كم كان عظيما سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب، وهو يدافع عن ابن أخيه آخر رسل السماء محمد بن عبدالله ، ويدخل في دينه بعد أن يلقن عدو الإسلام أبا جهل درسا قاسيا، يوم ضربه بقوسه وهوي به علي رأسه فشجه، وأسال منها الدم، وقال له: أتشتم محمدا، وأنا علي دينه أقول ما يقول.. وإلا فرد ذلك عليّ إن استطعت.. ولم يستطع أبوجهل أن يرد علي هذا الفارس العظيم، ومن يومها خشي أبوجهل وغيره من سادة مكة من سطوع نجم الإسلام بدخول حمزة فيه. وتمر الأيام.. ويعاني المسلمون من تعنت كفار مكة الكثير، إلي أن أذن الله لرسوله وللمؤمنين بالهجرة إلي يثرب، وفي المدينة أصبح للمؤمنين قوة بانضمام الأنصار لهم، وظلت مكة علي عدائها للرسول الكريم والمؤمنين، وبدأت المجابهة بعد أن نزلت الآيات التي أباحت قتال المشركين، وكانت غزوة بدر، حيث اغترت مكة بقوتها وجبروتها، ولكنها منيت بهزيمة منكرة، وقتل فيها أئمة الكفر ومنهم أبوجهل، وأبي بن خلف، والوليد بن عتبة وغيرهم من قادة مكة، وكان لسيف حمزة بن عبدالمطلب وشجاعته في القتال الدور الفاعل في هذه المعركة، وصممت مكة أن تنتقم منه في غزوة «أحد»، وحرصت هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان أن تحرض «وحشي» الذي يجيد الرماية بالرمح علي قتل حمزة، فلم تنس هند أن حمزة وراء قتل أعز الناس لها: أبيها وعمها وأخيها وابنها.. ووعد «وحشي» أن يكون حرا إن قتل حمزة بن عبدالمطلب، وصوب هذا الرجل حربته إلي حمزة وحمزة يهزم جموع الشرك في معركة أحد، فأرداه قتيلا، ولكي تشفي هند غليلها من حمزة لاكت كبده.. وعندما رأي الرسول الكريم جثمان عمه الشهيد وكيف مثلوا به قال: «لن أصاب بمثلك أبدا، وما وقفت موقفا أغيظ إليّ من موقفي هذا».. وقال عليه الصلاة والسلام: «رحمك الله ياعمي، فإنك كنت وصولا للرحم فعولا للخيرات»..