عبر خبراء السياحة في مصر عن تخوفهم من تطبيق قانون الضريبة العقارية الجديد مؤكدين أن السياحة المصرية اجتازت بصعوبة آثار الأزمة العالمية وليست في حاجة إلي أزمة أخري تهدد انتعاشها خلال الفترة المقبلة .. وتساءل البعض لماذا لم يتم الأخذ بآراء خبراء غرفة الفنادق لوضع قواعد تقييم الفنادق ؟ وكيف سيتم تقدير الضريبة العقارية علي الفنادق التاريخية العريقة التي يستحيل تقدير قيمتها لتحصيل الضريبة؟ وهل صحيح أن تطبيق القانون بفحص30 مليون شقة بخلاف الفنادق والمنشآت السياحية يحتاج إلي83 سنة للمطالبة بالضريبة؟! في البداية يؤكد زهير جرانة وزير السياحة أن السياحة المصرية بدأت تتعافي من آثار الأزمة العالمية حيث نجحت استراتيجية الخروج من هذه الأزمة بتكثيف الدعاية لمصر في الخارج والتنسيق مع القطاع السياحي الخاص للمشاركة في كافة المحافل والمؤتمرات الدولية والتواجد في البورصات العالمية لإبراز المنتج السياحي المصري وتنوع المقاصد السياحية وهو ما أدي إلي تحقيق 12,5 مليون سائح بانخفاض 2٪ فقط كما حققت الايرادات 10 مليارات دولار لخزانة الدولة .. وهو ما يؤكد أن السياحة المصرية علي طريق استعادة عافيتها وتجاوزت تداعيات الأزمة العالمية . وقال وزير السياحة إن الأسواق الرئيسية المصدرة للحركة السياحية لمصر حققت بالرغم من الأزمة التي شهدتها صناعة السياحة الدولية معدلات نمو إيجابية. ولكن ما هو تأثير قانون الضريبة العقارية علي التدفق السياحي إلي مصر؟ وهل تتأثر ايرادات الفنادق بسبب عدم وضع قواعد واضحة لتقييم الفنادق وتركها للتقديرات الجزافية ؟ يقول عادل عبد الرازق الخبير السياحي وعضو غرفة الفنادق المصرية: إن خطورة الضريبة العقارية بصفة عامة أنها حولت "ملكية " المصريين لعقاراتهم إلي " ايجار "وهو مايختلف عما يتم تطبيقة في دول الاتحاد الأوروبي التي تتشدق بها وزارة المالية، فالضريبة العقارية هناك تتبني فكرة أساسية هي الثقة في الممول والتي علي أساسها يكتب إقراره ولايخفي شيئا لأن العقوبات صارمة وأيضا الهدف واضح وهوتحقيق التنمية لمرافق الدولة وتحسين الخدمات للمواطنين . ولا شك أن هذه السياسة التي اتبعتها وزارة المالية في مصر مع الممولين وتم بناء الثقة وإزالة حواجز الخوف التي كانت تؤدي إلي التهرب الضريبي .. ولكن نجحت هذه السياسة وزادت ايرادات الضرائب خلال الفترة الماضية حوالي خمسة أمثال حصيلة الايرادات السابقة. أما الضريبة العقارية علي الفنادق فإنها مأساة حقيقية لأننا نذبح الدجاجة التي تبيض ذهبا وتحقق ايرادات للدخل القومي تصل إلي 10 مليارات دولار سنويا ونكبل الفنادق والمنشآت السياحية بقانون يحد من قدرتها علي النمو وجذب مزيد من السياح ودعم عجلة التنمية السياحيةالتي يمتد تأثيرها إلي كافة المجالات في حياتنا.. فالسياحة ليست فقط الفندق والسائح ، ولكنها تنمية لدخول كافة المصريين المتعاملين في المجالات التي ترتبط بالسياحة. ولابد أن نعلم أن الضريبة العقارية لن تتحملها شركة إدارة الفندق سواء مصرية أو أجنبية.. ولكن الضريبة سوف يتحملها بالطبع مالك الفندق الذي يتحمل أيضا ديونا بنكية ومصاريف مرتبات وصيانة وتطوير وغيرها من مصاريف ثابتة بالاضافة إلي 38 ضريبة أخري يتم تحصيلها بمسميات مختلفة.. وبالطبع سوف يتم تحميل هذه التكاليف علي قيمة تأجير الغرفة للسائح بما يعني زيادة قيمة الرحلة في الوقت الذي يكون أمام السائح أسعار أخري أقل بالدول المجاورة المنافسة لمصر مثل تونس وتركيا ولبنان.. أضف إلي ذلك أن الرئيس حسني مبارك أكد عدة مرات علي عدم تطبيق أية رسوم أو ضرائب علي القطاع السياحي الا بعد العرض علي المجلس الأعلي للسياحة.. وهو ما لم يتم بالنسبة للضريبة العقارية التي تقرر تطبيقها علي الفنادق والقطاع السياحي بصفة عامة دون مشورة خبراء السياحة في مصر. قواعد غامضة ويضيف عادل عبد الرازق أن المشرع حدد في القانون لتطبيق الضريبة العقارية معايير تقييم الوحدات السكنية وأيضا الوحدات الصناعية ووضع حدود الإعفاء لكل منها .. إلا أن المشرع نسي تماما وضع أية معايير لتقييم الفنادق والقري السياحية التي تعد العمود الفقري لصناعة السياحة في مصر والتي تصل إلي حوالي 1400 فندق تضم حوإلي 210 آلاف غرفة بمختلف مستوياتها وترك هذه المهمة الخطيرة لأهواء واجتهادات موظفي لجان تقييم الوحدات السكنية .. هل يعقل هذا؟! وعلي سبيل المثال هل يستطيع أي خبير بالضرائب وضع تقييم لسعر فندق ماريوت بالزمالك مثلا مع الأخذ في الاعتبار قيمته التاريخية .. بالتأكيد سوف يكون السعر خياليا ولا يقدر بثمن.. وكذلك الحال بالنسبة لفندق فلسطين وفندق السلاملك. والمفاجأة التي كشفتها هذه المناقشات أن ملاك هذه الفنادق التي لا تقدر بثمن هو "القطاع العام" أي الدولة.. فهل سوف تسدد الدولة الضريبة العقارية لوزارة المالية؟.. هذا إذا افترضنا أن هناك أسسا وقواعد لاحتساب هذه الضريبة. الضريبة .. أزمة جديدة ! ويقول الخبير السياحي فتحي نور إن السياحة سعر وجودة.. وحتي الآن تفوق المقصد المصري عن هذه المقاصد في السعر إلا أنهم متفوقون علي مصر في عنصر جودة مستوي المنتج للخدمة المقدمة من المقصد السياحي المصري من جميع النواحي إلا أن المخاوف الآن تكمن في رفع اسعار المنتج السياحي المصري.. هناك حدود لرفع الأسعار وعند زيادة فرض الرسوم أو الضرائب سوف يفقد الفندق عنصر المنافسة في السعر وبالتالي تحقيق نسب اشغالات أقل وهو ما يعني أن تطبيق الضريبة العقارية سوف يضر بصناعة السياحة في مصر .. ومثالا علي ذلك أن أحد أصحاب الفنادق بشرم الشيخ والذي يحقق ايرادا 4 ملايين جنيه في السنة عند احتسابه للضريبة العقارية علي فندقه بلغت 6 ملايين جنيه مما فاق الإيراد وبالطبع قرر عرضه للبيع! الموقف الدستوري ولكن ما هو الموقف القانوني من الضرائب العقارية بصفة عامة والضريبة علي الفنادق بصفة خاصة..؟ يقول محمد رضوان المحامي إن قانون الضريبة العقارية الجديد صدر نظرا لعدم دستورية القانون السابق الذي تم الغاؤه عام 2006. ويضيف محمد رضوان المحامي أن الموقف القانوني من هذه الضريبة هو أنها غير دستورية حيث ينص الدستور علي عدم ازدواجية الضريبة علي المواطن فلا يجوزسداد الضريبة علي المحال التجارية لأنها تسدد ضريبة أخري.. وينطبق ذلك أيضا علي الفنادق باعتبار أنها تسدد ضرا ئب مختلفة عن أنشطتها فلا يجوز أيضا ازدواج الضريبة .. وأتساءل لماذا لا يعفي القانون الفنادق الصغيرة وأيضا المسكن الخاص لفض الاشتباك مع ملايين المواطنين خاصة الذين دفعوا "شقا العمر" كما يقولون للحصول علي شقة..