تسريب المسلسلات أحدث الجرائم الفنية مع انطلاق قناة ماسبيرو زمان، التي هي استنساخ لمشروع قناة التليفزيون العربي الذي أطلقه أسامة الشيخ، قبل أن يترك ماسبيرو، تصاعدت مشاعر النوستالجيا والحنين للماضي، مع استرجاع ذكريات ماكان يقدمه التليفزيون زمان، ثم اختفي أو أصبح ماضياجميلا نتحسر عليه، وقد تزامن إطلاق قناة ماسبيرو مع بداية شهر رمضان الكريم، فزادت عند البعض حمي المقارنة بين ماكنا نشاهده علي شاشة التليفزيون من عشرين أو ثلاثين عاما، وبين ماهو مطروح الآن، مع دخول عناصر وظواهر جديدة، ماكنا نصدق حدوثها، ولكنها حدثت وآخرها تسريب حلقات من مسلسل عادل إمام الجديد مأمون وشركاه!! ومسلسل الخروج، لاتعرف أي فكرة شيطانية أدت إلي ذلك ولماذا، وهل يمكن أن يؤُثر هذا التسريب في نسبة الإقبال علي المشاهدة، أو في توزيع أي من المسلسلين؟ الإجابة لا أعتقد أن هذا له أي تأثير، فهذا يمكن أن يحدث في ألبوم غنائي لعمرو دياب مثلا، أي أن تتأثر نسبة توزيع الشريط ،مادام أصبح متاحا مجانا علي مواقع الإنترنت، ونفس الشيء بالنسبة لأفلام السينما، ولكن بالنسبة لمسلسل ثلاثين حلقة يعرض علي شاشات التليفزيون؟ فلايمكن أن يكون للتسريب أي دور سلبي في نسبة المشاهدة! وعلي أي حال فهذا أمر سخيف بالإضافة لكونه مريبا! يترحم الناس وخصوصا من تجاوزوا سن الأربعين، علي مستوي المادة الفنية التي كانت تقدمها الشاشة في رمضان، وخاصة بعد اختفاء مسلسلات أو برامج الأطفال، التي كانت تمثل طبقا شهيا وممتعا يتنافس الكبار والصغار في متابعته، فبعد أن كنا نستمتع بحلقات عمو فؤاد التي كان يقدمها الكوميديان الراحل فؤاد المهندس لمدة تزيد عن خمسة عشر عاما، ويخرجها محمد رجائي، لم تعد مطروحة ولامقبولة بعد وفاته، وقد حاول عبد المنعم مدبولي أن يملأ الفراغ في سنوات اختفاء المهندس نتيجة مرضه، وقدم جدو عبده، ولكنها كانت أقل نجاحا،بدرجة واضحة، واختفي أيضا المسلسل الجميل بوجي وطمطم وهو أول مسلسل عرائس يستمر عرضه سنوات طوالا، تخطت العشر،وقد بدأت فكرته من عند فنان العرائس محمود رحمي،الذي ابتكر شخصية بوجي وطمطم، وقام بتصميمها مع بقية الشخصيات المساعدة، وكان أيضا يقوم بتأليف وإخراج الحلقات، التي كان يؤديها صوتيا الفنان الراحل يونس شلبي في سنوات مجده، وتشاركه البطولة هالة فاخر، ولكن مثل كل الأشياء الجميلة، انتهت الحلقات بوفاة مبدعها محمود رحمي، وفشل ابنه باسل في إعادة أمجاد والده، واختلف الورثة علي أحقية كل منهم في إعادة المشروع فكانت النتيجه الفشل واختفاء المسلسل نهائيا، ولحق بهذا المصير المسلسل الكرتوني بكار، الذي كانت أغنيته عنوانا للفرحة والبهجة، وخاصة مع صوت محمد منير،الذي كان يغني للفتي النوبي بكار أبو كف صغير، وانتهت الحلقات التي تعلق بها الأطفال، بعد وفاة مبدعته مني أبو النصر فنانة الكاريكاتير، وحدثت محاولات دؤوبة لعمل مسلسل كرتوني ناجح للأطفال فكان الدياسطي بصوت حنان ترك وصلاح عبد الله، ولكنه لم يستمر أكثر من موسم، ثم كان المسلسل الكرتوني من قصص القرآن التي قدمها بصوته يحيي الفخراني، ولكنها أعمال رغم نواياها الطيبة، لم تلق نفس رواج مسلسلات الأطفال القديمة! ومن أهم ملامح رمضان التي نفتقدها حقيقة الفوازير، التي أصبحت فعلا ماضيا غير قابل للتكرار، فقد بدأت الفوازير كعمل فني استعراضي مع ثلاثي أضواء المسرح والمخرج محمد سالم، وكانت تميل للكوميديا الفارس في عز نجاح سمير غانم وجورج سيدهم والضيف أحمد، ولكن دخول الحاج فهمي عبد الحميد في الكادر،في تزامن مع اختفاء المخرج محمد سالم، جعل فوازير رمضان أهم برنامج استعراضي يقدمه التليفزيون المصري علي امتداد تاريخه، وكانت نجمة الفوازير الأولي هي الفنانة نيللي، التي قدمت عدة مواسم ناجحة منها فوازير الخاطبة، وصندوق الدنيا، وأم العريف وغيرها، ثم ابتعدت نيللي عدة سنوات بعد زواجها وسفرها مع زوجها إلي لندن، وتصور البعض أن الفوازير مشروع انتهي تماما مع اختفاء نيللي ولكن مع وجود شريهان تغير الحال، وخاصة أنها قدمت مواسم ناجحة جدا جدا، وضمت للفوازير حلقات ألف ليلة وليلة، وكانت تقدم أداء مبهرا بالرقصات العصرية التي صممها عاطف عوض والملابس الفاخرة المذهلة، وانقسم الجمهور إلي فريقين، فريق يؤكد أن نيللي هي نجمة الفوازير وليس غيرها، وفريق آخر مفتون بشريهان ويؤكد أنها تفوقت علي نيللي بدرجات، ولكن هذا الفريق وذاك، أصيب بإحباط شديد بعد إصابة شريهان في حادث شهير، أقعدها فترة من الوقت فابتعدت عن الفوازير، وحاول الحاج فهمي عبد الحميد إنقاذ الموقف والبحث عن نموذج مختلف لتقديم الفوازير فتفتق ذهنه عن الثلاثي يحيي الفخراني وهالة فؤاد وصابرين فكانت فوازير المناسبات التي تميل للكوميديا وتبتعد عن الاستعراض بقدر الإمكان، وقام بتأليفها يوسف عوف، وحققت بعض النجاح ولكن بمقارنتها بفوازير نيللي أو شريهان كان موقعها يأتي متأخرا بمراحل، ثم تعرضت الفوازير لمحاولات من كل من هب ودب، فقامت شيرين رضا ومدحت صالح ببطولتها في أحد الأعوام، ولكن بعد وفاة الحاج فهمي عبد الحميد أصبحت نهبا لمحاولات من عمر عابدين ومحمد عبد النبي صبيان الحاج فهمي،ولكن أي منهما لم ينجح في عمل فكرة أو شكل جديد للفوازير، فانتهي الحال إلي آخر محاولة يقدمها التليفزيون المصري وكأنه ينتحر وكانت مع غادة عبدالرازق التي أكثرت وبالغت في ارتداء البرانيط وكأن البرانيط هي التي يمكن أن تنقذها أو سر نجاح المحاولات السابقة، المهم اتقفل هذا الباب بالضبة والمفتاح، بعد الحالة المزرية التي وصل إليها الإنتاج في ماسبيرو، سواء للبرامج أو المسلسلات، وقبل ثلاثة أعوام تفتق ذهن طارق نور، صاحب قناة القاهرة والناس عن تقديم فوازير رمضان من بطولة النجمة اللبنانية ميريام فارس، وبالغت في تصميم الملابس والرقصات وعملت كل اللي ربنا يقدرها عليه من محاولات مضنية، ولكن فاتها وفات طارق نور أن خفة الظل كانت مفتقدة تماما فأنهي الموضوع إلي فشل عظيم! وهذا العام تقدم الشقيقتان دنيا سمير غانم وإيمي حلقات كوميدية باسم نيللي وشريهان لاعلاقة لها بالاستعراض ولكنها تميل للكوميديا كما كانت حلقات لهفة التي لعبت بطولتها دنيا سمير غانم العام الماضي وحقق قدرا كبيرا من النجاح! ويظل المسلسل الدرامي الطبق الأساسي علي مائدة شاشة رمضان، ولكن بعد أن كنا جميعا نتابع عملا أو اثنين علي أقصي تقدير تزايد عدد المسلسلات بشكل مخيف بحيث أصبح من المستحيل علي المتفرغ متابعتها جميعا، بعد أن تعدي عددها الثلاثين في الموسم الواحد! من أهم نجوم دراما زمان يحيي الفخراني وعادل إمام ومحمود عبد العزيز، والحمد لله أنهم لايزالون نجوم رمضان بعد كل هذه السنوات رغم مزاحمة الجيل الجديد بشدة، طبعا اختفي من السباق النجم الراحل نور الشريف، الذي غيبه الموت، واختفي صلاح السعدني نتيجة للمرض، واختفي أحمد عبدالعزيز وكمال أبو رية، وشريف منير، نتيجة عدم القدرة علي ملاحقة متغيرات الزمن، ويبقي رمضان أهم فرصة عرض للأعمال الفنية الجديدة، والمبتكرة، وكل عام ونحن جميعا بخير.