الإهمال دمر مدرسة أنشأها محمد على الكبير علي الرغم من الكثافات الكبيرة التي تعاني منها المدارس الحكومية وخاصة في القاهرة والجيزة، إلا أن ذلك لم يمنع من تحويل بعضها إلي مدارس تجريبية، وهو نوع آخر من المدارس الحكومية، لكن الفارق أنه بمصروفات وبالتالي يحصل الطالب علي خدمة تعليمية أفضل. ثمة إقبال كبير من جانب أولياء الأمور علي مدارس التجريبيات ونجاحها، إلا أن وزارة التربية والتعليم والمديريات التعليمية بالمحافظات بدلاً من أن تزيد من إنشاء هذه النوعية من المدارس لجأت إلي تحويل المدارس الحكومية إلي تجريبيات" وهو ما يسبب أضرارا كبيرة لعدد كبير من الطلاب الفقراء الذين يدفعون بالكاد مصروفات المدرسة الحكومية كما أن نقلهم إلي مدارس أخري بعيدة عن أماكن إقامتهم قد يجعلهم معرضين للتسرب من التعليم. ولعل "مدرسة الترعة الإعدادية بنين" بإدارة الساحل التعليمية، تعتبر فصلا جديدا من فصول هذه المشكلة، لتصبح بمسمي جديد هو "الترعة الرسمية للغات"، بعد قرار مديرية التربية والتعليم في القاهرة، الذي صدر منذ ثلاث سنوات، إلا أن تطبيق القرار فعلياً سيكون مع بداية العام الدراسي الجديد، وهو ما تسبب في استياء المعلمين وأولياء الأمور علي السواء. تلقت "آخرساعة" عدداً من شكاوي المعلمين في المدرسة الذين تضرروا من حلها وتحويلهم إلي مدارس أخري مجاورة، كما حصلنا علي شكاوي وجهها المعلمون وأولياء الأمور خلال العامين الماضيين إلي وزارة التربية والتعليم ومديرية تعليم القاهرة مطالبين بالعدول عن القرار، إلا أن الرد جاء بأن "القرار في صالح العمل". إحدي المعلمات في المدرسة - طلبت عدم ذكر اسمها - قالت إن قرار تحويل المدرسة من حكومية إلي تجريبية أضر بالمعلمين والطلاب معاً مشيرة إلي أن المدرسة بها أكثر من 60 فصلاً وتستوعت حوالي 2400 طالب، وبدلاً من الاهتمام بها وتطويرها كان هناك تعمد لعدم إجراء الصيانات الدورية لها فتهالكت مبانيها. وأضافت إن المدرسة يرجع تاريخ إنشائها إلي عصر محمد علي باشا، وتضم 4 مبانٍ وملاعب و6 معامل لخدمة الطلاب، لافتة إلي أن قرار نقل المدرسة يتضرر منه أولياء أمور أكثر من 1500 طالب تم نقلهم إلي مدرسة "أحمد عرابي" التي تبعد عن هذه المدرسة بنحو 3 كيلومترات، مشيرة إلي أن صغر المدرسة قد يؤدي إلي وصول كثافة الفصول إلي أكثر من 80 طالباً في الفصل الواحد.. وأكدت أن المدرسة خلال الأعوام الثلاثة الماضية لم تقبل أي طالب ومع نهاية العام الدراسي الحالي أصبحت المدرسة خالية من الطلاب، لتنفيذ قرار حلها، مشيرة إلي أن المدرسة بها 4 مبان لم يتم صيانتها منذ أكثر من 10 سنوات باستثناء مبني واحد تمت صيانته عام 2007. وحصلت"آخرساعة" علي بعض الشكاوي الرسمية الموجهة إلي كل من وزارة التربية والتعليم ومديرية التربية والتعليم في القاهرة ومحافظة القاهرة، سواء من المعلمين أو أولياء الأمور والتي جاء فيها مطالبتهم بإيقاف ما وصفوه بالكارثة، مشيرين إلي أن القرار سيتسبب في تسريب أبناء المنطقة الفقراء من التعليم بسبب عدم استطاعتهم الذهاب إلي المدرسة البعيدة وكذلك عدم تحملهم لمصاريف المدرسة التجريبية. كما حصلنا علي خطاب من قسم المباني بإدارة الساحل التعليمية موجه إلي التوجيه المالي والإداري بالإدارة ويشير إلي أن العام الدراسي 2014/2015 هو آخر عام يتم فيه تسجيل مدرسة الترعة الإعدادية بنين علي شبكة كمبيوتر هيئة الأبنية التعليمية وأنه مع نهاية العام لا وجود للمدرسة علي شبكة الهيئة نهائياً، حيث تم تعديل المرحلة بنفس الكود التعريفي لتصبح مدرسة لغات لجميع المراحل. من جانبه قال محمد إسماعيل أحد أولياء الأمور إنه ضد قرار حل المدرسة وتحويلها إلي تجريبية، مشيراً إلي أن نسب الفقر في المنطقة مرتفعة، كما أن مدرسة أحمد عرابي تبعد عن مدرسة الترعة بحوالي 3 كيلومترات. وأضاف: أولياء الأمور استسلموا لقرار مديرية التربية والتعليم بالقاهرة وقاموا بالفعل بنقل أبنائهم إلا أنه تخوف من كثافة الفصول في المدرسة الجديدة لصغر مساحتها، موضحاً أن عدداً من أولياء الأمور تقدموا بعدد من الشكاوي إلي وزارة التربية والتعليم ومديرية التربية والتعليم بالقاهرة لكن لم تكن هناك استجابة لتلك الشكاوي. فيما قال ثروت محمد رشاد مدير إدارة الساحل التعليمية التابعة لمديرية التربية والتعليم بالقاهرة والتي تخضع لها المدرسة أن قرار تحويل المدرسة من حكومية إلي تجريبية جاء لمنع شبهة إهدار المال العام فالمدرسة بها حوالي 76 فصلا لا يعمل بها سوي 36 فقط فهناك حوالي 40 فصلا مهجورا ويستغل من قبل الطلاب عديمي التربية مشيراً إلي أن قرار تحويل المدرسة إلي تجريبية صدر منذ ثلاث سنوات. وأضاف أن قرار نقل طلاب المدرسة إلي مدرسة أحمد عرابي الابتدائية يرجع إلي أن المدرسة يوجد في محيطها 6 مدارس ابتدائية كما أن شبرا أصبحت منطقة طاردة للسكان فكثافة الفصول في تلك المدارس تتراوح بين 15 و 20 طالبا فقط ولذلك أخذت قرارا بتحويل مدرسة أحمد عرابي من مدرسة ابتدائية إلي إعدادية ونقل طلاب مدرسة الترعة الإعدادية بنين إليها، لاستغلال باقي الفصول لجميع مراحل التعليم قبل الجامعي من "كيه جي" وحتي المرحلة الثانوية. وأوضح أن إدارة الساحل التعليمية تعاني من عجر في المدارس التجريبية حيث وصل سن القبول في (كي جي وان) 5 سنوات و9 أشهر ونحاول بقدر الإمكان تخفيف الضغط علي تلك المدارس وبالفعل نجحنا في النزول بسن القبول إلي 5 سنوات وشهر مشيراً إلي أن هناك عملية صيانة شاملة تتم للمدرسة استعداداً لاستقبال الطلاب الجدد مع بداية العام الدراسي الجديد. وقال إنه تم توزيع المعلمين علي المدارس المجاورة وليس أماكن بعيدة مشيراً إلي أن هناك العديد من الشكاوي التي تم تقديها من قبل المعلمين وأولياء الأمور إلا أن اللجان التي عاينت الوضع علي الأرض أيدت أن يتم الاستفادة من باقي المباني بتحويل المدرسة إلي تجريبية. يذكر أن محمد علي باشا أنشأ قصره والذي أشتهر باسم قصر الفسقية لوجود نافورة كبيرة به، وللوصول إلي القصر قام محمد علي بالأمر بإنشاء شارع شبرا وفي عام 1847م كانت بداية شارع شبرا، وكان هدف محمد علي أن يحول هذا الشارع إلي مكان للنزهة والترويح خارج عاصمته مصر، وحتي يتحقق ذلك جاء القرار بأن يكون الشارع أعرض شوارع مصر في هذا العهد, وأكثرها استقامة. علي جانب آخر، قالت مصادر مطلعة ل"آخرساعة" إن عدد المدارس التي تم تحويلها من حكومية إلي تجريبية خلال السنوات الماضية بلغ 6 مدارس، مشيراً إلي أن هناك العديد من المدارس التي يجري التخطيط لتحويلها إلي مدارس تجريبية خلال السنوات المقبلة، وتحديداً في محافظتي القاهرة والجيزة التي تشهد إقبالا كبيرا علي المدارس التجريبية. وأضاف المصدر أن هناك أكثر من 50 مدرسة قد يتم تحويلها خلال السنوات المقبلة، مشيراً إلي توجه وزير التربية والتعليم الجديد الدكتور الهلالي الشربيني مع التوسع في بناء مدارس التجريبيات والمدارس الخاصة حتي يستطيع أن يقلل من كثافة الفصول في المدارس الحكومية. من جانبه قال محمد سعد رئيس الإدارة المركزية للتعليم الثانوي بوزارة التربية والتعليم إن عملية تحويل المدارس من حكومية إلي تجريبية هي عملية لا مركزية حسب احتياج كل مديرية تعليمية بالاتفاق مع المحافظة التابعة لها. وأضاف أنه في حالة التحويل فإن ذلك لابد أن يتم بموافقة مجلس أمناء المدرسة والمحافظة والمديرية التعليمية والإدارة التعليمية التابعة لها بحيث لا يكون هناك ضرر علي أولياء الأمور أو الطلاب مشيراً إلي أن حالات التحويل تكون في حالة عدم الاستغلال الأمثل لمساحة المدرسة أو لحاجة الإدارة التعليمية إلي فصول تجريبية.