور، رئيس قطاع الفنون التشكيلية، أكد أن ملتقي الأقصر الدولي للفنون، يمثل عرسا سنويا، وصل لمرحلة من النضوج، فكل فنان يحلم في المشاركة في هذا الملتقي، مضيفا أنه سعيد بمشاركته في الملتقي كفنان تشكيلي عام 2014. الفنان أحمد شيحة، إنه سعيد بملتقي الأقصر الدولي التصوير، مضيفا أن مصر ستبقي بالفنانين والقائمين علي هذا الفن والثقافة، فلابد من مواجهة الطيور الجارحة التي تريد ضرب هذا البلد، لكن مصر ستظل ترفع شعلة السلام والمحبة والفن والثقافة والإبداع.