مفاجأة لم تكن علي البال، أزمة جديدة تضاف للأزمات التي تضرب مصر في الوقت الحالي، فقد أعلنت الهيئة الأوروبية للأمن الغذائي عن الاشتباه في أن مصدر بكتيريا الإيكولاي القاتلة التي أودت بحياة 48 شخصا في ألمانيا وأصابت أكثر من ألف شخص، مصدرها بذور حلبة مستوردة من مصر. هذا الإعلان الخطير إذا لم يتم احتواؤه سريعاً وسيكون له آثاره السلبية علي الصادرات الزراعية المصرية. لذلك لم تتأخر وزارة الزراعة في نفي هذا الإعلان وتفنيد كل الادعاءات وتأكيد أن بذور الحلبة المصرية سليمة تمامأً وأنه لم يتم تسجيل أي حالة إصابة ببكتيريا إيكولاي في مصر. منذ فترة طويلة تسعي المراكز البحثية في أوروبا للعثور علي مصدر الميكروب القاتل، وقد ظهر العديد من الاتهامات المتضاربة بأن البكتيريا مصدرها الخيار الأسباني مما تسبب في خسائر كبري للقطاع الزراعي الأسباني وتقدمت أسبانيا بشكوي رسمية ضد ألمانيا بسبب ترويجها لأكاذيب دون دليل، وشكوك أخري حول ألمانياوفرنساوهولندا ولم يتأكد أي من هذه الافتراضات بعد. وكان آخر الاتهامات موجها لمصر. حيث أعلنت الهيئة الأوروبية للأمن الغذائي أنها تتعقب فرضية جديدة حول مصدر البكتيريا تقول إن أصلها يعود إلي بذور حلبة تم استيرادها من مصر منذ عامين. الحلبة – وفقاً للهيئة الأوروبية – استوردتها شركة أوروبية تدعي أجا سات في 2009 أو في 2010 ووردتها إلي مزرعة في جنوبألمانيا، وصدرت جزءا آخر إلي متجر في مدينة بوردو الفرنسية، وهو المكان الذي أعلن من خلاله الباحثون الفرضية المصرية. حيث أصيب في هذه المدينة 10أشخاص تناولوا الحلبة في حفل خيري في يونيو الماضي. وهذه الشكوك غير مؤكدة حتي الآن، لأنه لم يتم الإعلان ما إذا كانت البكتيريا التي أصابت الفرنسيين من نفس فصيلة إيكولاي O104;H4 التي أصابت الألمان. وهي سلالة نادرة جداً من المرض تم تسجيلها مرة واحدة في كوريا الجنوبية في 2005لكن هذه المرة البكتيريا أكثر قوة ومقاومة للمضادات الحيوية. كما أن هناك مصابا من العشرة قال إنه تناول الحلبة في عشاء عند أحد الأصدقاء ولم يتم التأكد بعد ما إذا كانت هذه الحلبة من نفس مصدر الحبوب التي تناولها المصابون الآخرون. وأعلنت السلطات السويدية عن حالة إصابة جديدة دون وضوح ما إذا كانت الإصابة لنفس السبب عند الحالات الألمانية والفرنسية. يقول جون فرنسوا شافير رئيس وحدة أبحاث البكتيريا المعوية في مؤسسة باستر الفرنسية "البكتيريا التي أصابت الحلبة، من الممكن أن يكون مصدرها مياها ملوثة أو عن طريق سماد عضوي فاسد، حتي الآن تم اكتشاف المصدر الأول للبكتيريا، لكنه غالباً تم انتقاله من إنسان، لأن البكتيريا تقاوم المضادات الحيوية مما يدل علي أنها خلقت نوعا من المقاومة ضدها. ومن المحتمل أن يكون عدد الحبوب المصابة عند استيرادها من مصر كان قليلا، لكنها تكاثرت في المزارع الأوروبية في درجات حرارة مناسبة. وحول إمكانية أن تعيش هذه البكتيريا كل هذه المدة أكد الباحث أنه من الطبيعي أن البكتيريا لاتعيش طويلاً لكن ربما هذه السلالة لها درجة مقاومة أعلي، كما أن البذور توفر للبكتيريا جواً أنسب للحياة لمدة أطول حيث تكون البكتيريا محمية من أشعة الشمس ومن العوامل الخارجية التي تؤدي إلي وفاتها.
وأكد الدكتور أحمد عبدالحميد أستاذ مساعد بقسم المراقبة الصحية علي الأغذية بطب بيطري أسيوط أن هذه الادعاءات كاذبة تماماً "الحلبة التي يتم تصديرها من مصر "جافة، كما أن الإيكولاي بكتيريا تعيش مدة قصيرة ولايمكن بأي حال من الأحوال أن تعيش كل هذه المدة في بذور الحلبة من 2009، هم يحاولون أن يلقوا الاتهامات علي الآخرين، ويتهربون من المسئولية. الإيكولاي بكتيريا، تتسبب فيها مياه ملوثة، مجاري، براز ملوث، ولو كانت هذه الإدعاءات سليمة، فمصر صدرت الحلبة وهناك تم استزراعها وبالتالي فالإصابة كانت هناك وليست هنا" وأضاف "الخطورة حاليا في تناقل الشائعات، لكن مادمنا نملك الحجة والدليل علي براءة محصول الحلبة المصري فقد يكون التأثير وقتيا فقط، ويجب علي مصر اتخاذ كافة الإجراءات لتبرئة ساحتها من هذه الادعاءات الباطلة." ومن ناحيتها نفت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي تماماً هذه الادعاءات الأوروبية، واعتبرت الوزارة أن هذه الأكاذيب من قبيل محاولة تلويث سمعة البذور المصرية. وأكد الدكتور صلاح يوسف رئيس قطاع الخدمات والمتابعة بوزارة الزراعة إن صادرات مصر من البذور تحظي بثقة جميع الدول التي يتم التصدير إليها "ما أثير من معلومات غير دقيق، حيث تردد وجود أكثر من مصدر لهذه البكتيريا في العديد من الدول مثل اسبانياوألمانيا، كما أن البذور التي تم تصديرها من مصر إلي ألمانيا -التي تقدر بنحو 25 طنا - تم تصديرها بصورة جافة وليست مستنبتة كما أشيع وقد تم تصدير حوالي 400 كيلو جرام منها من ألمانيا إلي انجلترا ، حيث تم تعبئتها بكميات مختلفة وفي أكثر من منطقة. كما أن فرنسا سبق أن أعلنت أن الشك في مصدر البكتيريا يأتي من أكثر من نوع من البذور من دول مختلفة، مؤكدا أن الفحص الزراعي في كل من ألمانياوانجلترا في غاية الدقة. وبالتالي كان من الصعب دخول صادرات مصابة من مصر إلي هذه الدول.
الدكتور علي سليمان رئيس الإدارة المركزية للحجر الزراعي بوزارة الزراعة رفض تماماً الاتهامات الأوروبية وقال إن الدكتور أيمن أبو حديد وزير الزراعة واستصلاح الأراضي تلقي خطابا من الاتحاد الأوروبي يؤكد أن الاختبارات العلمية البكتيرولوجية التي أجريت في أوروبا "لم تثبت إطلاقا صحة ذلك" وقال سليمان أن الوزارة استعلمت من الشركة التي صدرت الحلبة في 2009 وأكدت أنها صدرت هذه الحبوب إلي هولندا وأنها لم تصدر أي حبوب إلي ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وهو مايفند تماماً هذا الادعاء"