الدكتور طارق شوقي عميد كلية الهندسة في الجامعة الأمريكية، رئيس المجلس الاستشاري الرئاسي لشئون التعليم والبحث العلمي التابع لرئاسة الجمهورية، أن هناك من يستفيد من بقاء المنظومة التعليمية في حالتها السيئة، وعلي رأسها أصحاب مراكز الدروس الخصوصية، وقال في حوار مع "آخرساعة" إن التعليم في مصر "عك"، لافتاً إلي أن المجلس يسعي لعلاج العديد من المشكلات عبر مشروعات قومية من بينها تدريب 10 آلاف معلم علي أساليب التعليم الحديثة، مؤكداً أنه لا مساس بمجانية التعليم لكن في الوقت ذاته لن يكون منطقياً دعم الطالب الفاشل، مشيراً إلي ضرورة الاهتمام بالتعليم الفني حيث تعتمد الدول المتقدمة علي "الصنايعية". وإلي نص الحوار. مشروع قومي لتدريب 10 آلاف معلم علي وسائل التعليم الحديثة تدهور المنظومة التعليمية يصب في صالح مراكز الدروس الخصوصية لا مساس بمجانية التعليم.. لكن لن ندعم الطالب الفاشل ما هي خطة المجلس الاستشاري لتطوير التعليم؟ قضية التعليم في مصر معقدة خاصة في مرحلة التعليم الأساسي التي تضم 18.5 مليون طالب وتتضمن هذه المرحلة مشكلات كثيرة منها المدرسون والمناهج وطرق التقييم في الثانوية العامة والتعليم الفني والعسكري والأزهري، بالاضافة إلي أنماط المدارس الحكومية ومدارس النيل والمستقبل والمدارس الخاصة والدولية، وكيف يتم تقييمها والعديد من المشاكل المتصلة بالدروس الخصوصية فمقدار ما تدفعه الأسر للدروس الخصوصية حوالي 2% من الدخل القومي تقريبا وهذا المبلغ لا يدخل في ميزانية الدولة ولا تُسدد عنه ضرائب، إلي جانب ملف التعليم الجامعي وطريقة القبول والمناهج وقانون تنظيم الجامعات، ويقع التعليم الفني بين المرحلتين جزء يتبع وزارة الصحة وآخر وزارة الدفاع ووزارة الصناعة والتجارة والتعليم.. كل هذه التفرعات كان لابد من وضعها تحت وزارة واحدة. من الذي يقف أمام تطوير التعليم بشكل سليم؟ هناك جهات وأفراد لهم مصلحة في أن تظل منظومة التعليم بهذا السوء لا يريدون التغيير مثل أصحاب مراكز الدروس الخصوصية والمجموعات المدرسية وبيزنس طباعة الكتب. من أين تكون البداية لإصلاح منظومة التعليم الأساسي؟ المعلم أهم عنصر لذا وجدنا أن الطريقة المثلي هي الاستثمار في البشر وبما أن عدد المعلمين في مصر حوالي مليون و700 ألف مدرس، فقد طرحنا مشروعاً لتدريب 10 آلاف معلم علي طرق التعلم الحديثة واكتساب مهارات القرن الحادي والعشرين واستخدام تقنية الاتصال والمعلومات وهذا ضمن مشروع شاركت في وضعه منظمة اليونسكو لرفع كفاءة المعلمين ومصر هي الدولة الوحيدة التي لم تطبقه رغم أن مؤلف هذا النموذج مصري.. ويحتوي علي 18 دورة تدريبية بمستويات عديدة، ويتم انتقاء المعلمين بعناية عن طريق مسابقة قومية ومدة الدورة حوالي سنة ونصف ستبدأ من أول سبتمبر. لكن كيف نضمن الاستفادة بهذه الخبرات داخل مصر؟ سنوقع مع المعلمين عقدا باجتياز هذا التدريب والحصول علي شهادة معترف بها عالمياً في مقابل أن يدرس في مصر فقط لمدة خمس سنوات، ويتفرغ لتطوير التعليم في مصر وسيكون تدريب الدفعة الاولي علي أيدي خبراء أجانب ولكن الدفعات اللاحقة علي أيدي المصريين المدربين علي أن يدرب كل معلم من ال10 آلاف الدفعة الأولي 100 معلم بنفس البرامج وهكذا سيتم الإحلال والتبديل في المعلمين لتغيير المنظومة بالكامل تدريجياً. ما خطتكم لتطوير التعليم الفني؟ اقترحنا علي الرئيس السيسي عمل وزارة خاصة للتعليم الفني وتم ذلك بالفعل والهدف من ذلك جمع مقاليد التعليم الفني في وزارة واحدة تهتم بتحسين مناهجه ووضع مقاييس جودة معترف بها عالمياً للحصول علي عامل فني مدرب ومؤهل فالدول المتقدمة تعتمد علي العامل الفني في الأساس، لكن يجب أن يساعدنا الإعلام في تغيير ثقافة المجتمع في النظرة الدونية "للصنايعي" والتي تقتل التعليم الفني. ما أهم المشكلات التي تواجه التعليم العالي في مصر؟ لابد من تغيير قانون تنظيم الجامعات فيما يخص عدد أساتذة الجامعات ونجاح الطلاب والتي لا تستحق ان تدعم من الدولة، حيث إن هناك 2 ونصف مليون طالب بتكلفة دراسية 7 آلاف جنيه كمتوسط مصروفات تعليم الطالب الواحد، بالتالي تدفع الدولة مبالغ خرافية دعماً للطلاب، بجانب رواتب العدد الهائل للأساتذة المعينين فتجد مثلا أن هناك 3700 أستاذ في كلية طب بجامعة طنطا ولا يدرس فعلياً سوي أقل من 10% منهم لأن قانون الجامعات ينص علي أن من يحصل علي درجة الامتياز هو من يتعين معيدا أو من يحصل علي المركز الأول ويجب أن تتغير هذه المفاهيم ويتم تعيين المعيدين حسب الحاجة فقط. ماذا عن التصريحات الأخيرة بشأن إلغاء مجانية التعليم العالي؟ يعتقد الجميع أن مجانية التعليم متاحة مدي الحياة بغض النظر عن أداء الطالب ولم نحدد حتي الآن تفاصيل النظام الجديد في النسبة المحددة أو التكلفة وكل ما أثير هو مجرد أمثلة ولاتزال الفكرة تحت الدراسة لا نحاول أن نلغي مجانية التعليم ولن نمس مجانية التعليم ولكن كل ما في الأمر نتساءل فقط هل مجانية التعليم تم تطبيقها بشكل سليم أم لا؟ وهل يفهم من ذلك أنه مجاني مدي الحياة أم لفترة معينة أو بشروط معينة؟ فالدولة تقدم خدمة مقابل أداء ولا يحدث هذا في اي دولة في العالم فليس من الطبيعي أن يمكث طالب في كلية لمدة 15 عاماً وتستمر الدولة في دعمه. هل هناك مشكلات في اقتصاديات التعليم؟ هناك مشكلات كبيرة؛ فالدستور ينص علي أن التعليم مجاني ولكن الأسر تري غير ذلك بسبب الانفاق علي الدروس الخصوصية، لكن طرحنا هذا التساؤل فقط حتي نشرك المجتمع في التفكير لحل هذه القضية، هذا الخلل أدي إلي وجود نظام تعليمي مواز بوجود مدارس تابعة لوزارة التربية والتعليم بمبالغ ضخمة ومدارس خاصة ومدارس دولية ومجموعات دراسية ودروس خصوصية لذا علينا أن نطرح السؤال: ألم يحن الوقت في أن نناقش مجانية التعليم؟ خاصة مع ضعف موارد الدولة والتي يتم إهدارها بشكل هائل بسبب سياسات التعليم الخاطئة، فالتعليم في مصر "عك". ما خطتكم لإعادة هيكلة الدعم المقدم للتعليم؟ بدأنا بطرح فكرة إعادة هيكلة اقتصاد الاستحقاق للدعم للتعليم العالي وحاولنا الوصول مع وزارة التعليم العالي لمعرفة التكلفة الفعلية للكليات والتي انحصرت بين 5 إلي 10 آلاف، والنظام الجديد الذي سيطبق أنه مع بداية إرسال بطاقات الترشيح للكليات سيكتب فيها أن الدعم مثلاً 5 آلاف لكلية الحقوق في أربع سنوات يساوي 20 ألف جنيه تحملها الدولة علي أن يلتزم الطالب بالنجاح كل عام بتقدير حسب ما سيتم تحديده في عدد السنوات، ويحرم من هذا الدعم في حالة رسوبه. ماذا عن تطوير المناهج لمواكبة سوق العمل؟ كل شيء سيسير في خطوط موازية لكن مشكلة التعليم حلقة متصلة، كيف يمكن ان نحشر هذا الكم الهائل من الطلبة ونضعهم في فصل ونعطي هذا المرتب الزهيد للدكتور ويضطر للبحث عن عمل آخر ثم نطالب بجودة التعليم والمناهج! هل البداية تكون من زيادة ميزانية التعليم أم من تحميل التكلفة علي الطلاب؟ لن نحمل الطلاب شيئاً دون دراسة وسيتم ذلك تدريجياً ولكن مصر دولة ليست غنية والجامعة لن تحتمل هذه الأعداد الهائلة ولا حتي سوق العمل. نحاول فقط تقنين العدد وإعادة توزيع دعم وزارة التعليم العالي حتي لا نهدر مواردها. كيف سيتم القضاء علي السرقات العلمية؟ الخلل العام في المرحلة التعليمية الأولية أدي لخلل في منظومة البحث العلمي مما تسبب في وجود آفات أخلاقية منها السرقات العلمية، و مصر في المراكز الأولي عالمياً في السرقات العلمية، وكون أن يكون أستاذ جامعي سارقا في حد ذاته كارثة أخلاقية ولابد أن يتم فصله فورا. فالوضع الآن كارثي بسبب الإعلام الذي يعمل علي تغييب العقول بإثارة الأخبار التافهة، فتطور المجتمعات بالعلم والمعرفة وليس بهذه الأخبار التافهة. ما خطة المجلس لتطوير البحث العلمي في مصر وإتاحة المعلومات؟ أعد المجلس مشروعا لتسهيل الحصول علي المعلومات سينطلق في مطلع يونيو المقبل وهو أول مشروع مصري في هذا المجال وعبارة عن اتفاقية مع الناشرين الأجانب لإتاحة المحتوي العلمي في جميع فروع المعرفة والمراجع العلمية للطلاب والباحثين مجاناً. ماذا عن باقي المشروعات؟ من ضمن خطط التطوير مشروع الترجمة لإدراج المحتوي العربي ضمن المراجع العالمية وترجمة الكتب العربية لمختلف اللغات لتدخل مصر ضمن التصنيف العالمي في المراجع العلمية وبعد نجاح الاتفاقية مع الناشرين أجرينا نفس التجربة مع البرمجيات بإتاحة البرمجيات العلمية للطلاب مجانا بدءاً من المرحلة الثانوية بالاتفاق مع شركات "السوفت وير".