منتصف الأسبوع الماضي تم إعلان نتائج جوائز إيمي 66 وهي الجوائز التي تمنح للأعمال التليفزيونية بأشكالها المختلفة، من مسلسلات درامية طويلة أو قصيرة، ومسلسلات كوميدية طويلة أو قصيرة، وأفلام تليفزيونية، وكالعادة نالت الجوائز اهتماما كبيرا من الجمهور والنقاد، لأنها تعكس قدرا واضحا من التقدير، لأصحاب التميز وإن كانت أي جوائز لايمكن أن تأتي منصفة مائة بالمائة، وجوائز هذا العام بشكل خاص، أثارت بعض الدهشة حيث أغفلت أعمالا وأشخاصا ماكان لهم أن يسقطوا أبدا من الاعتبار! ولكن قبل الخوض في تلك النتائج أو تحليل بعضها وفق ما تمكنت من متابعته، دعونا نرثي للحال الذي وصلنا إليه، بعد أن توقف ماكنا نطلق عليه مهرجان الإذاعة والتليفزيون، الذي كان يعتبر مناسبة تدفع الدولة ثمنها، لتحصل علي بعض جوائز، عن الأعمال الفنية التي تنتجها للتليفزيون، مقابل أن تسمح بمشاركة بعض المحطات العربية للفتات من هذه الجوائز، حتي يوافقوا علي المشاركة في المهرجان في الأعوام التالية، ولأن تفاصيل المهرجان ونتائجه كانت تترك بدرجة كبيرة للأهواء الشخصية لمن يدير المهرجان وكان حتي آخر وقت إبراهيم العقباوي، رئيس مجلس إدارة شركة صوت القاهرة، وابن شقيقة وزير الإعلام الأسبق صفوت الشريف، فقد كان يلوي كل أذرع أعضاء لجان التحكيم حتي تخرج النتائج في صالح المسلسلات التي تنتجها الشركة التي يتولي إدارتها، رغم خسائرها الجسيمة، وعدم قدرتها علي توزيع تلك المسلسلات نظرا لضعف مستواها الفني! ولكن رغم كل ذلك، وماهو أكثر منه، إلا أن فكرة المهرجان والتسابق نفسها، كانت تتيح لنا، مشاهدة الأعمال الفنية التي تنتجها الشركات العربية، والتي لا يتسني لنا متابعتها! كما أن المهرجان بحالته التي تحدثنا عنها، كان فرصة لتلاقي صناع الدراما العربية في مكان واحد وتوقيت واحد، مما يحدث حالة إنعاش وانتعاش لصناعة المسلسل العربي! أما وقد توقف مهرجان الإذاعة والتليفزيون، الذي كانت تشرف عليه وزارة الإعلام، فقد التهمه اتحاد المنتجين العرب، وبدلا من إقامته في القاهرة، فقد انتقل الاحتفال به إلي الأردن، وربما في السنوات القادمة نفاجأ أنه يقام في دبي أو أبوظبي، وتنتهي تماما فكرة إقامته مرة أخري في القاهرة! أما الشيء الذي يثير المرارة حقا، فهو اختفاء فكرة إنتاج أفلام للعرض التليفزيوني، في محاولة لإنقاذ صناعة السينما، وتقديم أفلام بديلة للعرض علي شاشات التليفزيون مباشرة، كنا زمان نقدم أفلاما مميزة جدا باسم أفلام التليفزيون، شارك في صناعتها كبار نجوم التمثيل والإخراج وكتابة السيناريو، فاكر فيلم أيوب المأخوذ عن رواية لنجيب محفوظ وكتب له السيناريو والحوار محسن زايد ولعب بطولته عمر الشريف وفؤاد المهندس، وفاكر أنا لا أكذب ولكني أتجمل بطولة أحمد زكي؟ أو أنا وأنت وساعات السفر بطولة نيللي ويحي الفخراني؟ كلها أفلام كانت إنتاج التليفزيون، وغيرها كثير، ولكن في لحظة ما، مجنونة، توقف إنتاج مثل هذه الأعمال، بعد أن تحولت إلي سبوبة في سنواتها الأخيرة، وأصبحت سيئة المستوي والسمعة وتوقفت تماما! بينما العالم من حولنا لايتوقف عن إنتاج، أفلام تنتج خصيصا للعرض علي شاشات التليفزيون ويشارك فيها كبار نجوم السينما! وهي التي سوف نتناولها بالمناقشة والرصد هنا! تحت قائمة أفلام التليفزيون لجائزة إيمي، كانت الأفلام المرشحة هي «اغتيال كيندي» وهو فيلم آخر يستدعي حادث اغتيال جون كنيدي، ولكنه هذه المرة يمنح قدرا من الأهمية لتحليل شخصية قاتله «لي إيزوالد» الذي عاش فترة من حياته في الاتحاد السوفيتي، وكان يؤمن بمبادئ ماركس، ولما عاد إلي أمريكا، وحدث الصدام بين أمريكا وكوبا التي كانت أهم الدول الشيوعية المناهضة للسياسة الأمريكية الرأسمالية، كان من رأي «لي إيزوالد» أن الحل في إنهاء هذا الخلاف، هو التخلص السريع من جون كيندي، فأعد العدة لاغتياله، ومتابعة خط سيره، إلي أن تمكن فعلا من تنفيذ جريمته، ولكنه تعرض أيضاً للقتل في لحظة أن تم القبض عليه، ليذهب هو وجون كيندي إلي قبريهما في نفس اليوم، الفيلم جيد الصنع حقا، ويستخدم بعض المقاطع الوثائقية، لتطعيم المشاهد التمثيلية بحرفة بالغة، ولكنه لم يحصل علي أي جوائز في أي فرع! فيلم "محمد علي وأعظم صراعاته" فتدور أحداثه، حول قضية أشهر ملاكم في القرن العشرين محمد علي كلاي، الذي أشهر إسلامه في منتصف الستينيات، ورفض أن يؤدي الخدمة العسكريه، اعتراضا منه علي حرب أمريكا في فيتنام، وهو ما أوقعه في قبضة القانون، والفيلم عبارة عن المحاكمة التي ترافع فيها اثنان من كبار المحامين، انحازا لصف الملاكم الشهير، والفيلم لم يحصل علي أي جوائز أيضا، رغم جودة مستواه وقيام اثنين من كبار الممثلين بالمشاركة فيه وهما كريستوفر بالمر، فرانك لانجيللا، وكان الفيلم الثالث الذي ينافس في قائمة أفضل فيلم تليفزيوني هو إحدي حلقات مسلسل شارلوك هولمز باسم آخر وعد، وقد نال بطله بينديكت كامبرباتش جائزة أفضل ممثل، رغم أنه لم يكن الأفضل بين المتسابقين علي أي حال، بينما كان يستحقها مارك روفاللو عن دوره البديع في فيلم «القلب الطبيعي» حيث يجسد شخصية شاب مثلي الهوي، يصارع من أجل إقناع الدوائر الحكومية، بتخصيص ميزانية لأبحاث مرض الإيدز، الذي كانت مجهولة أسبابه حتي منتصف الثمانينات، وتسانده طبيبة شابة مصابة بشلل أطفال، وتقوم بعمل أبحاث عن فيروس ضعف المناعة، وتلعب دورها جوليا روبرتس التي كانت مرشحة لجائزة أفضل ممثلة مساعدة، وقد نال الفيلم نفسه، جائزة أفضل فيلم، وشارك في إنتاجه براد بيت ومارك روفاللو! وكانت هيلينا بونهام كارتر من ضمن المرشحات لجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم «بيرتون وتايلور» الذي يستعرض أحد فصول العلاقة المتوترة بين النجمة اليزابيث تايلور، وزوجها وحبيبها ريتشارد بيرتون، وذلك في أعقاب طلاقهما الثاني، ومحاولتها المستميتة لإعادته لحظيرتها، أثناء اشتراكهما معا في بطولة المسرحية الوحيدة التي قامت ببطولتها، ولكنه تحمل شراستها ومحاولتها لإذلاله بصفتها نجمة العرض، ثم خذلها وقضي علي آخر أمل لها بإعلانه الزواج من أخري، مما تسبب لها في انهيار نفسي وعصبي، ومع ذلك فقد صدمتها وفاته المفاجئة، وصممت أن تحضر مراسم دفنه!! ولكن هيلينا بونهام كارتر رغم روعة أدائها لم تحصل علي الجائزة، وحصلت عليها جيسيكالانج عن دورها في المسلسل القصير "قصة رعب أمريكية".