كان الحج عند المسلمين إحدي الفرائض الأساسية، فإنه يمثل بالنسبة للمسيحيين نوعا من التقليد لأن ذكره لم يرد في الإنجيل، بينما يحج اليهود ثلاث مرات ويقتصر الحج في ديانتهم علي الذكور، ورغم أن الحج معروف عند أتباع الديانات الثلاث، إلا أن طقوسه وشعائره تختلف من ديانة إلي أخري. يقول د. عبدالحليم منصور وكيل كلية الشريعة والقانون بجامعة المنصورة إن الحج من أهم أركان الإسلام وفُرِض في السنة التاسعة للهجرة، وفيه يجتمع المسلمون في مكان واحد ووقت واحد من جميع أنحاء العالم باختلاف لغاتهم وعاداتهم وجنسياتهم لأداء مناسك الحج الذي تبدأ مناسكه في شهر ذي الحجة، بداية بالإحرام ثم الذهاب إلي مكة لعمل طواف القدوم ثم إلي مني للتروية ثم التوجه إلي عرفة وبعد ذلك رمي الجمرات في جمرة العقبة الكبري ويعود الحاج إلي مكة لعمل طواف الإفاضة ومنه إلي مني لقضاء أيام التشريق ثم يرجع مرة أخري إلي مكة لعمل طواف الوداع ومغادرة الأماكن المقدسة. ويشير إلي أن الحج موجود قبل ظهور الإسلام، ويعتقد البعض أنه فُرِض علي أمم أخري مثل أتباع النبي إبراهيم، ولكنهم لم يلتزموا ببعض مناسكه خاصة بعد ظهور الوثنية في الجزيرة العربية، وأدي النبي صلي الله عليه وسلم فريضة الحج مرة واحدة فقط وهي حجة الوداع بالعام العاشر هجريا، وهي التي صحح بها مناسك الحج وأمر المسلمين باتباعها وألقي بها خطبته التي أكمل بها قواعد الدين الإسلامي. ويوضح: للحج خمسة شروط أولها الإسلام فلا يجوز لغير المسلمين أداء الحج، ثانيها العقل فلا حج علي مجنون، ثم البلوغ فلا يجب الحج علي الصبي حتي يبلغ الحلم، والشرط الرابع الحرية فلا يُفرض الحج علي المملوك حتي يعتق، وأخيرا الاستطاعة. ويضيف: يؤمن المسلمون أن للحج فوائد كثيرة وفضلا كبيرا، والطوائف الإسلامية المختلفة، من سنة وشيعة، تؤديه بنفس الطريقة، بخلاف أن الشيعة يفضلون زيارة قبور الأئمة المعصومين وأضرحة وقبور أهل البيت وبعض الصحابة. وعن الحج في اليهودية يقول محمد حامد المعيد بقسم اللغة العبرية بكلية الآداب جامعة عين شمس إنه رحلة يقصدون بها مكانا مقدسا، وأهم هذه الأماكن لدي اليهود مدينة القدسالفلسطينية، اعتقادا منهم أنها مدينة "أورشليم" المذكورة في التوراة، رغم أنه لا وجود لأي أثر لها في القدس، ويحج اليهود إلي المكان الذي يعتقدون أن فيه إيداع تابوت العهد، وإلي سور بناه الرومان ملاصق للمسجد الأقصي، اعتقادا منهم أنه جزء من أسوار هيكل سليمان ويطلقون عليه "حائط المبكي" وهو الذي يعرفه المسلمون باسم "حائط البراق". وفرضت التوراة الحج علي اليهود ثلاث مرات سنويا في الأعياد الثلاثة وهي: عيد الفصح: الذي يحل ليلة النصف من أبريل، وهو ذكري خروج اليهود من مصر وأهم ما يميِّزه تذكر ما حدث ومحاولة معايشة ظروفهم بعده، وعيد الأسابيع: الذي لم يحدد موعده، ولكن وجب الاحتفال به خمسين يوما بعد عيد الفصح، وعيد الظلال: وهو العيد الثالث الذي فرضته التشريعات اليهودية، وهو من أعياد الحصاد فبعد الانتهاء من جمع المحصول يكدسون تموينهم من التمر والتين والزيتون والزبيب. ويؤكد أن التوراة لم تحدد له مكانا ولكن حدده علماء المشنا والتلمود، واختاروا بيت المقدس وهو المكان المخصص للظهور أمام الرب في أعياد الحج، وفرضته التوراة علي الذكور دون استثناء بدون تحديد سن ، وذكر التفسير أنه "يجب علي الجميع أن يظهروا في المقدس" ماعدا الصغار الذين لم يبلغوا الحلم والإناث والأصم، والأبكم والمجنون، والأعرج، والأعمي، والمريض والشيخ الكبير، ومن لم يستطع أن يصعد علي قدميه". ويشرح: تتمثل شعائر الحج اليهودي في الظهور في ساحة المقدس، وتقديم نوعين من القرابين وهما: قربان المحرقة أو "الرؤية" وقربان السلامة . ويحرق قربان المحرقة كله علي المذبح، وهو الذي يقيم به الحاج فريضة الرؤية، أما قربان سلامة الحج فيقام به فريضة الحج ويأكلون لحمه، ويقربون شحمه علي المذبح فأكله هو المقصود بالفرحة، ولم تحدد التوراة مقدار أو نوع الذبائح التي تقدم كقربان. ويؤكد حامد علي ضرورة صعود الحاج إلي ساحة المقدس في اليوم الأول من العيد وأن يقدم القرابين ومن لم يتمكن من تأدية ذلك في اليوم الأول فليقم به في أي يوم من أيام العيد السبعة، واشترطت التوراة طهارة الأبدان للدخول إلي ساحة المقدس وتتمثل في غسل اليدين من الإناء المخصص لذلك قبل الأكل وتغطيسهم في ماء قدرة حوالي 48 لترا ثم الأكل من القرابين. أما الحج المسيحي فلم يكن من العبادات المسيحية، ولم تشر إليه الأناجيل، ولم يظهر في الكتب المسيحية المقدسة، و ما نراه من حج الكاثوليك إلي روما والمسيحيين علي اختلاف طوائفهم وفرقهم إلي القدس، لم يرد في الديانة المسيحية وأسفارها المقدسة وإنما هو تقليد اتبع فيما بعد. ووفقا لحديث القس بيشوي فؤاد فيتركز الحج علي زيارة المواقع المرتبطة بسير وحياة السيد المسيح عليه السلام .. وتطور إلي ما يعتبر أماكن مقدسة واعتبرت القدسالفلسطينيةالمدينة المقدسة في نظر الكنيسة الأولي، وظلت بالنسبة للمسيحيين موقع معاناة وقيامة المسيح ومكان عودته لوجود كنيسة القيامة والمزارات المرتبطة بالمسيح، واحتلت مكانتها كمدينة مقدسة وهدف الحجاج، وفي عام 335 ميلادية بني الإمبرطور قسطنطين كنيسة القيامة في القدس علي إثر اكتشاف الصليب الأصلي بها وكنيسة المهد في بيت لحم ثم تقديس عدد كبير من الأضرحة والأماكن المذكورة في الأناجيل. ويضيف: الحج المسيحي رغم ارتباطه بخط روحي عميق مع أماكن العهد القديم، إلا أن الزيارات لها ليست إلا تذكرا لتاريخ الخلاص المحقّق بمجيء المسيح وأفعاله وتعاليمه، ولكل مسيحي الآن مزاراته الخاصة يذهب إليها مع عائلته وهي غالبا ما تكون رفات قديسيهم أو أي شيء يذكرهم بالمسيح ووالدته، والحج بالنسبة لهم اسم للرحلة التي يقوم بها الإنسان لزيارة المشاهد المقدسة، مثل ضريحي القديس بطرس والقديس بولس في روما ، ولم يشعر الجيل المسيحي الأول بضرورة زيارة مشاهد المسيح والتبرك بها، وبعد ذلك شغف عدد كبير من المسيحيين بالبحث عن مشاهد المسيح و آثاره وزيارتها، بل أقاموا جمعيات تحث الناس علي زيارة فلسطين كل عام، كما نصحوهم بزيارة مصر والذهاب إلي "منف و طيوة" لزيارة الصوامع التي كان يقيم فيها القديس أنطونيوس والقديس بولس الطيوي.