لم أرتبط يوماً لأي سبب أمني بقسم شرطة الأربعين ذلك الذي يتوسط امتداد شارع الجيش بمدينة السويس الباسلة لكني كل عام في احتفالات نصر أكتوبر 73 كنت أجده حاضراً بقوة في أحداث صمود المدينة الباسلة ووقوفها التاريخي ضد محاولات القوات الإسرائيلية للاستيلاء علي المدينة وكيف تحول هذا القسم لمدة 12 ساعة كاملة كرمز التحرير بإخراج القوات الإسرائيلية التي احتلته هربا من ضراوة المقاومة الشعبية، وأملاً في استخدامه كمقر قيادة لهم اذا ما نجح غزوهم الفاشل والذي أنهاه المحاولات المستمرة لأبطال المقاومة وشهدائها للاستيلاء عليه وتحريره حتي اضطرت القوة الغازية الي الهروب تحت جنح الليل وحماية المدفعية. وكنت أراه ومازال رمزاً يجب الحفاظ عليه ليتعلم منه الأجيال وفي مخيلتي د .عبد القادر زكي الذي سعي منذ كان ملازما أول بالجيش المصري قبل الثورة وهو يسعي جاهداً لإنشاء متحف حربي مصري لينقل روح العزة والفخار لشباب مصر بتاريخ جيشهم عبر الزمن والذي تحقق له بعد عام 1936 . لا أعرف ماذا عاني أهالي السويس من قسم الشرطة علي مدي 38 عاما من نصر أكتوبر مما دفعهم إلي إحراق مبني القسم لكني أشفقت علي التاريخ والفخر . وأمدني الأستاذ علي منسي مدير مكتب أخبار اليوم بالسويس بعدة صور مهمة للقسم أولاها تثبت أنه أصلا كان ملجأ للأيتام باسم ملجأ فؤاد الأول للبنين وأنشئ عام 1935 وقد تحول إلي قسم شرطةعام 1951والأخري لغرفة المأمور والتي كانت القوات الإسرائيلية تطلق منها النيران علي رجال المقاومة عام 73 . وأوضح لي مؤرخ السويس الأستاذ حسين العشي أن الملك فؤاد هو الذي افتتح الملجأ عام 1935 وكانت ثشرف عليه جمعية المواساة. واستمر الأمر حتي عام 1951 عندما ازدادت عمليات الفدائيين المصريين ضد قوات الاحتلال البريطاني في منطقة القناة فقام فؤاد باشا سراج الدين وزير الداخلية في حكومة الوفد آنذاك بتحويل الملجأ إلي قسم شرطة حي الأربعين وهو الحي الشعبي الكبير في المدينة. وأضاف أنه في حرب أكتوبر تحول إلي رمز التحرير والنصر الذي تحقق وقد استشهد علي سوره في المحاولات المستميتة لتحريره ثلاثة من خيرة رجال المقاومة الشعبية في السويس هم: إبراهيم أبو هاشم وأشرف عبد الدايم وفايز حافظ أمين. ويضيف حسين العشي أنه من المؤسف ونظرا لممارسات الشرطة القاسية ضد أهالي حي الأربعين فحدث أن أبناء الأبطال الذين دافعوا عن القسم في حرب أكتوبر هم للأسف من أحرقوا القسم. ❊❊❊ ومن هنا جاءت الفكرة ،بأنه بالقطع سيتم في الأيام القادمة إصلاح أقسام الشرطة التي احترقت في الأحداث الأخيرة ومنها هذا القسم والذي أري من المبدأ أن تقوم وزارة الداخلية بترميم المبني وإصلاحه ليس كقسم شرطة يمكن أن يتعرض لأي مشاكل في أي وقت بل تجهيزه من الآن كمتحف للصمود يرصد بالصور الموجودة بالفعل المقاومة الشعبية في حرب أكتوبر وكذا العديد من المقتنيات العسكرية وغير ذلك مما يراه المتخصصون واختيار موقع جديد من الآن لقسم شرطة الأربعين يتحمل خيرا أو غير ذلك. أما هذا المبني فيبقي متحفا ورمزا للصمود ليشعر شباب السويس وكل مصري بالعزة كلما زاروه أو حتي مروا من أمامه.