التغيير من أجل مستقبل أفضل .. السمة الأولي والأساسية التي يشعر بها المرء بمجرد أن تطأ قدماه شوارع الأقصروقنا في أقصي صعيد مصر، وهي السمة ذاتها التي تغلف كافة مشروعات التنمية التي تجري علي أرض المحافظتين بدعم مالي وفني من الحكومة الألمانية ممثلة في عدد من الهيئات والوكالات ذات التوجه والإسهام الدولي.. فالتطور الحضاري الذي بات يميز الأقصروقنا خلال السنوات القليلة الماضية، وحولهما لمناطق جذب استثماري وسياحي رائدة وشابة، كان في حسبان المسئولين عن تنفيذ مختلف مشروعات التعاون المشترك بين مصر وألمانيا هناك، ومن ثم كان الحرص أن تغدو الاستفادة الأكبر والمباشرة لتلك المشروعات التي ركزت علي مجالات تحسين مياه الشرب والصرف الصحي والحفاظ علي البيئة من نصيب المواطن، باعتباره حجر الزاوية في عملية التحديث والنهضة المجتمعية والاقتصادية في أي مكان. يومان كاملان في حضرة إرث الفراعين الأجداد بمحافظتي الأقصروقنا قضاهما السفير الألماني بالقاهرة، ميشائيل بوك، وممثلون عن البنك الألماني للتعمير "KFW" والوكالة الألمانية للدعم "GTZ" في تفقد عدد من المشروعات التنموية التي تأسست أو تعمل بدعم وتمويل ألماني وبدأت ثمارها تنعكس بإيجابية علي سكان المحافظتين. كانت البداية في مركز التدريب الخاص بشركة مياه الشرب والصرف الصحي "كنوز" بمدينة قنا، حيث قام مجدي أيوب محافظ قنا يرافقه السفير الألماني والوفد المرافق له بافتتاحه رسمياً في حضور الدكتور عبدالقوي خليفة رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي. المشهد داخل المركز أثار إعجاب الجميع، فقد تم إنشاؤه وتجهيزه علي أعلي مستوي وبأحدث تقنيات وآليات التدريب لتأهيل ورفع قدرات العاملين بالشركة، وكذا لتلبية احتياجات الشركة والشركات المماثلة في الصعيد من خلال توفير وتنفيذ البرامج التدريبية في المجالات المختلفة، مما يساعد علي رفع مستوي الأداء للعاملين، فضلاً عن تزويده بمعدات للكشف عن التسرب قيمتها 1.2 مليون جنيه، ومن المقرر أن يكتمل المركز كمنشأة تدريب لكشف التسرب بحلول مارس 2011. وقد بدا العاملون داخله أقرب لخلية نحل تعكس التدريب العالي الذي حصلوا عليه من أجل إدارة المركز والتعامل بكفاءة مع المتدربين. وقد تم فعلياً تنفيذ ما يقرب من 200 دورة تدريبية بالمركز غطت مجالات تخطيط المرافق والأنشطة التجارية مثل أعمال المحاسبة والفواتير والتحصيل وعمليات الصيانة وقياس جودة المياه والتدريب المعملي وإدارة خدمة العملاء، وقد استفاد أكثر من 2800 متدرب من تلك الدورات. السفير الألماني ركز علي أن الجهود المتضافرة من جانب الحكومة المصرية تهدف إلي تعزيز الاستخدام الأمثل للمياه، وتوفير كوب ماء نظيف للفقراء. وقد تم علي هامش الافتتاح توقيع الاتقاقية الثانية لتمويل برنامج مياه الشرب والصرف الصحي باستثمارات قدرها 5 ملايين يورو ممولة من بنك التعمير الألماني لصالح شركة قنا للمياه، وذلك من أجل الحفاظ علي المياه وتحسينها وترشيد استهلاكها ورفع درجة الوعي لدي المواطنين والعاملين بهذا المجال،إضافة لتحسين الخدمة المقدمة للمواطنين من قبل شركة مياه الشرب والصرف الصحي من حيث تحسين إجراءات إصدار الفواتير وتحصيلها، ما سينعكس بدوره علي تحقيق تغطية أفضل للنفقات. وبتوقيع هذه الاتفاقية يصل إجمالي قيمة التمويل المقدم للبرنامج من قبل بنك التنمية الألماني إلي 12.7 مليون يورو (ما يعادل 95 مليون جنيه مصري) فيما يمتد النطاق الزمني للمشروع حتي العام 2014. علي جانب آخر وقع محافظ قنا والسفير الألماني بحضور المهندس سيد عبد الوهاب رئيس مجلس إدارة شركة مصر للألومنيوم بروتوكول تعاون لتنفيذ مشروع حماية البيئة للقطاع العام وقطاع الأعمال العام الصناعي داخل مجمع الألومنيوم بمدينة نجع حمادي. وأوضح محافظ قنا أن هذا المشروع يعد مبادرة للتوافق البيئي تنفذ من خلال جهاز شئون البيئة المصري وبنك التعمير الألماني بتكلفة 2.5 مليون يورو.. بما يعادل 25 مليون جنيه مصري. المشروع يسعي إلي خفض انبعاثات الغازات والأتربة ومنع التلوث داخل مجمع شركة مصر للألومنيوم. الجانب الروحي والثقافي كان حاضراً في قلب مشروعات التعاون التنموي المصري الألماني في الصعيد حيث قام السفير الألماني ميشائيل بوك بزيارة للبيت الألماني (معهد الآثار الألماني) بالأقصر تعرف خلالها علي أنشطة التنقيب التي تقوم بها بعثة الخبراء الألمان في علم المصريات. وهناك كشف الدكتور دانيال بولز مدير البيت الألماني (مقر البعثة الآثار الألمانية بالأقصر ) أن البعثة تقوم حاليا بعمليات للتنقيب عن الآثار في المحافظة.