التعليم العالي: فتح التقديم الإلكتروني المباشر لطلاب مدارس التكنولوجيا التطبيقية للقبول بالجامعات التكنولوجية    نيللي كريم توضح سبب غيابها المحتمل في رمضان 2026    18 سبتمبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    رئيس الوزراء: ملتزمون بتقوية الروابط الاقتصادية مع إسبانيا وتقديم التسهيلات اللازمة للمستثمرين    فلسطين: تعامل إسرائيل مع غزة كعقار اعتراف بمخطط الإبادة والتهجير    مدبولي: رفع مستوى العلاقات إلى الشراكة الاستراتيجية مع إسبانيا يمثل مرحلة جديدة    من مصر لغزة.. انطلاق قافلة المساعدات الإنسانية ال40 ضمن «زاد العزة»    مصر تودّع بطولة العالم للكرة الطائرة بالخسارة أمام تونس    الليلة.. الزمالك والإسماعيلي في قمة «ولاد العم» بحثًا عن النقاط الثلاث    خالد الغندور: مصفطفى شلبي أفضل من شيكو بانزا    التعليم: امتحان الفصل الدراسي يمثل 30% من مجموع الصفين الأول والثاني الثانوي    القبض على المتهمين بقتل أب ونجله في خصومة ثأرية بقنا    إصابة 8 أشخاص إثر تصادم 4 سيارات ودراجة نارية في مدينة السادات بالمنوفية    مهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة جدا يكرم أشرف عبدالباقي في حفل افتتاح دورته الثانية    وزير الصحة يفتتح المؤتمر الدولي الثاني لكلية طب الأسنان بجامعة الجلالة    طموح بيراميدز يصطدم برغبة زد في الدوري الممتاز    تكريم الإعلامي سمير عمر في ختام المؤتمر السنوي الأول للإعلام العربي ببنغازي    سيميوني: تمت إهانتي في ملعب ليفربول    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة مناطق في محافظة بيت لحم    نشرة مرور "الفجر ".. زحام بميادين القاهرة والجيزة    بعد ساعات من هربه.. القبض على قاتل زوجته بمساكن الأمل في ضواحي بورسعيد    مصروفات المدارس الخاصة صداع في رأس أولياء الأمور.. والتعليم تحذر وتحدد نسبة الزيادة    أسعار الفراخ فى البورصة اليوم الخميس 18 سبتمبر    وفاة الإعلامية اللبنانية يمنى شري عن 55 عامًا بعد صراع مع المرض    خواكين فينيكس وخافير بارديم وإيليش يدعمون الحفل الخيرى لدعم فلسطين    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    الرئيس السيسي يُوافق على بروتوكول اتفاق لتجنب الازدواج الضريبي مع الإمارات    «متحدث الصحة»: نقص الكوادر الطبية مشكلة عالمية    قبل بدايته| استشاري مناعة توضح أهم المشروبات الساخنة في الشتاء    الرئيس السيسى يوافق على بروتوكول اتفاق لتجنب الازدواج الضريبى مع الإمارات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    جامعة حلوان تختتم فعاليات هاكاثون الأمن السيبراني Helwan Cyber Arena 2025    النشرة المرورية اليوم الخميس بمحاور القاهرة والجيزة    شديد الحرارة.. حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    لميس الحديدي في برومو برنامجها الجديد: أنا لا أخاف، والإصرار سر بقائي (فيديو)    خلال ساعات.. رابط نتيجة تنسيق كليات جامعة الأزهر 2025    بعد تصدرها التريند.. تعرف على أبرز المحطات في حياة أيناس الدغيدي    بيان ناري من غزل المحلة ضد حكم مباراة المصري    مسلسل حلم أشرف يشغل مؤشرات بحث جوجل.. تعرف على السبب    هنيئًا لقلوب سجدت لربها فجرًا    بعد تعرضه لوعكة صحية.. محافظ الإسماعيلية يزور رئيس مركز ومدينة القصاصين الجديدة    وزير الخارجية يتوجه إلى السعودية لإجراء لقاءات مع كبار المسؤولين في المملكة    "زوجها طبيب".. 15 صورة وأبرز المعلومات عن عائلة بطلة الاسكواش نور الشربيني    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    "أكسيوس": المباحثات الإسرائيلية السورية بشأن اتفاقية أمنية بين البلدين تحرز تقدما    إصابة سيدة فى انهيار شرفة عقار بمنطقة مينا البصل في الإسكندرية    صراع شرس لحسم المرشحين والتحالفات| الأحزاب على خط النار استعدادًا ل«سباق البرلمان»    "معندهمش دم".. هجوم حاد من هاني رمزي ضد لاعبي الأهلي    ب 3 طرق مش هتسود منك.. اكتشفي سر تخزين البامية ل عام كامل    وزير الاتصالات: رفع مساهمة الذكاء الاصطناعي بالناتج المحلي الإجمالي ل 7.7 خلال 2030    مواقف وطرائف ل"جلال علام" على نايل لايف في رمضان المقبل    "أصحاحات متخصصة" (1).. "المحبة" سلسلة جديدة في اجتماع الأربعاء    أمريكا: إصابة شخصين في حادث إطلاق نار بجنوب ولاية بنسلفانيا    احتفظ بانجازاتك لنفسك.. حظ برج الدلو اليوم 18 سبتمبر    رصد شبكات المقاومة ونشر القلق.. لماذا تقطع إسرائيل الاتصالات عن غزة ثم تعيدها؟    البابا تواضروس الثاني يستقبل أسقفي شبين القناطر وأبنوب    بعد خفض الفائدة بالفيدرالي الأمريكي..سعر الدولار الآن أمام الجنيه الخميس 18-9-2025    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النص الكامل لآخر حوارات المسيري مع قناة الجزيرة
نشر في محيط يوم 05 - 07 - 2008


النص الكامل لآخر حوارات المسيري مع قناة الجزيرة

محيط – إيمان عبد الغني

المسيري
لم تغفل قناة "الجزيرة" الفضائية القيمة الفكرية لأحد أهم مفكري ومؤرخي الحركة الصهيونية عبد الوهاب المسيري بمناسبة إحياء القناة ذكرى مرور ستين عاماً من آلام نكبة الاغتصاب الإسرائيلي لفلسطين تلك الذكرى التي فرضت نفسها على القناة واحتلت حيزا كبيرا من شاشتها في شهر يونيو الماضي، ليقدر لمؤرخ الحركة الصهيونية أن يكون أخر ظهور تلفزيوني له قبل أن يفارق دنيانا على شاشة قناة "الجزيرة" من خلال برنامج "بلا حدود" استكمالاً لرحلة عمره في دراسة الدولة اليهودية.

جاء المسيري مؤلف موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية في هذه الحلقة ليقدم واجب العزاء للمجتمع العربي بمناسبة مرور ستين عاماً من الآلام والحسرة والنكبة ونقل توقعاته بزوال إسرائيل حتى على ألسنة وكتابات الإسرائيليين أنفسهم.

"لم تبدو الفرحة والانتصارات على الاحتفالات الإسرائيلية بمناسبة الذكرى الستين على اغتصاب فلسطين بقدر ما اتسمت بالتوتر من التهديدات والمخاطر والمخاوف من زوال الدولة التي قامت على أنقاض فلسطين" بهذه الكلمات بدأت حلقة برنامج "بلا حدود" التي واكبت إشعال قناة "الجزيرة" الشمعة الستين من عمر حسرة الأمة على ضياع فلسطين

فوضى الواقع الإسرائيلي

توقع عبد الوهاب المسيري ظهور إرهاصات النهاية للدولة الصهيونية بعد دراسة واقع إسرائيل ومشكلاته، واعتمد في رؤيته على الصحف العبرية التي تعكس الفوضى الإسرائيلية، و تعتبر من أكثر الصحف حرية في العالم، وهي بالتالي مصدر خصب للغاية للمعلومات.

حدد المسيري مجموعة من المشكلات التي تواجه قلب الكيان الصهيوني والتي تخط أولى سطور نهايته ومن أهم المشاكل ما أسماه سقوط الإجماع الصهيوني وهو ما يعني سقوط الإجماع عن فكرة أن فلسطين أرض بلا شعب وإن كان فيها شعب فيمكن تهميشه وأن اليهود شعب، ما حدث أنه ثبت أن فلسطين أرض فيها شعب متماسك ومقاوم وأن اليهود لا يشكلون شعبا، وبالتالي ظلت الغالبية الساحقة ليهود العالم خارج إسرائيل، وهو ما دفع بعض اليهود إلى الإعلان عن القبول بدولتين متجاورتين، ثاني تلك المشكلات فشل التصور الصهيوني في أن يأتي المهاجرون من الخارج فيتم صهرهم في المواطن الإسرائيلي الجديد يسمونه العبراني الجديد.

ثالثها أن الانقسام الديني العلماني يزداد تطرفا وانقساما لدرجة أن بعض الحاخامات يقولون إنه يوجد الآن يهوديتان وليس يهودية واحدة، والعلمانيون الآن لا يكترثون باليهودية ولذلك يطرحون ما يسمونه التهويد العلماني، لأنه يوجد في إسرائيل الآن ما يقرب من نصف مليون مواطن مستقر فيها لا علاقة لهم لا باليهود ولا باليهودية، فيوجد 250 ألف عامل من أوروبا الشرقية و250 ألف مهاجر من الاتحاد السوفياتي.

لقطة من برنامج بلا حدود
بقى مشاكل أخرى أكثر أهمية وهي مشكلة المادة الاستيطانية، إسرائيل دولة استيطانية مبنية على القتال والعنف، وبالتالي لا بد أن يكون هناك باستمرار مهاجرون حتى تدور آلة الحرب ولم تكن تلك الهجرة مثل الماضي ، لكن إسرائيل تسعى لاجتذاب فئات جديدة من المهاجرين، لذا بدأت إسرائيل في عرض إغراءات مالية 60 ألف دولار لكل من يهاجر الآن إلى إسرائيل في الذكرى الستين على قيام الدولة الصهيونية، بجانب امتيازات اجتماعية أيضا ، مما يساعد إسرائيل على محاولة استقطاب نوعيات جديدة من اليهود أو من هؤلاء الذين تقول أنهم من المسلمين الذين يحسبون على اليهود لزيادة أعداد الدولة، وأشار المسيري هم يحلون بذلك مشكلة الهجرة لكن تنشأ مشاكل أكثر أهمية مثل وجود تكتلات مثل اليهود السوفيات متمسكين بروسيتهم، ومتمسكين بتراثهم الروسي، ويرفضون تعلم العبرية مما يهدد هذه الدولة والمشكلة الأكبر تكمن في أن نسبتهم عالية في المجتمع الإسرائيلي وهم في الواقع أكثر القطاعات نشاطا قطاع بناء الكنائس الأرثوذوكسية المسيحية في إسرائيل قد يصل عددهم لمليون نسمة أي 20% من عدد سكان إسرائيل مما يهدد بكارثة في المجتمع الإسرائيلي.
وعرض الإعلامي أحمد منصور تقرير نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية بمناسبة مرور ستين عاما على قيام الدولة جاء فيه إن 52% من الإسرائيليين لا يستبعدون الهجرة من إسرائيل، 24% من الإسرائيليين يشعرون بفقدان الثقة بمستقبل إسرائيل وإن هذا يمكن أن يدفعهم إلى مغادرتها، 22% فقط من المجتمع الإسرائيلي من يتمسك بالبقاء.
جاءت قراءة مؤرخ الحركة الصهيونية لاستطلاع الجريدة الإسرائيلية بأن 52% الذين يسعون للنزوح من إسرائيل من ذوي الكفاءات التي يستفيد بها المجتمع الغربي وخاصة ألمانيا والولايات المتحدة وأصدرت وزارة الهجرة الإسرائيلية تقريراً يفيد بأن عدد المهاجرين الإسرائيليين خارجها يقدر ب700 ألف إسرائيلي، منهم 450 ألفا يقيمون في الولايات المتحدة والباقون منتشرون في أنحاء العالم، والذي يدل على إن الهجرة المعاكسة من إسرائيل في زيادة مضطردة ، أما 22% هؤلاء من الفلاشة والسفرديم الذين لا يمكن للمجتمعات الغربية استيعابهم هذه المعلومات إن صحت معلومات خطيرة على مجتمع قائم على الاستيطان .

صهيونية مرتزقة

وأضاف المسيري أن معظم من هاجروا حتى من الرعيل الأول، هاجروا لأسباب نفعية لم يكونوا إسرائيليين فيما أسماهم "صهيونية المرتزقة" لأنها ليس لها أساس إيديولوجي، هؤلاء هاجروا لرفع مستواهم المعيشي وبالتالي عندما انخفض المستوى المعيشي أصبح الاستيطان في فلسطين ليس له ضرورة على الإطلاق فالخروج من إسرائيل وفكرة النزوح عنها أصبحت مقبولة اجتماعياً بعد الإيمان ب "أرض الميعاد"، ولهذا جاء سؤال أحمد منصور عن "أرض الميعاد والعودة إلى أرض الأجداد واستخدام الكهنة والحاخامات للقراءات التوراتية"، الذي رأي فيها المسيري أن كل العبارات اليهودية عبارة عن ديباجات تضفي شرعية على الفعل الاستعماري الاستيطاني الإحلالي حتى أن الحاخامات هناك بدأت الاعتراف بهذا، وأن الاعتقاد بمبادئ التوراة والتلمود والبروتوكولات كانت مجرد أوهام.

وكذلك أشار منصور أن وكالة الأنباء الفرنسية نشرت تقريرا أيضا قبل يومين بمناسبة الذكرى الستين لقيام إسرائيل، قالت فيه إن نسبة الذين يشعرون بالأمن في المجتمع الإسرائيلي لا يزيدون عن 4% من السكان دولة نووية تملك جيشا من أقوى الجيوش في العالم ومجتمع معسكر ومع ذلك 96% لا يشعرون بالأمن، و أكد المسيري هذه إحدى إنجازات المقاومة ورسالتها، حتى أن الفكر الإستراتيجي العسكري في إسرائيل توصل إلى أنه لا يوجد حل لقضية المقاومة لدرجة أن خبراء استراتيجيين أكدوا إنهم غير قادرين على رصد صواريخ القسام بسبب بساطتها، والرؤى العسكرية الإسرائيلية اليوم تؤمن بأنه لا توجد حركة تحرير قامت دولة عظمى بهزيمتها، مثل فييتنام التي لم تستطع قوة الولايات المتحدة الباطشة هزيمتها وكذلك العراق، فلا يوجد حركة تحرير يمكن هزيمتها، ولا يوجد حل للمقاومة الفلسطينية.

إرهاصات انهيار الدولة
اليهود يحتلون الأراضي العربية 1967
وفي تقرير نشر أيضا إن المشاكل الشائكة التي تواجهها إسرائيل هي التهديد الإيراني، استمرار الاحتلال والاستيطان في الضفة الغربية، النمو السريع للسكان، تصاعد قوة حركة حماس في غزة واستمرار إطلاق الصواريخ.


ووجه أحمد منصور الدفة إلى مشكلة خطيرة أخرى تخص الجيش الإسرائيلي في ظل هذا الوضع الذي أثرت فيه المقاومة الفلسطينية بشكل كبير فخلقت ظاهرة في الجيش الإسرائيلي تتصاعد يوما بعد يوم هي ظاهرة الهروب من الخدمة العسكرية، فهناك تقارير كثيرة في الصحف العبرية تتحدث عنها، بالإضافة إلى ظاهرة نفسية الجندي الإسرائيلي المنهزمة، كما أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أعلن في خطابه الأخير إن ظاهرة التهرب من الخدمة العسكرية تنهش المجتمع والجيش في إسرائيل.

وجاء رد عبد الوهاب المسيري مطابقاً للمسار التاريخي للدولة الصهيونية التي نجحت حتى عام 67 في إقناع الشباب الإسرائيلي أنهم يدخلون في حرب ليست من اختيارهم دفاعا عن النفس وبهذه الطريقة يمكن تجنيد البشر، لكن بعد 67 المسألة اختلفت خاصة بعد أن اختفى منحنى الانتصار الإسرائيلي وبدأت الهزيمة تشكل المجتمع بداية من حرب الاستنزاف وحرب 73، ومرورا باحتلال لبنان والانسحاب منها، والانتفاضة الأولى، والانسحاب من جنوب لبنان، والانتفاضة الثانية ثم توج كل هذا بالحرب السادسة وهي الحرب ضد حزب الله، بالترتيب هذه سلسلة هزائم الدولة الصهيونية وحينما نضعها في إطار نمطي يمكن فهمها، بالإضافة إلى اختلاف الشباب الإسرائيلي لمفهوم الحرب بعيداً عن الفكر الاستيطاني في غزو لبنان مثلا وكذلك الضفة الغربية ليقتل الأطفال والنساء ، أدرك الشباب أنها معارك ليست مفروضة على إسرائيل وإنما هي من اختيار المؤسسة العسكرية، كما أن حضارة الأنا التي تنعم بها إسرائيل تسللت لكل طبقات المجتمع فأصبح الشباب هناك لا يكترث بشئ ولا يعرف أية مثاليات حتى أنهم يسمون شبابهم بالإكسبريسو من كثرة شربهم لخمور الإكسبريسو، لتصبح فئة الشباب من أهم مواطن الضعف في المجتمع التي تنهش في بناءه، بالإضافة إلى زيادة معدلات العلمنة التي تبدأ معها أزمة المعنى، كل هذا يؤدي إلى ظواهر مخيفة بالفعل في المجتمع كهرب الشباب من الخدمة العسكرية التي أصبحت مقبولة اجتماعياًَ خاصة بعد زيادة الأعداد التي تصاب بأمراض نفسية وكذا ارتفاع معدلات الانتحار بين الجنود الإسرائيليين.

أساطير المحرقة
محرقة الهولوكوست
أصبح المجتمع يتناول العديد من الموضوعات التي كانت من المحرمات كموضوع المحرقة شأنها شأن قيام الدولة مثلما جاء في صحيفة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية إن في أوساط المثقفين الإسرائيليين خلال الثمانينات شهدت تحولا مهما يتمثل في بروز جيل جديد من الرجال والنساء لا يعرفون المحرقة، ولا يعرفون قيام إسرائيل ولديهم القدرة على محاكمة الماضي والتحرر من الأساطير والتابوهات المحرمة التي ينشرها القادة الإسرائيليون، والتي أكد المسيري على أنها جزء من حركة عامة في المجتمع الإسرائيلي لأنه بعد سقوط الإجماع الصهيوني الصهيونية أصبحت لا تصلح أن تكون دليلا يهدي الإسرائيليين في تحركاتهم، كما بدأت الصحف العبرية والأجنبية الأوروبية بدأت تعلي كلمة "نهاية إسرائيل" والأمر المميت بالنسبة لهم، حتى أن مركز الدراسات الاستراتيجية والتقنية في موسكو نشر تقريرا في منتصف أبريل الماضي قال فيه إن المشروع الصهيوني سوف ينهار خلال عشرين عاما، ويلاحظ أنها مصادر غربية كلها يهود وأمريكان، سوفيات يتنبئون بسقوط إسرائيل بنهاية المشروع الصهيوني ،وهي ملفات لم تفتح من قبل.

التحديات القادمة
وقال أحد المحللين المشهورين في الصحافة الإسرائيلية "لقد ورثت عن والدي دولة معجزة لكني سأترك لأولادي علامة استفهام كبيرة"، وأكد المسيري أنها أكثر من علامة استفهام في الواقع، هي جرثومة، النهاية كامنة في إسرائيل، دولة عنصرية تعاني من مشكلة ديموغرافية، العرب يتكاثرون واليهود يتناقص عددهم من خلال النزوح من خلال انقطاع الهجرة من خلال الإحجام عن الإنجاب .
لم يكن متوقعاً أبداً أن تكون من أهم المشكلات التي تواجه المجتمع الإسرائيلي مشكلة الفقر في دولة ينظر لها على أنها أغنى دول المنطقة فيها دولة متقدمة بلغت نسبة الفقر فيها 60% في وسط اليهود الأرثوذوكس حسب دراسة نشرت في ديسمبر الماضي في النيويورك تايمز، ورأى المسيري أن السبب الرئيسي في الفقر في المجتمع، والعولمة والخصخصة.

وأضاف قبل ذلك كان هناك اقتصاد استيطاني يضع مصلحة الجماعة فوق مصلحة الفرد لكن مع دخول إسرائيل في عالم العولمة والخصخصة بدأ يحدث فيها الاستقطاب الطبقي الذي نراه في معظم المجتمعات العربية أيضا، أصل رأس المال لا يعرف الإنسانية ولا الشرف ولا الكرامة، رأس المال يعرف شيئا واحدا وهو الربح، السوق الحر نفس الشيء وهذا ما يحدث في إسرائيل، يعني عدد المليونيرات يتزايد وعدد الفقراء يتصاعد وهذا ما يقوض أيضا الأيديولوجية الصهيونية.


بروتوكلات وهمية
بروتوكولات حكماء صهيون
وحول مدى مصداقية بروتوكولات حكماء صهيون وهل فعلا كتبت بأيدي الحاخامات اليهود، جاء رد المسيري بأن أبسط ما في الموضوع أنها البروتوكولات كُتبت بالروسية والحاخامات كانوا لا يعرفون الروسية ولكنهم كانوا يعرفون الييديشه ولو كان الحاخامات هم الذين كتبوها لكتبوها بالييديشه أو بالآرامي التي كانت تجهلها البيروقراطية الروسية.

هذا ما يعني أن أدولف هتلر قد خدم الصهيونية بما فعله في اليهود لأنه عن طريق اضطهادهم والتعاون مع النازيين والصهاينة في نفس الوقت ساعد اليهود في الهروب والاستيطان في فلسطين بمبرر قوي وهو الاضطهاد، فعدد اليهود المستوطنين في فلسطين كان ثلاثمائة ألف قبل وصول هتلر للحكم، مع وصوله للحكم زاد العدد بشكل غير عادي وتم تصدير رأس المال من خلال اتفاقية الهافرا التي عقدت مع اليهود المستوطنين الصهاينة.

ولمن يتوقع النهاية أولاً إسرائيل أو النظم العربية تمنى عبد الوهاب المسيري سقوط كل النظم العميلة لكن يجب ألا نربط بين إسرائيل والدول العربية، إسرائيل دولة استيطانية ولها سماتها الخاصة وظهورها وتطورها وسقوطها يجب أن يدرس في إطار التجارب الاستيطانية، أما البلاد العربية فهي بلاد مستقرة وليست بلادا استيطانية، الفساد يضرب فيها والعمالة وكل شيء ولكن يجب أن تدرس في إطار الدول المستقرة، ودولة استيطانية تعني أن مقومات الحياة في إسرائيل ليست من داخلها وإنما من خارجها، ويوجد عنصران أساسيان هما الدعم الأميركي بلا حدود والثاني الغياب العربي أيضا بلا حدود، هذان العنصران هما اللذان يضمنان بقاء إسرائيل واستمرارها.

عاجزة عن البقاء

كما فوجئت في الثلاثة الشهور الأخيرة بكم المقالات والتقارير التي تشير بشكل مباشر أو غير مباشر عن نهاية إسرائيل وزوال الدولة، مثلا إبراهيم بورغ رئيس الكنيست الإسرائيلي الأسبق لا زال يثير القلاقل في إسرائيل من خلال حديثه عن نهاية الصهيونية وعن نهاية الدولة اليهودية التي وصفها بالعنصرية والبلطجة والإمبريالية وقال إنها لا تختلف عن ألمانيا عشية وصول هتلر إلى الحكم، المؤرخ الإسرائيلي ميخائيل بارزوهر المتخصص في كتابة السير الذاتية للقيادات الصهيونية عبر في منتصف أبريل الماضي عن قلقه من مستقبل إسرائيل بسبب ضعف القيادات وتغيرها للأسوأ مقارنة بالمؤسسين والآباء الأوائل للدولة الصهيونية، مثل هذه الكتابات داخل المجتمع الإسرائيلي من شخصيات كانت تحتل مناصب مرموقة محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.


كما أن استخدام رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت لعبارة "نهاية إسرائيل" كانت أكبر دليل على عمق الأزمة، مؤكداً أن التحديات التي تواجهها إسرائيل في المرحلة القادمة هي نفسها المشكلات التي تعاني منها في الوقت الراهن والتي تتفاقم مع مرور الوقت.

المعارضة والمقاطعة ملاذ الأمة
ورأى المسيري في حركات المعارضة في العالم العربي التي بدأت تنهض سبيل شباب العرب في الإسراع بسقوط إسرائيل، كما توجد نشاطات كثيرة أخرى مثل تفعيل المقاطعة خارج نقاط الحكومات الخائفة من الولايات المتحدة، وممكن الضغط على الدول والنخب الحاكمة لمساعدة المقاومة وأهل غزة، يعني يوجد أشكال كثيرة، كما اقترح المؤرخ عقد مؤتمر من المتخصصين لدراسة هذه القضية كيف يمكن للشباب وللجمهور العادي أن يساهم ويتجاوز النخب الحاكمة الخائفة والمهرولة.


والتصور الخاطئ لدى الإسرائيليين بأن الاتفاقيات التي عقدتها بعض الأنظمة المجاورة لإسرائيل مثل مصر، الأردن، السلطة الفلسطينية ساعدت في بقائها وفي بقاء هذه الأنظمة، وهماً كبيراً ساهم بشكل كبير في خلق الخلل في السياسات بين الأنظمة، أما المشكلة الأساسية في الخطاب الصهيوني أنه لا يوجد حل للقضية الفلسطينية.


أما بخصوص السلام مع الفلسطينيين، أكد المسيري الآن بدأت أصوات داخل المجتمع الإسرائيلي تتعالى من مسئولين إسرائيليين تطالب بالتفاوض مع حماس، وقال عبد الوهاب المسيري أن الشعب الفلسطيني يواجه تحديا كبيرا بعد زوال إسرائيل كأي شعب حر بعد انتصار ثوراته تظهر مشكلة تحول النظام الثوري إلى بيروقراطي هذه إشكالية تواجهها كل الثورات ونرجو من الله أن الشعب الفلسطيني يواجه هذه الأزمة،ويحلها بطريقة سلمية لصالح الشعب الفلسطيني وصالح الشعب العربي ككل.

الموسوعة
موسوعة المسيري
وجدير بالذكر أن موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية وهي أحد أهم الأعمال الموسوعية العربية في القرن الماضي، والمكونة من سبعة مجلدات يتضمن كلاً منها إشكاليات اليهود واليهودية فالمجلد الأول يحتوي على الإطار النظري، والمجلد الثاني يتضمن إشكاليات الجماعات اليهودية، والمجلد الثالث يحتوي على الجماعات اليهودية.. التحديث والثقافة، والمجلد الرابع بعنوان الجماعات اليهودية.. تواريخ، المجلد الخامس عن اليهودية.. المفاهيم والفرق، المجلد السادس عن الصهيونية، المجلد السابع عن إسرائيل.. المستوطن الصهيوني.

وعلق الكثير من المؤرخين والدارسين على موسوعة المسيري حيث وجدوا في المسيري أنه أصبح موسوعة حية للموضوع، والموسوعة تنم عن تجربة مختلفة بالكامل، كما رأوا في الموسوعة أنها سلاح معرفى استراتيجي بتار في مواجهتنا مع إسرائيل، ومع الحلف الصهيوني الأمريكي فإذا كانت الموسوعة في جانبها الأول معلوماتي فإن الجانب الآخر الأهم هو قدرات المسيرى التنظيرية الجبارة، فهذه القدرات هي التي أعطت موسوعته مغزاها المعرفي المتميز، وقد أبتكر المسيري مفاهيم نظرية جديدة، وسك لها مصطلحات ملائمة، ويعتبر هذا إضافة مقدرة للفكر العربي والعالمي في المجالات المختلفة للعلوم الإنسانية والاجتماعية.

وبعدما أمضى نحو ربع قرن في إعداد تلك الموسوعة، كان المسيري يعد موسوعة أخرى عنوانها الصهيونية وإسرائيل، تتناول إسرائيل من الداخل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.