الحصانة البرلمانية، هي الحماية القانونية التي يمنحها الدستور لنواب الشعب في البرلمان حتي يستطيع النائب أن يؤدي مهمته الدستورية كاملة تشريعياً ورقابياً بعيداً عن تأثره بضغوط خارجية أو تضييقات من أي نوع. وكانت الحصانة البرلمانية داخل وخارج البرلمان قبل ثورة 25 يناير أمراً غير قابل للنقاش، ولا تحتمل الجدل، رغم إساءة استخدامها، واستغلالها من بعض النواب في أمور بعيدة عن الهدف منها، لدرجة أن البعض استغلها في مُخالفات قانونية، وجرائم جنائية ارتكبت كلها تحت حماية "الحصانة البرلمانية". الجرائم التي تم اكتشافها كانت أغلبها بالصدفة أو نتيجة صراعات سياسية، والأمثلة علي ذلك كثيرة، أبرزها سقوط ما يعرف ب"النائب المُرتشي"، و"نواب المخدرات"، و"نواب القروض"، و"نواب قرارات العلاج"، و"نواب السيديهات"، والنواب المتورطون في جرائم قتل، و"نواب سميحة"، وغيرها كثير من الألقاب التي لصقت بعدد ليس بقليل من نواب مجلس الشعب، الذين استغلوا الحصانة البرلمانية في غير الغرض المخصص لها. مؤسس الحملة: الحصانة يجب أن تكون داخل المجلس فقط وقبل أيام من فتح باب الترشح لانتخابات برلمان 30 يونيو احتدم الجدل حول الحصانة البرلمانية، وإعادة النظر في شكلها القديم حيث كثف المعارضون لها جهدهم للضغط علي الدولة من خلال توقيع استمارات تحت عنوان "امنع حصانة"، والتي تهدف إلي قصر الحصانة البرلمانية علي النواب داخل المجلس فقط. الدستور المصري علي مدار تاريخه كفل لأعضاء البرلمان حصانة خاصة في بعض الأحكام المقررة في التشريع الجنائي، وذلك في حالتين الأولي، عدم مؤاخذة أعضاء مجلس الشعب عما يبدونه من الأفكار والآراء في أعمالهم في المجلس أو في لجانه وهو ما يطلق عليه عدم المسئولية البرلمانية. والثانية، عدم جواز اتخاذ أي إجراءات جنائية ضد عضو مجلس الشعب - في غير حالة التلبس- إلا بإذن سابق من المجلس، وتزول الحصانة عن عضو البرلمان إذا ضبطت الجريمة في حالة تلبس إذ إن حالة التلبس هي حالة تسقط معها كل الحصانات لأن الجريمة تكون مؤكدة ومرتكبها معروف وبالتالي لا توجد أي شبهة أو مظنة للكيد والتلبس المقصود هنا هو المنصوص عليه في قانون الإجراءات الجنائية بحالاته الأربع وهي مشاهدة الجريمة حال ارتكابها أو مشاهدة الجريمة عقب ارتكابها أو تتبع الجاني إثر وقوع الجريمة أو مشاهدة مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملا أداة الجريمة. وفي غير أدوار انعقاد المجلس يتعين أخذ إذن رئيس المجلس، والإجراءات الجنائية التي يتعين استئذان رئيس المجلس في غير دور الانعقاد. ورغم ما كفله الدستور للنواب إلا أن المعارضين للحصانة بشكلها الحالي يرون مبررات كثيرة لإعادة النظر فيها ومن بينهم إسلام الكتاتني الباحث في شئون الحركات الإسلامية والإخواني المنشق مؤسس حملة إمنع حصانة الذي قال ل "آخر ساعة" إن الدولة المصرية انتهت من استحقاقين انتخابيين هامين وهما الدستور والانتخابات الرئاسية، ويتبقي فقط الانتخابات البرلمانية ومجلس النواب القادم له صلاحيات واسعة، ويستطيع أن يعزل أي رئيس من خلال توقيعات لثلثي المجلس، ولذلك ينبغي أن يكون المترشح للانتخابات شخصا ذا مواصفات خاصة. أضاف الكتاتني أن الخريطة الانتخابية حاليا تتمثل في ثلاث كتل رئيسية هي الإسلام السياسي وهم المتاجرون بالدين، وكتلة الأحزاب المدنية، وأصحاب المصالح من الحزب الوطني والنظام القديم فهل ستكون هذه الكتل جديرة بالوصول إلي مجلس النواب بما فيها الإخوان والطابور الخامس، لذلك فإن منع الحصانة البرلمانية عن النائب خارج البرلمان أصبح أمرا ضروريا. وأكد الكتاتني، أن هناك 9 مطالب رئيسية لحملة امنع حصانة، أولها إلغاء جواز السفر الدبلوماسي للنائب المصري، وثانيا إلغاء المميزات كالقروض وغيرها، التي يحصل عليها النائب والاكتفاء بالراتب فقط وثالثا التأكيد علي منع ترشح الوزراء الحاليين في الحكومة فلا يجب أن يستقيل الوزير الحالي قبل الانتخابات بيومين أو ثلاثة ثم يدخل لمجلس النواب، ورابعا التأكيد علي إقرار الذمة المالية. وتابع الكتاتني، أنه لا يجوز أن يترشح أي شخص من لجنة الخمسين لمدة دورة برلمانية لأنه شارك في إعداد الدستور، وسادسا يجب منع مزدوجي الجنسية من الترشح، وسابعا يجب إجراء انتخابات المحليات أولا، وثامنا يجب تصغير الدوائر الانتخابية، وأخيرا سنطلق حملة للتحذير من أي فاسد بالتزامن مع انتخابات البرلمان. وأشار الكتاتني إلي أن حملته تتواصل مع الأحزاب والمواطنين العاديين في الشارع وهدفها جمع 4 ملايين استمارة وحتي الآن استطعنا جمع 300 ألف استمارة من المواطنين. من جانبه، قال النائب السابق جمال الزيني، إن هذه الحملة لا يمكن قبولها، خاصة أن النائب البرلماني له دور تشريعي ورقابي علي السلطة التنفيذية، موضحا أنه إذا تقدم أي نائب بطلب استجواب لمسئول ما وليكن وزير الداخلية ما الذي يضمن عدم إلقاء القبض عليه، وأضاف أن النائب البرلماني يمثل الأمة والشعب المصري، ومن ثم فإن حصانته أمر واجب، معتبرا أن هذه الحملة تعمل علي دغدغة مشاعر المواطنين، وبالتالي فهي تهريج وكلام فاضي. من جانبه، قال اللواء أمين راضي، الأمين العام لحزب المؤتمر، تعليقا علي الحملة "أوافق علي رفع الحصانة عن النائب البرلماني وقد طالبت بذلك عندما كنت نائبا في مجلس الشعب"، وأشار إلي أن النائب لا ينبغي أن يتمتع بالحصانة إلا تحت قبة البرلمان وفي قاعة المجلس فيما عدا ذلك لا ينبغي أن يكون له حصانة، وعن تخوف البعض من تعرض النواب المعارضين إلي مضايقات من الجهات الأمنية، قال راضي إن هذه حالات عارضة وليست كثيرة ولا ينبغي أن نلتفت إليها وعن تاريخ الحصانة في مصر لم تتضمن أول وثيقة دستورية عرفتها مصر وهي لائحة تأسيس مجلس شوري النواب وانتخاب أعضائه الصادرة في 22 أكتوبر 1868 نصا يشير إلي الحصانة ضد المسئولية البرلمانية. علي إثر إعادة تشكيل مجلس النواب عام 1882 نجد أن اللائحة الأساسية لهذا المجلس والتي صدرت في 7 فبراير 1882 قد تضمنت نصا يقرر الحصانة لأعضائه ضد المسئولية البرلمانية. كما تضمن دستور 1930 نصا مماثلا للنص السابق. إلا أن هذا الدستور الغي بالأمر الملكي رقم 118 الصادر في 12 ديسمبر عام 193، وعاد العمل بدستور عام 1923 بما كان يتضمنه من نصوص خاصة بالحصانة البرلمانية، ثم نص بعد ذلك علي الحصانة ضد المسئولية البرلمانية في أول دستور دائم لمصر بعد قيام الثورة وهو دستور 1956، أما الدستور المؤقت الصادر 1958 فقد أتي خاليا من النص علي الحصانة البرلمانية ثم عاد المشرع الدستوري المصري ونص علي الحصانة ضد المسئولية البرلمانية في دستور 1964. وأخيراً، صدر دستور 1971 الساري المفعول حتي الآن متضمنا الحصانة ضد المسئولية فقد جاء نص المادة (98).