أوائل كلية الحقوق فى وقفة احتجاجية فجرت تصريحات المستشار محفوظ صابر، وزير العدل المستقيل، حالة من الجدل المجتمعي حول أحقية جميع المواطنين في الوصول إلي المناصب القضائية أو أي منصب في دولاب الدولة، ما يكشف عدم تحقق مبدأ العدالة الاجتماعية الذي يعد أحد أهم شعارات ثورة «25 يناير»، في ظل غياب واضح لمبدأ تكافؤ الفرص، مع انتشار ظاهرة تعيين أبناء القضاة في مناصب قضائية، وهي الظاهرة التي اعترف بها صابر وأحدثت موجة غضب أطاحت به من منصبه الأسبوع الماضي. الأزمة موجودة ومتواصلة ولا ينكرها إلا من دفن رأسه في الرمال، فالمستشار أحمد الزند، رئيس نادي القضاة، قال في تصريحات سابقة له، إن من يهاجم أبناء القضاة هم «الحاقدون والكارهون» ممن يرفض تعيينهم، وستخيب آمالهم، وسيظل تعيين أبناء للقضاة سنة بسنة، ولن توجد قوة في مصر تستطيع أن توقف هذا الزحف المقدس إلي قضائها. التصريحات المتواترة للقضاة علي اختلاف مشاربهم تكشف عن وفاة مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، داخل مجمتع حماة العدالة، علي الرغم من أن معظم المتحدثين عن التوريث بحجة أن أبناء القضاة أجدر بالمناصب القضائية لأنهم تربوا في بيئة قضائية، وهو ما ينفيه أن الغالبية الساحقة من كبار القضاة في البلاد حاليا هم من أبناء الطبقات الوسطي بل والبسيطة، الذين استفادوا من قرارات نظام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذي فتح مناصب الدولة جميعها أمام أبناء الفلاحين والعمال، معليا من معيار الكفاءة متبنيا لمفهوم العدالة الاجتماعية، الذي بات يغضب تيارا داخل القضاء في يومنا هذا. الأزمة تجسدت علي أرض الواقع ، بعدما أغلقت الأبواب في وجه 138 شابًا، من دفعة 2010 ودفعة 2011 من الحاصلين علي تقدير جيد جدًا، مع استبعادهم من قرار التعيين في الالتحاق بالنيابة العامة، بحجة أن آباءهم لم يحصلوا علي مؤهل عال، في واقعة تكشف اهتراء منظومة العدالة خاصة أن مصدر مطلع أكد ل»آخر ساعة» أن من ضمن المقبولين عدداً من أبناء المستشارين. وأكد المصدر -الذي طلب عدم نشر اسمه- أن أبناء القضاة والمستشارين تم تسهيل إجراءات الاختبار لهم في المقابلة الشخصية، من أجل تمرير تعيينهم بسهولة، وتم التعنت أمام مجموعة من الشباب رغم تفوقهم لأن لا «ضهر لهم»، كاشفا عن واقعة قديمة تتعلق بتعيين رشا نجلة المستشار عادل عبد الحميد»، وزير العدل الأسبق، في منصب مستشارة بالنيابة الإدارية، رغم رسوبها عامين، وحصولها علي تقدير عام «مقبول»، وتم الطعن علي قرار تعيينها، وفقًا لدعوي قضائية. وتضم القائمة الخاصة بأسماء المستشارين المقبولين، بعض أسماء أبناء القضاة المعينين وفقا لما هو منشور في الجريدة الرسمية، بنسبة استحواذ بلغت 25% مثل أحمد، نجل المستشار لواء الإسلام عبدالعزيز غريب، وإسلام، نجل المستشار مجدي خالد، ومصطفي شقيق المستشار أسامة وأحمد أبوالخير، وأحمد نجل المستشار محمد عسكر، محمد نجل المستشار إسماعيل مكي، وحسين شقيق المستشار حسن أبوكريشة.. وضمت القائمة شريف نجل المستشار سامي بلابل، ومصطفي نجل المستشار محمود سالم محمد، ومحمود نجل المستشار محمد سلطان، وأحمد نجل المستشار يسري عبد الكريم، ومحمد نجل المستشار عبد المنعم لاشين، ومحمود نجل المستشار رجب تركي أبو زهرة، وعمرو نجل المستشار محمد رفعت، وحمدي نجل المستشار حامد سرحان، وعمرو نجل المستشار هاني فايز أبوست. من جهته، أكد عبد الكريم النجار، المتحدث باسم مجموعة ال138 المستبعدين من التعيين في النيابة العامة بسبب مؤهل الوالدين، أن المستشار محفوظ صابر، وزير العدل المستقيل، عبر عن الواقع وما يحدث فعلا بعيدا عن نظر المجتمع، كاشفًا ل«آخر ساعة» أن هناك 138 شخصًا تم منعهم من الحصول علي حقهم في التعيين في النيابة العامة بحجة تطبيق شرط تم اختراعه هو أن اشتراط حصول الوالدين علي شهادة جامعية، وهو أمر لا ينص عليه الدستور في أعلي منصب في الدولة وهو رئاسة الجمهورية، كما أن الدستور ينص صراحة علي أن «الوظائف العامة حق للمواطنين علي أساس الكفاءة دون محاباة أو وساطة، طالما لا يوجد عائق قانوني يمنع ذلك». وأشار عبد الكريم إلي أن مجلس القضاء الأعلي أصدر قراره بتعيين 138 في وظيفة معاون النيابة، بعدما «اجتاز جميع أفراد المجموعة الإجراءات المطلوبة في كراسة الشروط المعلنة لشغل وظيفة معاون نيابة، ومنها اجتياز تحريات الأمن الوطني، بعدها أصدر المجلس الأعلي للقضاء قرارا بالتعيين، وننتظر قرارا من الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتنفيذ قرار التعيين. واستكمل كيرلس عوض، أحد المستبعدين، رواية فصول الأزمة قائلاً ل«آخر ساعة»: «صدر قرار التعيين من قبل مجلس القضاء الأعلي في 24 يونيو 2013لصالح 601 شخص، وكان يفترض أن يصدر قرار التنفيذ في 28 من الشهر ذاته، لكن القرار تم تأجيله بحجة وجود بعض الأفراد من المنتمين لجماعة الإخوان، وبالفعل تم إبعاد 73 شخصا ثبت انتماؤهم للجماعة، وتم تعيين بقية المتقدمين، باستثناء 138 شخصا، بحجة عدم انطباق المعيار الجديد الذي أقره المجلس الأعلي وهو حصول الوالدين علي مؤهل عال، وأن تكون الأولوية للوضع المادي والاجتماعي للمتقدمين، ولم يتم الالتفاف إلي أن معظمنا من أوائل الدفعات، والبعض حاصل علي درجة الماجستير».