توقفت أمام صورة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان نشرتها الصحف وهو يستعرض أثناء استقباله ضيوفه حرسا يرتدون أزياء جنود أتراك يمثلون الإمبراطوريات العثمانية علي مر العصور، وقد بدأ هذا التقليد في يناير الماضي عندما استقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس في قصره الرئاسي. ولعله بذلك يذكر الزائرين بمجد تركيا الغارب، وكأنه يريد أن يعيد مجد هذه الخلافة، وكأنه لم يعرف أن الميت لايعود لحياة مرة أخري، وأن عودة الماضي الذي ولي لن يعود، وأن الدنيا تغيرت، وإن كان يريد أن يحلم بتكوين مجد لبلاده فهذا لن يتأتي إلا بآليات العصر، وأن الازدهار يأتي بالتقدم العلمي والتكنولوجي لا بهذا الفلكلور المضحك من الأزياء التي ولي عصرها ولن يعود! ولماذا يذكرنا بهذه الإمبراطورية التي غربت شمسها؟ ولم نجن نحن العرب من ورائها سوي الظلم والتخلف والاستبداد، وعاش عالمنا العربي في ظلال هذه الإمبراطورية بما سماه الغرب رقاد العصور. ومعروف أن الأتراك العثمانيين بدأ نجمهم في الصعود قرب نهاية القرن الثالث عشر بزعامة شاب طموح اسمه عثمان استطاع أن يمد نفوذه إلي البحر الأسود والبسفور، وتوالت فتوحات العثمانيين بعد ذلك داخل أوروبا والعالم العربي، وكونوا إمبراطورية هائلة، وامتد إليها الوهن والضعف بعد ذلك حتي سماها الغرب بالرجل المريض. وقد عانت مصر في ظل الحكم العثماني بالكثير من التخلف والظلم والاستبداد، وانتشرت بها الأمراض التي حصدت الألوف من أبنائها، بما حدا بمصر أن تثور علي هذا الحكم عام 1769، عندما قام علي بك قائد الجيش المملوكي بطرد الباشا العثماني وإعلان استقلال مصر. وياليت أردوغان يعي دروس التاريخ، لأن التاريخ لايعيد نفسه أبدا..!