إشادة برلمانية وحزبية بكلمة السيسي في ذكرى تحرير سيناء.. حددت ثوابت مصر تجاه القضية الفلسطينية.. ويؤكدون : رفض مخطط التهجير ..والقوات المسلحة جاهزة لحماية الأمن القومى    التوقيت الصيفي في مصر.. اعرف مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 26 - 4 - 2024    على مدار 3 أيام، ثبات سعر اليوان الصيني في البنك المركزي    أسعار اللحوم اليوم 26-4-2024 بعد انخفاضها بمحال الجزارة    الذهب يتجه عالمياً لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    لمناقشة إصلاح العدالة الجنائية، هاريس تستضيف كيم كارداشيان في البيت الأبيض    طيران الاحتلال يشن غارات على حزب الله في كفرشوبا    الطلاب المؤيدون ل غزة يواصلون اعتصامهم في جامعة كولومبيا الأمريكية|شاهد    فرنسا تهدد بعقوبات ضد المستوطنين المذنبين بارتكاب عنف في الضفة الغربية    عودة نيدفيد.. مصراوي يكشف تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة مازيمبي الكونغولي    «شرف ليا ولكن».. رمضان صبحي يكشف موقفه من الانضمام للأهلي أو الزمالك في الصيف (فيديو)    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 26- 4- 2024 والقنوات الناقلة    حالة الطقس المتوقعة غدًا السبت 27 أبريل 2024 | إنفوجراف    حكاية الإنتربول مع القضية 1820.. مأساة طفل شبرا وجريمة سرقة الأعضاء بتخطيط من مراهق    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    صحة القليوبية تنظم قافلة طبية بقرية الجبل الأصفر بالخانكة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    أبناء أشرف عبدالغفور الثلاثة يوجهون رسالة لوالدهم في تكريمه    166.7 مليار جنيه فاتورة السلع والخدمات في العام المالي الجديد    أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية جديدة بمليارات الدولارات إلى كييف    "تايمز أوف إسرائيل": تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن 40 رهينة    قوات الاحتلال تعتقل شقيقين فلسطينيين بعد اقتحام منزلهما في المنطقة الجنوبية بالخليل    الأسعار كلها ارتفعت إلا المخدرات.. أستاذ سموم يحذر من مخدر الأيس: يدمر 10 أسر    أعضاء من مجلس الشيوخ صوتوا لحظر «تيك توك» ولديهم حسابات عليه    بعد سد النهضة.. أستاذ موارد مائية يكشف حجم الأمطار المتدفقة على منابع النيل    أبرزهم رانيا يوسف وحمزة العيلي وياسمينا العبد.. نجوم الفن في حفل افتتاح مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير (صور)    مبادرة مقاطعة الأسماك: التجار حاولوا لي ذراع المواطنين فقرر الأهالي المقاطعة    القومي للأجور: جميع شركات القطاع الخاص ملزمة بتطبيق الحد الأدنى    وزير الخارجية الصيني يلتقي بلينكن في العاصمة بكين    أنغام تبدع في غنائها "أكتبلك تعهد" باحتفالية عيد تحرير سيناء بالعاصمة الإدارية (فيديو)    «الإفتاء» تعلن موعد صلاة الفجر بعد تغيير التوقيت الصيفي    أذكار وأدعية ليلة الجمعة.. اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الجمعة 26 أبريل 2024    مع بداية التوقيت الصيفي.. الصحة توجه منشور توعوي للمواطنين    جدعنة أهالي «المنيا» تنقذ «محمود» من خسارة شقى عمره: 8 سنين تعب    خالد جلال يكشف تشكيل الأهلي المثالي أمام مازيمبي    الإنترنت المظلم، قصة ال"دارك ويب" في جريمة طفل شبرا وسر رصد ملايين الجنيهات لقتله    إعلان نتيجة مسابقة المعلمة القدوة بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    هيئة الغذاء والدواء بالمملكة: إلزام منتجات سعودية بهذا الاسم    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميًّا    تشرفت بالمشاركة .. كريم فهمي يروج لفيلم السرب    سيد معوض يكشف عن مفاجأة في تشكيل الأهلي أمام مازيمبي    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الجمعة 26/4/2024 على الصعيد المهني والعاطفي والصحي    «زي النهارده».. استقالة الشيخ محمد الأحمدي الظواهري من مشيخة الأزهر 26 أبريل 1935    يونيو المقبل.. 21364 دارسًا يؤدون اختبارات نهاية المستوى برواق العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر    سيد معوض يكشف عن رؤيته لمباراة الأهلي ومازيمبي الكونغولي.. ويتوقع تشكيلة كولر    "مواجهات مصرية".. ملوك اللعبة يسيطرون على نهائي بطولة الجونة للاسكواش رجال وسيدات    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    الشروق تكشف قائمة الأهلي لمواجهة مازيمبي    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    الأقصر.. ضبط عاطل هارب من تنفيذ 35 سنة سجنًا في 19 قضية تبديد    هل تتغير مواعيد تناول الأدوية مع تطبيق التوقيت الصيفي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



02عاما علي رحيله أسرار في حياة الموسيقار
عبدالوهاب.. حكايات المرأة والحب والزواج
نشر في آخر ساعة يوم 14 - 06 - 2011

الوجه بيضاوي في استطالة، أشبه بحبة المانجو التيمور المكتنزة بالدم الوردي. جبهة كرأس الجزرة يعلوها شعر ناحل يأخذ شكل الهلب، كأنما الحلاق البارع رسمه بسن القلم الفحم. أنف طويل نافر عريض المنخرين يفصل بين عينين حالمتين في تطلع ناعس سهتان، تطل منهما نظرة ذكية شيقة مفتونة.. الفم شهواني واسع مضموم الشفتين علي أسرار لا حصر لها.. ضمة تشي بالكياسة والمكر وحب الصمت برغبة دائمة في الشراء لا البيع!.. رغبة في أن يعرف ويعرف إلي ما لا نهاية. ملامح غنية، رحبة كأبهاء البيوت القديمة، كالدواوير والمناور الريفية، كصحون الجوامع.. ملامح فيها كهانة ونعومة وأريحية وانبساط وولع بالحياة وبكل المتع. هكذا وصفه الأديب اللامع خيري شلبي. تلك هي صورة الموسيقار محمد عبدالوهاب في زمن »الوردة البيضاء« وما بعده، أي في الأربعينيات من القرن الماضي.. وقد استطاع أن يحافظ علي هذه الصورة ويحتفظ بها حتي وهو علي مشارف التسعين. في حياة الموسيقار الراحل.. الذي يمر علي رحيله هذه الأيام عشرون عاما.. أسرار كثيرة.. وهذه السطور تقلب في علاقة عبدالوهاب الحميمية بالمرأة.. الحب والجنس والزواج في حياة موسيقار الأجيال.
هو ابن برج الحوت الذي اختلفت الآراء حول تاريخ ميلاده فالبعض قائل هو 31 مارس 7981، وهناك من يؤكد أنه 1091 أو 3091، أما جواز سفره فقد كان مدونا فيه أنه من مواليد 31 مارس 0191.
ومن الثابت أنه عمل مدرسا للموسيقي والأناشيد في الفترة من 5291 إلي 8291 ويشهد علي ذلك تلاميذه وهم صبيته ومنهم إحسان عبد القدوس ومصطفي أمين وصالح جودت وعلي أمين.. فهل كان مدرسا وعمره 51 سنة فقط إذا ما أخذنا بتاريخ الميلاد المسجل في جواز السفر.
وجاء في حديث لمنيرة المهدية أن عبد الوهاب حينما مثل أمامها دور »مارك أنطونيو« عام 7291 كان عمره خمسة وعشرين عاما.. ومازال هذا الخلاف قائما حول تاريخ ميلاده: هل هو 31 مارس من العام 1091 أو عام 2091 أو عام 0191، ويبدو أن عبد الوهاب لم يحسم هذه النقطة متعمدا، وإن كان عام 2091 يظل أرجح الآراء حول مولده، وهو ما تؤكده شهادة منيرة المهدية.
إن تاريخ ميلاد عبد الوهاب كان وسيظل دائما محل خلاف بين الكثيرين، بل إنه بالفعل يمثل لغزا غامضا.
لكن المؤكد أن عبدالوهاب رحل في الثالث من شهر مايو من عام 1991، وشيعت جنازته ظهر يوم الثلاثاء الخامس من مايو إلي مثواه الأخير بجنازة عسكرية تقديرا من الدولة للفن ولشخص محمد عبدالوهاب الرائد العظيم .. حامل قلادة النيل.
موسيقار الأجيال
كان اللقب الذي اشتهر به الفنان محمد عبد الوهاب هو »مطرب الملوك والأمراء«.. وبعد ثورة 2591 عز علي الناس تهميش فنان الملوك والأمراء فأطلقوا عليه لقب »فنان الشعب«.. وشاء الله أن يمد في عمره إلي الشيخوخة دون أن تهتز قيادته للفن ومكانته الأولي فيه فأطلق الذين أحبوه عليه لقب »موسيقار الأجيال«.. والحقيقة أن فنان القرن العشرين سحر بفنه وإبداعه كل أجيال هذا القرن من المصريين والعرب علي السواء.. وأسهم في صنع تطور الفكر المصري والإبداع علي مدي سنوات القرن العشرين.
لقد ولد عبد الوهاب في العقد الأول من القرن العشرين، ورحل عنا في عقده الأخير، فكأنه عايش كل الأحداث السياسية والاجتماعية والفكرية لهذا القرن العشرين.
ولم يكن عمرو موسي مبالغا ولا متجاوزا عندما قال وكان وقتها سفيرا لمصر لدي الأمم المتحدة: »محمد عبد الوهاب من أعظم من أنجبتهم مصر في عصرها الحديث فهو نتاج انطلاقتها الثقافية والحضارية وتاريخها الضارب في القدم، وهو تاريخ غني ثري يجمع كل تيارات الشرق والغرب وهكذا كان عبدالوهاب فهو يطاول في شموخه أحمد شوقي أمير الشعراء، وأم كلثوم أميرة الطرب، وحافظ إبراهيم شاعر النيل، وطه حسين عميد الأدب«.
وإذا كانت السعادة تنهض علي عدة أجنحة مثل الفن والحب والشهرة والصحة فإن عبد الوهاب كان أسعد رجل في العالم، فهو عاش في صحة جيدة حتي شبع من الأيام كما تقول التوراة عن سيدنا نوح، وتمتع بالشهرة طوال 07 عاما تقريبا من عمره المديد، كما أنه حظي بلذة العشق فأحب وتزوج ثلاث مرات.. أما زينة الحياة الدنيا »المال والبنون« فقد رزق من الأولي بغير حساب، وأنجب من الثانية خمسة أبناء هم: محمد وأحمد وعائشة وعفت وعصمت.
وحتي الآن لم يتمكن أحد من رصد وحصد وجمع تراث عبد الوهاب كله، لأن هذا التراث الذي يزيد علي 07 عاما موزع بين أغنياته ومواويله وألحانه لنفسه ولغيره، ومقطوعاته الموسيقية وأفلامه وأحاديثه الإذاعية والتليفزيونية وموسيقاه التصويرية وألحانه للأناشيد القومية لبعض البلدان العربية.. وغير ذلك.
لقد كان عبد الوهاب غزير الإنتاج.. ووفقا لما ذكرته صحيفة »لوكوتيديان دي باري« الفرنسية عقب رحيله فإن عبدالوهاب قام بغناء وتلحين 0081 عمل، لنفسه ولغيره، منها 86 أغنية وطنية، كما أنه قدم للإذاعة مسلسلا واحدا هو »شيء من العذاب«.. أما أشهر من غنوا ألحانه فهم: عبد الحليم حافظ وأم كلثوم وليلي مراد وفايزة أحمد ونجاة وصباح وفيروز ووردة ومحمد عبدالمطلب وشكوكو وإسماعيل ياسين وغيرهم.
أوراقه الخاصة
وقد ترك الموسيقار محمد عبد الوهاب وراءه قصاصات قصيرة وأوراقا عديدة كان يسجل عليها آراءه ويكتب فيها أفكاره حول الحب والجنس والمرأة والحياة والسياسة والموسيقي والذين عرفهم من كتاب وأدباء وشعراء وصحفيين وفنانين وملحنين ومطربين ومطربات وموسيقيين وسياسيين.. هذه الأوراق تكشف عن جوانب شتي من فكر وثقافة رؤي الموسيقار الراحل الباقي وتقدمه للأجيال التالية صاحب فكر ونظر للحياة والكون والعالم والبشر.
وربما في السطور التالية يتكشف للقارئ جانب خفي من حياة عبدالوهاب الخاصة.. جانب يتعلق بالمرأة.. والحب والجنس .. وزوجاته الثلاث.. إنه جانب حرص عبدالوهاب في حياته أن يظل في جانب الأسرار.
وفي هذه السطور يكشف عبدالوهاب كثيرا من الأسرار، بل ويقدم كثيرا من المفاجآت.. فلنستمع إليه يقول:
المرأة تحب الفنان.. لأن المرأة تحب اقتناء الشيء الغالي الثمين.. والفنان شيء غال وثمين.
وتحب المرأة اقتناء الشيء الذي لايكون عند غيرها.. أو أنها تقتني الشيء الذي تستحوذ عليه وتنتزعه من الناس ويكون لها وحدها. وتعتبر ذلك نصرا بالنسبة لها.. إنه تكريم لجمالها وأنوثتها.
والشيء الآخر وهو المهم أن الفنان فيه عنصران متناقضان: فيه الروح بأسمي ماتكون فيها المشاعر من الإحساس والأحلام والخيال والحب الحراق.. وفي الوقت ذاته فيه المادة الصارخة.
إنه يعيش الروح بأسمي ما فيها ويحلق بها إلي السماء، ويعيش المادة بأحط ما فيها علي الأرض.. عنصران قل أن يوجدا في شخص واحد.. والمرأة لاتستغني عن أحدهما.. فالمرأة تحب الحب وتحب العاطفة وتحب الأحلام وتحب أيضا الجنس بشراهة.. إنها الدنيا بروحها السامية وبمادتها الهابطة. والفنان فيه الروح بقدر صارخ.. وفيه من المادة نفس القدر أيضا.
والمرأة تحب أن تنعم بالعاطفة الرقيقة الحالمة فإن فيها الحب الذي لايمكنها الاستغناء عنه وتحب أن تستمتع بجسدها ففيه الارتواء الممتع.
المرأة عاطفية تحب الحب.. تحب الخيال.. تحب البكاء والحزن.. وهي كأنثي تستقبل المتعة الجنسية صافية.. تحب لجسدها الارتواء العاصف والدائم والمتوحش.
حب مبكر جدا
ويضيف عبد الوهاب: لو مشيت وراء منطق جسدي لكنت هلكت.. أول مرة خفق قلبي للحب كان عمري تسع سنوات، كان حبا خطيرا.. كانت سيدة عمرها 52 سنة! أكبر مني بستة عشر عاما، كانت تسكن بجوارنا في حي الشعراني وكان زوجها كاتب وقف المسجد.. كانت اسمها خديجة.. سيدة رائعة الجمال، طويلة سمراء.. عيناها واسعتان، لا أزال أذكر أسنانها البيضاء.. ابتسامتها الحلوة المنورة عندما تضحك.. كنت أري نورا ينبعث من شفتيها من شدة بياض أسنانها وجمالها، وكانت تحب صوتي، وكانت تطلب مني أن أغني لها »عذبيني فمهجتي في يديك« فكانت تحتضني وتنظر إلي عيني نظرة ساحرة فأذوب بين يديها وأحس بمتعة وهناء غريبين وإذا بزوجها يغار مني ويطردني ويمنعني من دخول البيت ويضربني.. ولم يكتف الزوج بذلك فأبلغ أخي الشيخ حسن فانهال علي ضربا، ولكن هذا الضرب لم يشفني من الحب .. بقيت أحبها ولا ألقاها، وأغني لها ولا ألقاها إلي أن التقيت بزينب.. كنت التقي بأصدقائي في منزل واحد منهم بالحلمية، كان يسكن بيتا فخما، وكنت أغني لهم، وسمعتني زينب فأعجبت بي، ورأيتها فهمت بها غراما، والتقيت بها في حوش البيت وأعطتني منديلا، وبقي المنديل معي 51 سنة، أشمه فأجد في عطره رائحة حب حقيقي، لحنت عدة أغاني حب والمنديل في يدي كان المنديل يوحي لي بالنغم، كنت أري فيه صورتها، أشم فيه رائحتها ورائحة الحب.. سافر أخو زينب في بعثة في لندن فانقطعت زيارتي لبيت حبيبتي، ومرت سنوات ورأيتها في قطار الإسكندرية في سنة 8291 وكنت أصبحت عبد الوهاب المشهور الذي غني » يا جارة الوادي« و»مريت علي بيت الحبايب« وأحسست بشعور غريب، أحسست بذكري حزينة مؤلمة ولكنها لذيذة.. عجيب أن تجتمع اللذة بالألم، أحسست بمتعة وبلذة الذكري وبألم الفراق في وقت واحد، سألتها: أزيك يازينب؟ وعملت إيه؟
وجدتها ست بيت، متزوجة، سيدة سمينة، معها طفل.. هذا المنظر قضي علي إحساسي الأول، رأيت شيئا آخر، وليست هذه زينب التي عشت أحبها وأحلم بها وألحن علي صورتها، تجاهلت صورتها الأخيرة، وبقيت في خيالي صورتها الأولي.. زينب فتاة الحلمية، صاحبة المنديل.
خديجة هانم بنت الأكابر
في عام 3391 قدم عبدالوهاب أول أفلامه السينمائية، وهو فيلم »الوردة البيضاء«.. وقد ذاع عقب عرض الفيلم أن القصة قصة حقيقية وقعت لبطل الرواية »عبدالوهاب«، وأنها تمثل صفحة من تاريخ حياته، وأن »سميرة« الوردة البيضاء ليست إلا السيدة خديجة هانم كريمة صاحب العزة حامد بك العلايلي..
ويذكر عبدالوهاب في أوراقه الخاصة بعض تفاصيل هذا الحب الذي لم يكتب له النجاح.. يقول: »عرفتها في بيت أسرتها وهي أسرة كبيرة كان حبا خطرا مجنونا! كنا لا نتكلم وإنما نتبادل النظرات لم أجرؤ أن ألمس يدها، لم أجرؤ أن أقول لها أحبك، لم أكن أستطيع أن أجلس إلي جوارها، وأنفرد بها، كانت من أسرة شوقي أمير الشعراء، وكانت مهابة شوقي وعظمته تقف بيني وبينها، وكان شوقي يحبها ويدللها، ولم أجرؤ أن أطلب يدها منه، كان شوقي بالنسبة لي ملكا، ولم يخطر ببالي أن أتزوج ابنة الملك!.
ومات شوقي، ولم أعرف بنبأ وفاته إلا في القطار الذي كان يحملني من الإسكندرية إلي القاهرة، كان ذلك في محطة بنها، ونزلت من القطار عند وصولي القاهرة وذهبت مباشرة إلي بيت شوقي ووجدت الدنيا مقلوبة وسرادق المأتم ينصب، ودخلت البيت من باب المطبخ.. وما كدت أخطو بعض خطوات داخل البيت حتي رأيت الفتاة التي أحبها تبكي، وما إن رأتني حتي عانقتني وقبلتني.. كانت مفاجأة أذهلتني أن أقبل حبيبتي يوم وفاة رب نعمتي، كان موقفا خطيرا ودقيقا وتمالكت نفسي عندما اجتمع أسوأ وأسعد يوم في حياتي في لحظة واحدة!.. وأردت أن أبتعد عنها فقالت لي: »اتركني أقبلك لأن شوقي كان يحبك«.
وانقطعت عن زيارة البيت، وتزوجت الفتاة بابن رئيس الوزراء، وإذا برئيس الوزراء يدعوني إلي الفرح لأغني فيه، وذهبت وغنيت في زفاف الفتاة التي تمنيت أن تكون زوجتي، كان قلبي يتمزق وأنا أغني لها، وكان أكثر ما يؤلمني أنني أحاول أن أتظاهر بالفرح وقلبي يبكي.. وبعد سنتين قررت تمثيل فيلم »الوردة البيضاء« ووضعت فيه قصتي مع الفتاة التي أحببتها.. وفي هذا الفيلم عدة مواقف تنطبق علي قصتي مع الفتاة، كانت أغنية »يالوعتي ياشقايا ياضني حالي«.. تنطبق علي عذابي وتعاستي وشقائي في هذا الهوي المجنون.. وكانت أغنية »ياوردة الحب الصافي« مستوحاة من أحداث حبي عندما كنت أجلس في حديقة دار هذه الأسرة، وتجيء فتاتي وتنزع وردة وتقدمها لي بغير أن تقول كلمة، وكنت أحتفظ بالوردة وأشمها وأقبلها إلي أن تجيء لي الفتاة بوردة أخري.. وكانت أغنية »ضحيت غرامي علشان هناكي« ترسم صورة صادقة لمشاعري وأنا أتنحي عن الفتاة التي أحببتها حبا يقرب من العبادة لتتزوج ابن رئيس الوزراء! وقد توهمت يومها أن ابن رئيس الوزراء يستطيع أن يسعدها أكثر مما يسعدها موسيقار شاب، وكنت مخطئا في تقديري فإن الزواج فشل بعد سنوات وتزوجت الفتاة مرة ثانية وثالثة!.
حكاية الملك.. وليلي مراد
ذات مرة سأل الكاتب الكبير مصطفي أمين صديقه الموسيقار محمد عبدالوهاب: ألم تحب ممثلة من الممثلات اللاتي ظهرن معك في أفلامك؟ نجاة الكبيرة أو راقية إبراهيم أو سميرة خلوصي أو ليلي مراد أو غيرهن؟
قال عبدالوهاب: لا.. ولا واحدة!.. ولكن حدث أن ليلي مراد قالت لي إن الملك فاروق رآها في استراحة مصر الجديدة وقال لها: أنت تحبين عبدالوهاب! فقالت ليلي: يامولانا أنا أحب فنه! قال فاروق: لا أنا واثق أنك تحبينه.. وسوف أخلص عليه!.
وأشار فاروق إشارة معناها أنه سيقتلني!
وفزعت.. أصبت بالرعب، ذهبت إلي صديقي عبدالحميد عبدالحق وزير الشئون الاجتماعية ورويت له ما قالت ليلي مراد.. قال لي عبدالحميد: نهارك أسود! والله يعملها!
قلت له: أنا في عرضك! أعمل إيه؟ قال عبدالحميد: لازم تهرب.. سافر! قلت: كيف أسافر إنه يستطيع أن يتخلص مني في ساعة! قال: »اركب سيارتي واذهب عندي في بلدي أبوقرقاص واختفي هناك.. وتأكد أن فاروق سوف ينساك!«
وركبت السيارة وأمضيت في أبوقرقاص عشرين يوما مختفيا في بيت عبدالحميد عبدالحق!
هو ابن برج الحوت الذي اختلفت الآراء حول تاريخ ميلاده فالبعض قائل هو 31 مارس 7981، وهناك من يؤكد أنه 1091 أو 3091، أما جواز سفره فقد كان مدونا فيه أنه من مواليد 31 مارس 0191.
ومن الثابت أنه عمل مدرسا للموسيقي والأناشيد في الفترة من 5291 إلي 8291 ويشهد علي ذلك تلاميذه وهم صبيته ومنهم إحسان عبد القدوس ومصطفي أمين وصالح جودت وعلي أمين.. فهل كان مدرسا وعمره 51 سنة فقط إذا ما أخذنا بتاريخ الميلاد المسجل في جواز السفر.
وجاء في حديث لمنيرة المهدية أن عبد الوهاب حينما مثل أمامها دور »مارك أنطونيو« عام 7291 كان عمره خمسة وعشرين عاما.. ومازال هذا الخلاف قائما حول تاريخ ميلاده: هل هو 31 مارس من العام 1091 أو عام 2091 أو عام 0191، ويبدو أن عبد الوهاب لم يحسم هذه النقطة متعمدا، وإن كان عام 2091 يظل أرجح الآراء حول مولده، وهو ما تؤكده شهادة منيرة المهدية.
إن تاريخ ميلاد عبد الوهاب كان وسيظل دائما محل خلاف بين الكثيرين، بل إنه بالفعل يمثل لغزا غامضا.
لكن المؤكد أن عبدالوهاب رحل في الثالث من شهر مايو من عام 1991، وشيعت جنازته ظهر يوم الثلاثاء الخامس من مايو إلي مثواه الأخير بجنازة عسكرية تقديرا من الدولة للفن ولشخص محمد عبدالوهاب الرائد العظيم .. حامل قلادة النيل.
موسيقار الأجيال
كان اللقب الذي اشتهر به الفنان محمد عبد الوهاب هو »مطرب الملوك والأمراء«.. وبعد ثورة 2591 عز علي الناس تهميش فنان الملوك والأمراء فأطلقوا عليه لقب »فنان الشعب«.. وشاء الله أن يمد في عمره إلي الشيخوخة دون أن تهتز قيادته للفن ومكانته الأولي فيه فأطلق الذين أحبوه عليه لقب »موسيقار الأجيال«.. والحقيقة أن فنان القرن العشرين سحر بفنه وإبداعه كل أجيال هذا القرن من المصريين والعرب علي السواء.. وأسهم في صنع تطور الفكر المصري والإبداع علي مدي سنوات القرن العشرين.
لقد ولد عبد الوهاب في العقد الأول من القرن العشرين، ورحل عنا في عقده الأخير، فكأنه عايش كل الأحداث السياسية والاجتماعية والفكرية لهذا القرن العشرين.
ولم يكن عمرو موسي مبالغا ولا متجاوزا عندما قال وكان وقتها سفيرا لمصر لدي الأمم المتحدة: »محمد عبد الوهاب من أعظم من أنجبتهم مصر في عصرها الحديث فهو نتاج انطلاقتها الثقافية والحضارية وتاريخها الضارب في القدم، وهو تاريخ غني ثري يجمع كل تيارات الشرق والغرب وهكذا كان عبدالوهاب فهو يطاول في شموخه أحمد شوقي أمير الشعراء، وأم كلثوم أميرة الطرب، وحافظ إبراهيم شاعر النيل، وطه حسين عميد الأدب«.
وإذا كانت السعادة تنهض علي عدة أجنحة مثل الفن والحب والشهرة والصحة فإن عبد الوهاب كان أسعد رجل في العالم، فهو عاش في صحة جيدة حتي شبع من الأيام كما تقول التوراة عن سيدنا نوح، وتمتع بالشهرة طوال 07 عاما تقريبا من عمره المديد، كما أنه حظي بلذة العشق فأحب وتزوج ثلاث مرات.. أما زينة الحياة الدنيا »المال والبنون« فقد رزق من الأولي بغير حساب، وأنجب من الثانية خمسة أبناء هم: محمد وأحمد وعائشة وعفت وعصمت.
وحتي الآن لم يتمكن أحد من رصد وحصد وجمع تراث عبد الوهاب كله، لأن هذا التراث الذي يزيد علي 07 عاما موزع بين أغنياته ومواويله وألحانه لنفسه ولغيره، ومقطوعاته الموسيقية وأفلامه وأحاديثه الإذاعية والتليفزيونية وموسيقاه التصويرية وألحانه للأناشيد القومية لبعض البلدان العربية.. وغير ذلك.
لقد كان عبد الوهاب غزير الإنتاج.. ووفقا لما ذكرته صحيفة »لوكوتيديان دي باري« الفرنسية عقب رحيله فإن عبدالوهاب قام بغناء وتلحين 0081 عمل، لنفسه ولغيره، منها 86 أغنية وطنية، كما أنه قدم للإذاعة مسلسلا واحدا هو »شيء من العذاب«.. أما أشهر من غنوا ألحانه فهم: عبد الحليم حافظ وأم كلثوم وليلي مراد وفايزة أحمد ونجاة وصباح وفيروز ووردة ومحمد عبدالمطلب وشكوكو وإسماعيل ياسين وغيرهم.
أوراقه الخاصة
وقد ترك الموسيقار محمد عبد الوهاب وراءه قصاصات قصيرة وأوراقا عديدة كان يسجل عليها آراءه ويكتب فيها أفكاره حول الحب والجنس والمرأة والحياة والسياسة والموسيقي والذين عرفهم من كتاب وأدباء وشعراء وصحفيين وفنانين وملحنين ومطربين ومطربات وموسيقيين وسياسيين.. هذه الأوراق تكشف عن جوانب شتي من فكر وثقافة رؤي الموسيقار الراحل الباقي وتقدمه للأجيال التالية صاحب فكر ونظر للحياة والكون والعالم والبشر.
وربما في السطور التالية يتكشف للقارئ جانب خفي من حياة عبدالوهاب الخاصة.. جانب يتعلق بالمرأة.. والحب والجنس .. وزوجاته الثلاث.. إنه جانب حرص عبدالوهاب في حياته أن يظل في جانب الأسرار.
وفي هذه السطور يكشف عبدالوهاب كثيرا من الأسرار، بل ويقدم كثيرا من المفاجآت.. فلنستمع إليه يقول:
المرأة تحب الفنان.. لأن المرأة تحب اقتناء الشيء الغالي الثمين.. والفنان شيء غال وثمين.
وتحب المرأة اقتناء الشيء الذي لايكون عند غيرها.. أو أنها تقتني الشيء الذي تستحوذ عليه وتنتزعه من الناس ويكون لها وحدها. وتعتبر ذلك نصرا بالنسبة لها.. إنه تكريم لجمالها وأنوثتها.
والشيء الآخر وهو المهم أن الفنان فيه عنصران متناقضان: فيه الروح بأسمي ماتكون فيها المشاعر من الإحساس والأحلام والخيال والحب الحراق.. وفي الوقت ذاته فيه المادة الصارخة.
إنه يعيش الروح بأسمي ما فيها ويحلق بها إلي السماء، ويعيش المادة بأحط ما فيها علي الأرض.. عنصران قل أن يوجدا في شخص واحد.. والمرأة لاتستغني عن أحدهما.. فالمرأة تحب الحب وتحب العاطفة وتحب الأحلام وتحب أيضا الجنس بشراهة.. إنها الدنيا بروحها السامية وبمادتها الهابطة. والفنان فيه الروح بقدر صارخ.. وفيه من المادة نفس القدر أيضا.
والمرأة تحب أن تنعم بالعاطفة الرقيقة الحالمة فإن فيها الحب الذي لايمكنها الاستغناء عنه وتحب أن تستمتع بجسدها ففيه الارتواء الممتع.
المرأة عاطفية تحب الحب.. تحب الخيال.. تحب البكاء والحزن.. وهي كأنثي تستقبل المتعة الجنسية صافية.. تحب لجسدها الارتواء العاصف والدائم والمتوحش.
حب مبكر جدا
ويضيف عبد الوهاب: لو مشيت وراء منطق جسدي لكنت هلكت.. أول مرة خفق قلبي للحب كان عمري تسع سنوات، كان حبا خطيرا.. كانت سيدة عمرها 52 سنة! أكبر مني بستة عشر عاما، كانت تسكن بجوارنا في حي الشعراني وكان زوجها كاتب وقف المسجد.. كانت اسمها خديجة.. سيدة رائعة الجمال، طويلة سمراء.. عيناها واسعتان، لا أزال أذكر أسنانها البيضاء.. ابتسامتها الحلوة المنورة عندما تضحك.. كنت أري نورا ينبعث من شفتيها من شدة بياض أسنانها وجمالها، وكانت تحب صوتي، وكانت تطلب مني أن أغني لها »عذبيني فمهجتي في يديك« فكانت تحتضني وتنظر إلي عيني نظرة ساحرة فأذوب بين يديها وأحس بمتعة وهناء غريبين وإذا بزوجها يغار مني ويطردني ويمنعني من دخول البيت ويضربني.. ولم يكتف الزوج بذلك فأبلغ أخي الشيخ حسن فانهال علي ضربا، ولكن هذا الضرب لم يشفني من الحب .. بقيت أحبها ولا ألقاها، وأغني لها ولا ألقاها إلي أن التقيت بزينب.. كنت التقي بأصدقائي في منزل واحد منهم بالحلمية، كان يسكن بيتا فخما، وكنت أغني لهم، وسمعتني زينب فأعجبت بي، ورأيتها فهمت بها غراما، والتقيت بها في حوش البيت وأعطتني منديلا، وبقي المنديل معي 51 سنة، أشمه فأجد في عطره رائحة حب حقيقي، لحنت عدة أغاني حب والمنديل في يدي كان المنديل يوحي لي بالنغم، كنت أري فيه صورتها، أشم فيه رائحتها ورائحة الحب.. سافر أخو زينب في بعثة في لندن فانقطعت زيارتي لبيت حبيبتي، ومرت سنوات ورأيتها في قطار الإسكندرية في سنة 8291 وكنت أصبحت عبد الوهاب المشهور الذي غني » يا جارة الوادي« و»مريت علي بيت الحبايب« وأحسست بشعور غريب، أحسست بذكري حزينة مؤلمة ولكنها لذيذة.. عجيب أن تجتمع اللذة بالألم، أحسست بمتعة وبلذة الذكري وبألم الفراق في وقت واحد، سألتها: أزيك يازينب؟ وعملت إيه؟
وجدتها ست بيت، متزوجة، سيدة سمينة، معها طفل.. هذا المنظر قضي علي إحساسي الأول، رأيت شيئا آخر، وليست هذه زينب التي عشت أحبها وأحلم بها وألحن علي صورتها، تجاهلت صورتها الأخيرة، وبقيت في خيالي صورتها الأولي.. زينب فتاة الحلمية، صاحبة المنديل.
خديجة هانم بنت الأكابر
في عام 3391 قدم عبدالوهاب أول أفلامه السينمائية، وهو فيلم »الوردة البيضاء«.. وقد ذاع عقب عرض الفيلم أن القصة قصة حقيقية وقعت لبطل الرواية »عبدالوهاب«، وأنها تمثل صفحة من تاريخ حياته، وأن »سميرة« الوردة البيضاء ليست إلا السيدة خديجة هانم كريمة صاحب العزة حامد بك العلايلي..
ويذكر عبدالوهاب في أوراقه الخاصة بعض تفاصيل هذا الحب الذي لم يكتب له النجاح.. يقول: »عرفتها في بيت أسرتها وهي أسرة كبيرة كان حبا خطرا مجنونا! كنا لا نتكلم وإنما نتبادل النظرات لم أجرؤ أن ألمس يدها، لم أجرؤ أن أقول لها أحبك، لم أكن أستطيع أن أجلس إلي جوارها، وأنفرد بها، كانت من أسرة شوقي أمير الشعراء، وكانت مهابة شوقي وعظمته تقف بيني وبينها، وكان شوقي يحبها ويدللها، ولم أجرؤ أن أطلب يدها منه، كان شوقي بالنسبة لي ملكا، ولم يخطر ببالي أن أتزوج ابنة الملك!.
ومات شوقي، ولم أعرف بنبأ وفاته إلا في القطار الذي كان يحملني من الإسكندرية إلي القاهرة، كان ذلك في محطة بنها، ونزلت من القطار عند وصولي القاهرة وذهبت مباشرة إلي بيت شوقي ووجدت الدنيا مقلوبة وسرادق المأتم ينصب، ودخلت البيت من باب المطبخ.. وما كدت أخطو بعض خطوات داخل البيت حتي رأيت الفتاة التي أحبها تبكي، وما إن رأتني حتي عانقتني وقبلتني.. كانت مفاجأة أذهلتني أن أقبل حبيبتي يوم وفاة رب نعمتي، كان موقفا خطيرا ودقيقا وتمالكت نفسي عندما اجتمع أسوأ وأسعد يوم في حياتي في لحظة واحدة!.. وأردت أن أبتعد عنها فقالت لي: »اتركني أقبلك لأن شوقي كان يحبك«.
وانقطعت عن زيارة البيت، وتزوجت الفتاة بابن رئيس الوزراء، وإذا برئيس الوزراء يدعوني إلي الفرح لأغني فيه، وذهبت وغنيت في زفاف الفتاة التي تمنيت أن تكون زوجتي، كان قلبي يتمزق وأنا أغني لها، وكان أكثر ما يؤلمني أنني أحاول أن أتظاهر بالفرح وقلبي يبكي.. وبعد سنتين قررت تمثيل فيلم »الوردة البيضاء« ووضعت فيه قصتي مع الفتاة التي أحببتها.. وفي هذا الفيلم عدة مواقف تنطبق علي قصتي مع الفتاة، كانت أغنية »يالوعتي ياشقايا ياضني حالي«.. تنطبق علي عذابي وتعاستي وشقائي في هذا الهوي المجنون.. وكانت أغنية »ياوردة الحب الصافي« مستوحاة من أحداث حبي عندما كنت أجلس في حديقة دار هذه الأسرة، وتجيء فتاتي وتنزع وردة وتقدمها لي بغير أن تقول كلمة، وكنت أحتفظ بالوردة وأشمها وأقبلها إلي أن تجيء لي الفتاة بوردة أخري.. وكانت أغنية »ضحيت غرامي علشان هناكي« ترسم صورة صادقة لمشاعري وأنا أتنحي عن الفتاة التي أحببتها حبا يقرب من العبادة لتتزوج ابن رئيس الوزراء! وقد توهمت يومها أن ابن رئيس الوزراء يستطيع أن يسعدها أكثر مما يسعدها موسيقار شاب، وكنت مخطئا في تقديري فإن الزواج فشل بعد سنوات وتزوجت الفتاة مرة ثانية وثالثة!.
حكاية الملك.. وليلي مراد
ذات مرة سأل الكاتب الكبير مصطفي أمين صديقه الموسيقار محمد عبدالوهاب: ألم تحب ممثلة من الممثلات اللاتي ظهرن معك في أفلامك؟ نجاة الكبيرة أو راقية إبراهيم أو سميرة خلوصي أو ليلي مراد أو غيرهن؟
قال عبدالوهاب: لا.. ولا واحدة!.. ولكن حدث أن ليلي مراد قالت لي إن الملك فاروق رآها في استراحة مصر الجديدة وقال لها: أنت تحبين عبدالوهاب! فقالت ليلي: يامولانا أنا أحب فنه! قال فاروق: لا أنا واثق أنك تحبينه.. وسوف أخلص عليه!.
وأشار فاروق إشارة معناها أنه سيقتلني!
وفزعت.. أصبت بالرعب، ذهبت إلي صديقي عبدالحميد عبدالحق وزير الشئون الاجتماعية ورويت له ما قالت ليلي مراد.. قال لي عبدالحميد: نهارك أسود! والله يعملها!
قلت له: أنا في عرضك! أعمل إيه؟ قال عبدالحميد: لازم تهرب.. سافر! قلت: كيف أسافر إنه يستطيع أن يتخلص مني في ساعة! قال: »اركب سيارتي واذهب عندي في بلدي أبوقرقاص واختفي هناك.. وتأكد أن فاروق سوف ينساك!«
وركبت السيارة وأمضيت في أبوقرقاص عشرين يوما مختفيا في بيت عبدالحميد عبدالحق!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.