شحاذون وفقراء فى شوارع تل أبيب الفقر «حشمة» حتي في إسرائيل.. وماكانت تتباهي به الدولة العبرية.. من أنها الدولة الحلم، وتجمع الشتات لكل يهودي في العالم.. و«بأنها الجنة» وسط أتون الحروب والأزمات والاضطرابات في الشرق الأوسط. كل ذلك لم يعد موجودا مع صدور تقرير عن الفقر في إسرائيل، الذي أشار لوجود نحو ربع أطفالها وثلث شيوخها تحت خط الفقر. وأن معظمهم جاء من بلدان نامية ومن أفريقيا ومنهم عرب إسرائيل الذين فضلوا التمسك بأرضهم بعد نكبة 1948، أما الأخطر فإن الحلم بالهجرة لإسرائيل قد تحول مع زيادة نسبة الفقر.. إلي الحلم بالهجرة منها وهو ما يهدد كيانها كله ووجودها بالفناء سواء طال الزمن أم قصر! والتقرير تسلمه شيمون بيريز.. الذي استفزه ماجاء فيه من معلومات. حتي أنه وصفه بأنه يضم لائحة طويلة كلها ضد إسرائيل وسكان إسرائيل.. ولا يمكن بأي حال من الأحوال. الاستخفاف بما جاء فيها. وقال بحسرة يحسد عليها: إن إسرائيل كدولة أنفقت أموالا للأمن والحرب. ومن واجبها الآن أن تصرف أموالها بنفس القدر لمواجهة الفقر. ومواساة الفقراء في كافة أرجائها ومن كل الأجناس والألوان! وكلام بيريز الذي يعد من أساطين السياسة في الدولة العبرية. قاله ولكن بصورة أخري، بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء، الذي يشار إليه بأنه من أكبر الأسباب لما وصل إليه هذا التقرير نتيجة سياساته الداخلية والاقتصادية الفاشلة علي مدار سنوات حكمه المتقطعة وأبرزها: سياساته في نظم التأمينات والدعم الاجتماعي. وصيانة الطبقات الإسرائيلية، والمساواة بين كل الأجناس والأعراف من يهود شرقيين «سفارديم» وغربيين «اشكناز» بالإضافة لخليط متنوع من عرب إسرائيل. والفلاشا الذين جاءوا من السودان وأثيوبيا، وكلها طوائف يهودية وغير يهودية كانت تحلم بالعيش الرغد في دولة إسرائيل التي يعدها البعض «جنة أوروبية» وسط غابة من الهمج والمتخلفين بالمنطقة. والتقرير كما أوردت صحيفة الجيروزاليم بوست الإسرائيلية أعدته مؤسسة التأمين الوطني. وهو سنوي، وتم تسليمه لرئيس الدولة شيمون بيريز، ويقول في بعض فقراته المنشورة: إن إسرائيل التي يبلغ عدد سكانها 7.5 مليون نسمة، يعاني ربع أطفالها وثلث شيوخها من العيش تحت خط الفقر، رغم أن معظمهم ينحدر من أسر تعمل ولا تعاني من أي بطالة، وأنه نتيجة لسياسة الدولة الراسخة في الاستيطان والعسكرة. وصل عدد الفقراء في الدولة العبرية لنحو 1.7 مليون شخص، من بينهم نحو 800 ألف طفل. وزير الرفاهية الإسرائيلي مائير كوهين. الذي قدم التقرير لبيريز، قال إن ماجاء بالتقرير هو جرس إنذار للفقر في الدولة التي تعد نفسها كأحد النمور الواعدة في المنطقة والعالم، وكمثل يحتذي به إقليميا وأن الوضع في حاجة للمراجعة.. ولحظة عاجلة وفورية تشمل حسبما جاء بعد لقائه مع بيريز: توفير احتياجات الأطفال في السنوات المبكرة من أعمارهم، وحمايتهم من الجوع والمرض وبصرف النظر عن خلفياتهم سواء كانوا من العرب أو اليهود، وبالنسبة للكبار من المعدمين فلابد من زيادة المخصصات لهم في الميزانية العامة للدولة، خاصة هؤلاء الذين ينحدرون إما لأصول عربية ويعيشون في مناطق ينعدم فيها أبسط سبل الحياة والمعيشة الكريمة. ويعانون من نقص الخدمات والبنية الأساسية من صرف ومياه وكهرباء، أو هؤلاء الذين ينتمون لطبقات يهودية متدينة جدا، وبعضها متزمت للغاية مثل (الحريديم) وهؤلاء لا يندمجون في الغالب في مؤسسات الدولة الرسمية، ويعيشون بعيدا عنها، ولايقبلون علي الالتحاق بسوق العمل الرسمي أو الخاص، ويعانون من الفقر الشديد ويمتهن معظمهم مهنا مثل: التسول والتقاط الطعام من صناديق القمامة. وبالنسبة للأطفال في مرحلة الدراسة، فإن عددا كبيرا منهم. يترك مقاعد الدراسة سنويا للبحث عن عمل لمساعدة عائلاتهم وتوفير الطعام لهم. ويكشف التقرير أن ثلث أطفال العائلات الفقيرة قد تركوا مدارسهم بالفعل خلال العام الماضي فقط. بسبب الفقر والعوز وحاجة أسرهم لهم لإعانتهم علي مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة، وغياب نظم التكافل والضمان الاجتماعي للأسر الفقيرة. نفس الحال بالنسبة لعدم قدرة أسر هؤلاء الأطفال علي توفير الكتب المدرسية لهم، أو الدواء أو تركهم لمساكنهم والذهاب لمساكن أقل قيمة لمواجهة ارتفاع أسعار العقارات المبالغ فيه، وبالذات داخل المدن الكبري وحتي في بعض المستوطنات التي تتوسع فيها إسرائيل سنويا، علي حساب السكان العرب الأصليين. وطبقا للتقرير.. فإن معدلات الفقر تطول نحو 20% من اليهود. وتصل إلي 50% عند العرب داخل إسرائيل، وقد تصل إلي أضعاف الرقم عند طوائف يهودية هاجرت من أفريقيا لإسرائيل، وبالعموم يصل معدل الفقر العام في إسرائيل إلي 11% من عدد السكان الكلي. ماذا يعني ذلك!! - يعني وببساطة. أن إسرائيل جنة الله في أرضه، كما حاول أن يصورها الآباء الأولون للدولة العبرية. لم تعد جنة. بل أصبحت عبئا علي كل من يحاول الهجرة إليها، أو العيش فيها للأبد، خاصة لهؤلاء الذين يعيشون في قاع المجتمع اليهودي. ومعظمهم جاء من بلدان نامية ويضاف إليهم عرب إسرائيل، الذين اختاروا عدم ترك أرضهم بعد نكبة 1948، ولا يبعد عن هؤلاء كثيرا الشباب الذين تربوا علي حلم الدولة التي تجمع اليهود من كل شتات الأرض. واستيقظوا علي كابوس الدولة التي لاتستطيع تحقيق هذا الحلم، وانتشالهم من الفقر لحياة الرفاهية، ومن هنا فإن تقديرات (معاريف) وهي صحيفة إسرائيلية: تقول إن 40% من الشباب الإسرائيلي يحلمون بالهجرة ليس إلي إسرائيل، بل لأمريكا وكندا وبعض البلدان الأوروبية واستراليا، والخطورة هنا، أن هؤلاء بتفكيرهم هذا. ينذرون الدولة العبرية بخطورة عدم بقائها للابد كدولة تجمع ولا تفرق يهود العالم كله. وهو ما يهدد ب: فناء الدولة الحلم. وتهديد وجودها من أصله سواء: طال الزمن .. أم قصر.