الرئيس السيسي يشهد اختبارات كشف الهيئة للطلبة المُتقدمين للالتحاق بالأكاديمية العسكرية    رئيس الوزراء يُتابع الموقف التنفيذي لخطة تطوير المنظومة الجمركية    مجلس وزراء الإعلام العرب يؤكد ضرورة مواصلة دعم القضية الفلسطينية بكل أبعادها    رئيس أركان الاحتلال يتغيب عن جلسة أمنية رغم طلب نتنياهو    منتخب مصر للسيدات يفوز على تونس في بطولة شمال أفريقيا تحت 20 عامًا    مهرجان الفيوم يشارك في افتتاح مهرجان تونس للخزف ويعزز الحراك الثقافي والسياحي    قبطي يحصد درجة الماجستير في قسم اللغة العربية بآداب المنيا    سيف الحرية.. أسرار الموساد بإيران من سرقة الأرشيف النووى لاغتيال فخرى زادة    لوكاشينكو يؤكد لبوتين استعداد مينسك لاستضافة أي منصة للمفاوضات حول أوكرانيا    عُمان والبحرين يكملان عقد المتأهلين لكأس العرب 2025 في قطر    هيئة المجتمعات العمرانية توقع عقد أرض مشروع تجاري فندقي بقيمة 15 مليار جنيه    أبطال آسيا 2 - في غياب معتاد ل رونالدو.. النصر يكتسح استقلال دوشنبه برباعية    الزمالك يخطط لعودة رضا هيكل لتدعيم صفوف الطائرة    منتخب مصر للكرة النسائية تحت 20 عاما يفوز على تونس في بطولة شمال أفريقيا    الإدارية العليا تمد أجل الحكم فى 187 طعنا على انتخابات النواب لجلسة السبت    وفاة شخص إثر انقلاب دراجة بخارية بصحراوي المنيا    ضبط سائق استغل سيارته الملاكى فى نقل الركاب وطلب أجرة زائدة بأسيوط    "الإحصاء": 100% من سكان المملكة يحصلون على خدمات مياه الشرب والصرف الصحي    أخبار البورصة اليوم الأربعاء 26-11-2025    وزير الثقافة ينعى الناقد الدكتور محمد عبد المطلب    جهاد حسام الدين: تجربتي في «كارثة طبيعية» صعبة.. ومستحيل أخلف 7 أطفال في الواقع | خاص    خالد الجندي: ثلاثة أرباع من في القبور بسبب الحسد    مؤشرات أولية تكشف خريطة انتخابية أكثر تنوعًا.. وتقدم مرشحين معارضين يعيد تشكيل توازنات البرلمان المقبل    ارتفاع أسعار الذهب في مصر مع توقعات وصول عيار 21 إلى 5600 جنيه    أهم أخبار الكويت اليوم.. الأمير يشارك باجتماع الدورة العادية ال46 لمجلس التعاون    القبض على 3 متهمين اعتدوا على طالب بسلاح أبيض في الجيزة بقصد السرقة بالهرم    القبض على سائق تشاجر مع سيدة في أسيوط    قطاع أمن المنافذ يضبط قضايا تهريب ومخالفات جمركية متعددة خلال 24 ساعة    انخفاض الذرة الصفراء، أسعار الأعلاف والحبوب اليوم في الأسواق    وزارة التعليم العالي تترقب حكم المحكمة لإلغاء الشهادات المهنية بالجامعات المصرية    جامعة المنيا تخصص 10 ملايين جنيه لدعم الطلاب عبر صندوق التكافل المركزي    فوز مدرسة الشهيد أحمد فوزى زيد الثانوية بنات بأبو حمص بلقب أفضل بالبحيرة    خالد جلال: "كاستنج" يسوّق المواهب الشابة بعرضها على الملايين    هل تكون هنا الزاهد عروس الوسط في 2026؟.. الفنانة تجيب    صدمة في الكرة المصرية..رمضان صبحي موقوف 4 سنوات بسبب المنشطات    رئيس هيئة الرعاية الصحية: استدامة التمويل الصحى ركيزة لجودة الخدمات    الحبس 5 سنوات للمتهم بالتعدى على طفل من ذوى الهمم فى الإسكندرية    جامعة عين شمس تشارك في اجتماعات معاهد كونفوشيوس وتعزز تعاونها مع الجامعات الصينية    جامعة بنها تطلق مسابقة "فنون ضد العنف"    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : استرح فى واحة الانس !?    مؤشرات الفرز الأولية والحصر العددى لدائرة السنبلاوين وتمى الأمديد بالدقهلية.. فيديو    مجلس جامعة الأزهر يوجه الكليات بالاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية    مران بدنى خفيف للاعبى الزمالك عقب الوصول لجنوب إفريقيا    إجراءات حاسمة تجاه المقصرين في الوحدات الصحية بقنا    صوتك هو سلاحك.. نداء من نواب جولة الإعادة: لا مكان لشراء الأصوات    محافظ المنوفية يتفقد أعمال تطوير ورفع كفاءة نفق البساتين بشبين الكوم    رئيس الوزراء ونظيره الجزائرى يشهدان توقيع عدد من وثائق التعاون بين البلدين    حريق يحاصر أشخاصا في مبنى شاهق في هونج كونج وإصابة شخص بحروق خطيرة    دوري أبطال إفريقيا.. قائمة بيراميدز في رحلة زامبيا لمواجهة باور ديناموز    تقييم متوسط ل مرموش في مشاركته أمام ليفركوزن بدوري الأبطال    وزير الصحة يزور مستشفى «أنقرة جازيلر» المتخصصة في تأهيل إصابات الحبل الشوكي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    قافلة من أسنان القاهرة للكشف على طلاب كليات القطاع الصحى بالجامعة الأهلية    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    مادورو: سندافع عن فنزويلا ضد أي تهديد والنصر سيكون حليفنا    ريهام عبد الحكيم تتألق في «صدى الأهرامات» بأغنية «بتسأل يا حبيبي» لعمار الشريعي    تقدم مرشح حزب النور ومستقبل وطن.. المؤشرات الأولية للدائرة الأولى بكفر الشيخ    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في مهرجان »كان« ال 46:
طفل علي دراجة يخطف القلوب قبل الجوائز
نشر في آخر ساعة يوم 31 - 05 - 2011

»لاتتركني يا أبي« أغوص في الوحدة والضياع.. مازلت صغيرا علي مواجهة الحياة وحدي، أعوامي التي لاتتجاوز الاثني عشر لاتستطيع أن تحميني من شرور العالم الذي نعيش فيه.. أحبك يا أبي لذا لاتتركني وتتخلي عني.. لا تعتقد أنك عندما تضعني في منزل لرعاية الصغار أنك تؤمن لي حياة، لأنها باختصار حياة جافة لاتخلو من الحب ونحن الأطفال الصغار يجب أن تروي مشاعرنا وعواطفنا بالحب ليتحقق لنا التوازن في الحياة عند الكبر.. فأرجوك لا تتركني يا أبي حتي لا أكون اليوم »مهملا« وغدا »مهمشا« أو مجرما.
كان هذا بعض ما شعر به الطفل الصغير »سيريل« 21 عاما عندما تركه والده في منزل لرعاية الأحداث، لأنه لايقوي ويقدر علي رعايته.. تركه مقنعا إياه إنه يتركه لمدة شهر واحد يعيد فيها ترتيب أموره.. لكن الحقيقة كانت غير ذلك.. فقد كان الترك نهائيا حيث أقنع الأب نفسه في لحظة أنانية وجحود إنه لايقدر علي تحمل مسئولية رعاية الابن وزهق من هذه المسئولية ويريد أن يعيش حياته بالأسلوب الذي يعجبه .. ونسي أنه أب وليس طفلا صغيرا.. وفي مقابل هذا الهجر المتعمد فإن الابن الصغير لم يعتقد أبدا أن والده تخلي عنه.. ولذلك كان كل همه أن يبحث عنه فقرر الفرار من منزل رعاية الصغار والذهاب إلي حيث يقيم مع أبيه ليكتشف الحقيقة المرة أن والده باع كل شيء حتي »الدراجة« التي يعشقها.. وأثناء محاولة فراره يقوم بإيقاع سيدة علي الأرض وتكون المفاجأة بعد أيام قليلة بحضور »سامنتا« أو هذه السيدة الجميلة لدار رعاية الأطفال ومعها الدراجة الخاصة بعدما اشترتها لمن قام أبوه ببيعها.
لقد شعرت سامنتا صاحبة »محل التجميل« بعاطفة أمومة تجاه هذا الصبي الذي يبحث عن أبيه، وقررت بينها وبين نفسها أن تساعده وبالفعل تتعهد برعايته في نهاية الأسبوع.. وتبحث معه عن أبيه حتي يجده.. لكن للأسف الشديد يكون اللقاء فاترا.. صادما للابن حيث يكتشف أن الأب لايريد أن يراه ثانية.. وإنه يتخلي عنه طواعية من أجل أن يعيش حياته!
والحقيقة أنه في الحياة كم من »الآباء« الجبناء الذين يتخلون عن أبنائهم ومسئولياتهم وأيضا من الأمهات اللائي انتزعت من قلوبهن الرحمة متخليات عن الأبناء تحت حجج واهية وهمية ترجمتها الأساسية هي الأنانية.
»سيريل« يجد في »سامنتا« حضنا دافئا يعوضه عن حنان الأب والأم معا.. لكن هذا لايمنعه من أن ينزلق مع رفقاء سوء مما يوقعه في مشاكل جمة تقف فيها »سامنتا« بجواره.. ربما هذه اللحظة الفارقة في حياته التي كانت ستضعه في إصلاحية الأحداث هي التي جعلته يقدر ما فعلته سامنتا وتفعله من أجله.. ليصبح طفلا مطيعا فقد اكتشف أن الحب يعني المسئولية وهي تحملت المسئولية وتخلت عن الرجل الذي أحبته من أجله لأنه كان يرفض وجوده.. كما دفعت له كفالة كبيرة.. ففي الحياة لايكفي فقط أن تعطيني حياة بل أن تتحمل مسئوليتي مما يعني أن تحسن تربيتي.
هذا الفيلم الرائع للأخوين »جان بيير« .. و»لوك داردين« الذي حصل مناصفة علي الجائزة الكبري مع الفيلم التركي »حدث ذات مرة في الأناضول« للمخرج التركي نوري بلجي بينما حصل فيلم »شجرة الحياة« للمخرج »نيراتس ماليك«، علي السعفة الذهبية.
الفيلم الأول »طفل علي دراجة« عمل شديد الإنسانية يدخل القلب.. وقامت ببطولته الفنانة »سيسل دو فرانس« والطفل الرائع »توماس دوريه«. أما الفيلم الثاني فهو بطولة »براد بيت« و»شين بين« وقد أثار الإعجاب بمستواه الفني السينمائي الرائع.. ولنا حديث عنه في عدد قادم.
»طفل علي دراجة« يعتبر التتويج الثالث للأخوين »داردين« فقد حصلا من قبل علي السعفة الذهبية لأول مرة عن فيلمهما »روزيتا« والثانية عام 5002 عن فيلمهما »الطفل« وهما من الأسماء المخلصة لمهرجان »كان« وعادة إن لم تحصل أفلامهما علي جائزة فإن إبطال الأفلام يحصلون علي جوائز التمثيل أو في الأفرع الأخري، كما حدث في »صمت لورنا« عام 8002 .. »الابن« عام 2002.
والأخوان »داردين« الأول جان بيير في الستين من عمره والثاني لوك في الثالثة والستين وهذا هو فيلمهما الثامن حيث قدما من قبل العديد من الأفلام التسجيلية وشاركا في إنتاج العديد منها أيضا.
وهما عادة في أفلامهما لايستخدمان الموسيقي التصويرية كثيرا لكن في هذا الفيلم استعانا بها وهو شيء نادر بالنسبة لهما.
هوليوود الصامتة.. بعيون فرنسية
تحية بالأبيض والأسود للسينما الصامتة وروادها.. تحية للسينما في بداياتها.. ولمتعة البصر بعيدا عن لغة الحوار نجح في تقديمها المخرج الفرنسي ميشيل هازانافيكيوس في فيلمه The Artist (الفنان) بطولة الممثل الفرنسي جان دوچاردان والفنانة »بيرينيس بيجو«.. والذي استحق دوچاردان جائزة أحسن ممثل بجدارة فالفيلم كان حديث المهرجان بما حققه من متعة حقيقية قادت الجميع لحنين قديم شمل كل شيء أيام »الأبيض والأسود« الجدير بالذكر أن الفيلم تم ضمه في آخر وقت للمسابقة الرسمية حتي إنه لم يلحق بكتالوج المهرجان .. والطريف أن هذا الفنان الذي بهر الجميع بأدائه الرائع الصامت بدأ حياته الفنية كممثل هزلي.
الفيلم كما يقول مخرجه »ميشيل« كان »حلما«.. و»حنينا« لزمن قديم عندما تحدث عنه مع المنتج توماس لانجمان فوجئ بحماسه الشديد واستعداده لإنتاج الفيلم.. وهو نفس ماحدث مع بطل الفيلم »دوچاردان« الذي أعجب بالفكرة قبل أن يقرأ السيناريو.. وجاءت الموافقة فورية بعد قراءة السيناريو.
الفيلم يروي المرحلة الانتقالية من السينما الصامتة إلي »الناطقة« وكيف أثر ذلك علي أحد فنانيها العظام.. الحكاية ليست سيرة ذاتية لأحد .. لكن وقائعها بالتأكيد ألقت بظلالها علي من عملوا في تلك الفترة.. ميشيل يشارك للمرة الأولي في المسابقة الرسمية لمهرجان كان ، الأحداث تدور في عام 1927 من خلال جورج فالانتيني أحد نجوم السينما الصامتة الذي يجد نفسه وقد أصبح في دائرة النسيان بمجيء السينما الناطقة.. ولايجد من تساعده سوي بيير ميللر كانت كومبارس ساعدها في الوصول إلي السينما فحفظت له الجميل .. ومدت له يد المساعدة بعدما تبدل به الحال كما ساعدها هو من قبل.. خاصة أنها أحبته كثيرا منذ البداية، ووجدت في إجادته رقصة الكلاكيت مايعيده من جديد معها في تقديم الاستعراضات وعودته للسينما.
وعن هذا الدور يقول صاحب جائزة أفضل ممثل إنه تأثر كثيرا بفنان عظيم في ذلك الوقت هو دوجلاس فيربنكس.
ثورة النساء
في الحياة ومن أجل الاستمرارية ليس مهما »الحب« بل »الاحترام« الاحترام في »الاختلاف« قبل »الوفاق«.. في التناقض قبل التطابق.. في تقبل وتفهم وجهة نظر الآخر مهما اختلفت وابتعدت عن وجهات نظرها.. وتقديرها حق قدرها وعدم الاستخفاف بها. فالحقيقة إنه لاتستقيم الحياة حتي بين اثنين بدون احترام .. فهو العمود الفقري لأي علاقة.
وفي واحد من أجمل الأفلام وأبسطها التي عرضت في المهرجان الفيلم المغربي الفرنسي البلجيكي المشترك »نبع النساء« للمخرج الروماني الأصل والفرنسي الجنسية رادوميهالينو وهو بالمناسبة يهودي الديانة وليس في ذلك ما يسوؤه بل مايزيدنا احتراما وإجلالا له . وإن تردد معلومة ليست موكدة بأنه يحمل الجنسية الإسرائيلية. لكن المؤكد أنه عندما تولي شاوشيسكو الحكم في رومانيا تم طرد والده إلي إسرائيل وإن كان رادو هاجر إلي فرنسا وعمل محررا ومساعد مخرج. كما كتب بعض القصائد وذلك قبل أن يقدم أفلاما سينمائية.. ومن بين هذه الأفلام »اذهب.. وعش.. وعد« وأحداثه تدور في إسرائيل.
رادو في فيلم نبع النساء الذي يشارك به لأول مرة في المسابقة الرسمية لمهرجان »كان« وقبل التطرق للفيلم والذي لم يكن أفضل أفلام المسابقة إلا أن حكايته وسرده للأمور هي نقطة قوته الحقيقية.. خاصة أنه انصف المرأة في الإسلام.. وشرح كل الحقوق المكفولة لها والتي تجهلها الكثيرات.. وهو في ذلك مايشكر عليه المخرج الذي لايدين بالإسلام.. لكنه استطاع أن يقدم صورة حقيقية للإسلام المفتري عليه عالميا. والمسلمين المتهمين دائما بالإرهاب.
حكاية الفيلم باختصار شديد عن قرية نائية تقع فوق أحد الجبال المرتفعة بشمال أفريقيا (المغرب).. لايدخلها الكهرباء .. والماء.. وعلي النساء أن يصعدن لأعلي الجبل للإتيان بالماء وسط طريق وعرة للغاية مما كان يدفع بهن للسقوط.. وما أكثر الإصابات التي ألمت بهن.. خاصة حالات الإجهاض بسبب السقوط لدرجة أن بعضهن أجهضن أكثر من مرة.
وأمام هذا الإحساس بالظلم والقهر من قبل رجال يقضون كل وقتهم علي المقهي دون عمل.. فنقص المياه حجة قوية كي لايفلحوا الأرض أو يمارسوا أي عمل.. لذا كان القرار بعمل إضراب عن ممارسة الحب مع أزواجهن .. مما أدي إلي الكثير من الخلافات والمناقشات عن حقوق المرأة وواجباتها من منظور الدين الذي انتصر لها ولكرامتها وإنسانيتها.
ورغم أن قصة الفيلم استوحاها المخرج من واقعة حقيقية وقعت في تركيا عام 2001.. وإن كان لها مثيل في التاريخ القديم من خلال lysistrata d'aristophane وهي عن امرأة أعلنت الإضراب عن ممارسة الحب مع زوجها القائد الكبير لوضع حد للحروب.
وفعلا إن كيدهن عظيم وفي الفيلم كما في أحداث القرية التركية خافت الدولة من انتشار تلك الثورة فكان أن مدت القرية »بالماء« بعدما كانت ودن من طين والأخري من عجين وهذه هي عادات الحكومات المتخلفة.
يعترف رادو إنه مع شريكه آلان ميشيل بلان في كتابة السيناريو أنهما قضيا أكثر من عام في البحث والقراءة والاطلاع والسماع لشهادات العديد من النساء.. بل إن القرية التي تم فيها تصوير الفيلم أمضيا فيها عدة شهور.
بطلات الفيلم هن الممثلة القديرة بينونة مع ليلي بختي وحفظية حرزي التي لها فيلمان في المسابقة الرسمية، وكنا في آخر ساعة أجرينا معها حوارا منذ عدة سنوات وتنبأنا بأنها ستكون إحدي أهم ممثلات فرنسا في المرحلة القادمة.
وإذا كانت حكاية النساء حاضرة بقوة في مهرجان كان، فإن التي حصلت علي جائزة أحسن ممثلة هي الممثلة كريستين دانست بطلة فيلم منغوليا للمخرج الدانمركي لارس فان تريير والجدير بالذكر أن هذا الدور كان من المفروض أن تقوم به بينلوب كروز التي فضلت العمل في فيلم »قراصنة الكاريبي« والذي عرض خارج المسابقة.
كان هذا بعض ما شعر به الطفل الصغير »سيريل« 21 عاما عندما تركه والده في منزل لرعاية الأحداث، لأنه لايقوي ويقدر علي رعايته.. تركه مقنعا إياه إنه يتركه لمدة شهر واحد يعيد فيها ترتيب أموره.. لكن الحقيقة كانت غير ذلك.. فقد كان الترك نهائيا حيث أقنع الأب نفسه في لحظة أنانية وجحود إنه لايقدر علي تحمل مسئولية رعاية الابن وزهق من هذه المسئولية ويريد أن يعيش حياته بالأسلوب الذي يعجبه .. ونسي أنه أب وليس طفلا صغيرا.. وفي مقابل هذا الهجر المتعمد فإن الابن الصغير لم يعتقد أبدا أن والده تخلي عنه.. ولذلك كان كل همه أن يبحث عنه فقرر الفرار من منزل رعاية الصغار والذهاب إلي حيث يقيم مع أبيه ليكتشف الحقيقة المرة أن والده باع كل شيء حتي »الدراجة« التي يعشقها.. وأثناء محاولة فراره يقوم بإيقاع سيدة علي الأرض وتكون المفاجأة بعد أيام قليلة بحضور »سامنتا« أو هذه السيدة الجميلة لدار رعاية الأطفال ومعها الدراجة الخاصة بعدما اشترتها لمن قام أبوه ببيعها.
لقد شعرت سامنتا صاحبة »محل التجميل« بعاطفة أمومة تجاه هذا الصبي الذي يبحث عن أبيه، وقررت بينها وبين نفسها أن تساعده وبالفعل تتعهد برعايته في نهاية الأسبوع.. وتبحث معه عن أبيه حتي يجده.. لكن للأسف الشديد يكون اللقاء فاترا.. صادما للابن حيث يكتشف أن الأب لايريد أن يراه ثانية.. وإنه يتخلي عنه طواعية من أجل أن يعيش حياته!
والحقيقة أنه في الحياة كم من »الآباء« الجبناء الذين يتخلون عن أبنائهم ومسئولياتهم وأيضا من الأمهات اللائي انتزعت من قلوبهن الرحمة متخليات عن الأبناء تحت حجج واهية وهمية ترجمتها الأساسية هي الأنانية.
»سيريل« يجد في »سامنتا« حضنا دافئا يعوضه عن حنان الأب والأم معا.. لكن هذا لايمنعه من أن ينزلق مع رفقاء سوء مما يوقعه في مشاكل جمة تقف فيها »سامنتا« بجواره.. ربما هذه اللحظة الفارقة في حياته التي كانت ستضعه في إصلاحية الأحداث هي التي جعلته يقدر ما فعلته سامنتا وتفعله من أجله.. ليصبح طفلا مطيعا فقد اكتشف أن الحب يعني المسئولية وهي تحملت المسئولية وتخلت عن الرجل الذي أحبته من أجله لأنه كان يرفض وجوده.. كما دفعت له كفالة كبيرة.. ففي الحياة لايكفي فقط أن تعطيني حياة بل أن تتحمل مسئوليتي مما يعني أن تحسن تربيتي.
هذا الفيلم الرائع للأخوين »جان بيير« .. و»لوك داردين« الذي حصل مناصفة علي الجائزة الكبري مع الفيلم التركي »حدث ذات مرة في الأناضول« للمخرج التركي نوري بلجي بينما حصل فيلم »شجرة الحياة« للمخرج »نيراتس ماليك«، علي السعفة الذهبية.
الفيلم الأول »طفل علي دراجة« عمل شديد الإنسانية يدخل القلب.. وقامت ببطولته الفنانة »سيسل دو فرانس« والطفل الرائع »توماس دوريه«. أما الفيلم الثاني فهو بطولة »براد بيت« و»شين بين« وقد أثار الإعجاب بمستواه الفني السينمائي الرائع.. ولنا حديث عنه في عدد قادم.
»طفل علي دراجة« يعتبر التتويج الثالث للأخوين »داردين« فقد حصلا من قبل علي السعفة الذهبية لأول مرة عن فيلمهما »روزيتا« والثانية عام 5002 عن فيلمهما »الطفل« وهما من الأسماء المخلصة لمهرجان »كان« وعادة إن لم تحصل أفلامهما علي جائزة فإن إبطال الأفلام يحصلون علي جوائز التمثيل أو في الأفرع الأخري، كما حدث في »صمت لورنا« عام 8002 .. »الابن« عام 2002.
والأخوان »داردين« الأول جان بيير في الستين من عمره والثاني لوك في الثالثة والستين وهذا هو فيلمهما الثامن حيث قدما من قبل العديد من الأفلام التسجيلية وشاركا في إنتاج العديد منها أيضا.
وهما عادة في أفلامهما لايستخدمان الموسيقي التصويرية كثيرا لكن في هذا الفيلم استعانا بها وهو شيء نادر بالنسبة لهما.
هوليوود الصامتة.. بعيون فرنسية
تحية بالأبيض والأسود للسينما الصامتة وروادها.. تحية للسينما في بداياتها.. ولمتعة البصر بعيدا عن لغة الحوار نجح في تقديمها المخرج الفرنسي ميشيل هازانافيكيوس في فيلمه The Artist (الفنان) بطولة الممثل الفرنسي جان دوچاردان والفنانة »بيرينيس بيجو«.. والذي استحق دوچاردان جائزة أحسن ممثل بجدارة فالفيلم كان حديث المهرجان بما حققه من متعة حقيقية قادت الجميع لحنين قديم شمل كل شيء أيام »الأبيض والأسود« الجدير بالذكر أن الفيلم تم ضمه في آخر وقت للمسابقة الرسمية حتي إنه لم يلحق بكتالوج المهرجان .. والطريف أن هذا الفنان الذي بهر الجميع بأدائه الرائع الصامت بدأ حياته الفنية كممثل هزلي.
الفيلم كما يقول مخرجه »ميشيل« كان »حلما«.. و»حنينا« لزمن قديم عندما تحدث عنه مع المنتج توماس لانجمان فوجئ بحماسه الشديد واستعداده لإنتاج الفيلم.. وهو نفس ماحدث مع بطل الفيلم »دوچاردان« الذي أعجب بالفكرة قبل أن يقرأ السيناريو.. وجاءت الموافقة فورية بعد قراءة السيناريو.
الفيلم يروي المرحلة الانتقالية من السينما الصامتة إلي »الناطقة« وكيف أثر ذلك علي أحد فنانيها العظام.. الحكاية ليست سيرة ذاتية لأحد .. لكن وقائعها بالتأكيد ألقت بظلالها علي من عملوا في تلك الفترة.. ميشيل يشارك للمرة الأولي في المسابقة الرسمية لمهرجان كان ، الأحداث تدور في عام 1927 من خلال جورج فالانتيني أحد نجوم السينما الصامتة الذي يجد نفسه وقد أصبح في دائرة النسيان بمجيء السينما الناطقة.. ولايجد من تساعده سوي بيير ميللر كانت كومبارس ساعدها في الوصول إلي السينما فحفظت له الجميل .. ومدت له يد المساعدة بعدما تبدل به الحال كما ساعدها هو من قبل.. خاصة أنها أحبته كثيرا منذ البداية، ووجدت في إجادته رقصة الكلاكيت مايعيده من جديد معها في تقديم الاستعراضات وعودته للسينما.
وعن هذا الدور يقول صاحب جائزة أفضل ممثل إنه تأثر كثيرا بفنان عظيم في ذلك الوقت هو دوجلاس فيربنكس.
ثورة النساء
في الحياة ومن أجل الاستمرارية ليس مهما »الحب« بل »الاحترام« الاحترام في »الاختلاف« قبل »الوفاق«.. في التناقض قبل التطابق.. في تقبل وتفهم وجهة نظر الآخر مهما اختلفت وابتعدت عن وجهات نظرها.. وتقديرها حق قدرها وعدم الاستخفاف بها. فالحقيقة إنه لاتستقيم الحياة حتي بين اثنين بدون احترام .. فهو العمود الفقري لأي علاقة.
وفي واحد من أجمل الأفلام وأبسطها التي عرضت في المهرجان الفيلم المغربي الفرنسي البلجيكي المشترك »نبع النساء« للمخرج الروماني الأصل والفرنسي الجنسية رادوميهالينو وهو بالمناسبة يهودي الديانة وليس في ذلك ما يسوؤه بل مايزيدنا احتراما وإجلالا له . وإن تردد معلومة ليست موكدة بأنه يحمل الجنسية الإسرائيلية. لكن المؤكد أنه عندما تولي شاوشيسكو الحكم في رومانيا تم طرد والده إلي إسرائيل وإن كان رادو هاجر إلي فرنسا وعمل محررا ومساعد مخرج. كما كتب بعض القصائد وذلك قبل أن يقدم أفلاما سينمائية.. ومن بين هذه الأفلام »اذهب.. وعش.. وعد« وأحداثه تدور في إسرائيل.
رادو في فيلم نبع النساء الذي يشارك به لأول مرة في المسابقة الرسمية لمهرجان »كان« وقبل التطرق للفيلم والذي لم يكن أفضل أفلام المسابقة إلا أن حكايته وسرده للأمور هي نقطة قوته الحقيقية.. خاصة أنه انصف المرأة في الإسلام.. وشرح كل الحقوق المكفولة لها والتي تجهلها الكثيرات.. وهو في ذلك مايشكر عليه المخرج الذي لايدين بالإسلام.. لكنه استطاع أن يقدم صورة حقيقية للإسلام المفتري عليه عالميا. والمسلمين المتهمين دائما بالإرهاب.
حكاية الفيلم باختصار شديد عن قرية نائية تقع فوق أحد الجبال المرتفعة بشمال أفريقيا (المغرب).. لايدخلها الكهرباء .. والماء.. وعلي النساء أن يصعدن لأعلي الجبل للإتيان بالماء وسط طريق وعرة للغاية مما كان يدفع بهن للسقوط.. وما أكثر الإصابات التي ألمت بهن.. خاصة حالات الإجهاض بسبب السقوط لدرجة أن بعضهن أجهضن أكثر من مرة.
وأمام هذا الإحساس بالظلم والقهر من قبل رجال يقضون كل وقتهم علي المقهي دون عمل.. فنقص المياه حجة قوية كي لايفلحوا الأرض أو يمارسوا أي عمل.. لذا كان القرار بعمل إضراب عن ممارسة الحب مع أزواجهن .. مما أدي إلي الكثير من الخلافات والمناقشات عن حقوق المرأة وواجباتها من منظور الدين الذي انتصر لها ولكرامتها وإنسانيتها.
ورغم أن قصة الفيلم استوحاها المخرج من واقعة حقيقية وقعت في تركيا عام 2001.. وإن كان لها مثيل في التاريخ القديم من خلال lysistrata d'aristophane وهي عن امرأة أعلنت الإضراب عن ممارسة الحب مع زوجها القائد الكبير لوضع حد للحروب.
وفعلا إن كيدهن عظيم وفي الفيلم كما في أحداث القرية التركية خافت الدولة من انتشار تلك الثورة فكان أن مدت القرية »بالماء« بعدما كانت ودن من طين والأخري من عجين وهذه هي عادات الحكومات المتخلفة.
يعترف رادو إنه مع شريكه آلان ميشيل بلان في كتابة السيناريو أنهما قضيا أكثر من عام في البحث والقراءة والاطلاع والسماع لشهادات العديد من النساء.. بل إن القرية التي تم فيها تصوير الفيلم أمضيا فيها عدة شهور.
بطلات الفيلم هن الممثلة القديرة بينونة مع ليلي بختي وحفظية حرزي التي لها فيلمان في المسابقة الرسمية، وكنا في آخر ساعة أجرينا معها حوارا منذ عدة سنوات وتنبأنا بأنها ستكون إحدي أهم ممثلات فرنسا في المرحلة القادمة.
وإذا كانت حكاية النساء حاضرة بقوة في مهرجان كان، فإن التي حصلت علي جائزة أحسن ممثلة هي الممثلة كريستين دانست بطلة فيلم منغوليا للمخرج الدانمركي لارس فان تريير والجدير بالذكر أن هذا الدور كان من المفروض أن تقوم به بينلوب كروز التي فضلت العمل في فيلم »قراصنة الكاريبي« والذي عرض خارج المسابقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.