في عام 1828 اختار أندرو جاكسون، المرشح الديمقراطي لخوض سباق الرئاسة آنذاك، شعاراً مفاده "فلنترك الشعب يحكم"، فسخر منافسه الجمهوري جون آدامز كثيرا، ووصفه بأنه "شعبوي رخيص"، لم يهتز جاكسون جراء هذاالهجوم، بل وظفه لصالحه ومشي في طريقه حتي آخره، إذ اختار حمارا رمادي اللون جميل المظهر وألصق علي ظهره شعار حملته الانتخابية وقاده وسط القري والمدن المجاورة لمسكنه من أجل الدعاية لبرنامجه الانتخابي "الشعبوي" ضد منافسه الذي كان يظهر علي أنه نخبوي متعجرف منفصل عما يعيشه الناس. إلا أن الحمار لم يتحول إلي رمز سياسي للحزب الديمقراطي في عموم الولاياتالمتحدة، سوي في عام 1870، عندما عمد رسام الكاريكاتير توماس ناست الذي كان يعمل لحساب مجلة هاربر الأسبوعية إلي اختيار حمار أسود اللون "ثائر وعنيد ومتمرِّد" كرمز للحزب الديمقراطي يناطح فيلاً جمهورياً مذعوراً، ومنذ ذلك الحين أصبح الديمقراطيون يفخرون بحمارهم، بل ويدللونه عبر تنظيم مسابقات لرسم أفضل بورتريه للحمار الديمقراطي وإطلاق أفضل الشعارات السياسية التي يمكن أن ترافق صورته، وتحقق مبيعات القمصان والقبعات والنظارات الشمسية وعلاّقات المفاتيح وأقداح القهوة التي يُطبع عليها رسم الحمار الديمقراطي وهو في "مختلف الأوضاع" مئات الآلاف من الدولارات. أما الفيل الجمهوري فظهر خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 1860، حيث كانت الولاياتالمتحدة عبارة عن شبه قارة مقسمة بين الشمال والجنوب بسبب اختلاف الآراء حول قضية تحرير العبيد، وقرر أبراهام لينكولن خوض غمار الانتخابات في ذلك العام، بهدف توحيد البلاد. وظهر الفيل كشعار للحزب الجمهوري لأول مرة في دعاية سياسية مساندة للينكولن في هذه الانتخابات التي فاز بها فعلا، لكن الفيل لم يتحول إلي شعار سياسي للجمهوريين إلا عام 1870 عندما قام توماس ناست أيضاً بالتعبير عن تذمره مما وصفه بخروج الحزب الجمهوري عن قيمه الليبرالية واختصر الحزب في رسم كاريكاتوري لفيل ضخم مذعور يحطم كل ما يعترض طريقه، وكتب علي جسمه عبارة "الصوت الجمهوري"، ومنذ ذلك الحين تحول الفيل إلي شعار للحزب الجمهوري. وقال ناست إنه اختار الفيل الضخم للدلالة علي كثرة المال لدي الجمهوريين إضافة إلي صوتهم الانتخابي ذي الثقل الكبير، ويحظي الفيل الجمهوري باهتمام إعلامي بالغ في كل مناسبة سياسية في الولاياتالمتحدة وعلي رأسها الانتخابات الرئاسية، ويعتني الجمهوريون كثيرا بتلوينه وتحديد معالمه الضخمة في اللافتات الإعلانية الخاصة بالحزب، ويحرص الجمهوريون علي ارتداء القبعات الضخمة المطبوع علي مقدمتها صور الفيل الملون بالأحمر والأزرق خلال تجمعاتهم الخطابية. تاريخ الحزبين الحزب الجمهوري هو الأقدم في الولاياتالمتحدة حيث تأسس عام 1854 علي يد أبراهام لينكولن ويتبني القيم الدينية والاجتماعية المحافظة مثل حظر الإجهاض ورفض تقنين المخدرات كما يتبني النهج الرأسمالي في الاقتصاد، وخلافا للحزب الديمقراطي، فإن الحزب الجمهوري يرفض زيادة الضرائب ويدعو إلي تقليل الإنفاق الحكومي بدرجات مختلفة. أما الحزب الديمقراطي، فتعود أصوله إلي ما كان يسمي بالحزب الجمهوري - الديمقراطي، الذي تأسس عام 1792 علي يد توماس جيفرسون وجيمس ماديسون وغيرهم من معارضي النزعة الفيدرالية في السياسة الأمريكية، ثم تشكّل باسمه الحالي تحت قيادة الرئيس آندرو جاكسون، الذي ناصر مبادئ جيفرسون عند انقسام أعضاء الحزب في عهده (1829 - 1838). وعرف الحزب بعد ذلك بالفكر المحافظ وارتبط بحماية مؤسسة العبودية قبيل الحرب الأهلية الأمريكية التي نشبت عام 1862، وكانت له شعبية كبيرة في الجنوب امتدت من نهاية الحرب إلي السبعينيات من القرن العشرين في ظاهرة سُمِّيت بالجنوب الصلب، لكنه تحول جذرياً تحت قيادة الرئيس فرانكلين روزفلت عام 1932 فأصبح ممثلاً لتيارات الليبرالية ذات النزعة الاشتراكية، حيث أصبح مناصراً للنقابات العمالية والتدخل الحكومي في الاقتصاد، ومازال الحزب مرتبطاً بما يسمي بالأفكار التقدمية إلي اليوم.