حوارات بناءة استمع إليها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وشارك فيها شباب مصر في حوارهم الشهري الأول، منذ اختتام فعاليات مؤتمر الشباب الأول، الذي أُقيم في شرم الشيخ، نوفمبر الماضي. قضايا التعليم، والاقتصاد، والطاقة، والإسكان، والزراعة، والاتصالات، كانت حاضرة في جلسات الحوار المفتوح الذي استمر نحو 8 ساعات كاملة، لم يتخللها سوي استراحات قصيرة بين الجلسات. التعليم بدأ أول نقاشات الحوار بجلسة عامة حول قضايا التعليم، بحضور الرئيس وعدد من الوزراء وكبار رجال الدولة. وتداخل الرئيس السيسي، خلال الندوة، قائلًا: »يجب تطوير التعليم وتجديد الخطاب الديني لصياغة الشخصية المصرية، ولابد أن يتناغم المجتمع كله في تشكيل وعي الطلاب في فترات التعليم، إحنا مش ضد الإعلام والثقافة»، تابع الرئيس: »التعليم وحده لا يكفي، ولكن لابد أن يُكمل الإعلام ما يتعلمه الطلاب في المدارس، لأن عدم صياغة شخصية وطنية يؤدي إلي دمار الدول، وأن التعليم دون صياغة الشخصية »فاشل»، مُضيفًا أنه لابد من وجود معايير منضبطة لقياس أداء العاملين لرفع كفاءتهم المهنية، مؤكدًا: »التعليم يجب أن يخرج إنسانًا ناجحًا، التعليم ينفع في إيه مع وطن ضايع؟»، مشيرًا إلي أننا نواجه تحديات كبيرة جدًا، وقال: »عدم وعينا هو المؤامرة»، وأوضح أن التعليم الجيد يفرز إنسانًا متفوقًا يمكن الاستفادة من مهاراته، وشدد علي ضرورة رعاية المتفوقين من أجل تنمية الكفاءات للمساعدة في بناء الوطن. أردف الرئيس قائلًا: »هل المجتمع مستعد يدفع التكلفة؟ المصريين أهلي وناسي وحبايبي عاوزكم قد الدنيا بس إزاي؟ مش عاوزين وإحنا بنعملها نهد نفسنا، لما قال وزير التعليم نعمل درجات مواظبة لقيت الناس قامت»، واستطرد قائلًا: »التعليم اللي موجود عندنا فيه رتابة الأداء، إني أروح المدرسة صيف وشتا كل يوم عشان أتعلم دي مش موجودة في مدارسنا أو جامعاتنا، هل المجتمع مستعد لقبول الإصلاح؟»، مشيرًا إلي أن البعض يطالب بإجراء إصلاح دون أن يمسهم، فتساءل الرئيس: »إزاي؟». من ناحية أخري، لفت الرئيس إلي إن مصر في مرحلة تثبيت قواعد الدولة التي تتطلب عدة إجراءات في مختلف النواحي، وقال: »لا نعمل علي إصلاح التعليم فقط، وإنما نحاول أن نوائم الإصلاح في مختلف المجالات، وتابع: »أنتم طالبتم بإصلاح التعليم ونحن بادرنا بالمشروع القومي للتعليم منذ عامين، وقد اتضحت بعض النتائج الإيجابية في بعض المدن، وعلينا أن ننتظر البقية»، مضيفًا أن هناك إجراءات وتكاليف ولابد أن يكون الناس علي استعداد لأنه لا يمكن التراجع عن تلك الإجراءات. الاقتصاد شهدت الجلسة الثانية، عن الاقتصاد، موقفاً طريفًا، عندما توقف الدكتور عمرو الجارحي وزير المالية عن عرض رؤيته للسياسات المالية للدولة بسبب مقاطعة الرئيس السيسي. وقاطع الرئيس وزير المالية لمطالبته بتفسير الأرقام والمؤشرات المالية بوضوح للمواطنين البسطاء، قائلًا: »اللقاء لغير المتخصصين، نريد خطابًا معرفيًا وتنويريًا لكل مصر، عايزين نعرّف الناس عملنا كده له، لا نستهدف النخب.. نريد أن يعرف البسطاء لماذا ارتفعت الأسعار؟»، وهو ما تسبب في توقف الوزير عن الكلام لعدم قدرته علي الحديث بلغة خالية من البيانات، لتضج القاعة بالضحك والتصفيق لوزير المالية. وأكد أن الوصول إلي معدلات التنمية المرجوة، وتحقيق نقلة نوعية في التنمية الاقتصادية يتطلب التزام جميع المواطنين بزيادة العمل وبذل المزيد من الجهد في جميع القطاعات لبناء مستقبل أفضل، ولفت إلي أهمية تناول القضايا الاقتصادية بشكل شامل، وأن يتم تداول المعلومات الصحيحة أخذًا في الاعتبار مساهمتها في تشكيل الرأي العام، مشيرًا إلي ما يسهم به هذا الحوار في تصحيح ما يتم تداوله من معلومات خاطئة باعتباره منصة للحوار والتواصل مع الشباب والرأي العام، وتطرق إلي الخطوات التي تتم لتطوير منظومات الرقابة علي الأسواق ومكافحة الفساد، لاسيما من خلال تبني أدوات التكنولوجيا الحديثة لتحييد العامل البشري. أضاف الرئيس، أن حدوث ثورة 25 يناير في حد ذاته، كان انعكاسًا لعدم قدرة مؤسسات الدولة علي الوفاء باحتياجات المواطنين، مشيرًا إلي أنه رغم ما حققته الثورة من مكاسب، فإنها أيضًا كانت لها تداعيات كبيرة تتطلب وقتاً وجهداً كبيراً لتجاوزها، منوهاً إلي ما أدت إليه التطورات خلال السنوات الماضية من وقف بعض المصانع عن الإنتاج ولجوء أصحابها إلي الاستيراد، ما أدي إلي تفاقم الأزمة، بالإضافة إلي التعديات التي حدثت علي الأراضي الزراعية، وأشار إلي ضرورة التعامل مع مسألة الزيادة السكانية في ضوء تأثيراتها السلبية علي جهود التنمية، مؤكداً ثقته في قدرة الشعب المصري علي تحقيق تطلعاته نحو التنمية، لاسيما أن رد فعل المصريين إزاء القرارات الاقتصادية الأخيرة أثبت أنه شعب عظيم يتحلي بالمسئولية اللازمة وقت الشدائد. وقال، إن قيام الشعب المصري في 25 يناير 2011 بهذا الشكل، يشير إلي أن الدولة بأجهزتها ومؤسساتها لم تعد وقتها قادرة علي العمل، وقد وجب التغيير، وأضاف: »ثورة 25 يناير أحدثت تغييراً فعلياً، واللي حصل مش طبيعي، وحجم التحديات التي نتجت عن هذه الثورة فوق ما يتخيله أحد»، متابعًا: »اللي بيكلمكم دلوقتي ما يقدرش يقعد في مكانه يوم زيادة عما يحدده الدستور والقانون ومكنش حد يقدر يقول الكلمة دي أبدا قبل كده». الإسكان خلال تناول الغداء، وحيث كانت تجلس مني السيد صاحبة صورة جر عربة البضائع بالإسكندرية، وجه الرئيس سؤالاً إلي وزير الإسكان الدكتور مصطفي مدبولي، عن أسباب التأخير في تسليم الشقة التي وعدها بها الرئيس، وقال: »إحنا بنقول كلام للناس ونعلن عنه وميحصلش ولا إيه؟». وخلال جلسة مناقشة قضايا الإسكان، طالب الرئيس السيسي، وزير الإسكان مصطفي مدبولي بسرعة تسليم الشقة الخاصة بمني السيد، وقال: »يعني طلعنا نقول قدام الناس سلمنا الشقة ومفيش»، ورد مدير جمعية الأورمان قائلًا، إن الشقة ستتسلم للفتاة خلال 48 ساعة، بينما أضاف وزير الإسكان مصطفي مدبولي، مؤكدًا أن الشقة ستكون جاهزة للتسليم يوم الاثنين المقبل. الطاقة وقاطع الرئيس عبدالفتاح السيسي، وزير البترول، قائلًا: »أنت بتبسط المسألة ليه؟ لازم الناس تعرف الحقيقة.. حجم العائد من استثمار الكهرباء مش بالمستوي المطلوب»، تابع: »الناس اللي مش بتدفع فاتورة الكهرباء المدعمة، بتعمل خسائر كبيرة جدًا، وتخلينا نستلف من البنوك لسد العجز، ولابد من تحصيل قيمة الخدمة الحقيقية من الوزارات المختلفة»، وأغلق الرئيس السيسي الباب أمام احتمالية تدخله لتعديل قانون الجمعيات الأهلية الذي وافق عليه مجلس النواب مؤخراً بقوله »القانون في مجلس الدولة الآن، ولا أستطيع التدخل فيه». وأكد الرئيس، أن الإجراءات التي يتخذها، لا يبالي فيها بردة فعل أي أحد سوي الشعب، وأن البعض هدفه إفشال الجهود فقط، مشددًا: »كل خوفي مش الإجراء.. ولكن كيف تشكل وعياً حقيقياً للمصريين يمنع أي حد يمرر لهم أي كلام»، أضاف: »فيه ناس بتتكلم عن المليون ونص مليون فدان، بيسألوا ليه عملهم؟، يعني اعمل زراعة ولا معملش؟، فيه كلام أقدر أقوله وكلام مقدرش أقوله، أكتر حاجة تقلقني، لا بره ولا جوه، بخاف علي تماسككم أنتم، فاهمين يعني إيه تحدي ويعني إيه مخاطر والله ما برمش من حد بره ولا جوه طول ما إحنا علي قلب واحد»، تابع: »أنا ما عنديش أي تحدي إلا الشعب المصري هو متماسك وقوي ولا إيه؟، بس طول ما المصريين علي قلب رجل واحد أنا ما بخافش من حد خالص». المكرمون كرم الرئيس عبد الفتاح السيسي، في ختام الحوار الأول للشباب، الملازم أول أحمد محمد عبداللطيف، عن بطولاته في مواجهات الجيش المصري بسيناء، والفنان عمرو مصطفي، خلال الجلسة الافتتاحية للحوار الشهري الأول للشباب، عن مجهوداته الفنية وتكريس جهوده في خدمة الأغنية الوطنية. كما كرّم عددًا من الشباب الموهوبين والمبدعين، منهم ميادة محمود عبدالرحيم، الحاصلة علي المركز الأول علي مستوي العالم في حفظ القرآن، وعمر سمرة، أول مصري رياضي يصعد إلي قمة جبل إيفرست، وممثلة جمعية »علشانك يا بلدي»، وحسين عادل فهمي، استشاري إدارة أعمال، والإعلامي الشاب أحمد فايق، مقدم برنامج »مصر تستطيع». كما سلم الرئيس عبد الفتاح السيسي، فتاة التروسيكل، مني السيد، جائزة الإبداع للشباب بشكل استثنائي، وصعد الرئيس إلي المسرح وسلم مني الجائزة، والتي عبرت في كلمات موجزة، عن امتنانها بعد تسلم الجائزة، وداعية بأن تستمر مصر في تطورها تحت قيادة السيسي. كلمة الختام طالب الرئيس السيسي، الحضور، في ختام الجلسة الختامية للحوار الشهري الأول للشباب، بالوقوف تحية للشعب المصري المثابر في هذه الظروف الصعبة، وقال: »هذه التحية كانت واجبة، لأنني مقدر جداً ما حدث الشهرين الماضيين، في ظل محاولات عرقلة مسيرة البلد، ومصر بتشكركم علي صبركم، وكتر خيركم يا مصريين». أضاف: »الشعب المصري رغم الظروف الصعبة، لديه كرامة وكبرياء بلا كبر، ولديه عزة وتواضع، ويارب لا تحوجنا لأحد سواك»، وتابع: »لا أذيع لكم سراً بأنني أكون في منتهي السعادة وأنا بين شباب مصر حاضرها ومستقبلها، وأؤكد لكم إننا حققنا مكتسبات كثيرة من المؤتمر الوطني للشباب الذي بدأ في شرم الشيخ». واختتم السيسي حديثه بقوله: »الحق أقول إن معاناة المصريين أمر لا يمكن تجاهله أو تغافله، لذا اتخذت الحكومة قرارات من شأنها التخفيف علي الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، ونخاطب الشعب المصري بأن الهدف من هذه الإجراءات أن نري وطننا عظيمًا. مصر الجديدة دولة مستقلة تحقق إرادتها السياسية النابعة من إرادة شعبها الحر».