في سورة الحج: }وأذِّن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلي كل ضامرٍ يأتين من كل فجٍ عميق{، فهل بدا لأحدنا كيف كان أذان إبراهيم عليه السلام في الناس؟ حين أمره الله بالأذان كما جاء في الآية أذّن في الناس بالحج، فقال: "يا رب وما يبلغ صوتي؟" قال سبحانه: "أذِّن وعليَّ البلاغ".. إذن فالأذان له أسراره، وللصوت البشري قدرة لم ندركها بعد، يصل لتسمعه كل الكائنات من حجر وشجر وطير وكائنات الأرض جميعاً، والصوت البشري اختاره رسولنا الكريم كوسيلة لدعوة الناس للصلاة، وهو صوت إعجازي لما له من سمات عدة من المساحة الصوتية والمرونة والصفاء والقوة. في خمسة توقيتات في كل يوم وحتي قيام الساعة ينادي الصوت البشري أذاناً للصلاة، فالصلاة قائمة والأذان لها قائم عبر الزمن، وعبر التحولات الكونية، وأيضاً عبر المكان في استمرارية أبدية تلف الكرة الأرضية تماماً كغلافها الجوي طوال الأربع والعشرين ساعة وهي قياسنا الأرضي، فبينما يؤذن المؤذن في موقع لأداء الصلاة يكون في منطقة مجاورة سبقه أحدهم بالنداء، وفي منطقة تالية سبقه آخر، وهكذا من نقطة لأخري في تتال زمني حول الكرة الأرضية يكون فيها الأذان للصلاة قائماً لا ينقطع، فيكون كوكبنا الأرضي علي مدي اليوم والسنة وآلافها مُغلفاً بصوت بشر عبيدٍ لله يدعون للصلاة ليظل بالأذان غلافنا الجوي مُعطراً باسم الله، والدعوة لعبادته، وهو نفس الغلاف الذي نتنفس هواءه وهو الحامل لتكبير وتعظيم لفظ الجلالة، فنحن نعيش تحيط بنا دعوات الصلاة لله مدي حياتنا حتي لا نغفو أو تأخذنا الحياة، عن أداء فريضة الصلاة، هذا النداء يتوجه به المؤذن مرتفعاً صوتاً واتجاهاً تجاه السماء مخترقاً أجواء الفضاء المحيط وبينما هو يعبر الأجواء بالتوحيد رافعاً اسم الله أكبر عالياً داعياً إلي الصلاة تنزل هذه الدعوة من الأجواء العليا كي تستقر في قلب المسلم، فيقوم ملبياً الدعاء. الأذان هل يتلاشي في الفضاء؟ تعلمنا أن لا شيء يفقد في الكون مسموعاً أو مرئياً أو ملموساً، والصوت ينتشر علي هيئة موجية، وقد تبين أن الموجات الصوتية تحمل الطاقة وتنتشر وتتلاقي وتتمدد، فأمواج صوت أذان الدعوة للصلاة علي مدي كون الله لا تتلاشي، بل هي ذات ترددات وأطوال موجية مختلفة وللموجة الواحدة سعة وقمة وقاع، وأعتقد بنظرية أن لا شيء مفقود تظل أصوات الأذان مخزونة في الفضاء الكوني تكبيراً وتعظيماً لله عز وجل. والأذان تتلقفه آذان المخلوقات جميعاً، وقد ذكر سبحانه أن باقي المخلوقات أقوام مثلنا، وذكر أنهم يسبحون، ولكننا لا نفقه تسبيحهم، وذكر أن نملة أدركت ما يحدث حولها وخشيت من سحق جند سليمان لها ولقومها فدعتهم لدخول بيوتهم إذن فحتي النمل يدرك ويشعر وبالتالي يدرك الأذان، ولكننا لا نعلم. والترديد وراء المؤذن يعد من الطاعات يجعلك تساهم بصوتك حتي ولو بشكل هامس في ذلك النداء الكوني: "الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر.. الله أكبر .. أشهد أن لا إله إلا الله .. أشهد أن لا إله إلا الله .. أشهد أن محمدًا رسول الله .. أشهد أن محمدًا رسول الله .. حي علي الصلاة .. حي علي الصلاة .. حي علي الفلاح .. حي علي الفلاح .. الله أكبر .. الله أكبر .. لا إله إلا الله".