تنتشر "عربات الكبدة" في الشارع المصري، سواء في الأحياء الشعبية أو الراقية، ومهما كان المستوي الاجتماعي للمواطن فإن الإقبال علي ساندويتشات هذه العربات لا يتوقف، ففي أي مكان تجد "عربة كبدة" تقف علي الرصيد ويلتف حولها عشرات المواطنين، غير مكترثين بأضرارها الصحية، وحتي طلاب المدارس ورغم تحذيرات الأهالي لأبنائهم من تناول الكبدة المستوردة فإن الإقبال علي عربات الكبدة لا ينتهي، وليصبح ساندويتش الكبدة مجرد "شاطر ومشطور وبينهما سموم". الكثير من الدول أدركت خطورة الكبدة المستوردة علي صحة الإنسان، لاحتوائها علي هرمونات صناعية تنقل السموم إلي الجسم، حيث أوقف روسيا استيراد الكبدة بعدما أدركت هذه الدول خطورتها علي صحة الإنسان، إلا أن مصر مازالت من الدول المحدودة التي لم تنتبه إلي خطورة هذا الأمر علي صحة المواطن، ومازالت تستوردها بكميات كبيرة. ووفقا لبيانات غرفة الإسكندرية فإن مصر تستورد نحو 175 ألف طن سنوياً من الكبدة بقيمة تصل إلي نحو 3.5 مليار جنيه معظمها يتم استيرادها من الولاياتالمتحدة، التي تعد من الدول التي منعت استيراد الكبدة، ورغم تحذيرات وفد أمريكي زار المعامل المصرية مؤخراً لإعداد تقرير حول "الكبدة المستوردة وتأثيرها علي صحة الإنسان"، والذي أثبت احتواءها علي هرمونات صناعية تضر بالصحة، إلا أن المصريين مازالوا مصرين علي تناولها. رحلة الكبدة المستوردة من البلد المصدر إلي مصر تستغرق شهوراً، يجعلها في كثير من الأحيان تتعرض للتلف والفساد مما يضاعف من خطورتها علي الصحة العامة. الدكتور محمود عبدالوهاب (طبيب بيطري) قال إنه كان قد تقدم ببلاغ سابق إلي النيابة حول خطورة الكبدة المستوردة، مشيرا إلي أنه يتم استيراد آلاف الأطنان من الكبدة وهي تحتوي علي هرمونات تضر بصحة المصريين، وتتسبب في أمراض سرطانية، مشيراً إلي أن الدول التي تقوم بتصديرها لمصر تريد التخلص منها لأنها تضر بالصحة العامة، موضحاً أن ثمنها منخفض في الدول المصدرة، ويتم بيعها بأثمان أضعاف ثمنها الحقيقي رغم خطورتها. وأكد أنه تم منع تداول بعض الأنواع من الكبدة وفقا لمنظمة الصحة العالمية لاحتوائها علي هرمونات تعطي في الأساس للأبقار الأمريكية لتسمينها، والتي تخزن داخل كبد الأبقار، موضحاً أن الكبدة المستوردة تحتوي علي هرمونات يتم حقن المواشي بها لزيادة حجمها، وبالتالي تنتقل إلي أكبادها، والمعامل المصرية تكون غير مؤهلة لاكتشاف مثل هذه الهرمونات الضارة. الدكتورة صفاء أبوالسعود، الباحثة بمعهد بحوث صحة الحيوان، قالت في دراسة لها إنه يتم حقن الحيوانات في بعض الدول بهدف العمل علي زيادة وزنها، وبالتالي تنتقل هذه الهرمونات إلي الكبد لأنه مركز لتخزين السموم في الجسم، مشيرة إلي أن تناول هذه الهرمونات يمثل خطراً علي صحة الإنسان. في حين يقول وليد أبوبكر (طبيب تحاليل): يجب فحص الكبدة المستوردة داخل المعامل المركزية، إلا أنه يتم تحليلها في معامل أخري غير مؤهلة لاكتشاف الهرمونات، وبالتالي من الصعب اكتشافها، موضحاً أن اكتشاف الهرمونات لابد أن يتم في معامل مؤهلة وفقاً لطرق معينة، وأضاف: يتم تخزين هذه الأنواع من الكبدة لفترات طويلة، وبالتالي تتعرض للفساد، وتصل إلي مصر فاسدة، وعموما رحلة الكبدة المستوردة من البلد المصدر إلي مصر تستغرق حوالي ثلاثة شهور منذ شحنها علي السفينة، حتي دخولها إلي الجمارك، وهذه الفترة الطويلة تعرضها للتلف. فيما تحدثت الدكتورة سها محمود (طبيبة بيطرية) عن حقن المواشي والعجول بالهرمونات الاصطناعية، من أجل تسمينها، موضحة: هذه الهرمونات تستخدمها دول كثيرة، مشيرة إلي تأثيرها السلبي علي صحة الإنسان، لذلك يحظر علي الدول العمل علي الحقن بمثل هذه الهرمونات، لكن الدول المصدرة تحقنها للمواشي التي تقوم بتوريدها، وبالتالي تؤثر سلبا علي صحة المستهلكين. يتفق معها في الرأي الدكتور محمد كمال (طبيب بيطري) مؤكداً أن الكثير من دول العالم لا تستورد الأكباد، لأنها أدركت خطورتها علي الصحة العامة، لذلك أوقفت روسيا استيراد الكبدة منذ عام 2013 حفاظا علي صحة مواطنيها. وقال الدكتور سيد العباسي استشاري أمراض الباطنة: يجب أن تسعي الحكومة إلي وقف استيراد الكبدة لما تحتويه من أضرار علي الصحة العامة، موضحاً أن العديد من دول العالم أوقفت استيراد الكبدة، مثل روسيا وأمريكا، مشيرا إلي أن مصر من الدول القليلة التي تضع الكبدة المستوردة في وجباتها رغم خطورتها علي صحة الإنسان. وعن خطورة الكبدة المستوردة علي صحة الأطفال، يقول الدكتور محمد رشاد أستاذ طب الأطفال إن الكبدة المستوردة تمثل خطراً كبيرا علي صحة الطفل، لأنها تحتوي علي هرمونات صناعية تضر بنمو الطفل وصحته، مضيفاً: تناول الكبدة يسبب للأطفال الكثير من الأمراض مثل الأمراض السرطانية، والأورام الخبيثة، لأنها تعتبر منفذا للهرمونات الصناعية إلي جسم الطفل. وفي جولتنا في منطقة وسط البلد يقول الحاج محمد (بائع كبدة) إن الإقبال علي شراء سندوتشات الكبدة كبير في كل الأماكن، لأنها من الأكلات المفضلة عند المصريين، حيث نجد أن الكثير من المصريين يرغبون في تناولها، خاصة مع خفض أسعارها مقارنة بأسعار الكبدة البلدي التي تصل إلي نحو 80 جنيهاً للكيلو. وأضاف: "المصريون أكلتهم المفضلة الكبدة، موضحا أن الكبدة المستوردة يتضاعف وزنها بعض الإضافات التي يتم وضعها سواء الطماطم أو الفلفل، وبالتالي نجد مكاسب كبيرة في السندوتشات التي يتم بيعها. ويتفق معه الحاج إبراهيم بائع كبدة في منطقة دار السلام قائلاً: "إن الإقبال علي عربات الكبدة كبير، حيث يفضل الكثير من المواطنين تناول وجبات الكبدة، لأنها تعد من الأكلات المفضلة للمصريين". ويوضح أن أسعار رغيف الكبدة في متناول الجميع، لذلك يقبل عليها الصغار والكبار، كما أن المصريين يفضلون أكل الكبدة منذ القدم.