لعبت الصدفة دورا هاما في حياة الفنان العالمي الراحل عمر الشريف، فقد ساقه القدر مرات عديدة لتحقيق نجاحات وإنجازات لم يكن يحلم بها أو يتوقعها.. ولأن الحظ يأتي لمن يستحقه فقط ويمتلك المقومات والمؤهلات التي تدعم موهبته. فقد نجح العالمي في استغلال الصدف في مشواره الفني والإنساني بشكل مميز. أهم الصدف في حياته التي غيرت مساره هي لقاؤه مع أصدقاء الدراسة يوسف شاهين وأحمد رمزي أصدقاء الدراسة بكلية فيكتوريا في أحد مقاهي وسط البلد.. وكان شاهين يستعد وقتها لإخراج فيلمه (صراع في الوادي) وكانت الترشيحات تنصب تجاه نجم سينمائي ليلعب بطولة الفيلم أمام الرائعة فاتن حمامة ولكنها أبدت تحفظها علي الترشيح وطلبت من شاهين ترشيح وجه جديد ذي مقومات خاصة.. ولمعت فكرة جنونية في ذهن المخرج يوسف شاهين وطلب من عمر الشريف أن يصطحبه لزيارة فاتن حمامة كي يرشحه بطلا للفيلم.. وارتبك الشاب الوسيم واضطربت ملامحه.. وذهب للقائها وهو يحمل هموما كبيرة أن ترفضه.. ورغم ملامح الخوف الشديد علي وجهه إلا أنه فوجئ بها توافق وترحب به بطلا للفيلم لتكون بداية نجوميته الكاسحة.. وبعد أيام من بداية التصوير نشأت قصة الحب بين بطلي الفيلم رغم الارتباط العاطفي الذي يكنه زميله وصديقه أحمد رمزي لفاتن حمامة.. ولكن قلبها مال تجاه الوجه الجديد وتزوجا.. لتكون الصدفة بوابته للشهرة والحب عام 1955.. ولأنه أحب السينما والفن وفاتن حمامة فقد وافق بسهولة علي تغيير اسمه من ميشيل شلهوب إلي عمر الشريف.. ويغير ديانته من اليهودية إلي الإسلام. عادت الصدفة مرة أخري لتطل برأسها علي حياة النجم الموهوب لتدفعه نحو النجومية حينما التقي في أوائل الستينيات بالمخرج العالمي ديفيد لين الذي كان يقوم بتصوير أحد الأفلام في مصر.. وبالصدفة البحتة شاهد فيلما يلعب بطولته عمر الشريف.. وأعجب بملامح الشريف الشرقية.. وزاد إعجابه حين علم بإجادته التامة للغة الإنجليزية كأنه أحد أبنائها فقدمه في فيلم Lawrence of Arabia (لورانس العرب) ليحقق نجاحا جماهيريا كبيرا في الأوساط العالمية فيقوم بالانتقال إلي هوليوود.. الغريب أن ديفيد كان علي وشك الرضوخ لترشيح ممثل آخر رغم أنه انتقد عينيه وطريقة نظراته وتعبيراته بلغة العيون.. وحين حضر للقاهرة خطفته عيون عمر الشريف المعبرة وقرر التنازل عن ترشيح الفنان الآخر وترشيح العالمي.. وبعدها ارتبط عمر بالعمل مع مكتشفه ديفيد لين.. حيث قام ببطولة عدة أفلام عالمية التي حققت لعمر الشريف نجاحات كبري.. وتمّ ترشيحه عدة مرات لجائزة (جولدن جلوب) العالمية ونالها مرتين المرة الأولي. فيلم (فتاة مضحكة) الذي تم منعه من العرض عام 1968 لأنه كان يلعب دور المقامر اليهودي نيك ارنشتاين فقررت القاهرة عدم عرضه بدور العرض السينمائي بسبب الحرب مع إسرائيل في ذلك الوقت.. لعبت الصدفة أنه حقق له ضجة إعلامية كبري في وسائل الإعلام العالمية بسبب تعاطف شركات الإنتاج السينمائية والإعلام الغربي الذي يملكه رأس المال اليهودي استخدمت قرار المنع في الإشادة به كفنان موهوب. بعد أن كان يتعرض لحرب إعلامية شرسة من الإنتاج والإعلام اليهودي بسبب عروبته ومصريته.. حاولوا طرده بسبب جنسيته العربية ومنعه من التمثيل فمثلا أثناء مشاركته في فيلم (Funny Girl) سنة 1967 مع الممثلة اليهودية بربارا سترايسند كانوا يصطنعون الأزمات له والتضييق عليه في علاقته مع الآخرين من المنتجين والمخرجين.. ولكن ببعض الحظ واللباقة والمرونة صارت الأمور بعدها جيدة. الطريف أن الصدفة أيضا ساهمت في صناعة رشاقة عمر الشريف وجعلته نجما سينمائيا.. فقد كان طفلا وسيما جدا حتي بلغ من العمر 11 عاما وكانت والدته تفخر دائما أن نجلها هو الطفل الوسيم الرياضي ذو الجسد الرشيق ولكن فجأة بدأ جسده في الزيادة وأصبح طفلا سمينا وزنه ثقيل مما أصاب والدته بأزمة نفسية وقررت علي الفور إلحاقه بمدرسة داخلية.. وداخلها عاني بشدة من الطعام الإنجليزي سيئ الطعم والطهي فامتنع عن الطعام وأصبح جسده رشيقا وفقد الكثير من وزنه ومن وقتها أصبح شابا بملامح وجسد يرشحه للنجومية. كاد حلمه أن يقف أمام النجمة العالمية صاحبة أجمل عيون بالسينما صوفيا لورين ويضيع بسبب معلومة وصلت لها أن عمر الشريف المرشح للوقوف بطلا أمامها في فيلم (سقوط الإمبراطورية الرومانية) عام 1964 وقيل لها إن طول قامتها لايتناسب مع النجم المصري فطلبت من قسم الإكسسوار قبل البدء بالتصوير تفصيل حذاء خاص له بكعب أطول من المعتاد بحوالي10 سنتيمترات كي لا يبدو قصيرا حين يقف بمحاذاة صوفيا لورين.. وأبدي هو تخوفه أن يعوقه الحذاء عن الأداء بشكل طبيعي وأن يبدو كما لو كان غير مقنع.. ولكن المصادفة أنه حين التقي بها اكتشفا أن طولهما متقارب جدا وأنه لايحتاج لارتداء حذاء بكعب عال كي يصل لطولها. وانزاح عن قلبه هم كبير.