يبدو أن خطب ود إسرائيل بات الملاذ الأخير للرئيس السوري بشار الأسد، في مواجهة موجات الاحتجاجات الشعبية التي تزداد رقعتها يوما بعد يوم، مطالبة بالحرية والديموقراطية..هذا ما أكدته صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية مؤخرا، بالحديث عن دعوة وجهها الأسد للحاخام الشهير "يشيو بينتو"، لزيارة العاصمة السورية دمشق والصلاة علي قبر أحد أجداده الذي كان كبيرا للرعايا اليهود في سوريا في النصف الأول من القرن السابع عشر، وتؤكد الصحيفة أن الدعوة بلغت"بينتو"المقيم في الولاياتالمتحدة عن طريق عماد مصطفي السفير السوري لدي واشنطن، الذي سلم الرسالة يدا بيد "لجاك أفيتال"، رئيس التحالف القومي لليهود السفرديم (اليهود الشرقيين الذين طردوا من إسبانيا والبرتغال في القرن الخامس عشر) ، الذي يتخذ من حي بروكلين بمدينة نيويورك، مقرا له. توقيت الدعوة وما احتوته، مثير للجدل بكل تأكيد، حيث حرص الأسد علي التأكيد بأن يهود سوريا مازال في سوريا بضعة مئات من اليهود في دمشق وحلب إضافة لشخص واحد يسير أعمالهم في مدينة القامشلي، وقد شارك رئيس الطائفة اليهودية في سوريا في تشييع جثمان الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد عام 0002م بمأمن من تلك الأحداث التي تشهدها بلاده حاليا ولا يعانون أدني مشكلة في الحصول علي احتياجاتهم في الطعام والشراب والدواء ، بينما ما يقرب من 008 ألف نسمة في مدينة درعا المحاصرة علي مدي أكثر من أسبوعين يعانون نقصا حادا في الأطعمة والسلع الغذائية الأساسية عقابا لهم علي تظاهراتهم السلمية المطالبة بتغيير نظام الأسد الحاكم للبلاد منذ أربعين عاما. أما رد الحاخام "بينتو"فكان ترحيبا بدعوة الأسد، مؤكدا أنه سيلبيها حالما يعود الهدوء إلي سوريا، و تشير الجيروزاليم بوست إلي أن رفض "بينتو"إجابة الدعوة في الوقت الراهن جاء بعد استشارة للقيادة السياسية في تل أبيب، التي ترفض أن تكون في العلن، إحدي الأدوات المساعدة لبشار في قمع شعبه، حتي لا يكون ذلك دافعا لمزيد من الغضب ضد نظامه ومثيرا لمزيد من التعاطف العربي لمطالب الشعب السوري، لا سيما أن الإسرائيليين لا يخفون قلقهم الشديد من رحيل الأسد الذي يتبني كما كان والده، سياسة العداء لإسرائيل، من خلال خطبه السياسية فقط، دون أن يطلق تجاهها طلقة واحدة، في سبيل استعادة مرتفعات الجولان المحتلة منذ عام 7691، و هي اللعبة السياسية المزدوجة التي ورثها بشار عن أبيه، والتي أعجبت كل قادة الدولة العبرية المتعاقبين علي مدي أكثر من أربعة عقود.. وإن كان الأسد الابن قد فضل، خلافا لوالده، السير في ركب إيران والوقوف خلف حزب الله في حروبه ضد حزب الله كما حدث في حرب يوليو 6002 فيما يبقي موقفه سلبيا تجاه ما يتعرض له من غارات يشنها سلاح الجو الإسرائيلي في الأجواء السورية والتي اخترقت حاجز الصوت أكثر من مرة وأدت لتهشيم زجاج قصر الأسد نفسه، وكانت دمشق دوما ترد بأنها تحتفظ لنفسها بحق الرد في الوقت المناسب وبالطريقة التي تراها مناسبة، و لم يحرك أي مسئول سوري ساكنا تجاه التهديد المباشر الذي أطلقه وزير خارجية الدولة العبرية "أفيجدور ليبرمان"الذي هدد الأسد صراحة في فبراير 0102 بالقول:"لن يخسر فقط حربا جديدة إذا استمر في نفس سياساته ولكنه سيخسر حكمه أيضا ، هو وعائلته". محاولات الأسد المستميتة للبقاء في الحكم، تأتي كذلك في الوقت الذي ارتفعت فيه أصوات عدة دول أوروبية وعلي رأسها فرنسا، بإدانة الجرائم التي يرتكبها جيشه وأجهزة مخابراته بقيادة أخيه ماهر(قائد الحرس الجمهوري)، و تري صحيفة "لوموند"الفرنسية أن دعوة الأسد للحاخام اليهودي تأتي في إطار تذكيره للعالم الغربي، لا سيما الولاياتالمتحدة، بما قدمه من خدمات للجالية اليهودية في سوريا، التي كانت تعاني الأمرين في مغادرة البلاد والهجرة للخارج قبل أن يصبح ذلك أمرا ميسورا في ظل حكم الأسد، وتبدو تصريحات المسئولين الإسرائيليين تجاه ما يحدث في سوريا بمثابة نصائح لنظام الأسد، وذلك علي غرار وزير الدفاع إيهود باراك الذي قال:"عنف الأسد ضد المتظاهرين سيوقع مزيدا من الموتي وسيدفع به أكثر نحو طريق مسدود"، وكانت تل أبيب قد أبلغت باريس تحديدا أنها تريد الإبقاء علي نظام الأسد الضعيف لأنها تخشي ممن سيأتي بعده.