عبارة "مسيحيين يهود" للإشارة إلي مذاهب دينية جديدة تجمع بين الديانتين، فالمسيحية حصلت علي مفاهيمها الأولية من اليهودية، ولاتزال هناك أصول مشتركة بين الديانتين تتمثل في تقديس المسيحيين للتوراة والتناسخ التي يطلقون عليها العهد القديم وهو القسم الأول من الكتاب المقدس لدي المسيحيين، ويعتقد المسيحيون أن النبوءات التي دونها أنبياء العهد القديم قد تحققت في شخص المسيح، وهذا هو السبب الرئيس لتقديس التوراة. وترتبط بعض الجماعات المسيحية بالتراث اليهودي المسيحي مثل الختان وتقاليد الزواج وطقوس الدفن، ويرجع أغلبهم إلى أصول يهودية، أو عربية أو إغريقية أو سريانية، ولا تزال الكنيسة تحمل بعض العادات التي تعتبر حاليا طقوسا يهودية رئيسية، فيما ترتبط بعض الأسر المسيحية المشرقية بنسب مع اليهود المسيحيين الأوائل الذين تعود أصولهم إلى عصور المسيحية المبكرة. ويقول د. سامي الإمام أستاذ الديانة اليهودية بجامعة الأزهر أن اليهود المسيحيين هم حركة إنجيلية بروتستانتية, وهم يهود يؤمنون بالمسيح عيسى عليه السلام, ولهم مسميات عديدة مثل " اليهود المتنصرين, واليهود المسيحيين, واليهود المؤمنين بالمسيح عيسى, والعبرانيون المسيحيين, واليهود المسيانيين, والمسيحيون اليهود". وتعتبر هذه الحركة يهودية عرقيا ومسيحية دينيا، وهى مرفوضة بين اليهود ولا يعترفون بها كطائفة يهودية لأنهم من المعتقدين في العقيدة المسيحية، وقد رفضت المحكمة العليا طلب انضمامهم للطوائف اليهودية بسبب اعتناقهم للمسيحية وإيمانهم بالمسيح, واعتبرتهم المحكمة إما نصارى, أو مرتدين عن اليهودية. ويعد بعض معتنقي هذه الحركة من اليهود الأوائل أنصار المسيح, فهم امتداد لهم ولعقيدتهم وفكرهم، ومن حيث العقيدة فهم يؤمنون بألوهية المسيح, وبعقيدة الثالوث, وبقية عقائد المسيحية، كما يعترفون بالعهدين القديم والجديد كجزئي الكتاب المقدس، في حين أن حركة اليهود المسيحيين ترفض فصل اليهودية عن المسيحية ويعتبرون المسيحية امتدادا طبيعيا لليهودية, ولذا يقدسون الأعياد اليهودية الرئيسية الفصح ورأس السنة العبرية وعيد الأسابيع. وعن شعائرهم فيقول إن صلاتهم تؤدى بشكل فردي شخصي في أي مكان وأي زمان وليس هناك كتاب صلاة محدد بل تخضع نصوص الصلاة للرغبات الشخصية والدعاء الموجه ل (أبينا الذي في السماء) وغالبا ما تنتهي الصلاة بعبارة (باسم يسوع المسيح آمين)، ويؤمنون بأن المسيح هو فقط غافر الذنوب وماحي الخطايا. ويكون اليهود المسيحيون مجموعات غير تقليدية للصلاة في بيت أحدهم متوسط هذه المجموعات 30 فردا يلتقون مرة في الأسبوع يتفقون على الصلاة والدعاء وقراءة بعض فقرات التوراة والتراتيل. ويتمسكون بالأزياء اليهودية المميزة لليهودي كغطاء الرأس (الكيبا), وشال الصلاة (طاليت)، ويحافظون على مظاهر التراث اليهودي الديني كالتبرك بالميزوزا (تميمة الأبواب), والاحتفال ببلوغ الصبي والفتاة سن التكليف الشرعي، وختان الذكور في اليوم الثامن للميلاد, وشعائر السبت, وبعض قواعد الطعام اليهودي الحلال(كاشير). وفي عدد قليل من بيوت الصلاة الخاصة بهم يهتمون ببعض عناصر اليهودية كتابوت القدس, ونجمة داود, والمنارة وغير ذلك. والجديد على حركة اليهود المسيحيين لابد أن يمر بطقس التعميد والتطهر الذي يعد أمرا إلهيا وضرورة لهجر حياة الماضي خلف الظهر وبداية حياة جديدة يكون المسيح هو سيدها، كما يلتزم بحضور ما يسمى (العشاء الأخير) في صلاة وطقوس تقرأ فيها نصوص مقدسة وتراتيل دينية معينة. وتتخذ اليهودية المسيحية رمزا مركبا لها, عبارة عن المنارة ونجمة داود وهما الرمزان المشهوران في اليهودية, والسمكة التي ترمز إلى معجزة (الخبز والسمك) التي حدثت في بحيرة طبرية على يد المسيح عليه السلام. وتبلغ أعداد اليهود المسيحيين في العالم حوالي 400 ألف، يعيش أكثر من نصفهم في الولاياتالمتحدةالأمريكية, ولا يتعدى عددهم في إسرائيل 20 ألفا، ونسبة كبيرة منهم لا يمتون لليهودية بصلة حيث إن الأبوين غير يهوديين. ويرى أن أهم ملامح هذه الحركة التي تمزج بين اليهودية والمسيحية أن أتباعها يعانون ضياعا بين الديانتين ويخفون طقوسهم وعاداتهم بل وعقيدتهم أيضا. الصهيونية حركة سياسية غير عقدية، على الرغم من استخدامها للعقيدة اليهودية, ومع ذلك يعتنق كثيرون من غير اليهود سواء مسيحيون كاثوليك أو بروتستانت أو أرثوذكس, وكذلك اليهود المسيحيون فكرها الإجرامي، والجدير بالذكر أن هناك يهودا كثرا لا يعترفون بالصهيونية ويعارضونها بشكل كامل. ويقول إن المسيحيين يحتفلون برأس السنة الميلادية في ثلاثة تواريخ منفصلة, هى ليلة 24 ويوم 25 ديسمبر الذي يعتبر تذكارا للميلاد الجسدي للمسيح عليه السلام, ويوم 1 يناير هوعيد رأس السنة وذكرى ختان المسيح "فمن المعروف أن المسيح ولد في شريعة اليهودية التي توجب الختان في اليوم الثامن من ميلاد الطفل"، وليلة 6 يناير ويوم 7 يناير وهو عيد الغطاس والميلاد الروحي للمسيح. وكان يوم 25 ديسمبر قبل المسيحية عيدا وثنيا لتكريم الشمس، ومع عدم التمكن من تحديد موعد دقيق لميلاد السيد المسيح عليه السلام فقد حدد آباء الكنيسة الأوائل عيد الشمس كموعد لتلك الذكرى، ورمزوا للمسيح بأنه "شمس العهد الجديد" و"نور العالم" وقد بعث لبني إسرائيل الذين كانوا قد ضلّوا طريق الهداية. ويمكننا القول إن الطوائف المسيحية المختلفة لا تعتبر الاحتفال تاريخا واقعيا لذكرى ميلاد المسيح، بقدر اعتباره تذكارا لقدومه إلى العالم وما حمل ذلك من معانٍ روحية بعدما حادت اليهودية عن طريق الرب وراح اليهود يرتكبون المعاصي ويقترفون الآثام الشنيعة آنذاك فكانوا ينتظرون ميلاد هذا المسيح وهو أحد مفاهيم الخلاص (في اليهودية). ويوضح د. محمد حامد أستاذ اللغة العبرية بكلية الآداب جامعة عين شمس أن اليهودية المسيحية هو الاسم الذي يطلق على جماعة من المسيحيين المنحدرين من الكنائس الأصولية والتي تؤمن بأن قيام دولة إسرائيل عام 1948 كان ضرورة حتمية لإتمام نبوءات الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد وهي المقدمة لعودة المسيح إلى الأرض كملك منتصر، ويعتقد اليهود المسيحيون أنه من واجبهم الدفاع عن الشعب اليهودي بشكل عام، ويعارضون أي نقد أو معارضة لإسرائيل فهم يشكلون جزءا من اللوبي المؤيد لإسرائيل، و بالرغم من كل الدعم الذي يقدمه اليهود المسيحيون لإسرائيل فإن الكثير من اليهود ينظرون إليهم بشك، ويرجع ذلك لأسباب عديدة منها تاريخ معاداة المسيحيين لليهود، ووجود ما يعرف باستبدال الكنيسة لشعب إسرائيل في مخطط الخلاص برغم رفض اليهود المسيحيين لهذا المعتقد، واختلاف الآراء حول الكثير من القضايا السياسية.