أكد الدكتور فخري الفقي أستاذ الاقتصاد والمستشار السابق لصندوق النقد الدولي بواشنطن أن الاقتراض من صندوق النقد الدولي خطوة في الاتجاه الصحيح ويدافع عن قيمة الجنيه، ويدعم الاقتصاد الوطني.. وأشار في حواره ل»آخر ساعة» إلي أهمية وجود برنامج اقتصادي ناجح.. وقال إن تناول الرئيس السيسي لمسألة الإصلاح الاقتصادي في اجتماع المجموعة الاقتصادية الأخير ضرب السوق السوداء للدولار في مقتل، موضحا أنه لن يتم نجاح البرنامج الاقتصادي في مصر بدون تعيين نائب رئيس وزراء للشئون الاقتصادية موضحاً أن شريف إسماعيل بأنه غير متخصص في الاقتصاد.. وإلي نص الحوار . • ما هي الأسباب الحقيقية وراء ارتفاع سعر الدولار ؟ - الأسباب الحقيقية هي تراجع حصيلة مصر من النقد الأجنبي بسبب أن الخمسة مصبات التي تصب في شرايين الاقتصاد المصري بالنقد الأجنبي من صادرات وواردات وتحويلات وسياحة قناة السويس والاستثمارات الأجنبية تراجعت في السنة الماضية وبالتالي انعكست ندرة الدولار علي ارتفاع سعره في السوق السوداء والسوق الرسمية. هل تصريحات محافظ البنك المركزي لها تأثير في هذا الارتفاع؟ - بالفعل، تصريحات المحافظ كان لها تأثيرها البالغ في إشعال حدة المضاربات في السوق السوداء وترتب علي ذلك وجود مفاوضات كانت تتم في تكتم شديد اضطرت رئيس الوزراء أن يطلب من محافظ البنك المركزي الاجتماع مع المجموعة الاقتصادية لمصارحة الناس أن هناك طلباً رسمياً للحصول علي قرض من صندوق النقد الدولي. الاجتماع الرئاسي مع المجموعة الاقتصادية جعل سعر الدولار يتهاوي ثلاثة جنيهات .. تعليقك؟ - الإصلاح الاقتصادي عدو السوق السوداء، ثم الاتفاق مع مؤسسة كبيرة مثل صندوق النقد الدولي، لذلك وجدنا فور اجتماع الرئيس السيسي والمجموعة الاقتصادية الوزارية والذي أكد فيه الرئيس ضرورة الأخذ بجدية الإصلاح الاقتصادي مع التركيز علي البعد الاجتماعي بدأت أسعار الصرف تنخفض في السوق السوداء. لكن شروط صندوق النقد الدولي تتضمن إملاء اتفاقات لا تتماشي مع طبيعة الاقتصاد المصري؟ - هي ليست شروطا، لكن البرنامج الاقتصادي لابد أن يشمل حزم اقتصادية تضمن إصلاحا اقتصاديا حقيقيا والشعب المصري ذكي بالفطرة وعندما يري القائمين علي الأمر يصارحونه بشفافية سيتعاون، خاصة حينما نعلمه أمرين الأول أن له نصيبا من العائد ومن ثمار النمو التي ستتحقق وهذا أمر هام جدا ويسمي في الدول المتقدمة »بالتريكلنج داون» بمعني آخر التسرب لأسفل أي أن المواطن البسيط سيأخذ نصيبه العادل من النمو الذي سيحدث نتيجة هذا الإصلاح، والأمر الثاني هو طمأنة المواطن بأنه لن يتحمل الأعباء الثقيلة للإصلاح الاقتصادي. المطلوب أن تصارح الحكومة شعبها وأن ينظر البرلمان بصفته ممثلا للشعب في الأمر ويدرس جيدا البعد الاجتماعي لهذا الإصلاح الاقتصادي وبالتالي صندوق النقد الدولي عندما يجد أن هناك وعيا من قبل الحكومة ومن قبل البرلمان وأن البرلمان يعكس رغبات الناس خاصة أن البعثة ستقابل أعضاء البرلمان والكتل البرلمانية داخله لتتعرف علي نوعية القلق الموجود لدي قطاع عريض من أبناء مصر لتأخذه بعين الاعتبار عند تصميم برناج الإصلاح الاقتصادي تجنبا لحدوث مقاومة شديدة من الشعب المصري تؤدي إلي فشل البرنامج . ماليزيا أثناء الأزمة المالية رفضت الحصول علي قرض من صندوق النقد الدولي وتخلصت من الأزمة بعد مرور أعوام قليلة هل هناك مرونة في الاقتصاد المصري تسمح بتكرار نفس التجربة؟ - الأزمة المالية العالمية في ماليزيا جعلتها تستعين بمواردها ولم تلجأ لصندوق النقد الدولي.. لكن مواردنا تتراجع ولسنا السبب في ذلك، ففي أزمة السياحة نحن لم نسقط الطائرة الروسية، وفي أزمة تحويلات المصريين في الخارج نحن لم نخفض سعر برميل البترول، ولأنها أسباب خارجة عن إرادتنا فلا توجد أية مشكلة في اللجوء لصندوق النقد الدولي فهو بيت خبرة دولي ونحن أسسناه وحصتنا فيه تبلغ 2.9 مليار دولار يجب علينا الاستفادة منها فنحن لسنا أعضاء فيه »للوجاهة أو للمنظرة» . لديكم تصريحات بضرورة خفض الجنيه المصري كيف تفسر ذلك ؟ - الجنيه المصري لابد أن ينخفض والحكومة الحالية لن تستطيع خفضه إلي السعر التوازني الذي يزن العرض مع الطلب وفي تصوري لكي يصل في حدود 10 أو 10.50 إذا كان هناك احتياطي كافٍ والحكومة عندها احتياطي 17.50 ولكي يحدث ذلك لابد أن يكون عندها 30 مليارا في هذه الحالة سنحتاج إلي 12.50 سنحصل عليها من صندوق النقد الدولي وبعض مصادر أخري لكي يلبي احتياجات المستورد حتي لا يلجأ إلي السوق السوداء وبالتالي سيتوحد سعر الصرف عند مستوي جديد هو 8.85 جنيه.. لذلك أقصي ما نطمح إليه الآن هو سعر 10 جنيهات ونصف وإذا توافر المسثتمر بعد ذلك ستأتي الدولارات والتحويلات والسياحة ستنتعش وبعدها سنصل إلي سعر 8 جنيهات. هل تقصد أن الحكومة الحالية لن تسطيع تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تحدث عنه الرئيس مع المجموعة الاقتصادية ؟ - للوصول إلي الإصلاح الاقتصادي لابد من أمرين: أولا أن يعاد النظر في بعض أعضاء الحكومة وثانيا علي رئيس الوزراء بما أنه غير متخصص في الاقتصاد، وأعباؤه ثقيلة، فيجب أن يعين نائب رئيس وزراء للشئون الاقتصادية من الوزراء النابغين لديه بحيث يتولي هو الملف ويكون المايسترو. التنسيق الذي يتم حاليا بين السياسة المالية والسياسة النقدية بعد أن غاب لفترة طويلة بسبب تجميد المجلس التنسيقي وتم تشغيله بقرار جمهوري أثناء فترة محافظ البنك المركزي السابق هل من الممكن أن يأتي بنتائج سريعة؟ - نحتاج إلي مزيد من التناغم بين السياسة المالية والسياسة النقدية لأن السياسة المالية داخل الموازنة العامة توسعية أما النقدية فلابد أن تكون مقيدة لكي تكمش معدل السيولة في جسم الاقتصاد لرفع سعر الفائدة لكن للأسف الحكومة بدأت برفع سعر الفائدة فقط وهذا سيكون له آثار سلبية علي ثلاثة جوانب وهي أولا الدين العام وهنا يجب علي وزير المالية أن يكون جاهزا بتدابير احترازية لكي يستطيع تمويل هذه الزيادة في الدين العام أما العائق الثاني فهو الاستثمار ولذلك علي وزيرة الاستثمار أن تعمل جاهدة علي تحسن مناخ الاستثمار، أيضا البورصة ستتأثر سلبا لأن المواطن سيلجأ إلي البنك ويترك البورصة وعلي وزير قطاع الأعمال العام أن يطرح اكتتابات جديدة لفتح شهية المستثمر في البورصة ولتلافي هذا الإشكال. توقيت الإعلان عن ضريبة القيمة المضافة هل هو مناسب؟ - توقيت ضريبة القيمة المضافة صح جدا بنسبة 100 %. لجوء الحكومة لتخفيض رسوم المرور بقناة السويس هل له مردود سريع علي الأزمة الاقتصادية الحالية؟ - قد يكون هذا القرار لجذب مزيد من السفن العابرة وذلك لأن معدل النمو في التجارة الدولية متراخٍ وأصحاب القرار يفهمون في هذا الشأن جيدا . ما هو سر ارتباط سعر جرام الذهب بالسوق السوداء للدولار؟ - كل من يتملك أموالا أو يحتاج إلي فوائد مالية دائما يلجأ إلي ملاذٍ آمن وعلي مستوي العالم الدولار هو الملاذ الآمن الأول، وعملة لها احتياطي دولي أما في مصر فالمواطن يعتبر الذهب والعقار ملاذا آمنا مثل الدولار ويفضلونه للحفاظ علي القوة الشرائية لثرواتهم ولأننا نستورد الخام من الخارج لذلك ينعكس علي سعر الذهب. هناك تقرير تم نشره أن مصادر تمويل التجار في السوق الموازية ثلاثة أضعاف البنك المركزي 70 مليار دولار هل شركات الصرافة لها دور سلبي في هذه الأزمة؟ - الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي بتغليظ العقوبات علي من يخالف إجراءت التعامل في سوق الصرف الأجنبي وتلا ذلك بدء عملية إغلاق حوالي 23 شركة صرافة أدي ذلك إلي تخفيف المضاربات بشكل كبير جدا ومن وجهة نظري هذه مسائل مؤقتة وما يهمني في هذه الحالة هو البرنامج الاقتصادي الذي تتعاقد مصر الآن مع صندوق النقد الدولي لأن هذا القرض سيوفر احتياطي كافيا يستطيع أن يدافع عن قيمة الجنيه المصري.. وأكبر دليل علي تورط بعض شركات الصرافة في أزمة الدولار هو أن المضاربين »بدأوا يبيعوا أكتر ما بيشتروا» وبالتالي سعر الصرف بدأ ينخفض. ولا أعتقد أن ميزانية السوق السوداء وصلت إلي 70 مليار دولار ولكن سعر الصرف انخفض من 13.50 بمقدار جنيه يعني أصبح 12.50 أو 30 قرشا، وتغليظ العقوبة علي من يتاجر في العملة ومعاقبته وشطب شركة الصرافة الخاصة به ومصادرة أموالها كان أمرا هاما.