تفاصيل.. مؤتمر الاتحاد المصري لطلاب الصيدلة في نسخته الرابعة    رئيس شركة شمال القاهرة للكهرباء يفصل موظفين لاستغلال الوظيفة والتلاعب بالبيانات    «الاتصالات» تطلق برنامج التدريب الصيفي لطلاب الجامعات 2025    انقطاع مفاجئ للكهرباء في عدة مناطق بطرابلس    أديب عن انقطاع الكهرباء مع ارتفاع الحرارة: "تخفيف أحمال" أم "حوادث متفرقة"؟    الدولار ب50.45 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء 13-5-2025    فخ أنهى حياة رجل الظل، ماذا حدث في طرابلس وسر الاجتماع الدموي بمقر "اللواء 444"    بعد استلام ألكسندر.. هل تواصل إسرائيل خططها لتصعيد هجومها في غزة؟    ترامب: نصدق كلام الحوثيين بشأن التوقف عن استهدافنا    محمود بسيوني حكما لمباراة سيراميكا كليوباترا والأهلي.. مثل الدور الأول    الأهلي يحصل على توقيع موهبة جديدة 5 سنوات.. إعلامي يكشف التفاصيل    حبس لص الدراجات النارية بالبساتين    وفاة الفنان شريف ليلة.. ونجله يطالب جمهوره بالدعاء له    ما هي أهداف زيارة ترامب إلى الرياض ودول الخليج؟    رعب أمام المدارس في الفيوم.. شاب يهدد الطالبات بصاعق كهربائي.. والأهالي يطالبون بتدخل عاجل    مواعيد أهم مباريات اليوم الثلاثاء في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جولة تفقدية لمدير التأمين الصحي بالقليوبية على المنشآت الصحية ببهتيم    إطلاق مبادرة «دمتم سند» لتوصيل الدواء والكشف المنزلي بالإسماعيلية    بعد مقتله.. من هو غنيوة الككلي؟    بعد اطمئنان السيسي.. من هو صنع الله إبراهيم؟    قناة السويس تجهز مفاجأة لشركات الشحن العالمية (تفاصيل)    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية بمحافظة المنيا للفصل الدراسي الثاني 2025    ثبات سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن الثلاثاء 13 مايو 2025 (بداية التعاملات)    ملف يلا كورة.. عقد ريفيرو.. منتخب الشباب في كأس العالم.. ويد الأهلي تطيح بالزمالك    ميمي عبدالرازق: الأهلي يحتاج لمدرب أجنبي قوي.. وهناك مجاملات للأحمر!    محافظ سوهاج: تشكيل لجنة لفحص أعمال وتعاقدات نادي المحليات    سعر السمك البلطي والجمبري بالأسواق اليوم الثلاثاء 13 مايو 2025    حريق هائل يلتهم 4 طوابق بعقار في المريوطية    انفجار أسطوانة غاز السبب.. تفاصيل إصابة أم وطفليها في حريق منزل بكرداسة    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الثلاثاء 13-5-2025 في محافظة قنا    إيقاف الدراسة بجامعة طرابلس الليبية لحين إشعار أخر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 13-5-2025 في محافظة قنا    الخارجية الأمريكية: جهود كبيرة لتحسين الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة    كيف ردت سوريا على تصريحات ترامب بشأن رفع العقوبات؟    الكشف على 490 مواطناً وتوزيع 308 نظارات طبية خلال قافلة طبية بدمنهور    بعت اللي وراي واللي قدامي، صبحي خليل يتحدث عن معاناة ابنته مع مرض السرطان (فيديو)    يلا كورة يكشف.. التفاصيل المالية في عقد ريفيرو مع الأهلي    كشف لغز العثور على جثة بالأراضي الزراعية بالغربية    تحت شعار «اكتشاف المشهد».. «أسبوع القاهرة للصورة» يواصل فعاليات دورته الرابعة بدعم غزة (صور)    5 أبراج «لو قالوا حاجة بتحصل».. عرّافون بالفطرة ويتنبؤون بالمخاطر    محامية بوسى شلبى تعلن مقاضاة كل من يخوض بعرضها أو ينكر علاقتها الزوجية    جدول امتحانات المواد غير المضافة للمجموع للصف الثاني الثانوي ببورسعيد(متى تبدأ؟)    افتتاح أول مركز للقيادات الطلابية بجامعه المنوفية    اعتماد 24 مدرسة من هيئة ضمان جودة التعليم والاعتماد بالوادي الجديد    جامعة القاهرة تحتفل بيوم المرأة العالمي في الرياضيات وتطلق شبكة المرأة العربية- (صور)    إيمان العاصي في "الجيم" ونانسي عجرم بفستان أنيق.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    قبل عرضه على "MBC".. صلاح عبدالله ينشر صورة من كواليس مسلسل "حرب الجبالي"    نانسى عجرم تنشر صورا من حفلها الأخير المخصص للنساء فقط فى هولندا    منتخب مصر للباراسيكل يكتسح بطولة إفريقيا لمضمار الدراجات ويحصد 29 ميدالية.    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي أم يجوزُ لي تأجيلُه؟| الإفتاء تجيب    سقوط طفل من مرتفع " بيارة " بنادي المنتزه بالإسماعيلية    انتحار شقيقي الشاب ضحية بئر الآثار في بسيون بالغربية    اليوم| محاكمة تشكيل عصابي بتهمة الشروع في قتل شاب ببولاق الدكرور    آس: بعد أول مباراتين ل البرازيل.. نجل أنشيلوتي سيتولى تدريب رينجرز    طفل ينهي حياته داخل منزله بالإسماعيلية    عالم بالأزهر: هذا أجمل دعاء لمواجهة الهموم والأحزان    أهم 60 سؤالاً وإجابة شرعية عن الأضحية.. أصدرتها دار الإفتاء المصرية    موعد وقفة عرفة 2025.. فضل صيامها والأعمال والأدعية المستحبة بها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في مهرجان »كان« ال 46:
طفل علي دراجة يخطف القلوب قبل الجوائز
نشر في آخر ساعة يوم 31 - 05 - 2011

»لاتتركني يا أبي« أغوص في الوحدة والضياع.. مازلت صغيرا علي مواجهة الحياة وحدي، أعوامي التي لاتتجاوز الاثني عشر لاتستطيع أن تحميني من شرور العالم الذي نعيش فيه.. أحبك يا أبي لذا لاتتركني وتتخلي عني.. لا تعتقد أنك عندما تضعني في منزل لرعاية الصغار أنك تؤمن لي حياة، لأنها باختصار حياة جافة لاتخلو من الحب ونحن الأطفال الصغار يجب أن تروي مشاعرنا وعواطفنا بالحب ليتحقق لنا التوازن في الحياة عند الكبر.. فأرجوك لا تتركني يا أبي حتي لا أكون اليوم »مهملا« وغدا »مهمشا« أو مجرما.
كان هذا بعض ما شعر به الطفل الصغير »سيريل« 21 عاما عندما تركه والده في منزل لرعاية الأحداث، لأنه لايقوي ويقدر علي رعايته.. تركه مقنعا إياه إنه يتركه لمدة شهر واحد يعيد فيها ترتيب أموره.. لكن الحقيقة كانت غير ذلك.. فقد كان الترك نهائيا حيث أقنع الأب نفسه في لحظة أنانية وجحود إنه لايقدر علي تحمل مسئولية رعاية الابن وزهق من هذه المسئولية ويريد أن يعيش حياته بالأسلوب الذي يعجبه .. ونسي أنه أب وليس طفلا صغيرا.. وفي مقابل هذا الهجر المتعمد فإن الابن الصغير لم يعتقد أبدا أن والده تخلي عنه.. ولذلك كان كل همه أن يبحث عنه فقرر الفرار من منزل رعاية الصغار والذهاب إلي حيث يقيم مع أبيه ليكتشف الحقيقة المرة أن والده باع كل شيء حتي »الدراجة« التي يعشقها.. وأثناء محاولة فراره يقوم بإيقاع سيدة علي الأرض وتكون المفاجأة بعد أيام قليلة بحضور »سامنتا« أو هذه السيدة الجميلة لدار رعاية الأطفال ومعها الدراجة الخاصة بعدما اشترتها لمن قام أبوه ببيعها.
لقد شعرت سامنتا صاحبة »محل التجميل« بعاطفة أمومة تجاه هذا الصبي الذي يبحث عن أبيه، وقررت بينها وبين نفسها أن تساعده وبالفعل تتعهد برعايته في نهاية الأسبوع.. وتبحث معه عن أبيه حتي يجده.. لكن للأسف الشديد يكون اللقاء فاترا.. صادما للابن حيث يكتشف أن الأب لايريد أن يراه ثانية.. وإنه يتخلي عنه طواعية من أجل أن يعيش حياته!
والحقيقة أنه في الحياة كم من »الآباء« الجبناء الذين يتخلون عن أبنائهم ومسئولياتهم وأيضا من الأمهات اللائي انتزعت من قلوبهن الرحمة متخليات عن الأبناء تحت حجج واهية وهمية ترجمتها الأساسية هي الأنانية.
»سيريل« يجد في »سامنتا« حضنا دافئا يعوضه عن حنان الأب والأم معا.. لكن هذا لايمنعه من أن ينزلق مع رفقاء سوء مما يوقعه في مشاكل جمة تقف فيها »سامنتا« بجواره.. ربما هذه اللحظة الفارقة في حياته التي كانت ستضعه في إصلاحية الأحداث هي التي جعلته يقدر ما فعلته سامنتا وتفعله من أجله.. ليصبح طفلا مطيعا فقد اكتشف أن الحب يعني المسئولية وهي تحملت المسئولية وتخلت عن الرجل الذي أحبته من أجله لأنه كان يرفض وجوده.. كما دفعت له كفالة كبيرة.. ففي الحياة لايكفي فقط أن تعطيني حياة بل أن تتحمل مسئوليتي مما يعني أن تحسن تربيتي.
هذا الفيلم الرائع للأخوين »جان بيير« .. و»لوك داردين« الذي حصل مناصفة علي الجائزة الكبري مع الفيلم التركي »حدث ذات مرة في الأناضول« للمخرج التركي نوري بلجي بينما حصل فيلم »شجرة الحياة« للمخرج »نيراتس ماليك«، علي السعفة الذهبية.
الفيلم الأول »طفل علي دراجة« عمل شديد الإنسانية يدخل القلب.. وقامت ببطولته الفنانة »سيسل دو فرانس« والطفل الرائع »توماس دوريه«. أما الفيلم الثاني فهو بطولة »براد بيت« و»شين بين« وقد أثار الإعجاب بمستواه الفني السينمائي الرائع.. ولنا حديث عنه في عدد قادم.
»طفل علي دراجة« يعتبر التتويج الثالث للأخوين »داردين« فقد حصلا من قبل علي السعفة الذهبية لأول مرة عن فيلمهما »روزيتا« والثانية عام 5002 عن فيلمهما »الطفل« وهما من الأسماء المخلصة لمهرجان »كان« وعادة إن لم تحصل أفلامهما علي جائزة فإن إبطال الأفلام يحصلون علي جوائز التمثيل أو في الأفرع الأخري، كما حدث في »صمت لورنا« عام 8002 .. »الابن« عام 2002.
والأخوان »داردين« الأول جان بيير في الستين من عمره والثاني لوك في الثالثة والستين وهذا هو فيلمهما الثامن حيث قدما من قبل العديد من الأفلام التسجيلية وشاركا في إنتاج العديد منها أيضا.
وهما عادة في أفلامهما لايستخدمان الموسيقي التصويرية كثيرا لكن في هذا الفيلم استعانا بها وهو شيء نادر بالنسبة لهما.
هوليوود الصامتة.. بعيون فرنسية
تحية بالأبيض والأسود للسينما الصامتة وروادها.. تحية للسينما في بداياتها.. ولمتعة البصر بعيدا عن لغة الحوار نجح في تقديمها المخرج الفرنسي ميشيل هازانافيكيوس في فيلمه The Artist (الفنان) بطولة الممثل الفرنسي جان دوچاردان والفنانة »بيرينيس بيجو«.. والذي استحق دوچاردان جائزة أحسن ممثل بجدارة فالفيلم كان حديث المهرجان بما حققه من متعة حقيقية قادت الجميع لحنين قديم شمل كل شيء أيام »الأبيض والأسود« الجدير بالذكر أن الفيلم تم ضمه في آخر وقت للمسابقة الرسمية حتي إنه لم يلحق بكتالوج المهرجان .. والطريف أن هذا الفنان الذي بهر الجميع بأدائه الرائع الصامت بدأ حياته الفنية كممثل هزلي.
الفيلم كما يقول مخرجه »ميشيل« كان »حلما«.. و»حنينا« لزمن قديم عندما تحدث عنه مع المنتج توماس لانجمان فوجئ بحماسه الشديد واستعداده لإنتاج الفيلم.. وهو نفس ماحدث مع بطل الفيلم »دوچاردان« الذي أعجب بالفكرة قبل أن يقرأ السيناريو.. وجاءت الموافقة فورية بعد قراءة السيناريو.
الفيلم يروي المرحلة الانتقالية من السينما الصامتة إلي »الناطقة« وكيف أثر ذلك علي أحد فنانيها العظام.. الحكاية ليست سيرة ذاتية لأحد .. لكن وقائعها بالتأكيد ألقت بظلالها علي من عملوا في تلك الفترة.. ميشيل يشارك للمرة الأولي في المسابقة الرسمية لمهرجان كان ، الأحداث تدور في عام 1927 من خلال جورج فالانتيني أحد نجوم السينما الصامتة الذي يجد نفسه وقد أصبح في دائرة النسيان بمجيء السينما الناطقة.. ولايجد من تساعده سوي بيير ميللر كانت كومبارس ساعدها في الوصول إلي السينما فحفظت له الجميل .. ومدت له يد المساعدة بعدما تبدل به الحال كما ساعدها هو من قبل.. خاصة أنها أحبته كثيرا منذ البداية، ووجدت في إجادته رقصة الكلاكيت مايعيده من جديد معها في تقديم الاستعراضات وعودته للسينما.
وعن هذا الدور يقول صاحب جائزة أفضل ممثل إنه تأثر كثيرا بفنان عظيم في ذلك الوقت هو دوجلاس فيربنكس.
ثورة النساء
في الحياة ومن أجل الاستمرارية ليس مهما »الحب« بل »الاحترام« الاحترام في »الاختلاف« قبل »الوفاق«.. في التناقض قبل التطابق.. في تقبل وتفهم وجهة نظر الآخر مهما اختلفت وابتعدت عن وجهات نظرها.. وتقديرها حق قدرها وعدم الاستخفاف بها. فالحقيقة إنه لاتستقيم الحياة حتي بين اثنين بدون احترام .. فهو العمود الفقري لأي علاقة.
وفي واحد من أجمل الأفلام وأبسطها التي عرضت في المهرجان الفيلم المغربي الفرنسي البلجيكي المشترك »نبع النساء« للمخرج الروماني الأصل والفرنسي الجنسية رادوميهالينو وهو بالمناسبة يهودي الديانة وليس في ذلك ما يسوؤه بل مايزيدنا احتراما وإجلالا له . وإن تردد معلومة ليست موكدة بأنه يحمل الجنسية الإسرائيلية. لكن المؤكد أنه عندما تولي شاوشيسكو الحكم في رومانيا تم طرد والده إلي إسرائيل وإن كان رادو هاجر إلي فرنسا وعمل محررا ومساعد مخرج. كما كتب بعض القصائد وذلك قبل أن يقدم أفلاما سينمائية.. ومن بين هذه الأفلام »اذهب.. وعش.. وعد« وأحداثه تدور في إسرائيل.
رادو في فيلم نبع النساء الذي يشارك به لأول مرة في المسابقة الرسمية لمهرجان »كان« وقبل التطرق للفيلم والذي لم يكن أفضل أفلام المسابقة إلا أن حكايته وسرده للأمور هي نقطة قوته الحقيقية.. خاصة أنه انصف المرأة في الإسلام.. وشرح كل الحقوق المكفولة لها والتي تجهلها الكثيرات.. وهو في ذلك مايشكر عليه المخرج الذي لايدين بالإسلام.. لكنه استطاع أن يقدم صورة حقيقية للإسلام المفتري عليه عالميا. والمسلمين المتهمين دائما بالإرهاب.
حكاية الفيلم باختصار شديد عن قرية نائية تقع فوق أحد الجبال المرتفعة بشمال أفريقيا (المغرب).. لايدخلها الكهرباء .. والماء.. وعلي النساء أن يصعدن لأعلي الجبل للإتيان بالماء وسط طريق وعرة للغاية مما كان يدفع بهن للسقوط.. وما أكثر الإصابات التي ألمت بهن.. خاصة حالات الإجهاض بسبب السقوط لدرجة أن بعضهن أجهضن أكثر من مرة.
وأمام هذا الإحساس بالظلم والقهر من قبل رجال يقضون كل وقتهم علي المقهي دون عمل.. فنقص المياه حجة قوية كي لايفلحوا الأرض أو يمارسوا أي عمل.. لذا كان القرار بعمل إضراب عن ممارسة الحب مع أزواجهن .. مما أدي إلي الكثير من الخلافات والمناقشات عن حقوق المرأة وواجباتها من منظور الدين الذي انتصر لها ولكرامتها وإنسانيتها.
ورغم أن قصة الفيلم استوحاها المخرج من واقعة حقيقية وقعت في تركيا عام 2001.. وإن كان لها مثيل في التاريخ القديم من خلال lysistrata d'aristophane وهي عن امرأة أعلنت الإضراب عن ممارسة الحب مع زوجها القائد الكبير لوضع حد للحروب.
وفعلا إن كيدهن عظيم وفي الفيلم كما في أحداث القرية التركية خافت الدولة من انتشار تلك الثورة فكان أن مدت القرية »بالماء« بعدما كانت ودن من طين والأخري من عجين وهذه هي عادات الحكومات المتخلفة.
يعترف رادو إنه مع شريكه آلان ميشيل بلان في كتابة السيناريو أنهما قضيا أكثر من عام في البحث والقراءة والاطلاع والسماع لشهادات العديد من النساء.. بل إن القرية التي تم فيها تصوير الفيلم أمضيا فيها عدة شهور.
بطلات الفيلم هن الممثلة القديرة بينونة مع ليلي بختي وحفظية حرزي التي لها فيلمان في المسابقة الرسمية، وكنا في آخر ساعة أجرينا معها حوارا منذ عدة سنوات وتنبأنا بأنها ستكون إحدي أهم ممثلات فرنسا في المرحلة القادمة.
وإذا كانت حكاية النساء حاضرة بقوة في مهرجان كان، فإن التي حصلت علي جائزة أحسن ممثلة هي الممثلة كريستين دانست بطلة فيلم منغوليا للمخرج الدانمركي لارس فان تريير والجدير بالذكر أن هذا الدور كان من المفروض أن تقوم به بينلوب كروز التي فضلت العمل في فيلم »قراصنة الكاريبي« والذي عرض خارج المسابقة.
كان هذا بعض ما شعر به الطفل الصغير »سيريل« 21 عاما عندما تركه والده في منزل لرعاية الأحداث، لأنه لايقوي ويقدر علي رعايته.. تركه مقنعا إياه إنه يتركه لمدة شهر واحد يعيد فيها ترتيب أموره.. لكن الحقيقة كانت غير ذلك.. فقد كان الترك نهائيا حيث أقنع الأب نفسه في لحظة أنانية وجحود إنه لايقدر علي تحمل مسئولية رعاية الابن وزهق من هذه المسئولية ويريد أن يعيش حياته بالأسلوب الذي يعجبه .. ونسي أنه أب وليس طفلا صغيرا.. وفي مقابل هذا الهجر المتعمد فإن الابن الصغير لم يعتقد أبدا أن والده تخلي عنه.. ولذلك كان كل همه أن يبحث عنه فقرر الفرار من منزل رعاية الصغار والذهاب إلي حيث يقيم مع أبيه ليكتشف الحقيقة المرة أن والده باع كل شيء حتي »الدراجة« التي يعشقها.. وأثناء محاولة فراره يقوم بإيقاع سيدة علي الأرض وتكون المفاجأة بعد أيام قليلة بحضور »سامنتا« أو هذه السيدة الجميلة لدار رعاية الأطفال ومعها الدراجة الخاصة بعدما اشترتها لمن قام أبوه ببيعها.
لقد شعرت سامنتا صاحبة »محل التجميل« بعاطفة أمومة تجاه هذا الصبي الذي يبحث عن أبيه، وقررت بينها وبين نفسها أن تساعده وبالفعل تتعهد برعايته في نهاية الأسبوع.. وتبحث معه عن أبيه حتي يجده.. لكن للأسف الشديد يكون اللقاء فاترا.. صادما للابن حيث يكتشف أن الأب لايريد أن يراه ثانية.. وإنه يتخلي عنه طواعية من أجل أن يعيش حياته!
والحقيقة أنه في الحياة كم من »الآباء« الجبناء الذين يتخلون عن أبنائهم ومسئولياتهم وأيضا من الأمهات اللائي انتزعت من قلوبهن الرحمة متخليات عن الأبناء تحت حجج واهية وهمية ترجمتها الأساسية هي الأنانية.
»سيريل« يجد في »سامنتا« حضنا دافئا يعوضه عن حنان الأب والأم معا.. لكن هذا لايمنعه من أن ينزلق مع رفقاء سوء مما يوقعه في مشاكل جمة تقف فيها »سامنتا« بجواره.. ربما هذه اللحظة الفارقة في حياته التي كانت ستضعه في إصلاحية الأحداث هي التي جعلته يقدر ما فعلته سامنتا وتفعله من أجله.. ليصبح طفلا مطيعا فقد اكتشف أن الحب يعني المسئولية وهي تحملت المسئولية وتخلت عن الرجل الذي أحبته من أجله لأنه كان يرفض وجوده.. كما دفعت له كفالة كبيرة.. ففي الحياة لايكفي فقط أن تعطيني حياة بل أن تتحمل مسئوليتي مما يعني أن تحسن تربيتي.
هذا الفيلم الرائع للأخوين »جان بيير« .. و»لوك داردين« الذي حصل مناصفة علي الجائزة الكبري مع الفيلم التركي »حدث ذات مرة في الأناضول« للمخرج التركي نوري بلجي بينما حصل فيلم »شجرة الحياة« للمخرج »نيراتس ماليك«، علي السعفة الذهبية.
الفيلم الأول »طفل علي دراجة« عمل شديد الإنسانية يدخل القلب.. وقامت ببطولته الفنانة »سيسل دو فرانس« والطفل الرائع »توماس دوريه«. أما الفيلم الثاني فهو بطولة »براد بيت« و»شين بين« وقد أثار الإعجاب بمستواه الفني السينمائي الرائع.. ولنا حديث عنه في عدد قادم.
»طفل علي دراجة« يعتبر التتويج الثالث للأخوين »داردين« فقد حصلا من قبل علي السعفة الذهبية لأول مرة عن فيلمهما »روزيتا« والثانية عام 5002 عن فيلمهما »الطفل« وهما من الأسماء المخلصة لمهرجان »كان« وعادة إن لم تحصل أفلامهما علي جائزة فإن إبطال الأفلام يحصلون علي جوائز التمثيل أو في الأفرع الأخري، كما حدث في »صمت لورنا« عام 8002 .. »الابن« عام 2002.
والأخوان »داردين« الأول جان بيير في الستين من عمره والثاني لوك في الثالثة والستين وهذا هو فيلمهما الثامن حيث قدما من قبل العديد من الأفلام التسجيلية وشاركا في إنتاج العديد منها أيضا.
وهما عادة في أفلامهما لايستخدمان الموسيقي التصويرية كثيرا لكن في هذا الفيلم استعانا بها وهو شيء نادر بالنسبة لهما.
هوليوود الصامتة.. بعيون فرنسية
تحية بالأبيض والأسود للسينما الصامتة وروادها.. تحية للسينما في بداياتها.. ولمتعة البصر بعيدا عن لغة الحوار نجح في تقديمها المخرج الفرنسي ميشيل هازانافيكيوس في فيلمه The Artist (الفنان) بطولة الممثل الفرنسي جان دوچاردان والفنانة »بيرينيس بيجو«.. والذي استحق دوچاردان جائزة أحسن ممثل بجدارة فالفيلم كان حديث المهرجان بما حققه من متعة حقيقية قادت الجميع لحنين قديم شمل كل شيء أيام »الأبيض والأسود« الجدير بالذكر أن الفيلم تم ضمه في آخر وقت للمسابقة الرسمية حتي إنه لم يلحق بكتالوج المهرجان .. والطريف أن هذا الفنان الذي بهر الجميع بأدائه الرائع الصامت بدأ حياته الفنية كممثل هزلي.
الفيلم كما يقول مخرجه »ميشيل« كان »حلما«.. و»حنينا« لزمن قديم عندما تحدث عنه مع المنتج توماس لانجمان فوجئ بحماسه الشديد واستعداده لإنتاج الفيلم.. وهو نفس ماحدث مع بطل الفيلم »دوچاردان« الذي أعجب بالفكرة قبل أن يقرأ السيناريو.. وجاءت الموافقة فورية بعد قراءة السيناريو.
الفيلم يروي المرحلة الانتقالية من السينما الصامتة إلي »الناطقة« وكيف أثر ذلك علي أحد فنانيها العظام.. الحكاية ليست سيرة ذاتية لأحد .. لكن وقائعها بالتأكيد ألقت بظلالها علي من عملوا في تلك الفترة.. ميشيل يشارك للمرة الأولي في المسابقة الرسمية لمهرجان كان ، الأحداث تدور في عام 1927 من خلال جورج فالانتيني أحد نجوم السينما الصامتة الذي يجد نفسه وقد أصبح في دائرة النسيان بمجيء السينما الناطقة.. ولايجد من تساعده سوي بيير ميللر كانت كومبارس ساعدها في الوصول إلي السينما فحفظت له الجميل .. ومدت له يد المساعدة بعدما تبدل به الحال كما ساعدها هو من قبل.. خاصة أنها أحبته كثيرا منذ البداية، ووجدت في إجادته رقصة الكلاكيت مايعيده من جديد معها في تقديم الاستعراضات وعودته للسينما.
وعن هذا الدور يقول صاحب جائزة أفضل ممثل إنه تأثر كثيرا بفنان عظيم في ذلك الوقت هو دوجلاس فيربنكس.
ثورة النساء
في الحياة ومن أجل الاستمرارية ليس مهما »الحب« بل »الاحترام« الاحترام في »الاختلاف« قبل »الوفاق«.. في التناقض قبل التطابق.. في تقبل وتفهم وجهة نظر الآخر مهما اختلفت وابتعدت عن وجهات نظرها.. وتقديرها حق قدرها وعدم الاستخفاف بها. فالحقيقة إنه لاتستقيم الحياة حتي بين اثنين بدون احترام .. فهو العمود الفقري لأي علاقة.
وفي واحد من أجمل الأفلام وأبسطها التي عرضت في المهرجان الفيلم المغربي الفرنسي البلجيكي المشترك »نبع النساء« للمخرج الروماني الأصل والفرنسي الجنسية رادوميهالينو وهو بالمناسبة يهودي الديانة وليس في ذلك ما يسوؤه بل مايزيدنا احتراما وإجلالا له . وإن تردد معلومة ليست موكدة بأنه يحمل الجنسية الإسرائيلية. لكن المؤكد أنه عندما تولي شاوشيسكو الحكم في رومانيا تم طرد والده إلي إسرائيل وإن كان رادو هاجر إلي فرنسا وعمل محررا ومساعد مخرج. كما كتب بعض القصائد وذلك قبل أن يقدم أفلاما سينمائية.. ومن بين هذه الأفلام »اذهب.. وعش.. وعد« وأحداثه تدور في إسرائيل.
رادو في فيلم نبع النساء الذي يشارك به لأول مرة في المسابقة الرسمية لمهرجان »كان« وقبل التطرق للفيلم والذي لم يكن أفضل أفلام المسابقة إلا أن حكايته وسرده للأمور هي نقطة قوته الحقيقية.. خاصة أنه انصف المرأة في الإسلام.. وشرح كل الحقوق المكفولة لها والتي تجهلها الكثيرات.. وهو في ذلك مايشكر عليه المخرج الذي لايدين بالإسلام.. لكنه استطاع أن يقدم صورة حقيقية للإسلام المفتري عليه عالميا. والمسلمين المتهمين دائما بالإرهاب.
حكاية الفيلم باختصار شديد عن قرية نائية تقع فوق أحد الجبال المرتفعة بشمال أفريقيا (المغرب).. لايدخلها الكهرباء .. والماء.. وعلي النساء أن يصعدن لأعلي الجبل للإتيان بالماء وسط طريق وعرة للغاية مما كان يدفع بهن للسقوط.. وما أكثر الإصابات التي ألمت بهن.. خاصة حالات الإجهاض بسبب السقوط لدرجة أن بعضهن أجهضن أكثر من مرة.
وأمام هذا الإحساس بالظلم والقهر من قبل رجال يقضون كل وقتهم علي المقهي دون عمل.. فنقص المياه حجة قوية كي لايفلحوا الأرض أو يمارسوا أي عمل.. لذا كان القرار بعمل إضراب عن ممارسة الحب مع أزواجهن .. مما أدي إلي الكثير من الخلافات والمناقشات عن حقوق المرأة وواجباتها من منظور الدين الذي انتصر لها ولكرامتها وإنسانيتها.
ورغم أن قصة الفيلم استوحاها المخرج من واقعة حقيقية وقعت في تركيا عام 2001.. وإن كان لها مثيل في التاريخ القديم من خلال lysistrata d'aristophane وهي عن امرأة أعلنت الإضراب عن ممارسة الحب مع زوجها القائد الكبير لوضع حد للحروب.
وفعلا إن كيدهن عظيم وفي الفيلم كما في أحداث القرية التركية خافت الدولة من انتشار تلك الثورة فكان أن مدت القرية »بالماء« بعدما كانت ودن من طين والأخري من عجين وهذه هي عادات الحكومات المتخلفة.
يعترف رادو إنه مع شريكه آلان ميشيل بلان في كتابة السيناريو أنهما قضيا أكثر من عام في البحث والقراءة والاطلاع والسماع لشهادات العديد من النساء.. بل إن القرية التي تم فيها تصوير الفيلم أمضيا فيها عدة شهور.
بطلات الفيلم هن الممثلة القديرة بينونة مع ليلي بختي وحفظية حرزي التي لها فيلمان في المسابقة الرسمية، وكنا في آخر ساعة أجرينا معها حوارا منذ عدة سنوات وتنبأنا بأنها ستكون إحدي أهم ممثلات فرنسا في المرحلة القادمة.
وإذا كانت حكاية النساء حاضرة بقوة في مهرجان كان، فإن التي حصلت علي جائزة أحسن ممثلة هي الممثلة كريستين دانست بطلة فيلم منغوليا للمخرج الدانمركي لارس فان تريير والجدير بالذكر أن هذا الدور كان من المفروض أن تقوم به بينلوب كروز التي فضلت العمل في فيلم »قراصنة الكاريبي« والذي عرض خارج المسابقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.