العام الحالي يشهد ظاهرة جديدة تتعلق بعدم وجود السلع الأساسية في مجمعات وزارة التموين، فالأرز اختفي تماماً، والزيت غير متوفر حتي الآن في بعض القري ومحافظات الصعيد. "آخرساعة" قامت بجولة في عدد من المجمعات الاستهلاكية ومحال البقالة للتعرُّف علي الزيادات غير المبرّرة في الفترة الأخيرة، حيث كانت حجة التجار في جميع الأحوال تتعلّق بزيادة سعر الدولار، وهي حجة وإن كانت منطقية في بعض السلع المستوردة إلا أنه يتم دحضها في حالة السلع المحلية كالأرز مثلاً. وكانت البداية مع مجمع الأهرام الاستهلاكي بمنطقة باب اللوق، حيث التقينا الحاجة سميرة حسين «ربة منزل» التي أبدت غضبها لعدم توافر بعض السلع الأساسية كالأرز وبعض أنواع الزيت وزيادة الأخري كاللحوم والدواجن. وقالت: "هذا العام هو الأصعب علي الإطلاق بالنسبة لنا، فمرتب زوجي لم يزد جنيهاً واحداً والأسعار ارتفعت بشكل جنوني، لدرجة أننا أصبحنا لا نحصل سوي علي اللحوم المستوردة وذلك يكون مرة واحدة في كل شهر، كما أنني قاطعت محال بيع الطيور نهائياً بعد الارتفاعات الأخيرة وأصبحت أبحث عن الأماكن التي تبيع السلع بأسعار منخفضة، وبالرغم من ذلك فإن الوضع لم يختلف كثيرا". وأضافت:"بالرغم من إعلان وزارة التموين عن توفير دواجن بسعر 20 جنيها للكيلو، إلا أنني لم أتحصل عليها فأقل سعر للدواجن البرازيلية المستوردة وصل إلي 25 جنيهاً و26 جنيهاً للدواجن المصرية، كما أن كيلو اللحوم المستوردة وصل إلي 70 جنيهاً، وهو أمر صعب للغاية بالنسبة لنا". فيما أوضحت هناء أحمد موظفة حكومية أن الأسعار بالمجمعات الاستهلاكية لم تختلف كثيراً عن محلات السوبر ماركت، بل إن بعض السلاسل التجارية الكبري لديها تخفيضات أكبر مما يتم عرضه في المجمعات التي من المفترض أنها تحت سيطرة الحكومة. غلاء الأسعار داخل المجمعات الاستهلاكية وعدم توافرها عند بقالي التموين دفع المواطنين للجوء إلي سيارات القوات المسلحة ووزارة الزراعة، وتلك كانت جولتنا الثانية بميدان السيدة عائشة حيث اصطف المواطنون في طوابير لشراء اللحوم المدعمة تحديداً. وقابلنا ياسمين عباس «ربة منزل» التي أكدت أن السبيل الوحيد للحصول علي وجبة مدعمة يكمن في تلك العربات والمنافذ، فمن خلال المنافذ نستطيع الحصول علي كيلو اللحوم بسعر أقل من 60 جنيهاً، كما أن العديد من السلع الأساسية يتم بيعها في السيارات المتنقلة. أما ثالث زياراتنا فكانت من خلال أحد محال البقالة، حيث أرجع محمد سعيد أحد التجار ارتفاع الأسعار إلي العادات السيئة للمواطنين الذين يلجأون إلي شراء كميات كبيرة من كافة السلع، وبالتالي يزيد الطلب عليها ما يؤدي إلي ارتفاع أسعارها، مشيراً إلي أن ارتفاع أسعار الدولار تسببت في تزايد 70% من السلع. وأضاف أن التجار ليس لديهم مصلحة في تلك الزيادة التي تنعكس علي حالة البيع والشراء. وقال ماجد نادي أمين صندوق النقابة العامة للبقالين التموينيين إن ضمن أسباب ارتفاع أسعار السلع الأساسية تحديداً هو عدم توافر السلع لدي بقالي التموين، فهناك عجز في وصول الزيت إلي عدد من محافظات الصعيد وبعض المراكز والأقاليم القريبة من القاهرة، كما أن الأرز لم يتم توزيعه الشهر الحالي علي أي من بقالي التموين البالغ عددهم حوالي 26 ألف بقال علي مستوي الجمهورية. وأضاف أن مصر بها حوالي 20 مليون بطاقة تموين تخدم أكثر من 70 مليون مواطن، وبالتالي فإن عدم توافر أيٍ من السلع لديها يؤثر بالطبع علي سعر السلع في الأسواق، مشيراً إلي أن وزارة التموين أبلغتهم بالزيادة التي قررها الرئيس عبد الفتاح السيسي بدعم الفرد وأن تطبيقها بانتظار وضعها علي ماكينات صرف السلع. وكان الدكتور خالد حنفي وزير التموين والتجارة الداخلية قد أكد أنه تم تفعيل توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي المتعلِّقة بزيادة الدعم المخصّص علي البطاقات التموينية لمواجهة التضخم في بعض أسعار السلع الغذائية، مشيراً إلي أن نجاح منظومتي الخبز والسلع التموينية والقضاء علي إهدار المال العام ساعد الدولة علي زيادة الدعم لأصحاب البطاقات التموينية. وأعلن الوزير أن الزيادة التي قُررت لكل فرد علي البطاقات التموينية هي 3 جنيهات لترتفع قيمة الدعم لكل فرد علي البطاقة التموينية شهريا من 15 جنيها إلي 18 جنيها، وهي زيادة ثابتة وذلك بداية من شهر يونيو المقبل ولن يتم زيادة نسبة 50% التي كانت تمنحها الوزارة كل عام في شهر رمضان للزيادة التي تم إقرارها. لكن الدكتورة سعاد الديب رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك قلّلت من أثر هذه الخطوات في الحد من زيادة الأسعار، مشيرة إلي أن الأهم من ذلك هو وجود رقابة قوية من قبل الحكومة علي الأسواق لضبط الأسعار. وأضافت أن جمعيات حماية المستهلك فشلت في أدوارها بسبب الزيادة الموجودة في جميع السلع وليس سلعة واحدة دون غيرها، فكنا نعطي تعليماتنا للمواطنين للبحث عن بدائل أخري لكن الآن مستحيل ذلك، فالأمر متعلِّق بزيادة أسعار السلع الرئيسية. وأوضحت أن وزارة التموين عاجزة عن السيطرة علي المجمعات الاستهلاكية حيث إنها تُدار بالنظام الاقتصادي دون أن تتحكم الوزارة في أسعار السلع المتواجدة بها، موضحة أن المواطنين العاديين أصبحوا الآن تحت رحمة تلك المجمعات التي تعاني في كثير من الأحيان من نقص بعض السلع. وأضافت أن السلاسل التجارية الكبيرة لا تنفِّذ التخفيضات كما يتم تنفيذها في كثير من دول العالم التي من المفترض أن تصل الأسعار فيها دون أي مكاسب للتجار في أوقات المواسم وفقاً للعديد من الاتفاقيات المبرمة بينها وبين وزارة التموين، إلا أن ذلك لا يتم في الواقع وحتي إن كان هناك تخفيضات فهي ليست حقيقية ويحقق التاجر من ورائها أرباحاً هائلة.