تنسيق 2025.. موعد المرحلة الأولى لطلاب الثانوية العامة وأسماء الكليات المتاحة لكل شعبة (تصريحات خاصة)    «موعد أذان المغرب».. مواقيت الصلاة اليوم السبت 26 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    قائمة الجامعات الأهلية المعتمدة في تنسيق 2025.. دليل شامل للطلاب الجدد    سعر صرف الدولار في البنوك المصرية صباح اليوم السبت 26-7-2025    أسعار الخضروات اليوم السبت 26 يوليو في سوق العبور للجملة    مطار مرسى علم يستقبل 184 رحلة من 15 دولة أوروبية الأسبوع الجاري    أولها رحمة وآخرها جحيم، جيش الاحتلال يمنح نتنياهو 3 حلول لمواجهة "عناد" حماس في غزة    كيم جونج أون لجيشه: يجب الإستعداد ل«حرب حقيقية في أي وقت»    الكونجرس الأمريكي: 75% من سكان غزة يواجهون مجاعة عقب الحصار الذي فرضه نتنياهو    «الأرصاد»: طقس شديد الحرارة على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 41 درجة    حالة المرور اليوم، سيولة مرورية نسبية وأحجام محدودة في محاور القاهرة الكبرى    سيولة مرورية بالطرق السريعة بالقليوبية اليوم 26 يوليو 2025    تعرف شخصية ليلى زاهر في مسلسل وادي وبنت وشايب    تعرف على موعد عرض أولى حلقات مسلسل « قهوة 2» ل أحمد فهمي    توفيق الحكيم، كره المرأة بسبب هدى شعراوي وعبد الناصر كان يعتبره "الأب الروحي"    «لو ابنك بلع مياه من حمام السباحة؟».. خطوات فورية تحميه من التسمم والأمراض    «خبراء يحذرون»: لا تغلي «الشاي مع الحليب» لهذا السبب    «لماذا ينصح بتناول لحم الديك الرومي؟»... فوائد مذهلة لهذه الفئات    الأهلى يزاحم الهلال على ضم نونيز من ليفربول    رابطة الأندية توجه الدعوة لأبو ريدة لحضور قرعة الدوري    الدفاع الألمانية تستعين بأسراب «صراصير» للتجسس والإستطلاع    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر لنا أمورنا وتشرح صدورنا    "الحشيش حرام" الأوقاف والإفتاء تحسمان الجدل بعد موجة لغط على السوشيال ميديا    أسفار الحج (9).. زمزم والنيل    أجندة البورصة بنهاية يوليو.. عمومية ل"دايس" لسداد 135 مليون جنيه لناجى توما    سعر الذهب اليوم السبت 26 يوليو 2025.. الجنيه الذهب ب37040 جنيها    خدمة جوجل فوتو تضيف أدوات لتحويل الصور القديمة إلى مقاطع فيديو متحركة    أبو حلاوة يا تين.. عم محمود أقدم بائع تين شوكى فى مصر عمره 65 سنة.. فيديو    اليوم، انطلاق امتحانات الدور الثاني لطلاب الابتدائي والإعدادي والثانوي    بالأسماء.. مصرع طفلة وإصابة 23 شخصًا في انقلاب ميكروباص بطريق "قفط – القصير"    بعد أزمات فينيسيوس جونيور، هل يتحقق حلم رئيس ريال مدريد بالتعاقد مع هالاند؟    3 مكاسب الأهلي من معسكر تونس    «سبوتيفاي وأنغامي» يكشفان عن صاحب المركز الأول.. عمرو دياب أم تامر حسني؟    إيطاليا: الاعتراف بدولة فلسطين ليس ممكنا إلا باعترافها بإسرائيل    رحيل نجم بيراميدز بسبب صفقة إيفرتون دا سيلفا (تفاصيل)    موعد مباراة ليفربول وميلان الودية اليوم والقنوات الناقلة    «هيسجل إمتى بعيدًا عن ضربات الجزاء؟».. تعليق مثير من الغندور بشأن زيزو مع الأهلي    2 مليار جنيه دعم للطيران وعوائد بالدولار.. مصر تستثمر في السياحة    إعلام فلسطيني: 4 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية غرب غزة    برج الحوت.. حظك اليوم السبت 26 يوليو: رسائل غير مباشرة    بالصور.. تشييع جثمان والد «أطفال دلجا الستة» في ليلة حزينة عنوانها: «لقاء الأحبة»    بيان من المستشار القانوني لنقابة الموسيقيين للرد على الناقد طارق الشناوي بعد أزمة راغب علامة    «مش عارف ليه بيعمل كده؟».. تامر حسني يهاجم فنانا بسبب صدارة يوتيوب .. والجمهور: قصده عمرو دياب    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق كابينة كهرباء بشبرا| صور    رد ساخر من كريم فؤاد على إصابته بالرباط الصليبي    الجزار: الأهلي تواصل معي لضمي.. وهذا موقفي من الانتقال ل الزمالك    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    "مستقبل وطن دولة مش حزب".. أمين الحزب يوضح التصريحات المثيرة للجدل    هآرتس: ميليشيات المستوطنين تقطع المياه عن 32 قرية فلسطينية    «الداخلية» تنفي «فيديو الإخوان» بشأن احتجاز ضابط.. وتؤكد: «مفبرك» والوثائق لا تمت بصلة للواقع    فلسطين.. شهيدة وعدة إصابات في قصف إسرائيلي على منزل وسط غزة    مستشفى الناس تطلق خدمة القسطرة القلبية الطارئة بالتعاون مع وزارة الصحة    محافظ شمال سيناء: نجحنا في إدخال عدد كبير من الشاحنات لغزة بجهود مصرية وتضافر دولي    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء والادعاء بحِلِّه خطأ فادح    سعر الذهب اليوم السبت 26 يوليو محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير (تفاصيل)    قفزة في أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 26 يوليو 2025    رفعت فياض يكتب: نصيحتي لكل الناجحين في الثانوية العامة.. لا تلتحق بأي كلية استخسارًا للمجموع أو على غير رغبتك    جامعة دمنهور الأهلية تعلن فتح باب التسجيل لإبداء الرغبة المبدئية للعام الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في مهرجان »كان« ال 46:
طفل علي دراجة يخطف القلوب قبل الجوائز
نشر في آخر ساعة يوم 31 - 05 - 2011

»لاتتركني يا أبي« أغوص في الوحدة والضياع.. مازلت صغيرا علي مواجهة الحياة وحدي، أعوامي التي لاتتجاوز الاثني عشر لاتستطيع أن تحميني من شرور العالم الذي نعيش فيه.. أحبك يا أبي لذا لاتتركني وتتخلي عني.. لا تعتقد أنك عندما تضعني في منزل لرعاية الصغار أنك تؤمن لي حياة، لأنها باختصار حياة جافة لاتخلو من الحب ونحن الأطفال الصغار يجب أن تروي مشاعرنا وعواطفنا بالحب ليتحقق لنا التوازن في الحياة عند الكبر.. فأرجوك لا تتركني يا أبي حتي لا أكون اليوم »مهملا« وغدا »مهمشا« أو مجرما.
كان هذا بعض ما شعر به الطفل الصغير »سيريل« 21 عاما عندما تركه والده في منزل لرعاية الأحداث، لأنه لايقوي ويقدر علي رعايته.. تركه مقنعا إياه إنه يتركه لمدة شهر واحد يعيد فيها ترتيب أموره.. لكن الحقيقة كانت غير ذلك.. فقد كان الترك نهائيا حيث أقنع الأب نفسه في لحظة أنانية وجحود إنه لايقدر علي تحمل مسئولية رعاية الابن وزهق من هذه المسئولية ويريد أن يعيش حياته بالأسلوب الذي يعجبه .. ونسي أنه أب وليس طفلا صغيرا.. وفي مقابل هذا الهجر المتعمد فإن الابن الصغير لم يعتقد أبدا أن والده تخلي عنه.. ولذلك كان كل همه أن يبحث عنه فقرر الفرار من منزل رعاية الصغار والذهاب إلي حيث يقيم مع أبيه ليكتشف الحقيقة المرة أن والده باع كل شيء حتي »الدراجة« التي يعشقها.. وأثناء محاولة فراره يقوم بإيقاع سيدة علي الأرض وتكون المفاجأة بعد أيام قليلة بحضور »سامنتا« أو هذه السيدة الجميلة لدار رعاية الأطفال ومعها الدراجة الخاصة بعدما اشترتها لمن قام أبوه ببيعها.
لقد شعرت سامنتا صاحبة »محل التجميل« بعاطفة أمومة تجاه هذا الصبي الذي يبحث عن أبيه، وقررت بينها وبين نفسها أن تساعده وبالفعل تتعهد برعايته في نهاية الأسبوع.. وتبحث معه عن أبيه حتي يجده.. لكن للأسف الشديد يكون اللقاء فاترا.. صادما للابن حيث يكتشف أن الأب لايريد أن يراه ثانية.. وإنه يتخلي عنه طواعية من أجل أن يعيش حياته!
والحقيقة أنه في الحياة كم من »الآباء« الجبناء الذين يتخلون عن أبنائهم ومسئولياتهم وأيضا من الأمهات اللائي انتزعت من قلوبهن الرحمة متخليات عن الأبناء تحت حجج واهية وهمية ترجمتها الأساسية هي الأنانية.
»سيريل« يجد في »سامنتا« حضنا دافئا يعوضه عن حنان الأب والأم معا.. لكن هذا لايمنعه من أن ينزلق مع رفقاء سوء مما يوقعه في مشاكل جمة تقف فيها »سامنتا« بجواره.. ربما هذه اللحظة الفارقة في حياته التي كانت ستضعه في إصلاحية الأحداث هي التي جعلته يقدر ما فعلته سامنتا وتفعله من أجله.. ليصبح طفلا مطيعا فقد اكتشف أن الحب يعني المسئولية وهي تحملت المسئولية وتخلت عن الرجل الذي أحبته من أجله لأنه كان يرفض وجوده.. كما دفعت له كفالة كبيرة.. ففي الحياة لايكفي فقط أن تعطيني حياة بل أن تتحمل مسئوليتي مما يعني أن تحسن تربيتي.
هذا الفيلم الرائع للأخوين »جان بيير« .. و»لوك داردين« الذي حصل مناصفة علي الجائزة الكبري مع الفيلم التركي »حدث ذات مرة في الأناضول« للمخرج التركي نوري بلجي بينما حصل فيلم »شجرة الحياة« للمخرج »نيراتس ماليك«، علي السعفة الذهبية.
الفيلم الأول »طفل علي دراجة« عمل شديد الإنسانية يدخل القلب.. وقامت ببطولته الفنانة »سيسل دو فرانس« والطفل الرائع »توماس دوريه«. أما الفيلم الثاني فهو بطولة »براد بيت« و»شين بين« وقد أثار الإعجاب بمستواه الفني السينمائي الرائع.. ولنا حديث عنه في عدد قادم.
»طفل علي دراجة« يعتبر التتويج الثالث للأخوين »داردين« فقد حصلا من قبل علي السعفة الذهبية لأول مرة عن فيلمهما »روزيتا« والثانية عام 5002 عن فيلمهما »الطفل« وهما من الأسماء المخلصة لمهرجان »كان« وعادة إن لم تحصل أفلامهما علي جائزة فإن إبطال الأفلام يحصلون علي جوائز التمثيل أو في الأفرع الأخري، كما حدث في »صمت لورنا« عام 8002 .. »الابن« عام 2002.
والأخوان »داردين« الأول جان بيير في الستين من عمره والثاني لوك في الثالثة والستين وهذا هو فيلمهما الثامن حيث قدما من قبل العديد من الأفلام التسجيلية وشاركا في إنتاج العديد منها أيضا.
وهما عادة في أفلامهما لايستخدمان الموسيقي التصويرية كثيرا لكن في هذا الفيلم استعانا بها وهو شيء نادر بالنسبة لهما.
هوليوود الصامتة.. بعيون فرنسية
تحية بالأبيض والأسود للسينما الصامتة وروادها.. تحية للسينما في بداياتها.. ولمتعة البصر بعيدا عن لغة الحوار نجح في تقديمها المخرج الفرنسي ميشيل هازانافيكيوس في فيلمه The Artist (الفنان) بطولة الممثل الفرنسي جان دوچاردان والفنانة »بيرينيس بيجو«.. والذي استحق دوچاردان جائزة أحسن ممثل بجدارة فالفيلم كان حديث المهرجان بما حققه من متعة حقيقية قادت الجميع لحنين قديم شمل كل شيء أيام »الأبيض والأسود« الجدير بالذكر أن الفيلم تم ضمه في آخر وقت للمسابقة الرسمية حتي إنه لم يلحق بكتالوج المهرجان .. والطريف أن هذا الفنان الذي بهر الجميع بأدائه الرائع الصامت بدأ حياته الفنية كممثل هزلي.
الفيلم كما يقول مخرجه »ميشيل« كان »حلما«.. و»حنينا« لزمن قديم عندما تحدث عنه مع المنتج توماس لانجمان فوجئ بحماسه الشديد واستعداده لإنتاج الفيلم.. وهو نفس ماحدث مع بطل الفيلم »دوچاردان« الذي أعجب بالفكرة قبل أن يقرأ السيناريو.. وجاءت الموافقة فورية بعد قراءة السيناريو.
الفيلم يروي المرحلة الانتقالية من السينما الصامتة إلي »الناطقة« وكيف أثر ذلك علي أحد فنانيها العظام.. الحكاية ليست سيرة ذاتية لأحد .. لكن وقائعها بالتأكيد ألقت بظلالها علي من عملوا في تلك الفترة.. ميشيل يشارك للمرة الأولي في المسابقة الرسمية لمهرجان كان ، الأحداث تدور في عام 1927 من خلال جورج فالانتيني أحد نجوم السينما الصامتة الذي يجد نفسه وقد أصبح في دائرة النسيان بمجيء السينما الناطقة.. ولايجد من تساعده سوي بيير ميللر كانت كومبارس ساعدها في الوصول إلي السينما فحفظت له الجميل .. ومدت له يد المساعدة بعدما تبدل به الحال كما ساعدها هو من قبل.. خاصة أنها أحبته كثيرا منذ البداية، ووجدت في إجادته رقصة الكلاكيت مايعيده من جديد معها في تقديم الاستعراضات وعودته للسينما.
وعن هذا الدور يقول صاحب جائزة أفضل ممثل إنه تأثر كثيرا بفنان عظيم في ذلك الوقت هو دوجلاس فيربنكس.
ثورة النساء
في الحياة ومن أجل الاستمرارية ليس مهما »الحب« بل »الاحترام« الاحترام في »الاختلاف« قبل »الوفاق«.. في التناقض قبل التطابق.. في تقبل وتفهم وجهة نظر الآخر مهما اختلفت وابتعدت عن وجهات نظرها.. وتقديرها حق قدرها وعدم الاستخفاف بها. فالحقيقة إنه لاتستقيم الحياة حتي بين اثنين بدون احترام .. فهو العمود الفقري لأي علاقة.
وفي واحد من أجمل الأفلام وأبسطها التي عرضت في المهرجان الفيلم المغربي الفرنسي البلجيكي المشترك »نبع النساء« للمخرج الروماني الأصل والفرنسي الجنسية رادوميهالينو وهو بالمناسبة يهودي الديانة وليس في ذلك ما يسوؤه بل مايزيدنا احتراما وإجلالا له . وإن تردد معلومة ليست موكدة بأنه يحمل الجنسية الإسرائيلية. لكن المؤكد أنه عندما تولي شاوشيسكو الحكم في رومانيا تم طرد والده إلي إسرائيل وإن كان رادو هاجر إلي فرنسا وعمل محررا ومساعد مخرج. كما كتب بعض القصائد وذلك قبل أن يقدم أفلاما سينمائية.. ومن بين هذه الأفلام »اذهب.. وعش.. وعد« وأحداثه تدور في إسرائيل.
رادو في فيلم نبع النساء الذي يشارك به لأول مرة في المسابقة الرسمية لمهرجان »كان« وقبل التطرق للفيلم والذي لم يكن أفضل أفلام المسابقة إلا أن حكايته وسرده للأمور هي نقطة قوته الحقيقية.. خاصة أنه انصف المرأة في الإسلام.. وشرح كل الحقوق المكفولة لها والتي تجهلها الكثيرات.. وهو في ذلك مايشكر عليه المخرج الذي لايدين بالإسلام.. لكنه استطاع أن يقدم صورة حقيقية للإسلام المفتري عليه عالميا. والمسلمين المتهمين دائما بالإرهاب.
حكاية الفيلم باختصار شديد عن قرية نائية تقع فوق أحد الجبال المرتفعة بشمال أفريقيا (المغرب).. لايدخلها الكهرباء .. والماء.. وعلي النساء أن يصعدن لأعلي الجبل للإتيان بالماء وسط طريق وعرة للغاية مما كان يدفع بهن للسقوط.. وما أكثر الإصابات التي ألمت بهن.. خاصة حالات الإجهاض بسبب السقوط لدرجة أن بعضهن أجهضن أكثر من مرة.
وأمام هذا الإحساس بالظلم والقهر من قبل رجال يقضون كل وقتهم علي المقهي دون عمل.. فنقص المياه حجة قوية كي لايفلحوا الأرض أو يمارسوا أي عمل.. لذا كان القرار بعمل إضراب عن ممارسة الحب مع أزواجهن .. مما أدي إلي الكثير من الخلافات والمناقشات عن حقوق المرأة وواجباتها من منظور الدين الذي انتصر لها ولكرامتها وإنسانيتها.
ورغم أن قصة الفيلم استوحاها المخرج من واقعة حقيقية وقعت في تركيا عام 2001.. وإن كان لها مثيل في التاريخ القديم من خلال lysistrata d'aristophane وهي عن امرأة أعلنت الإضراب عن ممارسة الحب مع زوجها القائد الكبير لوضع حد للحروب.
وفعلا إن كيدهن عظيم وفي الفيلم كما في أحداث القرية التركية خافت الدولة من انتشار تلك الثورة فكان أن مدت القرية »بالماء« بعدما كانت ودن من طين والأخري من عجين وهذه هي عادات الحكومات المتخلفة.
يعترف رادو إنه مع شريكه آلان ميشيل بلان في كتابة السيناريو أنهما قضيا أكثر من عام في البحث والقراءة والاطلاع والسماع لشهادات العديد من النساء.. بل إن القرية التي تم فيها تصوير الفيلم أمضيا فيها عدة شهور.
بطلات الفيلم هن الممثلة القديرة بينونة مع ليلي بختي وحفظية حرزي التي لها فيلمان في المسابقة الرسمية، وكنا في آخر ساعة أجرينا معها حوارا منذ عدة سنوات وتنبأنا بأنها ستكون إحدي أهم ممثلات فرنسا في المرحلة القادمة.
وإذا كانت حكاية النساء حاضرة بقوة في مهرجان كان، فإن التي حصلت علي جائزة أحسن ممثلة هي الممثلة كريستين دانست بطلة فيلم منغوليا للمخرج الدانمركي لارس فان تريير والجدير بالذكر أن هذا الدور كان من المفروض أن تقوم به بينلوب كروز التي فضلت العمل في فيلم »قراصنة الكاريبي« والذي عرض خارج المسابقة.
كان هذا بعض ما شعر به الطفل الصغير »سيريل« 21 عاما عندما تركه والده في منزل لرعاية الأحداث، لأنه لايقوي ويقدر علي رعايته.. تركه مقنعا إياه إنه يتركه لمدة شهر واحد يعيد فيها ترتيب أموره.. لكن الحقيقة كانت غير ذلك.. فقد كان الترك نهائيا حيث أقنع الأب نفسه في لحظة أنانية وجحود إنه لايقدر علي تحمل مسئولية رعاية الابن وزهق من هذه المسئولية ويريد أن يعيش حياته بالأسلوب الذي يعجبه .. ونسي أنه أب وليس طفلا صغيرا.. وفي مقابل هذا الهجر المتعمد فإن الابن الصغير لم يعتقد أبدا أن والده تخلي عنه.. ولذلك كان كل همه أن يبحث عنه فقرر الفرار من منزل رعاية الصغار والذهاب إلي حيث يقيم مع أبيه ليكتشف الحقيقة المرة أن والده باع كل شيء حتي »الدراجة« التي يعشقها.. وأثناء محاولة فراره يقوم بإيقاع سيدة علي الأرض وتكون المفاجأة بعد أيام قليلة بحضور »سامنتا« أو هذه السيدة الجميلة لدار رعاية الأطفال ومعها الدراجة الخاصة بعدما اشترتها لمن قام أبوه ببيعها.
لقد شعرت سامنتا صاحبة »محل التجميل« بعاطفة أمومة تجاه هذا الصبي الذي يبحث عن أبيه، وقررت بينها وبين نفسها أن تساعده وبالفعل تتعهد برعايته في نهاية الأسبوع.. وتبحث معه عن أبيه حتي يجده.. لكن للأسف الشديد يكون اللقاء فاترا.. صادما للابن حيث يكتشف أن الأب لايريد أن يراه ثانية.. وإنه يتخلي عنه طواعية من أجل أن يعيش حياته!
والحقيقة أنه في الحياة كم من »الآباء« الجبناء الذين يتخلون عن أبنائهم ومسئولياتهم وأيضا من الأمهات اللائي انتزعت من قلوبهن الرحمة متخليات عن الأبناء تحت حجج واهية وهمية ترجمتها الأساسية هي الأنانية.
»سيريل« يجد في »سامنتا« حضنا دافئا يعوضه عن حنان الأب والأم معا.. لكن هذا لايمنعه من أن ينزلق مع رفقاء سوء مما يوقعه في مشاكل جمة تقف فيها »سامنتا« بجواره.. ربما هذه اللحظة الفارقة في حياته التي كانت ستضعه في إصلاحية الأحداث هي التي جعلته يقدر ما فعلته سامنتا وتفعله من أجله.. ليصبح طفلا مطيعا فقد اكتشف أن الحب يعني المسئولية وهي تحملت المسئولية وتخلت عن الرجل الذي أحبته من أجله لأنه كان يرفض وجوده.. كما دفعت له كفالة كبيرة.. ففي الحياة لايكفي فقط أن تعطيني حياة بل أن تتحمل مسئوليتي مما يعني أن تحسن تربيتي.
هذا الفيلم الرائع للأخوين »جان بيير« .. و»لوك داردين« الذي حصل مناصفة علي الجائزة الكبري مع الفيلم التركي »حدث ذات مرة في الأناضول« للمخرج التركي نوري بلجي بينما حصل فيلم »شجرة الحياة« للمخرج »نيراتس ماليك«، علي السعفة الذهبية.
الفيلم الأول »طفل علي دراجة« عمل شديد الإنسانية يدخل القلب.. وقامت ببطولته الفنانة »سيسل دو فرانس« والطفل الرائع »توماس دوريه«. أما الفيلم الثاني فهو بطولة »براد بيت« و»شين بين« وقد أثار الإعجاب بمستواه الفني السينمائي الرائع.. ولنا حديث عنه في عدد قادم.
»طفل علي دراجة« يعتبر التتويج الثالث للأخوين »داردين« فقد حصلا من قبل علي السعفة الذهبية لأول مرة عن فيلمهما »روزيتا« والثانية عام 5002 عن فيلمهما »الطفل« وهما من الأسماء المخلصة لمهرجان »كان« وعادة إن لم تحصل أفلامهما علي جائزة فإن إبطال الأفلام يحصلون علي جوائز التمثيل أو في الأفرع الأخري، كما حدث في »صمت لورنا« عام 8002 .. »الابن« عام 2002.
والأخوان »داردين« الأول جان بيير في الستين من عمره والثاني لوك في الثالثة والستين وهذا هو فيلمهما الثامن حيث قدما من قبل العديد من الأفلام التسجيلية وشاركا في إنتاج العديد منها أيضا.
وهما عادة في أفلامهما لايستخدمان الموسيقي التصويرية كثيرا لكن في هذا الفيلم استعانا بها وهو شيء نادر بالنسبة لهما.
هوليوود الصامتة.. بعيون فرنسية
تحية بالأبيض والأسود للسينما الصامتة وروادها.. تحية للسينما في بداياتها.. ولمتعة البصر بعيدا عن لغة الحوار نجح في تقديمها المخرج الفرنسي ميشيل هازانافيكيوس في فيلمه The Artist (الفنان) بطولة الممثل الفرنسي جان دوچاردان والفنانة »بيرينيس بيجو«.. والذي استحق دوچاردان جائزة أحسن ممثل بجدارة فالفيلم كان حديث المهرجان بما حققه من متعة حقيقية قادت الجميع لحنين قديم شمل كل شيء أيام »الأبيض والأسود« الجدير بالذكر أن الفيلم تم ضمه في آخر وقت للمسابقة الرسمية حتي إنه لم يلحق بكتالوج المهرجان .. والطريف أن هذا الفنان الذي بهر الجميع بأدائه الرائع الصامت بدأ حياته الفنية كممثل هزلي.
الفيلم كما يقول مخرجه »ميشيل« كان »حلما«.. و»حنينا« لزمن قديم عندما تحدث عنه مع المنتج توماس لانجمان فوجئ بحماسه الشديد واستعداده لإنتاج الفيلم.. وهو نفس ماحدث مع بطل الفيلم »دوچاردان« الذي أعجب بالفكرة قبل أن يقرأ السيناريو.. وجاءت الموافقة فورية بعد قراءة السيناريو.
الفيلم يروي المرحلة الانتقالية من السينما الصامتة إلي »الناطقة« وكيف أثر ذلك علي أحد فنانيها العظام.. الحكاية ليست سيرة ذاتية لأحد .. لكن وقائعها بالتأكيد ألقت بظلالها علي من عملوا في تلك الفترة.. ميشيل يشارك للمرة الأولي في المسابقة الرسمية لمهرجان كان ، الأحداث تدور في عام 1927 من خلال جورج فالانتيني أحد نجوم السينما الصامتة الذي يجد نفسه وقد أصبح في دائرة النسيان بمجيء السينما الناطقة.. ولايجد من تساعده سوي بيير ميللر كانت كومبارس ساعدها في الوصول إلي السينما فحفظت له الجميل .. ومدت له يد المساعدة بعدما تبدل به الحال كما ساعدها هو من قبل.. خاصة أنها أحبته كثيرا منذ البداية، ووجدت في إجادته رقصة الكلاكيت مايعيده من جديد معها في تقديم الاستعراضات وعودته للسينما.
وعن هذا الدور يقول صاحب جائزة أفضل ممثل إنه تأثر كثيرا بفنان عظيم في ذلك الوقت هو دوجلاس فيربنكس.
ثورة النساء
في الحياة ومن أجل الاستمرارية ليس مهما »الحب« بل »الاحترام« الاحترام في »الاختلاف« قبل »الوفاق«.. في التناقض قبل التطابق.. في تقبل وتفهم وجهة نظر الآخر مهما اختلفت وابتعدت عن وجهات نظرها.. وتقديرها حق قدرها وعدم الاستخفاف بها. فالحقيقة إنه لاتستقيم الحياة حتي بين اثنين بدون احترام .. فهو العمود الفقري لأي علاقة.
وفي واحد من أجمل الأفلام وأبسطها التي عرضت في المهرجان الفيلم المغربي الفرنسي البلجيكي المشترك »نبع النساء« للمخرج الروماني الأصل والفرنسي الجنسية رادوميهالينو وهو بالمناسبة يهودي الديانة وليس في ذلك ما يسوؤه بل مايزيدنا احتراما وإجلالا له . وإن تردد معلومة ليست موكدة بأنه يحمل الجنسية الإسرائيلية. لكن المؤكد أنه عندما تولي شاوشيسكو الحكم في رومانيا تم طرد والده إلي إسرائيل وإن كان رادو هاجر إلي فرنسا وعمل محررا ومساعد مخرج. كما كتب بعض القصائد وذلك قبل أن يقدم أفلاما سينمائية.. ومن بين هذه الأفلام »اذهب.. وعش.. وعد« وأحداثه تدور في إسرائيل.
رادو في فيلم نبع النساء الذي يشارك به لأول مرة في المسابقة الرسمية لمهرجان »كان« وقبل التطرق للفيلم والذي لم يكن أفضل أفلام المسابقة إلا أن حكايته وسرده للأمور هي نقطة قوته الحقيقية.. خاصة أنه انصف المرأة في الإسلام.. وشرح كل الحقوق المكفولة لها والتي تجهلها الكثيرات.. وهو في ذلك مايشكر عليه المخرج الذي لايدين بالإسلام.. لكنه استطاع أن يقدم صورة حقيقية للإسلام المفتري عليه عالميا. والمسلمين المتهمين دائما بالإرهاب.
حكاية الفيلم باختصار شديد عن قرية نائية تقع فوق أحد الجبال المرتفعة بشمال أفريقيا (المغرب).. لايدخلها الكهرباء .. والماء.. وعلي النساء أن يصعدن لأعلي الجبل للإتيان بالماء وسط طريق وعرة للغاية مما كان يدفع بهن للسقوط.. وما أكثر الإصابات التي ألمت بهن.. خاصة حالات الإجهاض بسبب السقوط لدرجة أن بعضهن أجهضن أكثر من مرة.
وأمام هذا الإحساس بالظلم والقهر من قبل رجال يقضون كل وقتهم علي المقهي دون عمل.. فنقص المياه حجة قوية كي لايفلحوا الأرض أو يمارسوا أي عمل.. لذا كان القرار بعمل إضراب عن ممارسة الحب مع أزواجهن .. مما أدي إلي الكثير من الخلافات والمناقشات عن حقوق المرأة وواجباتها من منظور الدين الذي انتصر لها ولكرامتها وإنسانيتها.
ورغم أن قصة الفيلم استوحاها المخرج من واقعة حقيقية وقعت في تركيا عام 2001.. وإن كان لها مثيل في التاريخ القديم من خلال lysistrata d'aristophane وهي عن امرأة أعلنت الإضراب عن ممارسة الحب مع زوجها القائد الكبير لوضع حد للحروب.
وفعلا إن كيدهن عظيم وفي الفيلم كما في أحداث القرية التركية خافت الدولة من انتشار تلك الثورة فكان أن مدت القرية »بالماء« بعدما كانت ودن من طين والأخري من عجين وهذه هي عادات الحكومات المتخلفة.
يعترف رادو إنه مع شريكه آلان ميشيل بلان في كتابة السيناريو أنهما قضيا أكثر من عام في البحث والقراءة والاطلاع والسماع لشهادات العديد من النساء.. بل إن القرية التي تم فيها تصوير الفيلم أمضيا فيها عدة شهور.
بطلات الفيلم هن الممثلة القديرة بينونة مع ليلي بختي وحفظية حرزي التي لها فيلمان في المسابقة الرسمية، وكنا في آخر ساعة أجرينا معها حوارا منذ عدة سنوات وتنبأنا بأنها ستكون إحدي أهم ممثلات فرنسا في المرحلة القادمة.
وإذا كانت حكاية النساء حاضرة بقوة في مهرجان كان، فإن التي حصلت علي جائزة أحسن ممثلة هي الممثلة كريستين دانست بطلة فيلم منغوليا للمخرج الدانمركي لارس فان تريير والجدير بالذكر أن هذا الدور كان من المفروض أن تقوم به بينلوب كروز التي فضلت العمل في فيلم »قراصنة الكاريبي« والذي عرض خارج المسابقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.