تطوير المناهج الدراسية ضرورة للنهوض بالمنظومة التعليمية أكد الدكتور محمد رجب الخبير التربوي رئيس مركز تطوير المناهج رئيس المركز القومي للامتحانات سابقا أن امتحانات الثانوية العامة هذا العام مثلها مثل أي امتحانات وكما هي في السنوات السابقة وربما في السنوات القادمة مشيرا إلي أن الغش في الامتحانات مشكلة خطيرة تواجه نظامنا التعليمي لأنها تزيف أحد أهم أركانه. وأضاف في حواره ل "آخرساعة" أنه لمكافحة الغش يجب ألا نكتفي بامتحانات الورقة والقلم القائمة علي المعرفة، ولا بد أن ننتقل إلي المشروعات التي تقيس المهارات، والقدرات مشيرا إلي أن تطوير التعليم يبدأ بتطوير معايير المواد الدراسية . في البداية ما هو تقييمك لامتحانات الثانوية العامة العام الحالي؟ وهل اختلفت عن سابقتها؟ امتحانات الثانوية العامة هذا العام مثلها مثل أي امتحانات، وكما هي في السنوات السابقة، وربما في السنوات القادمة إذا استمرت بنفس المنهج . المسئولون والخبراء يرونها مطابقة للمواصفات، والأسرة والأبناء يشكون منها لوجود سؤال أو أكثر رأوه صعباً. وسيظل الحال كذلك طالما ظلت الامتحانات هي الوسيلة الوحيدة لتقويم طالب الثانوية العامة، وظلت الدرجات هي المعيار الوحيد للقبول بالجامعة. مادور المركز القومي للامتحانات في وضع امتحانات الثانوية العامة؟ المركز القومي للتقويم والامتحانات له فيما يتصل بالامتحانات عدد من الأدوار: منها ما يسبق الامتحانات حيث يضع مواصفات للأوراق الامتحانية ، ويدرب واضعي الأسئلة عليها، ومنها ما يلي وضع الامتحان وتطبيقه حيث يقود بدراسته والتأكد من مطابقته للمواصفات ثم يقوم خبراء المركز بالتأكد من جودة عملية التصحيح وفقاً لنماذج الإجابات. هل كان هناك خطة لتطوير بنوك الأسئلة؟ المركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي بدأ منذ سنوات في إنشاء بنوك للأسئلة لفئات مختلفة غير أن ذلك تم من خلال بحوث أو مشروعات ممولة ، وبالتالي فإن كل محاولة كانت تتوقف فور إتمام البحث أو يتوقف تمويل المشروع، والمثال لذلك بنك الأسئلة الخاص باختبارات كادر المعلم. عندما توليت العمل مديراً للمركز خلال العام الدراسي قبل الماضي 2012م / 2013م حاولت إحياء هذا المشروع، والتوسع فيه غير أنني تركت المركز منذ سبتمبر 2012م، وعدت أستاذا بالجامعة، ولا أعرف ما إذا كان المشروع مستمراً أم لا!! من وجهة نظركم كيف يتم القضاء علي ظاهرة الغش الإلكتروني؟ الغش في الامتحانات مشكلة خطيرة تواجه نظامنا التعليمي لأنها تزيف أحد أهم أركانه ، وهو التقويم، والعيب في التصدي له بإجراءات إدارية أو قانونية أو أخذ الأمر وكأنه تحد بين النظام والطلاب فتكون الحلول تكنولوجية مثل توفير أجهزة التشويش مثلاً ... هذان الأمران مطلوبان في عملية المواجهة، ولكن قبلهما والأهم منهما: المعالجة التربوية، والمعالجة التعليمية للمشكلة. من وجهة نظري يجب أن نبدأ تطبيق برامج تربوية فاعلة قائمة علي القيم المستمدة من الدين والمجتمع التي تضع الغش ضمن ثلاثية: الكذب، والسرقة والخيانة. يجب إقناع الأبناء منذ الصغر أن الغشاش خائن لنفسه، ولمجتمعه... وأن الغش سينتقل لديه من الامتحان إلي شتي مناحي الحياة. ثم تأتي المواجهة التعليمية بألا نكتفي بامتحانات الورقة والقلم القائمة علي المعرفة، ولابد أن ننتقل إلي التقويم القائم علي الأداء بإدخال أدوات جديدة مثل المهام، والمشروعات التي تقيس المهارات، والقدرات، ومدي تطبيق المعارف وليس حفظها واستيعابها فقط. وفي إطار المواجهة التعليمية يجب أن نقلل من الوزن النسبي للامتحان النهائي، وتعود لدرجات أعمال الفصل أو العام مكانتها ، ولكن بمعايير وضوابط تضمن العدالة ، وإعطاء كل ذي حق حقه. وبالتأكيد فإننا نحتاج في إطار المعالجة التعليمية إلي عودة الثقة في المدرسة، وعودة أبنائنا إلي المدرسة التي يتوفر بها معلمون أكفاء ومخلصون، لهم هيبتهم وقيمتهم، مع مصادر للتعلم أكثر من الكتاب المدرسي. وماهي أساليب تطوير المناهج لإبعادها عن الحفظ؟ تطوير المناهج الدراسية مطلب أساسي لتطوير التعليم . التطوير يبدأ بتطوير معايير المواد الدراسية بمعني تطوير ما يجب أن يتعلمه الطلاب من معارف ومهارات وقيم ثم التزام المؤلفين بهذه المعايير ، وبناء المواد التعليمية القائمة علي مهارات الحياة ، التي تسمح للمتعلمين بالنشاط والبحث ، مع توفير تطبيقات حياتية لكل محتوي دراسي. ويشمل تطوير المناهج أيضاً- دمج التكنولوجيا في المحتوي ، وفي التدريس ، والانتقال من الكتب الورقية إلي المواد التعليمية التفاعلية. ومن المهم ألا يكون الكتاب المدرسي المصدر الوحيد للتعليم . نأمل أن يعود للمختبر ، والمعمل ، والمكتبة ، مكانتها كمصادر للتعلم. ويبقي أن يشمل تطوير المنهج : تطوير عملية تكوين المعلم : بدءاً من تطوير نظام القبول بكليات التربية لضمان جودة اختيار الملتحقين بها... مروراً بتطوير برامج الإعداد، وانتهاء بوجود تنمية مهنية مستمرة للعاملين بالمهن التعليمية. كانت هناك عدة خطط لتطوير التعليم لماذا لم يتم تطبيقها علي أرض الواقع حتي الآن؟ لأن الكثير من محاورها : إما أنه لم يكن واقعياً، وكان مثالياً زيادة عن اللزوم ، أو لأن الميزانيات المطلوبة للتنفيذ لم يتيسر توفيرها أو لوجود ثقافة إدارية تجعل من يأتي مسئولاً يلغي ما أقره السابق عليه بمعني أن الخطط ترتبط بأشخاص ، وليس مؤسسات. لو أن خطة واحدة من الخطط الاستراتيجية القومية للتعليم ما قبل الجامعي تحققت، ولو بنسبة 70 % لأصبح حال تعليمنا مرضياً، ولما وصلت المنظومة إلي هذا القدر من الضعف في معظم عناصرها. وماهو دور كليات التربية لإخراج معلم تكون مهمته إيصال المعلومة بسلاسة بعيدا عن الحفظ؟ كليات التربية هي المسئولة عن تكوين المعلمين، وغيرهم من العاملين بالمهن التعليمية مثل أخصائي تكنولوجيا التعليم أو أخصائي التربية الخاصة. يجب أن تتعدي أدوار كليات التربية عملية الإعداد لهذه المهن إلي الانتقاء قبل الالتحاق ، والتدريب المستمر بعد العمل بالمهنة. أري أن كليات التربية تحتاج إلي تخصيص وقت أكبر للخبرات الميدانية منذ بداية الإعداد، وحتي انتهائه. وأعتقد أن التربية العملية يجب أن يخصص لها وقت أكبر لتكون فصلاً أو عاماً دراسياً كاملاً كما هي سنة الامتياز في كليات الطب مثلاً. كما أنني أري أن الاهتمام بالأنشطة التعليمية الفصلية مثل الرحلات، والزيارات والمقابلات وإعداد التقارير التأملية ، وملاحظة الأداء، وغير ذلك ، يجب أن يكون له درجات طوال الفصل، وأن تكون 75% من درجات الطالب عليها، ويكفي أن يخصص للامتحان النهائي 25% من الدرجة ، وليس 80% كما هي الآن. كيف يتم الانتهاء من بعبع الثانوية العامة؟ وهل الدولة جادة في ذلك؟ إذا ما تم تطوير التعليم الفني ، والتأكيد أنه يصل بطلابنا إلي الجامعة كما هي الثانوية العامة تماماً.وعندما تصبح شهادة الثانوية العامة ممتدة الصلاحية لثلاث أو خمس سنوات، وليست فرصة واحدة وأخيرة. تطوير التعليم في مصر سيساعد علي مواجهة الأزمات الاجتماعية، والاقتصادية. أرجو أن يكون التعليم والبحث العلمي هو مشروعنا القومي إذا كنا جادين في اللحاق بمن سبقونا علي المستويين : العربي، والدولي.