ضرب رسول الله ([) أروع المثل في آداب النداء للصلاة يجب أن يراعيه كل مؤذن في عصرنا الحاضر، فبينما كان الرسول ([) في إحدي الغزوات، وعندما حان وقت الصلاة وهم بالخلاء قال لأصحابه: من منكم يؤذن لنا؟.. فقام عدد منهم.. وأخذوا في حماس يرفعون أصواتهم قدر إمكانهم وطاقاتهم، وهم يتصورون أنهم كلما علا صوتهم كان الثواب أكبر.. فناداهم الرسول.. وقال لهم: بعض هذا.. إن ربكم ليس بأصم.. ولا غائب.. وهو بينكم وبين رؤوس رحالكم.. وتعالوا نتأمل اليوم ما يحدث من إزعاج للسكان القاطنين حول المساجد، إذ يتباري كل مؤذن في رفع صوته وكأنه يتشاجر مع زميله المؤذن الآخر في مسجد ثان، ومعظم هؤلاء المؤذنين أصواتهم أجش ليس فيها حلاوة وتفتقد للخشوع والابتهال، بل كثيرا ما تسمع أصوات صبية يجهلون آداب الأذان الذي يجب أن يرتفع بأصوات مهذبة تغطي نبراتها الإيمان والسكينة والثقة بالنفس.. اسمعوا الأذان بأصوات المشايخ محمد رفعت.. أو الحصري.. أو البنا.. أو الشعشاعي.. وتأملوا ألحانهم الربانية بعد أن اجتهدوا في انطلاقها وكأنها »كمان« تعزف في الفضاء الفسيح الرحب. والغريب أن هذه »العينة« من المؤذنين تنسي نفسها أمام »الميكروفون« الذي يكبر الصوت بشكل مزعج وحاد، فتخرج »توليفة« غريبة من الأصوات المنفرة تزعج كبار السن، وتقلق المرضي، وتوقظ النائمين، بل تبث الغيظ في الحي كله.. والهدف من الأذان إعلام الناس بدخول موعد الصلاة، والحريص علي أدائها سيبذل قصاري جهده علي موعدها بطريقته الخاصة سواء عن طريق »المنبهات« وهي بالمناسبة رخيصة جدا وفي متناول الجميع لأن الصيني منها يبدأ سعره بعشرة جنيهات، أو عن طريق »المحمول«، أو بأي وسيلة أخري غير ذلك الأذان المزعج. أنا لا أدعو لإلغاء الأذان فذلك ليس من حق أحد، لكنني أدعو العالم المستنير الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف أن يضع برنامجا لتأهيل المؤذنين.. مثلما يفعل في برامجه المكثفة لتأهيل الدعاة والخطباء، بحيث لا يسمح لأحد بالأذان إلا بعد اجتيازه اختبارات متعددة في الأصوات أمام محكمين متخصصين، لا حرج في الاستعانة بهم من لجان الاستماع بالإذاعة.. فذاك أفضل جدا.