لم تقتصر مواجهة مصر لتنطيم داعش الإرهابي علي توجيه الضربة الجوية السريعة والقوية والناجزة لمواقع هؤلاء المُتطرفين، بل واكب تلك الضربة تحركات في معركة من نوع آخر، وهي معركة دبلوماسية استهدفت الحفاظ علي أمن مصر القومي بصفة خاصة، والأمن القومي العربي علي وجه العموم. وبمجرد إصدار الأوامر من الرئيس عبدالفتاح السيسي بالضربة الجوية كان هناك قرار آخر بتوجه سامح شكري وزير الخارجية إلي نيويورك من أجل طلب مشترك مع ليبيا بعقد اجتماع طارئ لبحث الأوضاع المتردية للدولة الجارة الشقيقة لمصر. كما شارك شكري في قمة واشنطن الدولية المنعقدة تحت عنوان (مكافحة الإرهاب) وكان لوزير الخارجية المصرية صولاته وجولاته ولقاءاته واتصالاته المكثفة ليحقق نجاحا ملموسا في إيصال رؤية مصر بشأن معالجة الأوضاع المتوترة في ليبيا ودحر تنظيم داعش الإرهابي علي أرضها. ودعا سامح شكري وزير الخارجية مجلس الأمن إلي تبني مواقف عملية وقوية لمواجهة الإرهاب، وأكد أن دماء المصريين ثمينة مثل دماء كل من سقط ضحية للإرهاب في أي مكان في العالم وهذه الدماء تستحق جهودا جبارة للقضاء علي التنظيمات الإرهابية. وطالب وزير الخارجية المصري المجتمع الدولي بتحمل المسئولية التاريخية للتعامل مع الوضع الذي يهدد السلم والأمن الدوليين ودعا شكري إلي أهمية التعاون لدعم مجلس النواب والحكومة الشرعية في ليبيا لبسط السيطرة علي كامل التراب الوطني الليبي ومكافحة الإرهاب المستشري علي الأرض الليبية. وطالب وزير الخارجية في كلمته أمام مجلس الأمن بأهمية رفع القيود عن حصول الحكومة الشرعية وجيشها في ليبيا علي السلاح والمعدات الكفيلة بالقضاء علي الإرهاب والتنظيمات التي تمثله مثل داعش وغيرها. وأكد شكري ضرورة فرض رقابة بحرية علي صادرات وتهريب السلاح إلي مناطق لاتخضع لسيطرة المؤسسات الشرعية للدولة. وأعلن شكري أن مصر استجابت لمطلب الحكومة الليبية لضرب الإرهاب وداعش الذي يمتد تهديده من العراق إلي سوريا وليبيا وأوروبا. وخلال الجلسة الطارئة لمجلس الأمن أكد سامح شكري وزير الخارجية علي أهمية، تفعيل قرار الجامعة العربية الصادر بتاريخ 15 يناير 2015 الداعي لدعم ليبيا بجميع السبل ورفع مجلس الأمن القيود عن تسليح الجيش الليبي مشيرا إلي مشروع القرار العربي الذي ستقدمه الأردن لمجلس الأمن لتمكين المؤسسات الشرعية في ليبيا من خلال رفع الحظر عن وصول السلاح إليها. وأكد وزير الخارجية علي أن مصر ساندت وتساند وسوف تساند جهود الأممالمتحدة ومبعوثها لدي ليبيا من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية مشددا علي أهمية الحل السياسي الذي لايغني عن مواجهة الإرهاب عسكريا. السفير بدر عبدالعاطي، المتحدث الرسمي للخارجية، أكد أن مشروع القرار الذي تبنته المجموعة العربية في الأممالمتحدة لايشمل أي طلب بتدخل عسكري أجنبي في ليبيا ولا تعارض بين تمكين الحكومة الليبية الشرعية من خلال رفع الحظر عن وصول السلاح إليها وبين الحل السياسي. وأوضح عبدالعاطي، أن المشروع العربي الذي قدمته الأردن يركز علي دعم الحكومة الشرعية الليبية لتمكينها من أداء مهامها في الحرب علي الإرهاب وفرض القانون والنظام وتشديد الحظر علي مبيعات وتهريب السلاح إلي الجماعات الإرهابية وفي إطار إدارة مصر لمعركتها الدبلوماسية عقد سامح شكري وزير الخارجية قبل الجلسة الطارئة لمجلس الأمن لقاءات هامة مع سكرتير عام الأممالمتحدة بان كي مون إضافة إلي سفراء الدول الخمس دائمة العضوية الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا حيث استعرض معهم التطورات الخطيرة التي تشهدها ليبيا وعدم قدرة الحكومة هناك علي بسط سيطرتها ونفوذها ومكافحة الإرهاب. وقال شكري إن مصر ستواصل شن ضرباتها الجوية علي معاقل المتطرفين في ليبيا وستتخذ كل الإجراءات التي تمكنها من حماية أمنها ومصالحها. واستطاع شكري خلال مشاركته في قمة مكافحة الإرهاب في واشنطن من إحراز تقدم في المواقف الغربية تجاه الرؤية المصرية ومشروع القرار العربي فيما يتعلق بالأوضاع في ليبيا حيث انعقد لقاء رباعي علي هامش قمة واشنطن بمشاركة سامح شكري وزير الخارجية وجون كيري وزير الخارجية الأمريكي وبان كي مون سكرتير عام الأممالمتحدة بالإضافة إلي فريدريكا موجريني الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمينة بالاتحاد الأوروبي حيث ركز اللقاء الرباعي علي تناول الوضع الأخير في ليبيا في ظل الأوضاع الأمنية المتردية وأهمية تحمل المجتمع الدولي مسئولياته إزاء هذا الوضع الخطير. وقد تناول اللقاء الرباعي مشروع القرار الذي قدمته المجموعة العربية لمجلس الأمن حول الأوضاع في ليبيا واتفق المشاركون في اللقاء علي أهمية استمرار دعم جهود المبعوث الأممي لليبيا ببرناردينو ليونا وضرورة وضع خطة واستراتيجية محدودة بالتعامل مع الوضع في ليبيا بما في ذلك إمكانية استخدام قوات لإنقاذ السلام في البلاد. وبالفعل نجحت الجهود الدبلوماسية المكثفة التي بذلها وفد مصر المشارك في قمة واشنطن لمكافحة الإرهاب برئاسة وزير الخارجية سامح شكري في توضيح وتوصيل رؤية مصر بشأن معالجة الوضع المتردي في ليبيا والتصدي لتنظيم داعش الإرهابي.. ومازالت الجهود والاتصالات الدبلوماسية المصرية تتواصل جنبا إلي جنب مع الجهود الأمنية لدحر الإرهاب علي أرض ليبيا حتي يمكن التوصل إلي حل سياسي دائم للأزمة بدعم ليبيا ودول الجوار ودول المنطقة ولقد أكدت الدبلوماسية مرارا وتكرارا أن استقرار الأوضاع في ليبيا سوف يكون له آثاره الإيجابية علي الجميع بما في ذلك الدول الأوروبية المطلة علي البحر المتوسط ومن ثم هناك مسئولية علي الجميع بالتصدي للإرهاب هناك حتي لا تمتد آثاره المدمرة علي الجميع.