«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النص الكامل لآخر حوارات المسيري مع قناة الجزيرة
نشر في محيط يوم 05 - 07 - 2008


النص الكامل لآخر حوارات المسيري مع قناة الجزيرة

محيط – إيمان عبد الغني

المسيري
لم تغفل قناة "الجزيرة" الفضائية القيمة الفكرية لأحد أهم مفكري ومؤرخي الحركة الصهيونية عبد الوهاب المسيري بمناسبة إحياء القناة ذكرى مرور ستين عاماً من آلام نكبة الاغتصاب الإسرائيلي لفلسطين تلك الذكرى التي فرضت نفسها على القناة واحتلت حيزا كبيرا من شاشتها في شهر يونيو الماضي، ليقدر لمؤرخ الحركة الصهيونية أن يكون أخر ظهور تلفزيوني له قبل أن يفارق دنيانا على شاشة قناة "الجزيرة" من خلال برنامج "بلا حدود" استكمالاً لرحلة عمره في دراسة الدولة اليهودية.

جاء المسيري مؤلف موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية في هذه الحلقة ليقدم واجب العزاء للمجتمع العربي بمناسبة مرور ستين عاماً من الآلام والحسرة والنكبة ونقل توقعاته بزوال إسرائيل حتى على ألسنة وكتابات الإسرائيليين أنفسهم.

"لم تبدو الفرحة والانتصارات على الاحتفالات الإسرائيلية بمناسبة الذكرى الستين على اغتصاب فلسطين بقدر ما اتسمت بالتوتر من التهديدات والمخاطر والمخاوف من زوال الدولة التي قامت على أنقاض فلسطين" بهذه الكلمات بدأت حلقة برنامج "بلا حدود" التي واكبت إشعال قناة "الجزيرة" الشمعة الستين من عمر حسرة الأمة على ضياع فلسطين

فوضى الواقع الإسرائيلي

توقع عبد الوهاب المسيري ظهور إرهاصات النهاية للدولة الصهيونية بعد دراسة واقع إسرائيل ومشكلاته، واعتمد في رؤيته على الصحف العبرية التي تعكس الفوضى الإسرائيلية، و تعتبر من أكثر الصحف حرية في العالم، وهي بالتالي مصدر خصب للغاية للمعلومات.

حدد المسيري مجموعة من المشكلات التي تواجه قلب الكيان الصهيوني والتي تخط أولى سطور نهايته ومن أهم المشاكل ما أسماه سقوط الإجماع الصهيوني وهو ما يعني سقوط الإجماع عن فكرة أن فلسطين أرض بلا شعب وإن كان فيها شعب فيمكن تهميشه وأن اليهود شعب، ما حدث أنه ثبت أن فلسطين أرض فيها شعب متماسك ومقاوم وأن اليهود لا يشكلون شعبا، وبالتالي ظلت الغالبية الساحقة ليهود العالم خارج إسرائيل، وهو ما دفع بعض اليهود إلى الإعلان عن القبول بدولتين متجاورتين، ثاني تلك المشكلات فشل التصور الصهيوني في أن يأتي المهاجرون من الخارج فيتم صهرهم في المواطن الإسرائيلي الجديد يسمونه العبراني الجديد.

ثالثها أن الانقسام الديني العلماني يزداد تطرفا وانقساما لدرجة أن بعض الحاخامات يقولون إنه يوجد الآن يهوديتان وليس يهودية واحدة، والعلمانيون الآن لا يكترثون باليهودية ولذلك يطرحون ما يسمونه التهويد العلماني، لأنه يوجد في إسرائيل الآن ما يقرب من نصف مليون مواطن مستقر فيها لا علاقة لهم لا باليهود ولا باليهودية، فيوجد 250 ألف عامل من أوروبا الشرقية و250 ألف مهاجر من الاتحاد السوفياتي.

لقطة من برنامج بلا حدود
بقى مشاكل أخرى أكثر أهمية وهي مشكلة المادة الاستيطانية، إسرائيل دولة استيطانية مبنية على القتال والعنف، وبالتالي لا بد أن يكون هناك باستمرار مهاجرون حتى تدور آلة الحرب ولم تكن تلك الهجرة مثل الماضي ، لكن إسرائيل تسعى لاجتذاب فئات جديدة من المهاجرين، لذا بدأت إسرائيل في عرض إغراءات مالية 60 ألف دولار لكل من يهاجر الآن إلى إسرائيل في الذكرى الستين على قيام الدولة الصهيونية، بجانب امتيازات اجتماعية أيضا ، مما يساعد إسرائيل على محاولة استقطاب نوعيات جديدة من اليهود أو من هؤلاء الذين تقول أنهم من المسلمين الذين يحسبون على اليهود لزيادة أعداد الدولة، وأشار المسيري هم يحلون بذلك مشكلة الهجرة لكن تنشأ مشاكل أكثر أهمية مثل وجود تكتلات مثل اليهود السوفيات متمسكين بروسيتهم، ومتمسكين بتراثهم الروسي، ويرفضون تعلم العبرية مما يهدد هذه الدولة والمشكلة الأكبر تكمن في أن نسبتهم عالية في المجتمع الإسرائيلي وهم في الواقع أكثر القطاعات نشاطا قطاع بناء الكنائس الأرثوذوكسية المسيحية في إسرائيل قد يصل عددهم لمليون نسمة أي 20% من عدد سكان إسرائيل مما يهدد بكارثة في المجتمع الإسرائيلي.
وعرض الإعلامي أحمد منصور تقرير نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية بمناسبة مرور ستين عاما على قيام الدولة جاء فيه إن 52% من الإسرائيليين لا يستبعدون الهجرة من إسرائيل، 24% من الإسرائيليين يشعرون بفقدان الثقة بمستقبل إسرائيل وإن هذا يمكن أن يدفعهم إلى مغادرتها، 22% فقط من المجتمع الإسرائيلي من يتمسك بالبقاء.
جاءت قراءة مؤرخ الحركة الصهيونية لاستطلاع الجريدة الإسرائيلية بأن 52% الذين يسعون للنزوح من إسرائيل من ذوي الكفاءات التي يستفيد بها المجتمع الغربي وخاصة ألمانيا والولايات المتحدة وأصدرت وزارة الهجرة الإسرائيلية تقريراً يفيد بأن عدد المهاجرين الإسرائيليين خارجها يقدر ب700 ألف إسرائيلي، منهم 450 ألفا يقيمون في الولايات المتحدة والباقون منتشرون في أنحاء العالم، والذي يدل على إن الهجرة المعاكسة من إسرائيل في زيادة مضطردة ، أما 22% هؤلاء من الفلاشة والسفرديم الذين لا يمكن للمجتمعات الغربية استيعابهم هذه المعلومات إن صحت معلومات خطيرة على مجتمع قائم على الاستيطان .

صهيونية مرتزقة

وأضاف المسيري أن معظم من هاجروا حتى من الرعيل الأول، هاجروا لأسباب نفعية لم يكونوا إسرائيليين فيما أسماهم "صهيونية المرتزقة" لأنها ليس لها أساس إيديولوجي، هؤلاء هاجروا لرفع مستواهم المعيشي وبالتالي عندما انخفض المستوى المعيشي أصبح الاستيطان في فلسطين ليس له ضرورة على الإطلاق فالخروج من إسرائيل وفكرة النزوح عنها أصبحت مقبولة اجتماعياً بعد الإيمان ب "أرض الميعاد"، ولهذا جاء سؤال أحمد منصور عن "أرض الميعاد والعودة إلى أرض الأجداد واستخدام الكهنة والحاخامات للقراءات التوراتية"، الذي رأي فيها المسيري أن كل العبارات اليهودية عبارة عن ديباجات تضفي شرعية على الفعل الاستعماري الاستيطاني الإحلالي حتى أن الحاخامات هناك بدأت الاعتراف بهذا، وأن الاعتقاد بمبادئ التوراة والتلمود والبروتوكولات كانت مجرد أوهام.

وكذلك أشار منصور أن وكالة الأنباء الفرنسية نشرت تقريرا أيضا قبل يومين بمناسبة الذكرى الستين لقيام إسرائيل، قالت فيه إن نسبة الذين يشعرون بالأمن في المجتمع الإسرائيلي لا يزيدون عن 4% من السكان دولة نووية تملك جيشا من أقوى الجيوش في العالم ومجتمع معسكر ومع ذلك 96% لا يشعرون بالأمن، و أكد المسيري هذه إحدى إنجازات المقاومة ورسالتها، حتى أن الفكر الإستراتيجي العسكري في إسرائيل توصل إلى أنه لا يوجد حل لقضية المقاومة لدرجة أن خبراء استراتيجيين أكدوا إنهم غير قادرين على رصد صواريخ القسام بسبب بساطتها، والرؤى العسكرية الإسرائيلية اليوم تؤمن بأنه لا توجد حركة تحرير قامت دولة عظمى بهزيمتها، مثل فييتنام التي لم تستطع قوة الولايات المتحدة الباطشة هزيمتها وكذلك العراق، فلا يوجد حركة تحرير يمكن هزيمتها، ولا يوجد حل للمقاومة الفلسطينية.

إرهاصات انهيار الدولة
اليهود يحتلون الأراضي العربية 1967
وفي تقرير نشر أيضا إن المشاكل الشائكة التي تواجهها إسرائيل هي التهديد الإيراني، استمرار الاحتلال والاستيطان في الضفة الغربية، النمو السريع للسكان، تصاعد قوة حركة حماس في غزة واستمرار إطلاق الصواريخ.


ووجه أحمد منصور الدفة إلى مشكلة خطيرة أخرى تخص الجيش الإسرائيلي في ظل هذا الوضع الذي أثرت فيه المقاومة الفلسطينية بشكل كبير فخلقت ظاهرة في الجيش الإسرائيلي تتصاعد يوما بعد يوم هي ظاهرة الهروب من الخدمة العسكرية، فهناك تقارير كثيرة في الصحف العبرية تتحدث عنها، بالإضافة إلى ظاهرة نفسية الجندي الإسرائيلي المنهزمة، كما أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أعلن في خطابه الأخير إن ظاهرة التهرب من الخدمة العسكرية تنهش المجتمع والجيش في إسرائيل.

وجاء رد عبد الوهاب المسيري مطابقاً للمسار التاريخي للدولة الصهيونية التي نجحت حتى عام 67 في إقناع الشباب الإسرائيلي أنهم يدخلون في حرب ليست من اختيارهم دفاعا عن النفس وبهذه الطريقة يمكن تجنيد البشر، لكن بعد 67 المسألة اختلفت خاصة بعد أن اختفى منحنى الانتصار الإسرائيلي وبدأت الهزيمة تشكل المجتمع بداية من حرب الاستنزاف وحرب 73، ومرورا باحتلال لبنان والانسحاب منها، والانتفاضة الأولى، والانسحاب من جنوب لبنان، والانتفاضة الثانية ثم توج كل هذا بالحرب السادسة وهي الحرب ضد حزب الله، بالترتيب هذه سلسلة هزائم الدولة الصهيونية وحينما نضعها في إطار نمطي يمكن فهمها، بالإضافة إلى اختلاف الشباب الإسرائيلي لمفهوم الحرب بعيداً عن الفكر الاستيطاني في غزو لبنان مثلا وكذلك الضفة الغربية ليقتل الأطفال والنساء ، أدرك الشباب أنها معارك ليست مفروضة على إسرائيل وإنما هي من اختيار المؤسسة العسكرية، كما أن حضارة الأنا التي تنعم بها إسرائيل تسللت لكل طبقات المجتمع فأصبح الشباب هناك لا يكترث بشئ ولا يعرف أية مثاليات حتى أنهم يسمون شبابهم بالإكسبريسو من كثرة شربهم لخمور الإكسبريسو، لتصبح فئة الشباب من أهم مواطن الضعف في المجتمع التي تنهش في بناءه، بالإضافة إلى زيادة معدلات العلمنة التي تبدأ معها أزمة المعنى، كل هذا يؤدي إلى ظواهر مخيفة بالفعل في المجتمع كهرب الشباب من الخدمة العسكرية التي أصبحت مقبولة اجتماعياًَ خاصة بعد زيادة الأعداد التي تصاب بأمراض نفسية وكذا ارتفاع معدلات الانتحار بين الجنود الإسرائيليين.

أساطير المحرقة
محرقة الهولوكوست
أصبح المجتمع يتناول العديد من الموضوعات التي كانت من المحرمات كموضوع المحرقة شأنها شأن قيام الدولة مثلما جاء في صحيفة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية إن في أوساط المثقفين الإسرائيليين خلال الثمانينات شهدت تحولا مهما يتمثل في بروز جيل جديد من الرجال والنساء لا يعرفون المحرقة، ولا يعرفون قيام إسرائيل ولديهم القدرة على محاكمة الماضي والتحرر من الأساطير والتابوهات المحرمة التي ينشرها القادة الإسرائيليون، والتي أكد المسيري على أنها جزء من حركة عامة في المجتمع الإسرائيلي لأنه بعد سقوط الإجماع الصهيوني الصهيونية أصبحت لا تصلح أن تكون دليلا يهدي الإسرائيليين في تحركاتهم، كما بدأت الصحف العبرية والأجنبية الأوروبية بدأت تعلي كلمة "نهاية إسرائيل" والأمر المميت بالنسبة لهم، حتى أن مركز الدراسات الاستراتيجية والتقنية في موسكو نشر تقريرا في منتصف أبريل الماضي قال فيه إن المشروع الصهيوني سوف ينهار خلال عشرين عاما، ويلاحظ أنها مصادر غربية كلها يهود وأمريكان، سوفيات يتنبئون بسقوط إسرائيل بنهاية المشروع الصهيوني ،وهي ملفات لم تفتح من قبل.

التحديات القادمة
وقال أحد المحللين المشهورين في الصحافة الإسرائيلية "لقد ورثت عن والدي دولة معجزة لكني سأترك لأولادي علامة استفهام كبيرة"، وأكد المسيري أنها أكثر من علامة استفهام في الواقع، هي جرثومة، النهاية كامنة في إسرائيل، دولة عنصرية تعاني من مشكلة ديموغرافية، العرب يتكاثرون واليهود يتناقص عددهم من خلال النزوح من خلال انقطاع الهجرة من خلال الإحجام عن الإنجاب .
لم يكن متوقعاً أبداً أن تكون من أهم المشكلات التي تواجه المجتمع الإسرائيلي مشكلة الفقر في دولة ينظر لها على أنها أغنى دول المنطقة فيها دولة متقدمة بلغت نسبة الفقر فيها 60% في وسط اليهود الأرثوذوكس حسب دراسة نشرت في ديسمبر الماضي في النيويورك تايمز، ورأى المسيري أن السبب الرئيسي في الفقر في المجتمع، والعولمة والخصخصة.

وأضاف قبل ذلك كان هناك اقتصاد استيطاني يضع مصلحة الجماعة فوق مصلحة الفرد لكن مع دخول إسرائيل في عالم العولمة والخصخصة بدأ يحدث فيها الاستقطاب الطبقي الذي نراه في معظم المجتمعات العربية أيضا، أصل رأس المال لا يعرف الإنسانية ولا الشرف ولا الكرامة، رأس المال يعرف شيئا واحدا وهو الربح، السوق الحر نفس الشيء وهذا ما يحدث في إسرائيل، يعني عدد المليونيرات يتزايد وعدد الفقراء يتصاعد وهذا ما يقوض أيضا الأيديولوجية الصهيونية.


بروتوكلات وهمية
بروتوكولات حكماء صهيون
وحول مدى مصداقية بروتوكولات حكماء صهيون وهل فعلا كتبت بأيدي الحاخامات اليهود، جاء رد المسيري بأن أبسط ما في الموضوع أنها البروتوكولات كُتبت بالروسية والحاخامات كانوا لا يعرفون الروسية ولكنهم كانوا يعرفون الييديشه ولو كان الحاخامات هم الذين كتبوها لكتبوها بالييديشه أو بالآرامي التي كانت تجهلها البيروقراطية الروسية.

هذا ما يعني أن أدولف هتلر قد خدم الصهيونية بما فعله في اليهود لأنه عن طريق اضطهادهم والتعاون مع النازيين والصهاينة في نفس الوقت ساعد اليهود في الهروب والاستيطان في فلسطين بمبرر قوي وهو الاضطهاد، فعدد اليهود المستوطنين في فلسطين كان ثلاثمائة ألف قبل وصول هتلر للحكم، مع وصوله للحكم زاد العدد بشكل غير عادي وتم تصدير رأس المال من خلال اتفاقية الهافرا التي عقدت مع اليهود المستوطنين الصهاينة.

ولمن يتوقع النهاية أولاً إسرائيل أو النظم العربية تمنى عبد الوهاب المسيري سقوط كل النظم العميلة لكن يجب ألا نربط بين إسرائيل والدول العربية، إسرائيل دولة استيطانية ولها سماتها الخاصة وظهورها وتطورها وسقوطها يجب أن يدرس في إطار التجارب الاستيطانية، أما البلاد العربية فهي بلاد مستقرة وليست بلادا استيطانية، الفساد يضرب فيها والعمالة وكل شيء ولكن يجب أن تدرس في إطار الدول المستقرة، ودولة استيطانية تعني أن مقومات الحياة في إسرائيل ليست من داخلها وإنما من خارجها، ويوجد عنصران أساسيان هما الدعم الأميركي بلا حدود والثاني الغياب العربي أيضا بلا حدود، هذان العنصران هما اللذان يضمنان بقاء إسرائيل واستمرارها.

عاجزة عن البقاء

كما فوجئت في الثلاثة الشهور الأخيرة بكم المقالات والتقارير التي تشير بشكل مباشر أو غير مباشر عن نهاية إسرائيل وزوال الدولة، مثلا إبراهيم بورغ رئيس الكنيست الإسرائيلي الأسبق لا زال يثير القلاقل في إسرائيل من خلال حديثه عن نهاية الصهيونية وعن نهاية الدولة اليهودية التي وصفها بالعنصرية والبلطجة والإمبريالية وقال إنها لا تختلف عن ألمانيا عشية وصول هتلر إلى الحكم، المؤرخ الإسرائيلي ميخائيل بارزوهر المتخصص في كتابة السير الذاتية للقيادات الصهيونية عبر في منتصف أبريل الماضي عن قلقه من مستقبل إسرائيل بسبب ضعف القيادات وتغيرها للأسوأ مقارنة بالمؤسسين والآباء الأوائل للدولة الصهيونية، مثل هذه الكتابات داخل المجتمع الإسرائيلي من شخصيات كانت تحتل مناصب مرموقة محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.


كما أن استخدام رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت لعبارة "نهاية إسرائيل" كانت أكبر دليل على عمق الأزمة، مؤكداً أن التحديات التي تواجهها إسرائيل في المرحلة القادمة هي نفسها المشكلات التي تعاني منها في الوقت الراهن والتي تتفاقم مع مرور الوقت.

المعارضة والمقاطعة ملاذ الأمة
ورأى المسيري في حركات المعارضة في العالم العربي التي بدأت تنهض سبيل شباب العرب في الإسراع بسقوط إسرائيل، كما توجد نشاطات كثيرة أخرى مثل تفعيل المقاطعة خارج نقاط الحكومات الخائفة من الولايات المتحدة، وممكن الضغط على الدول والنخب الحاكمة لمساعدة المقاومة وأهل غزة، يعني يوجد أشكال كثيرة، كما اقترح المؤرخ عقد مؤتمر من المتخصصين لدراسة هذه القضية كيف يمكن للشباب وللجمهور العادي أن يساهم ويتجاوز النخب الحاكمة الخائفة والمهرولة.


والتصور الخاطئ لدى الإسرائيليين بأن الاتفاقيات التي عقدتها بعض الأنظمة المجاورة لإسرائيل مثل مصر، الأردن، السلطة الفلسطينية ساعدت في بقائها وفي بقاء هذه الأنظمة، وهماً كبيراً ساهم بشكل كبير في خلق الخلل في السياسات بين الأنظمة، أما المشكلة الأساسية في الخطاب الصهيوني أنه لا يوجد حل للقضية الفلسطينية.


أما بخصوص السلام مع الفلسطينيين، أكد المسيري الآن بدأت أصوات داخل المجتمع الإسرائيلي تتعالى من مسئولين إسرائيليين تطالب بالتفاوض مع حماس، وقال عبد الوهاب المسيري أن الشعب الفلسطيني يواجه تحديا كبيرا بعد زوال إسرائيل كأي شعب حر بعد انتصار ثوراته تظهر مشكلة تحول النظام الثوري إلى بيروقراطي هذه إشكالية تواجهها كل الثورات ونرجو من الله أن الشعب الفلسطيني يواجه هذه الأزمة،ويحلها بطريقة سلمية لصالح الشعب الفلسطيني وصالح الشعب العربي ككل.

الموسوعة
موسوعة المسيري
وجدير بالذكر أن موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية وهي أحد أهم الأعمال الموسوعية العربية في القرن الماضي، والمكونة من سبعة مجلدات يتضمن كلاً منها إشكاليات اليهود واليهودية فالمجلد الأول يحتوي على الإطار النظري، والمجلد الثاني يتضمن إشكاليات الجماعات اليهودية، والمجلد الثالث يحتوي على الجماعات اليهودية.. التحديث والثقافة، والمجلد الرابع بعنوان الجماعات اليهودية.. تواريخ، المجلد الخامس عن اليهودية.. المفاهيم والفرق، المجلد السادس عن الصهيونية، المجلد السابع عن إسرائيل.. المستوطن الصهيوني.

وعلق الكثير من المؤرخين والدارسين على موسوعة المسيري حيث وجدوا في المسيري أنه أصبح موسوعة حية للموضوع، والموسوعة تنم عن تجربة مختلفة بالكامل، كما رأوا في الموسوعة أنها سلاح معرفى استراتيجي بتار في مواجهتنا مع إسرائيل، ومع الحلف الصهيوني الأمريكي فإذا كانت الموسوعة في جانبها الأول معلوماتي فإن الجانب الآخر الأهم هو قدرات المسيرى التنظيرية الجبارة، فهذه القدرات هي التي أعطت موسوعته مغزاها المعرفي المتميز، وقد أبتكر المسيري مفاهيم نظرية جديدة، وسك لها مصطلحات ملائمة، ويعتبر هذا إضافة مقدرة للفكر العربي والعالمي في المجالات المختلفة للعلوم الإنسانية والاجتماعية.

وبعدما أمضى نحو ربع قرن في إعداد تلك الموسوعة، كان المسيري يعد موسوعة أخرى عنوانها الصهيونية وإسرائيل، تتناول إسرائيل من الداخل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.