النسخة مصنوعة من البرونز والافتتاح تم برعاية وزيرة التعليم الفرنسية وزارة الثقافة الفرنسية لا تعلم شيئاً عن رسالة جابر عصفور هشام جاد: «السفير المصري يتهرب مني».. ومستشارة مصر الثقافية في باريس: «لست معنية بالموضوع» نحو عامين وتحديداً في 19 فبراير 2013، انفردت «آخرساعة» بتحقيق كشفت فيه فضيحة تمثال شامبليون المسيء لمصر والحضارة الفرعونية الموجود في ساحة جامعة السوربون بباريس، وعلي الرغم من حالة الصمت التي انتابت المسؤولين في مصر وقتذاك إزاء هذه الفضيحة، طفت القضية علي السطح مجدداً بعدما أعلن وزير الثقافة جابر عصفور مخاطبته السلطات الفرنسية لإزالة التمثال، لكن يبدو أن الأخيرة قررت التمادي في إهانة المصريين بصناعة نسخة جديدة من التمثال وُضعت مؤخراً في ساحة جامعة «جرونوبل» جنوبفرنسا. تفاصيل بشأن التمثال الجديد وأول صور له تنفرد بها «آخرساعة» مُجدداً في السياق. مازالت قضية تمثال شامبليون الذي صنعه النحات الفرنسي الشهير أوجست بيرتولدي واضعاً إحدي قدميه علي رأس فرعوني يُعتقد أنها للإله إخناتون، تثير غضب المصريين والجاليات العربية في فرنسا، وعلي الرغم من وجود التمثال المسيء في مكانه بساحة «كوليج دي فرانس» بجامعة السوربون منذ 140 سنة، إلا أن أحداً لم يلتفت إليه، حتي فجر الفنان المصري المقيم في باريس هشام جاد القضية بمقطع فيديو صوّره بنفسه للتمثال أواخر العام 2012. ومنذ ذلك الوقت تبنت «آخرساعة» القضية صحفياً ونشرت سلسلة تحقيقات في هذا السياق، آخرها بتاريخ 15 أكتوبر الماضي، وهي فضيحة مدوية تحت عنوان «سفارتنا في باريس تسيء لتاريخ مصر»، حيث كشفنا بالصور والمستندات مشاركة السفارة المصرية في الترويج لهذا التمثال من خلال إصدارها «كتالوج» بعنوان «مصر في باريس» يتضمن صوراً للتمثال المسيء، مع تعليق توضيحي - صيغ بأسلوب مهين لكيفية وسبب وضع شامبليون قدمه علي رأس الملك الفرعوني. إبان نشر سلسلة التحقيقات تلك وعد الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة وقتذاك في تصريحات خاصة ل«آخرساعة» بفتح قنوات للتواصل في هذا الشأن مع الجانب الفرنسي الذي تربطه بمصر علاقات تاريخية متينة، وقال نصاً: «أعتقد أن الجانب الفرنسي سوف يستجيب من خلال لغة التحاور والتفاهم»، مضيفاً «حال عدم الاستجابة سنعمل علي تصعيد الأمر من خلال التمثيل الدبلوماسي المصري في فرنسا وبالتواصل مع السفير المصري في باريس». غادر صابر عرب موقعه في «الثقافة» قبل أن تنتقل الحقيبة الوزارية في التشكيل الوزاري الأخير إلي الدكتور جابر عصفور، الذي بدا أكثر تحمساً وجرأة في التعامل مع قضية التمثال، حين قال في 17 ديسمبر الماضي إنه أرسل خطاباً إلي السلطات الفرنسية من أجل إزاله تمثال شاملبيون، وأضاف: «كلي ثقة أن السلطات هناك ستستجيب للأمر»، لكنه اختتم تصريحاته بالعبارة ذاتها التي قالها سلفه: «معالجة هذه المشكله تتطلب الحِكمة، من خلال فتح منابر للتفاهم والحوار وفتح قنوات للتواصل في هذا الشأن مع الجانب الفرنسي الذي تربطه بمصر علاقات متينة». ويبدو أن «العلاقات المتينة» تلك هي التي دفعت فرنسا مؤخراً وفي تحدٍ سافر للجانب المصري إلي إعادة الكَرة مُجدداً، حيث صنعت نسخة جديدة من التمثال ذاته، ووضعته هذه المرة في مدخل جامعة «جرونوبل» في مدينة جرونوبل جنوبفرنسا، وأقامت احتفالية كبري لإزاحة الستار عن التمثال تحت رعاية وزيرة التعليم الفرنسية شخصياً «نجاة بلقاسم» ذات الأصول المغربية، التي عُينت في منصبها هذا في 26 أغسطس 2014، أي أن قرار وضع هذا التمثال في جامعة «جرونوبل» كان علي رأس أجندة أعمالها، حيث تمت إزاحة الستار عنه في 22 سبتمبر 2014 أي بعد 26 يوماً فقط من توليها حقيبة وزارة التعليم. ولا تعد هذه الخطوة من الجانب الفرنسي محض صدفة، خصوصاً مع النظر إلي رعاية الوزيرة المثيرة للجدل نجاة بلقاسم لها، وهي أول سيدة تشغل هذا المنصب في فرنسا، وأصغر من شغله علي الإطلاق، حيث إن عمرها 37 عاماً فقط، والأهم هو منصبها السابق كناطقة رسمية باسم الحكومة الفرنسية، ومعروفة بقربها من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند. في موازاة ذلك، نجحت «آخرساعة» في الحصول علي أول مقطع فيديو وصور للتمثال الجديد، صورتها طالبة فرنسية في جامعة «جرونوبل» في يوم احتفالية إزاحة الستار، وأرسلتها إلي الفنان هشام جاد، الذي بدوره أرسلها إلينا وخصنا بها لاستكمال ملف القضية الذي بدأناه قبل أكثر من عامين. هشام جاد قال إنه تابع تصريحات الدكتور جابر عصفور الأخيرة بشأن التمثال المسيء وقرر التواصل مع السفارة المصرية في باريس باعتباره أول من فتح هذا الملف قبل عامين، وأضاف في تصريحات ل»آخرساعة» من باريس عبر موقع «سكايب»: اتصلت بالسفير المصري في باريس إيهاب بدوي المتحدث السابق باسم رئاسة الجمهورية وفي كل مرة كان يرد عليّ سكرتير مختلف، وكانوا يسألونني ما هو موضوع التمثال! وبعد أن أحكي لهم يقولون لي «طيب إنت إيه اللي مضايقك في التمثال؟» وبعد أن أشرح لهم أن هذا الأمر مسيء لمصر وتاريخها وحضارتها يقولون لي سوف نخبر إيهاب بدوي وبالتأكيد سيتصل بك بعد يومين أو ثلاثة، وكررت الاتصال بالسفارة حوالي ثماني مرات علي مدار الشهور الثلاثة الأخيرة وحتي الآن لم يتصل بي السفير. وتابع: حصلت علي الفيديو الجديد من خلال صديقة فرنسية وهي طالبة تدرس في جامعة جرونوبل، ونظراً لعلمها باهتمامي بهذا الموضوع فقد أرسلته لي، ويظهر من التعليق الصوتي لمقدم الحفل في الفيديو أن الاحتفالية تمت تحت رعاية وزيرة التعليم الفرنسية لكنني لا أعرف ما إذا كانت حضرت الاحتفالية بنفسها أم لا. وأكد جاد أن التمثال الجديد هو نسخة من التمثال الأصلي الموجود في جامعة السوربون ومصنوع من البرونز، مشيراً إلي أن جامعة جرونوبل التي تحتضن التمثال الجديد من أكبر وأقدم الجامعات الفرنسية، ويدرس بها طلاب عرب وفرنسيون من أصول عربية، ما يعني رؤيتهم لهذا التمثال المسيء لبلد عربي يومياً أثناء الدراسة. وعبَّر الفنان المصري المقيم في فرنسا منذ 24 عاماً عن صدمته من رد فعل الدولة الفرنسية، وعدم استجابتها لرسالة وزارة الثقافة المصرية، بل وتماديها من خلال صناعة تمثال جديد بنفس المواصفات، وقال جاد: نتيجة عدم اهتمام السفارة المصرية بالموضوع وعدم تواصلهم معي قررت أن أتابع الموضوع بنفسي مع وزارة الثقافة الفرنسية خصوصاً بعد أن قالت لي الدكتورة أمل الصبان المستشارة الثقافية المصرية في فرنسا إنها «غير معنية بالموضوع علي الإطلاق»، وكانت المفاجأة حين ذهبت إلي وزارة الثقافة الفرنسية وسألت هناك عن مدي علمهم بوجود احتجاج رسمي من مصر علي تمثال شامبليون، نفوا وجود أي شيء من هذا القبيل! انتهت التصريحات الصادمة للفنان هشام جاد وبقيت علامات استفهام وتعجب كثيرة بشأن مدي صدق التصريحات التي أطلقها وزير ثقافتنا الدكتور جابر عصفور بخصوص مخاطبة الجانب الفرنسي لإزالة التمثال، خصوصاً بعد تأكيد وزارة الثقافة الفرنسية أنها لم تتلق أي رسالة في هذا الإطار من الجانب المصري. وتكتفي «آخرساعة» بنشر صورة التمثال الجديد، وكذا مقطع الفيديو الخاص باحتفالية إزالة الستار عنه في جامعة جرونوبل علي موقع المجلة.