في 02 ذي الحجة 746 ه وصل إلي المنصورة تورانشاه ابن الملك الصالح نجم الدين أيوب الذي توفي منذ خمسة أشهر وأخفت زوجته شجرة الدر الأمر عن الجميع فقد كانت مصر والمماليك في معمعة صدهم للغزو الصليبي في المنصورة حتي يأتي السلطان الجديد فالموقف لا يتحمل أي هزات وغادرت هي مصر إلي بيت المقدس ليجد تورانشاه نفسه بعد عشرة أيام فقط في قلب معركة المنصورة التي انتصر فيها المماليك وأسروا الملك الفرنسي لويس التاسع في أول محرم 846ه. كان الوريث الشاب مغرورا بعيدا عن الحكم ولم يحسن التعامل مع مماليك أبيه الذين صانوا ملكه ولا مع زوجة أبيه التي حفظت له الملك لمدة خمسة أشهر فطالبها بجواهر لأبيه اتهمها بسرقتها وأخذ يسكر كل ليلة في برجه الخشبي علي شاطئ النيل في المنصورة ويوقد الشموع ليقوم بقطع رؤوسها بسيفه ليقول لخلصائه أنه سيفعل في رؤوس المماليك مثل ذلك. وحسم المماليك الموقف في صبيحة أحد الأيام بأن أحاطوا بالبرج وأوقدوا فيه النيران فقفز الملك إلي مياه النيل طالبا الغوث وتنازله عن السلطنة راضيا فقط بعودته إلي قلعته في حصن حيفا لكن المماليك الشبان كانوا يعرفون أن وعود التنازل عن السلطنة ليست صادقة في معظم الأحيان ولا مأمونة فقفز وراءه في النيل المملوك الشاب بيبرس ليقسمه بسيفه نصفين واضعا بذلك أسس بدايات دولة المماليك التي بدأت بعد ثلاثة أشهر فقط والتي تولي فيها الظاهر بيبرس السلطنة بعد عشر سنوات. لم ينه تورانشاه بجهله وغبائه وغروره حياته فقط ولا حكمه الذي لم يزد علي 73 يوما فقط بل أنهي حكم الدولة الأيوبية كلها بعد 28 عاما والتي بدأت بالمجد العسكري لجده الأعظم صلاح الدين الأيوبي وانتصاره علي الصليبيين واسترداد بيت المقدس أكثر ما لفت انتباهي في كل هذا التاريخ إصرار المصريين علي نطق اسم توران شاه بلهجة عامية يغيرون فيها حرف التاء إلي طاء ليصبح "طور" في عبقرية مصرية لا يستطيع أي جهاز أمني منعها أو محاسبة أحد عليها لتكتشف أن في حرف الطاء الكثير من الرأي والعبقرية والسخرية والتفاصيل.