أسامة الباز.. ثعلب الدبلوماسية المصرية    رسميًا.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي 2025 وخطوات استخراجها مستعجل من المنزل    سلطنة عمان تشارك في منتدى التجارة والاستثمار المصري الخليجي    الشرع: دمشق أصبحت حليفا جيوسياسيا لواشنطن وهناك أسباب لوجودها العسكري في سوريا    "ترامب": واثق في أن الشرع سيتمكن من أداء مهام منصبه    نجاح زهران ممداني حدث عالمي فريد    إصدار تصريح دفن إسماعيل الليثى وبدء إجراءات تغسيل الجثمان    واخدها في حضنه، رانيا يوسف تخطف الأنظار مع زوجها في العرض الخاص ل"السلم والثعبان" (فيديو)    يمهد الطريق لتغيير نمط العلاج، اكتشاف مذهل ل فيتامين شائع يحد من خطر النوبات القلبية المتكررة    نفسنة أم نصيحة، روني يشن هجوما جديدا على محمد صلاح    «في مبالغة».. عضو مجلس الأهلي يرد على انتقاد زيزو بسبب تصرفه مع هشام نصر    أسعار العملات العربية والأجنبية أمام الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    انهيار جزئي من عقار قديم بالمنيا دون خسائر بشرية    أمطار على هذه المناطق.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    وزارة الداخلية تكشف ملابسات واقعة السير عكس الاتجاه بالجيزة    انهيار جزئي لعقار قديم قرب ميدان بالاس بالمنيا دون إصابات    التعليم تعلن خطوات تسجيل الاستمارة الإلكترونية لدخول امتحانات الشهادة الإعدادية    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الكبير.. سعر الذهب يقفز 640 للجنيه اليوم الثلاثاء بالصاغة    بعد طلاقها من كريم محمود عبد العزيز.. رضوى الشربيني داعمةً آن الرفاعي: «المحترمة بنت الأصول»    وداعا إسماعيل الليثى.. كاريكاتير اليوم السابع يرثى المطرب الشعبى ونجله ضاضا    استعدادًا للتشغيل.. محافظ مطروح يتابع تأهيل سوق الخضر والفاكهة بمدخل المدينة    مع دخول فصل الشتاء.. 6 نصائح لتجهيز الأطفال لارتداء الملابس الثقيلة    من البابونج للسلمون.. 7 أطعمة تساعد على تقليل الأرق وتحسين جودة النوم    استغاثة أم مسنّة بكفر الشيخ تُحرّك الداخلية والمحافظة: «رعاية وحماية حتى آخر العمر»    بعد لقاء ترامب والشرع.. واشنطن تعلق «قانون قيصر» ضد سوريا    وزير الخارجية ل«القاهرة الإخبارية»: مصر لن تسمح بتقسيم السودان تحت أي ظرف من الظروف    النائب العام يستقبل وزير العدل بمناسبة بدء العام القضائي الجديد| صور    محدش يزايد علينا.. تعليق نشأت الديهى بشأن شاب يقرأ القرآن داخل المتحف الكبير    نيسان قاشقاي.. تحتل قمة سيارات الكروس أوفر لعام 2025    التخضم يعود للصعود وسط إنفاق بذخي..تواصل الفشل الاقتصادي للسيسي و ديوان متفاقمة    بسبب خلافات الجيرة.. حبس عاطل لإطلاقه أعيرة نارية وترويع المواطنين بشبرا الخيمة    قوات الاحتلال الإسرائيلي تصيب فلسطينيًا بالرصاص وتعتقله جنوب الخليل    مشهد إنساني.. الداخلية تُخصص مأمورية لمساعدة مُسن على الإدلاء بصوته في الانتخابات| صور    زينب شبل: تنظيم دقيق وتسهيلات في انتخابات مجلس النواب 2025    مروان عطية: جميع اللاعبين يستحقون معي جائزة «الأفضل»    بي بي سي: أخبار مطمئنة عن إصابة سيسكو    اللعنة مستمرة.. إصابة لافيا ومدة غيابه عن تشيلسي    لماذا تكثر الإصابات مع تغيير المدرب؟    تقارير: ليفاندوفسكي ينوي الاعتزال في برشلونة    إصابة الشهري في معسكر منتخب السعودية    تجنب المشتريات الإلكترونية.. حظ برج القوس اليوم 11 نوفمبر    المعهد الفرنسي يعلن تفاصيل الدورة الخامسة من مهرجان "بوبينات سكندرية" السينمائي    اليوم السابع يكرم صناع فيلم السادة الأفاضل.. صور    سعر الفول والدقيق والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    صلاة جماعية في البرازيل مع انطلاق قمة المناخ "COP30".. صور    المغرب والسنغال يبحثان تعزيز العلاقات الثنائية والتحضير لاجتماع اللجنة العليا المشتركة بينهما    خطوة أساسية لسلامة الطعام وصحتك.. خطوات تنظيف الجمبري بطريقة صحيحة    أوكرانيا تحقق في فضيحة جديدة في شركة الطاقة النووية الوطنية    أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    رجال الشرطة يجسدون المواقف الإنسانية فى انتخابات مجلس النواب 2025 بالإسكندرية    ياسمين الخطيب تعلن انطلاق برنامجها الجديد ديسمبر المقبل    لماذا يجب منع الأطفال من شرب الشاي؟    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    نماذج ملهمة.. قصص نجاح تثري فعاليات الدائرة المستديرة للمشروع الوطني للقراءة    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سمير خطاب المدير السابق لإدارة التفتيش بوزارة المالية:
قيادات في «المالية» تبتز هيئات حكومية لدعم ميزانيتها
نشر في آخر ساعة يوم 12 - 01 - 2016

أكد سمير خطاب مدير الإدارة المركزية للتفتيش بوزارة المالية سابقاً أن السياسة الرقابية المُتّبعة داخل الوزارة تقوم علي التعتيم علي الفساد، موضحًا في حواره ل"آخر ساعة" أنه تعرّض للإقصاء من منصبه بعد أن أبلغ عن مجموعة من وقائع الفساد. مُشيرًا إلي أنه اكتشف خلال عمله بالإدارة مخالفات لقيادات بوزارة المالية تقعُ في إطار جرائم التربح والاستيلاء علي المال العام، من خلال حصولهم علي مكافآت غير مستحقة من هيئاتٍ حكومية عدة، لابتزازها مُقابل تعزيز ميزانياتها من قِبل وزارة المالية. كاشفًا عن وقائع فساد أخري بين قيادات وزارة الزراعة، وهي الوقائع التي تقدم ببلاغ بها مؤخرًا لإدارة مكافحة الاختلاس والإضرار بالمال العام.
أُقصيتُ من منصبي لكشفي وقائع فساد داخل الوزارة
ما هي مهام إدارة التفتيش بوزارة المالية؟
- في البداية يجب أن أوضح أن وزارة المالية تضم عدة قِطاعات، علي رأسها قطاع الموازنة الذي يضع مشروع الموازنة لجميع الجهات الحكومية، اعتمادًا علي حجم الإيرادات والمصروفات ليحدد في النهاية وجود عجز أو فائض في الميزانية، بحيث تتولي الوزارة تمويل هذه الجهات وهو الدور الذي يقوم به قطاع الحسابات والمديريات المالية من خلال ممثلين له، مهمتهم مراجعة موازنة هذه الجهات وصرف المبالغ المُحدّدة لها. ليأتي بعد ذلك الدور الرقابي الذي تتولاه الإدارة المركزية للتفتيش، بمراجعة أوجه الإنفاق بمختلف الجهات الحكومية ومدي مُطابقتها للقانون وللبنود المُحددة بالموازنة، فضلاً عن التفتيش علي الصناديق الخاصة الموجودة بمُعظم هذه الجهات. إلا أنني أثناء عملي كمدير لإدارة التفتيش لمستُ وجودَ خلل في النظام الرقابي الذي كان مُتبعًا داخل الإدارة وبدأت تغييره آنذاك.
ما أوجه القصور التي عملت علي تغييرها؟
- أثناء وجودي في منصبي قمت بالعمل علي تغيير نظام إدارة التفتيش التي كانت قائمة علي سياسة الأبواب المُغلقة والتعتيم علي الفساد، غير أن آليات الرقابة كانت تفتقد للنظام والسٌّرعة وهو ما سعيت إلي تغييره بسرعة التحرك إزاء شكاوي الفساد التي كانت ترد إليّ. كما فعّلت نظامًا جديدًا للرقابة والتفتيش الوقائي بحيث أتيح الفرصة للقائمين علي الجهات الحكومية المُختلفة بالإبلاغ مُسبقًا عن أوجه الخلل بميزانياتهم. لذا كانت كيفية كشفي عن الفساد محل خلافٍ بيني وبين وزير المالية ورؤساء القطاعات، ما أدي إلي إقصائي من منصبي في مارس 2015 بعد أن قضيت فيه عامًا واحدًا، لأنني خالفت سياساتهم القائمة علي التعتيم علي وقائع الفساد وعدم التحقيق فيها.
كيف اندلع الخلاف بينك وبين وزير المالية؟
- نقطة خلافي مع وزير المالية تمثلت في كشفي لعدة قضايا فساد وإهدار للمال العام، والتي بدأت مع اكتشافي لتورط زوجة مسؤول بوزارة المالية في صرف شيكات غير مستحقة بقيمة 147 مليون جنيه من الإدارة التعليمية بمدينة 6 أكتوبر. وعندما أبلغت مباحث الأموال العامة، اعتبر الوزير أنني بذلك تعدّيتُه واتخذت هذا الإجراء دون الرجوع إليه، رغم أن ذلك يقع ضمن حقي الدستوري في الإبلاغ عن جرائم الفساد وكذا يقع ضمن صلاحيات منصبي آنذاك. إلا أن الخلاف بيننا زاد مع كشفي لقضية فساد أٌخري بجامعة عين شمس. كما أنني اكتشفت عشرات الوقائع الأخري أثناء وجودي في الإدارة، والتي قمتُ بتقديم بلاغاتٍ بها لمباحث الأموال العامة مؤخراَ .
ما القضايا التي قدمت بها بلاغات مؤخراَ؟
- قدّمتُ بلاغًا لإدارة مكافحة الاختلاس والإضرار بالمال العام بجرائم فساد واستيلاء علي المال العام بوزارة الزراعة، منها واقعة استيلاء بعض قيادات وزارة الزراعة علي خمسة آلاف فدّان مخصصة لمشروع شباب الخريجين، علي رأسهم يوسف والي وزير الزراعة الأسبق و«ع.ب» أحد المسئولين مركز البحوث الزراعية وبعض القيادات الأخري بالوزارة. وتكمن الواقعة في شراء وحدة الخدمات البستانية بمركز البحوث الزراعية 5000 فدان غير معدة للزراعة عام 1995 من الهيئة العامة لمشروعات التعمير، -وهاتان الجهتان تابعتان لوزارة الزراعة- بقيمة إجمالية 250 ألف جنيه، بمنطقة غرب النوبارية بمركز أبوالمطامير محافظة البحيرة. حيث قامت الوِحدة باستصلاح الأراضي وتجهيزها للزراعة علي نفقة الدولة، ليقوم بعد ذلك يوسف والي وزير الزراعة الأسبق بتوزيع هذه الأراضي علي حوالي 53 من قيادات وزارة الزراعة، في صورة عملية بيع صورية مُجحفة لحق شباب الخريجين الذين يفترض أن يكونوا المُستفيدين من هذه الأراضي. حيث تم بيع الفدان ب 50 جنيها أي أن سعر القيراط 2 جنيه وسعر المتر 12 مليما.
كيف توصلت إلي تفاصيل هذه الواقعة؟
- تمكنتُ من الوصول إلي أحد العقود التي تُثبت صحة الواقعة، وهو العقد الذي اشتري بموجبه «ع.ب» أحد قيادات مركز البحوث الزراعية، 25 فدانًا من أراضي الخريجين عام 2003 بمبلغ إجمالي 1250، ليبيعها عام 2006 بمبلغ 3000 جنيه للفدان الواحد بقيمة إجمالية 75 ألف جنيه لأحد المشترين. إلا أن المشتري أقام عام 2014 دعوي صحة ونفاذ عقد البيع، ما أكد لي أن عقد البيع تم في ذات العام لوجود ما يقرب من 8 سنوات بين العقدين، لكن المقصود هو الإيهام بأن البيع تم سنة 2006 بمبلغ منخفض للإيحاء بأن الاستفادة المادية هو الفرق بين سعر الشراء والبيع. لكن في الحقيقة البيع تم خلال عام 2014، والسعر الطبيعي للفدان في نفس العام يتراوح بين 180 و220 ألف جنيه. أي أن القيمة الحقيقية للأرض التي استولي عليها «ع.ب» لا تقل عن أربعة ملايين جنيه. ما يعني أن بقية القيادات استولت علي حوالي مليار جنيه قيمة الأرض المخصصة لشباب الخريجين، بالمخالفة للمادة رقم 39 من القانون رقم 89 لسنة 98 بشأن المناقصات والمزايدات.
هل هناك وقائع فساد أخري تخص وزارة الزراعة تقدمت ببلاغات بها؟
- هناك جريمة أخري قامت بها مجموعة من قيادات الوزارة، من خلال حصول «ع.ب» مسئول بمركز البحوث الزراعية وبعض مسؤولي المركز الإقليمي للأغذية والأعلاف علي مكافآت تصل قيمتها إلي مليوني جنيه دون وجه حق. حيث تم صرف مكافآت سنوية لهم بمبالغ كبيرة بدون استحقاق وبغير أعمال مؤداة تستحق صرف هذه المبالغ، والتي صرفت بالمجاملة وتبادل المصالح. وهو الفساد الذي كشف جزء منه جدول الحوافز الذي يوضح حصوله علي مبلغ 100 ألف جنيه، كما حصلت «ج.م» مسئولة بالمركز الإقليمي للأغذية والأعلاف علي مبلغ 90ألف جنيه للعام المالي 2013/2014، والكارثة أن هذا الكشف يحمل موافقتهما بالمخالفة للقانون، فلا يجوز للموظف الحكومي أن يصرف مكافأة لنفسه، وكان يجب أن يحصل علي موافقة وزير الزراعة. إلا أن وقائع الفساد التي رصدتها لا تقتصر علي ذلك، فخلال رئاستي لإدارة التفتيش اكتشفتُ مخالفاتٍ عدة لقيادات بوزارة المالية، تقعُ في إطار جرائم التربح والاستيلاء علي المال العام. وتقدّمتُ ببلاغ بها مؤخرًا لإدارة مكافحة الاختلاس والإضرار بالمال العام.
حدثنا عن هذه الوقائع؟
- البلاغ الذي تقدّمتُ به يشمل تسع وقائع فساد لقيادات بوزارة المالية يحصلون علي مبالغ غير مستحقة لهم في صورة مكافآت بآلاف الجنيهات شهريًا، هي في حقيقتها "إتاوات" يفرضونها علي هيئاتٍ حكومية عِدّة، لابتزازها مُقابل تعزيز بنود الصَرف وزيادة المبلغ المعتمد لهذه الجِهات من قِبَل وزارة المالية، حيث إن قطاع الموازنة بالوزارة هو المنوط به تحديد الموازنة الخاصة بكافة الجهات الحكومية. وأبرز هذه الوقائع تتمثل في حصول «ك.م» و«ع.م» من قيادات وزارة المالية وعدد من مُساعدي الوزير ووكلاء الوزارة، علي مُكافآت شهرية من الهيئة القومية للسكك الحديدية، نظير مُشاركتهم في لِجان تقدير دعم اشتراكات الطلبة بوزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم وجامعة الأزهر والذي وصل إلي حوالي 46 مليون جنيه شهريًا. هذه المُكافآت تُصرف لكُلّ مسؤول منهم بواقع ثلاثة آلاف جنيه شهريًا وصلت إلي أربعة آلاف جنيه حسبما ورد في أحد الكشوف التي حصلت عليها لمكافآت شهر أغسطس 2010. والعجيب أن تصرف الهيئة مكافأة عن خسارة تتحمّلها موازنة الدولة.
ما السند القانوني لهذه المُخالفة؟
- السند القانوني هو مخالفة منشور وزارة المالية رقم 199 لسنة 1992 والمُدعّم بالقرار رقم 92 لسنة 2012 والقانون رقم 19 لسنة 2013 والذي يحظر تقاضي مُمثلي وزارة المالية والعاملين بقطاع الموازنة أي مبالغ أو مزايا عينية تحت أي مُسمّي من جهاتٍ غير وزارة المالية. وهو ما ينطبق أيضًا علي وقائع الفساد الأخري المُتمثلة في حصول هذه القيادات علي مكافآت شهرية من مصلحة الجمارك، غير ما يحصلون عليه شهريًا دون حق من الهيئة العامة للتصنيع تحت بند مصروفات الانتقال. وكذا حصلوا أيضًا من الهيئة العامة للموانئ البرية علي مكافآت شهرية تحت نفس البند، نظير مشاركتهم في اللجنة الرئيسية لتقييم أُصول وخُصوم الهيئة، علمًا بأن القانون لا يُجيز للموظف الحكومي أن يحصل علي مصاريف الانتقال إلا من جهة عمله الأصلية. والكارثة أن هذه المخالفات تُرتكب بشكلٍ مستمر منذ عام 2006 وحتي اليوم.
ماذا عن أوجه الفساد الإداري التي رصدتها؟
- غير المخالفات المالية قام رئيس قطاع الحسابات «ك.م» مسئول بالوزارة بإصدار قرارات صورية لتعيين عدد من مديري العموم، الذين يتقاضون رواتبهم ومكافآتهم كاملة دون أن يُمارسوا مهام عملهم. وكشف لي ذلك خِطابٌ صادر عن المديرية المالية بمحافظة شمال سيناء بتاريخ 1/7/2015، يؤكد عدم وجود ملف خدمة لإحدي الموظفات اللاتي عينهن بدرجة مدير عام، فضلاً عن انقطاعها عن العمل لمدة سبعة أشهر. والكارثة أنه بدلاً من فَصلِها عن العمل تمّت ترقيتها لدرجة مراقب مالي، بالمخالفة للقانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن العاملين المدنيين بالدولة وكذا قانون الخدمة المدنية رقم 18 لسنة 2015.
ما هي مهام إدارة التفتيش بوزارة المالية؟
- في البداية يجب أن أوضح أن وزارة المالية تضم عدة قِطاعات، علي رأسها قطاع الموازنة الذي يضع مشروع الموازنة لجميع الجهات الحكومية، اعتمادًا علي حجم الإيرادات والمصروفات ليحدد في النهاية وجود عجز أو فائض في الميزانية، بحيث تتولي الوزارة تمويل هذه الجهات وهو الدور الذي يقوم به قطاع الحسابات والمديريات المالية من خلال ممثلين له، مهمتهم مراجعة موازنة هذه الجهات وصرف المبالغ المُحدّدة لها. ليأتي بعد ذلك الدور الرقابي الذي تتولاه الإدارة المركزية للتفتيش، بمراجعة أوجه الإنفاق بمختلف الجهات الحكومية ومدي مُطابقتها للقانون وللبنود المُحددة بالموازنة، فضلاً عن التفتيش علي الصناديق الخاصة الموجودة بمُعظم هذه الجهات. إلا أنني أثناء عملي كمدير لإدارة التفتيش لمستُ وجودَ خلل في النظام الرقابي الذي كان مُتبعًا داخل الإدارة وبدأت تغييره آنذاك.
ما أوجه القصور التي عملت علي تغييرها؟
- أثناء وجودي في منصبي قمت بالعمل علي تغيير نظام إدارة التفتيش التي كانت قائمة علي سياسة الأبواب المُغلقة والتعتيم علي الفساد، غير أن آليات الرقابة كانت تفتقد للنظام والسٌّرعة وهو ما سعيت إلي تغييره بسرعة التحرك إزاء شكاوي الفساد التي كانت ترد إليّ. كما فعّلت نظامًا جديدًا للرقابة والتفتيش الوقائي بحيث أتيح الفرصة للقائمين علي الجهات الحكومية المُختلفة بالإبلاغ مُسبقًا عن أوجه الخلل بميزانياتهم. لذا كانت كيفية كشفي عن الفساد محل خلافٍ بيني وبين وزير المالية ورؤساء القطاعات، ما أدي إلي إقصائي من منصبي في مارس 2015 بعد أن قضيت فيه عامًا واحدًا، لأنني خالفت سياساتهم القائمة علي التعتيم علي وقائع الفساد وعدم التحقيق فيها.
كيف اندلع الخلاف بينك وبين وزير المالية؟
- نقطة خلافي مع وزير المالية تمثلت في كشفي لعدة قضايا فساد وإهدار للمال العام، والتي بدأت مع اكتشافي لتورط زوجة مسؤول بوزارة المالية في صرف شيكات غير مستحقة بقيمة 147 مليون جنيه من الإدارة التعليمية بمدينة 6 أكتوبر. وعندما أبلغت مباحث الأموال العامة، اعتبر الوزير أنني بذلك تعدّيتُه واتخذت هذا الإجراء دون الرجوع إليه، رغم أن ذلك يقع ضمن حقي الدستوري في الإبلاغ عن جرائم الفساد وكذا يقع ضمن صلاحيات منصبي آنذاك. إلا أن الخلاف بيننا زاد مع كشفي لقضية فساد أٌخري بجامعة عين شمس. كما أنني اكتشفت عشرات الوقائع الأخري أثناء وجودي في الإدارة، والتي قمتُ بتقديم بلاغاتٍ بها لمباحث الأموال العامة مؤخراَ .
ما القضايا التي قدمت بها بلاغات مؤخراَ؟
- قدّمتُ بلاغًا لإدارة مكافحة الاختلاس والإضرار بالمال العام بجرائم فساد واستيلاء علي المال العام بوزارة الزراعة، منها واقعة استيلاء بعض قيادات وزارة الزراعة علي خمسة آلاف فدّان مخصصة لمشروع شباب الخريجين، علي رأسهم يوسف والي وزير الزراعة الأسبق و«ع.ب» أحد المسئولين مركز البحوث الزراعية وبعض القيادات الأخري بالوزارة. وتكمن الواقعة في شراء وحدة الخدمات البستانية بمركز البحوث الزراعية 5000 فدان غير معدة للزراعة عام 1995 من الهيئة العامة لمشروعات التعمير، -وهاتان الجهتان تابعتان لوزارة الزراعة- بقيمة إجمالية 250 ألف جنيه، بمنطقة غرب النوبارية بمركز أبوالمطامير محافظة البحيرة. حيث قامت الوِحدة باستصلاح الأراضي وتجهيزها للزراعة علي نفقة الدولة، ليقوم بعد ذلك يوسف والي وزير الزراعة الأسبق بتوزيع هذه الأراضي علي حوالي 53 من قيادات وزارة الزراعة، في صورة عملية بيع صورية مُجحفة لحق شباب الخريجين الذين يفترض أن يكونوا المُستفيدين من هذه الأراضي. حيث تم بيع الفدان ب 50 جنيها أي أن سعر القيراط 2 جنيه وسعر المتر 12 مليما.
كيف توصلت إلي تفاصيل هذه الواقعة؟
- تمكنتُ من الوصول إلي أحد العقود التي تُثبت صحة الواقعة، وهو العقد الذي اشتري بموجبه «ع.ب» أحد قيادات مركز البحوث الزراعية، 25 فدانًا من أراضي الخريجين عام 2003 بمبلغ إجمالي 1250، ليبيعها عام 2006 بمبلغ 3000 جنيه للفدان الواحد بقيمة إجمالية 75 ألف جنيه لأحد المشترين. إلا أن المشتري أقام عام 2014 دعوي صحة ونفاذ عقد البيع، ما أكد لي أن عقد البيع تم في ذات العام لوجود ما يقرب من 8 سنوات بين العقدين، لكن المقصود هو الإيهام بأن البيع تم سنة 2006 بمبلغ منخفض للإيحاء بأن الاستفادة المادية هو الفرق بين سعر الشراء والبيع. لكن في الحقيقة البيع تم خلال عام 2014، والسعر الطبيعي للفدان في نفس العام يتراوح بين 180 و220 ألف جنيه. أي أن القيمة الحقيقية للأرض التي استولي عليها «ع.ب» لا تقل عن أربعة ملايين جنيه. ما يعني أن بقية القيادات استولت علي حوالي مليار جنيه قيمة الأرض المخصصة لشباب الخريجين، بالمخالفة للمادة رقم 39 من القانون رقم 89 لسنة 98 بشأن المناقصات والمزايدات.
هل هناك وقائع فساد أخري تخص وزارة الزراعة تقدمت ببلاغات بها؟
- هناك جريمة أخري قامت بها مجموعة من قيادات الوزارة، من خلال حصول «ع.ب» مسئول بمركز البحوث الزراعية وبعض مسؤولي المركز الإقليمي للأغذية والأعلاف علي مكافآت تصل قيمتها إلي مليوني جنيه دون وجه حق. حيث تم صرف مكافآت سنوية لهم بمبالغ كبيرة بدون استحقاق وبغير أعمال مؤداة تستحق صرف هذه المبالغ، والتي صرفت بالمجاملة وتبادل المصالح. وهو الفساد الذي كشف جزء منه جدول الحوافز الذي يوضح حصوله علي مبلغ 100 ألف جنيه، كما حصلت «ج.م» مسئولة بالمركز الإقليمي للأغذية والأعلاف علي مبلغ 90ألف جنيه للعام المالي 2013/2014، والكارثة أن هذا الكشف يحمل موافقتهما بالمخالفة للقانون، فلا يجوز للموظف الحكومي أن يصرف مكافأة لنفسه، وكان يجب أن يحصل علي موافقة وزير الزراعة. إلا أن وقائع الفساد التي رصدتها لا تقتصر علي ذلك، فخلال رئاستي لإدارة التفتيش اكتشفتُ مخالفاتٍ عدة لقيادات بوزارة المالية، تقعُ في إطار جرائم التربح والاستيلاء علي المال العام. وتقدّمتُ ببلاغ بها مؤخرًا لإدارة مكافحة الاختلاس والإضرار بالمال العام.
حدثنا عن هذه الوقائع؟
- البلاغ الذي تقدّمتُ به يشمل تسع وقائع فساد لقيادات بوزارة المالية يحصلون علي مبالغ غير مستحقة لهم في صورة مكافآت بآلاف الجنيهات شهريًا، هي في حقيقتها "إتاوات" يفرضونها علي هيئاتٍ حكومية عِدّة، لابتزازها مُقابل تعزيز بنود الصَرف وزيادة المبلغ المعتمد لهذه الجِهات من قِبَل وزارة المالية، حيث إن قطاع الموازنة بالوزارة هو المنوط به تحديد الموازنة الخاصة بكافة الجهات الحكومية. وأبرز هذه الوقائع تتمثل في حصول «ك.م» و«ع.م» من قيادات وزارة المالية وعدد من مُساعدي الوزير ووكلاء الوزارة، علي مُكافآت شهرية من الهيئة القومية للسكك الحديدية، نظير مُشاركتهم في لِجان تقدير دعم اشتراكات الطلبة بوزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم وجامعة الأزهر والذي وصل إلي حوالي 46 مليون جنيه شهريًا. هذه المُكافآت تُصرف لكُلّ مسؤول منهم بواقع ثلاثة آلاف جنيه شهريًا وصلت إلي أربعة آلاف جنيه حسبما ورد في أحد الكشوف التي حصلت عليها لمكافآت شهر أغسطس 2010. والعجيب أن تصرف الهيئة مكافأة عن خسارة تتحمّلها موازنة الدولة.
ما السند القانوني لهذه المُخالفة؟
- السند القانوني هو مخالفة منشور وزارة المالية رقم 199 لسنة 1992 والمُدعّم بالقرار رقم 92 لسنة 2012 والقانون رقم 19 لسنة 2013 والذي يحظر تقاضي مُمثلي وزارة المالية والعاملين بقطاع الموازنة أي مبالغ أو مزايا عينية تحت أي مُسمّي من جهاتٍ غير وزارة المالية. وهو ما ينطبق أيضًا علي وقائع الفساد الأخري المُتمثلة في حصول هذه القيادات علي مكافآت شهرية من مصلحة الجمارك، غير ما يحصلون عليه شهريًا دون حق من الهيئة العامة للتصنيع تحت بند مصروفات الانتقال. وكذا حصلوا أيضًا من الهيئة العامة للموانئ البرية علي مكافآت شهرية تحت نفس البند، نظير مشاركتهم في اللجنة الرئيسية لتقييم أُصول وخُصوم الهيئة، علمًا بأن القانون لا يُجيز للموظف الحكومي أن يحصل علي مصاريف الانتقال إلا من جهة عمله الأصلية. والكارثة أن هذه المخالفات تُرتكب بشكلٍ مستمر منذ عام 2006 وحتي اليوم.
ماذا عن أوجه الفساد الإداري التي رصدتها؟
- غير المخالفات المالية قام رئيس قطاع الحسابات «ك.م» مسئول بالوزارة بإصدار قرارات صورية لتعيين عدد من مديري العموم، الذين يتقاضون رواتبهم ومكافآتهم كاملة دون أن يُمارسوا مهام عملهم. وكشف لي ذلك خِطابٌ صادر عن المديرية المالية بمحافظة شمال سيناء بتاريخ 1/7/2015، يؤكد عدم وجود ملف خدمة لإحدي الموظفات اللاتي عينهن بدرجة مدير عام، فضلاً عن انقطاعها عن العمل لمدة سبعة أشهر. والكارثة أنه بدلاً من فَصلِها عن العمل تمّت ترقيتها لدرجة مراقب مالي، بالمخالفة للقانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن العاملين المدنيين بالدولة وكذا قانون الخدمة المدنية رقم 18 لسنة 2015.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.