يعتقد كثير من الشباب أن التصوير من خلال كاميرا هواتفهم المحمولة بطريقة "السيلفي" يمنحهم الفرصة في أن يصبحوا نجوما، بعد عرض صورهم علي مواقع التواصل الاجتماعي، ومن ثم الحصول علي عدد كبير من علامات الإعجاب والتعليقات. الحضور الطاغي ل "السيلفي" جاء بمثابة تعويض عن غياب الثقة بالنفس، وبرهن علي هيمنة الشكل في مقابل انحسار المضمون في عالم تقني يعتمد علي الصورة في عملية الإقناع. لم يعد الأمر يقتصر علي التقاط الصور في مناسبة معينة بعد أن أصبحت الصورة هي المناسبة التي يبحث لها صاحب الصورة عن مكان وحدث، وصار من المألوف أن تجد الشباب في كل مكان (تقريبا) يأتون بحركات غريبة مثل مط الشفاه أو إخراج اللسان أو اصطناع ملامح غريبة علي الوجه والتقاط الصور دون أدني حياء ممن ينظرون إليهم علي اعتبار أنهم مرضي وفي حاجة إلي علاج. الظاهرة التي باتت تنتشر بصورة لافتة، وإدمان الشباب في تصوير أنفسهم دفع خبراء منظمة الصحة العالمية إلي وضع "إدمان السيلفي" علي قائمة الأمراض النفسية. وأشار بوريس تسيجانكوف كبير خبراء الأمراض النفسية في موسكو، إلي أن الخبراء يعملون الآن علي إعداد قائمة التصنيف الدولي للأمراض النفسية التي سيضاف إليها الإدمان علي التقاط صور السيلفي، وعلي استخدام شبكات التواصل الاجتماعي. ووفقا لموقعm24 الإلكتروني فإنه في حال إدراج هذه الأشكال من الإدمان في قائمة التصنيف الرسمية، فيمكن علاجها بواسطة الأدوية الخاصة بطب الأمراض النفسية. في حين أكدت الرابطة الأميركية للطب النفسي APAرسميا أن أخذ الصور الذاتية، أي الSelfie يمثل "اضطرابا عقليا". وقالت إن الاضطراب الجديد يسمي ((selfi tis ووصفته بأنه الرغبة الكبري لالتقاط الصور الذاتية ونشرها علي وسائل الإعلام الاجتماعية كوسيلة للتعويض عن عدم وجود الثقة بالنفس. وحددت ثلاث درجات للاضطراب: الخفيف وأصحابه يلتقطون الصور لا يقل عن 3 مرات في اليوم ولكنهم لا يهتمون بنشرها علي الإنترنت. بينما يصنف من ينشرها علي مواقع التواصل الاجتماعي بأنه من الدرجة الثانية "الحادة".. أما الدرجة الأخيرة "المزمنة" فهي التي لا يمكن السيطرة عليها ويصيب أصحابها هوس التقاط الصور علي مدار الساعة ونشرها أكثر من 6 مرات في اليوم علي حساباتهم الشخصية. تفاخر نجلاء عزمي طالبة بكلية التجارة بأنها تمتلك أرشيفا هائلا من صور "السيلفي" التقطتها منفردة ومع أصدقائها.. وتقول زميلتها علياء سميح إن صور السيلفي تتحكم في انتقائها لملابسها وتسريحة شعرها وإصرارها علي الالتزام بالريجيم لتبدو في كل مرة في صورة أفضل مما هي عليه. ويضيف تميم أسامة - طالب بكلية الحقوق - إن كل ما يفعله تقريبا طيلة يومه هو جمع أكبر عدد من صور السيلفي ونشرها علي صفحته الشخصية وأن التعليقات التي يحصل عليها من أصدقائه تسبب له البهجة وتدفعه إلي نشر المزيد من الصور. ويؤكد الدكتور أحمد عبد الله - إخصائي طب النفس - علي أننا أصبحنا نري العالم من خلال الصورة، علي عكس الماضي الذي كانت فيه الكلمة هي الأكثر تأثيرا وهو ما جعل الشعر رائجا واللحن والأغنية لها قيمتها باعتبار أنه عصر الفكرة. ويحذر عبد الله من خطورة مرض السيلفي لأنه يجعل الإنسان يعتقد أنه مجرد صورة وهو ما يجعل الفتيات يهرولن خلف عمليات التجميل والاستخدام المفرط للظهور بأفضل ما يمكن من خلال الالتقاط المتكرر للصور ونشره علي مواقع التواصل الاجتماعي. ويضيف إخصائي الطب النفسي: إن الشباب يجبون تقليد النجوم، ويحلمون بالحصول علي معجبين، وهو ما يتوهمونه من خلال صور السيلفي.. ويري أن استخدام النجوم للسيلفي يختلف عن الأشخاص العاديين لأنهم يستثمرون ذلك للحصول علي الأموال من خلال الدعاية لمنتج أو الترويج لبضاعة معينة في الإعلانات. ويقول الدكتور محمد بكر أستاذ التاريخ الفرعوني إن الصورة بالنسبة للمصريين القدماء كانت تعني أنها نوع من التحدي للفناء ووسيلة للخلود. ويتحدث عن اهتمام الفراعنة بتزيين جدران مقابرهم بالعديد من الصور الشخصية من كل جانب وبأكثر من وضع وكتابة اسم الشخص تحتها. ويشرح ولع المصري القديم بعمل التماثيل ورسم الصورة الشخصية أكثر من مرة وبمختلف الزوايا لاعتقاده أنها تحميه من الفناء إذا غادر المكان وذهب إلي مكان مختلف.