حدد علماء النفس ثلاثة أنواع من البشر، نوع يعطي فقط، وآخر يأخذ فقط، والثالث هو من يأخذ ويعطي، والدكتورة ملك البدراوي ينطبق عليها التصنيف الأول فهي اعتادت العطاء حتي أصبح جزءا من شخصيتها، وهبت حياتها لقضية الأطفال المعاقين بعد أن تعرضت لموقف أثناء دراستها للطب في انجلترا في خمسينيات القرن الماضي ليرسم لها طريقها في الحياة منذ ذلك الوقت وحتي الآن. حصلت علي الدبلومة الأمريكية في نهاية الخمسينيات في مصر، وسافرت مع زوجها إلي إنجلترا ليستكملا معا تعليمهما، اختارت أن تدرس الطب، وكان هناك تقليد تتبعه الجامعات الإنجليزية بأن يقوم الطالب في الإجازة الصيفية بأداء عمل اجتماعي في دور للأطفال المعاقين أو الأيتام أو دور المسنين، واختار لها أستاذها دار للأطفال المعاقين ذهنياً، ومازالت حتي اليوم تتذكر زيارتها الأولي لهم وما حدث لها من صدمة غيرت مجري حياتها كله بعد أن انتابتها حالة من البكاء فهي لم يسبق لها أن شاهدت مثل هذه الحالات من قبل، ومن بعدها قررت أن تستكمل دراستها في هذا المجال. الدكتورة ملك درست علم النفس التعليمي في إنجلترا ولم يكن وقتها يدرس في مصر، ودرست علم التخاطب مع الأسوياء والمعاقين، وبعد أن عادت إلي مصر استكملت دراستها في علم النفس في الجامعه الأمريكية وفي كلية الطب بجامعة عين شمس. كانت تشعر بنهم شديد لتحصيل العلم فيما ينفع هؤلاء الأطفال لتكون صلة بينهم وبين العالم الذي كانوا كثيرا ما ينعزلون عنه، واتخذت قرارها الثاني في أن تهب علمها لخدمتهم من خلال العمل الخيري وحده، وكانت من المؤسسين لجمعية الحق في الحياة، ثم جمعية آباء وأبناء للمعاقين ذهنيا والتي كان يرأس مجلس إدارتها الدكتور الراحل حسن عباس زكي ومازالت هي سكرتير عام الجمعيهة. تري الدكتورة ملك أن أسر المعاقين يحتاجون الرعاية هم أيضا فهم يتحملون الكثير وكان ذلك جزاء من برنامج الجمعية وهي الآن تشعر أنها حققت بعض أهدافها من خلال تعاملها في الجمعية من إدماج الطفل المعاق في المجتمع، وتتمني أن يزداد الاهتمام بهم وخاصة بعد أن ألقي الرئيس عبدالفتاح السيسي الضوء عليهم وهو ما تعتبره بداية حقيقية لهم، فالطفل المعاق ذهنيا في الجمعية لا يغادرها أبدا فهي بالنسبة له مدرسته التي يظل بها مدي الحياة ويتعلم فيها كيف يتكيف مع المجتمع وكيف يأكل ويشرب ويتحرك ويتدرب علي مواجة الحياة، ويحتاج إلي مدرسين أكفاء ومدربين علميا ونفسيا للتعامل معهم حتي أن الفصل الواحد أحيانا لا يضم أكثر من اثنين فقط. وتؤكد ملك أن الاهتمام بهؤلاء الأطفال يحتاج إلي توعية شديدة من المجتمع حتي يمكن من تقليل الإصاة بالإعاقة الذهنية خاصة أن نسبة كبيرة منها تحدث بسبب أخطاء أثناء الولادة أو الحمل أو من خلال إصابات يتعرض لها الأطفال في صغرهم أو قلة خبرة التمريض والإهمال في متابعة الأطفال الرضع في الحضانات فيكفي عدم وصول الأوكسجين للمخ لمدة دقيقتين للإصابة بإعاقة ذهنية، فكثير من الإصابات تكون مرتبطة بالسلوكيات الخاطئة، وتتمني أن يزداد اهتمام المصريين في الفترة المقبلة بمشكلات المعاقين.