جاهزية المقار الانتخابية بفايد في الإسماعيلية لاستقبال الناخبين (صور)    وزيرة التضامن توجه باستصلاح 5 آلاف فدان وزراعتها بالنخيل في الوادي الجديد    لليوم ال23.. «البترول» تواصل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر نوفمبر 2025    ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار فى وزير الخارجية يبحث مع عددٍ من نظرائه الوضع بالسودان ولبنان    هيئة البث الإسرائيلية: رئيس الأركان يقيل رئيس شعبة العمليات السابق من خدمة الاحتياط    نتنياهو: قضينا على الطبطبائي القائد الكبير في حزب الله    واشنطن تستعد ل «عمليات عسكرية» ضد فنزويلا    الدوري الممتاز، كهرباء الإسماعيلية يتأخر بهدف أمام زد في الشوط الأول    الأرصاد الجوية: انخفاض الحرارة 7ْ درجات غدا.. وأمطار رعدية تضرب بعض المحافظات    غدا، جلسة محاكمة الفنان فادي خفاجة بتهمة سب وقذف مجدي كامل    يسرا: أحب الدراما التليفزيونية وأحاول اللحاق بسباق رمضان المقبل    نصائح مهمة تحمى طفلك من العدوى المنتشرة فى وقتنا الحالى    جامعة دمنهور تحصد 12 ميدالية في بارالمبياد الجامعات المصرية بالإسكندرية تحت شعار "أنت الحياة"    هل كان السبت الممتاز..حقًا؟    سعر مواد البناء مساء اليوم 23-11-2025    إقالات بالجملة تطال قيادات في الجيش الإسرائيلي    «إعدام الأسرى الفلسطينيين».. لماذا الآن؟    «مسعود شومان»: سيناء كنز إبداعي يحتاج إلى رعاية واستثمار ثقافي واع    هل يجوز جمع الصلاة مع أخرى بسبب الدروس؟.. أمين الفتوى يجيب    نائب بالشيوخ: الانتخابات البرلمانية محطة حاسمة في مسار البناء الوطني    سعر اليوان الصيني أمام الجنيه في البنك المركزي المصري مساء اليوم    المستشارة أمل عمار تدلي بصوتها في انتخابات مجلس النواب 2025 غدا    شيرين عبد الوهاب: لن أعتزل أنا قوية    مخرج «الحياة بعد سهام» نمير عبد المسيح: صنعت الفيلم لحاجتي الماسة إلى الحكي عن علاقتي بأبي وأمي    نائب رئيس حزب المؤتمر: مشاركة المواطنين في انتخابات النواب 2025 واجب وطني    محافظ بورسعيد: عمليات على مدار الساعة خلال يومي الانتخابات    عودة النصر للسيارات.. انطلاقة صناعية جديدة تقودها الربحية والتطوير الشامل    ضبط سائق ميكروباص خالف الحمولة القانونية بعد تداول فيديو بالفيوم    وزير الصحة يبحث جهود توطين تكنولوجيا الأجهزة الطبية وتطوير الخدمات التشخيصية    الصحة العالمية تكرم الزميلة أمل علام لفوزها بجائزة AMR Media    الجونة يتقدم على الاتحاد السكندري بهدف في الشوط الأول    تأجيل محاكمة 17 متهما بخلية العجوزة    "تصميم وتشييد وتقييم الفاعلية البيولوجية لمشتقات جديدة من البنزايميدازول" رسالة دكتوراه بجامعة بنى سويف    وصول إسلام كابونجا نقابة الموسيقيين للتحقيق معه.. صور    تشكيل إنتر ميلان ضد ميلان المتوقع في قمة الدوري الإيطالي    فيديو.. إكسترا نيوز: تكدس غير مسبوق للشاحنات الإنسانية عند معبر رفح البري    بأمر النائب العام.. متابعة حالة الطفلة حور ضحية التنمر    مركز المناخ بالزراعة يحذر من أمطار تصل لحد السيول يومي الأحد والاثنين    الإفتاء تكرم المفتين السابقين وأسر الراحلين في احتفالها بمرور 130 عامًا على إنشائها    الشروط والمستندات.. وظائف مشروع الضبعة النووي برواتب تصل ل45 ألف جنيه    تعرف على غيابات الزمالك في مواجهة زيسكو الزامبي بالكونفدرالية الليلة    وزارة الصحة: لقاح الأنفلونزا هام لكبار السن لحمايتهم من العدوى    تحصين 94,406 رأس ماشية عبر 1,288 فرقة بيطرية خلال 4 أسابيع بأسيوط    موعد ميلاد هلال شهر رجب 1447 وأول أيامه فلكيا . تعرف عليه    وزير الخارجية يبحث مع رئيس وزراء قطر تطورات الأوضاع في قطاع غزة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    كلية التمريض بجامعة القاهرة الأهلية تنظم ندوة توعوية بعنوان "السكري والصحة | غدًا    مواجهات مثيرة.. مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة    نصر: قيمة رعاية الزمالك لا تصل للربع بالنسبة للأهلي    مصطفى كامل: محدش عالج الموسيقيين من جيبه والنقابة كانت منهوبة    أسامة الأزهري: الإفتاء تستند لتاريخ عريق ممتد من زمن النبوة وتواصل دورها مرجعًا لمصر وسائر الأقطار    كمال أبو رية يكشف حقيقة خلافه مع حمادة هلال.. ويعلق: "السوشيال ميديا بتكبر الموضوع"    «سويلم» يتابع منظومة الري والصرف بالفيوم.. ويوجه بإعداد خطة صيانة    مركز المناخ يتوقع تقلبات جوية قوية يومى الإثنين والثلاثاء.. وسيول محتملة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 23-11-2025 في محافظة قنا    وزير الري: أي سدود إثيوبية جديدة بحوض النيل ستقابل بتصرف مختلف    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 23 نوفمبر    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جنة علي الأرض لا يراها المصريون (1)
رؤية الشعاب المرجانية والأسماك في «دهب» تجعلك ترتدي نظارتك وتضع رأسك في الماء
نشر في آخر ساعة يوم 13 - 05 - 2014

في العادة عندما يتحدث المصريون عن جنة الأرض، يشرد ذهنهم إلي بقاع بعيدة، ربما لأوروبا بعراقة مدنها وخضار أرضها، أو لآسيا بغاباتها وشواطئها الاستوائية الساحرة، أو لأمريكا الجنوبية بنكهتها اللاتينية. لا يخطر ببالهم للحظة أن الجنة ربما تكون أقرب لهم مما يتصورون، ربما علي بعد رحلة بالأتوبيس لا تستغرق سوي عدة ساعات يعبرون بها إلي شرق خليج السويس حيث سيناء، وتحديداً حيث تقع واحدة من أجمل بقاع الأرض، دهب. كل يوم يمر عليك وأنت في القاهرة، أسير لضغوطها، حبيس لشوارعها وزحامها، تكتم أنفاسك ملوثاتها ودخانها ويؤذي بصرك قمامتها ويزعجك سلوك أهلها، تشعر أن الحاجة للسفر بعيداً عنها ليست ترفاً أو رغداً، بل هو حاجة إنسانية لا بديل عنها، لتحافظ علي اتزانك العقلي وسلامك النفسي. بعد عام كامل داخل القاهرة، كان السفر لازماً، ربما كالعادة للإسكندرية، التي لا تختلف كثيراً عن القاهرة كمدينة، لكنها مازالت تحتفظ إلي حد ما بالهدوء خاصة في وقت لم تبدأ فيه أفواج الإجازة الصيفية في الزحف إليها.
لكن هذه المرة اقترح علي صديق مكانا جديدا. مكان تسمع كثيراً عن جماله وإبداعه، لكنك لا تفكر في الذهاب إليه، ربما لأنك مصري بطبيعتك لا تحب المغامرة، ولا الذهاب لمكان لم يذهب إليه أحد ليتحدث إليك عنه، أو لأن هناك صورة ذهنية أن هذا المكان يذهب إليه فقط عشاق رياضة الغوص في الأعماق، وأن شخصا بالكاد يجيد السباحة لن يستمتع كثيراً هناك.
المكان الذي اقترحه علي الصديق اسمه دهب، أما وصفه فهو جنة. مكان ليس له مثيل في العالم، تري فيه ما لن تراه في أي مكان، وتستمتع فيه بنوع من الهدوء والاسترخاء والسلام لا يمكن أن يكون قد مر عليك سابقا. الحديث عن دهب لا يكفيه صفحة أو صفحتان، لا يكفيه كتاب أو كتابان. فأنت عندما تتحدث عن هذا المكان، تريد أن تسرد كثيراً من التفاصيل، عن المكان والزمان، عن الناس، عن السياحة والفنادق، عن المصريين والأجانب، عن الجبال، عن البحار، عن الأسماك، عن الشعاب المرجانية التي تعتقد خطأً أنك لتراها لابد أن ترتدي بدلة الغوص وتحمل أنبوبة الأوكسجين وتنزل في الأعماق، بينما يكفيك أن تذهب إلي منطقة البقعة الزرقاءBlue Hole وترتدي نظارة السباحة وتضع رأسك علي سطح الماء وتنظر لأسفل لتري أجمل الشعاب والأسماك، تري كل الألوان، تري كم الإبداع الإلهي في هذا المكان.
تفاصيل كثيرة تريد أن تتحدث عنها وأنت تكتب عن دهب، جوانب مختلفة تريد أن تفصلها، لكن لضيق المساحة فلنبدأ بالحديث عن المكان. والمكان هنا لا يعني دهب. فكل نقطة في هذه المدينة قصة وحدوتة من الإبهار. لكننا سنتحدث فقط عن مكان أو مكانين، عن بقعة شهيرة يسعي كل زائر إلي دهب للذهاب إليها.
الجميع هناك يحدثك عن محمية أبو جالوم التي لا يمكن الوصول إليها سوي بركوب الإبل أو بالمشي وسط الصخور علي الشاطئ لمدة ساعة ونصف، بعدها تصل لجنة بحرية، خلفيتها الجبال ومقدمتها بحر تتدرج ألوانه من التركواز يتعمق تدريجياً ليصل إلي اللون الأزرق الداكن، لون المياه العميقة. ويتوسط هذه اللوحة الجميلة شاطئ رملي تم تجهيزه ليشبه المعسكرات الحربية في بدايات القرن العشرين، حيث العشش المجاورة لبعضها البعض، والبيوت الخشبية التي من الممكن استئجارها والسكني فيها وسط الطبيعة، الطبيعة العذراء التي لم يمسها الإنسان. فيها تستيقظ صباحاً علي مشهد الشمس، تشرق خلف جبال السعودية لتصعد للسماء وتنير هذه البقعة الساحرة. إذا أردت أن تأكل فأمامك البحر، تقطف من أسماكه لتطهيها علي أحطاب النار الدافئة، وتتذوق وتستطعم مذاق الطبيعة وتنام وسط السلام وصوت البحر ومشهد الكواكب والنجوم.
تلك البقعة الساحرة أثارت فضولنا، هي أجمل مكان رأيناه في رحلتنا، لكننا كنا كل يوم في رحلتنا نقول هذا الكلام. نقول إسن ما نشاهده الآن هو أجمل ما يمكن أن نراه، وفي اليوم التالي نذهب إلي مكان آخر أروع وأجمل، كأنك في الجنة تتدرج بين مستوياتها، فالأدني يعتقد أنه لا يمكن أن يري أنه ليس في الإمكان أبدع مما كان، وعندما يصعد للجنة الأعلي يري ما هو أكثر جمالاً وتشويقاً.
هناك قابلنا مرشدا سياحيا مع مجموعة من الغواصين الروس الذين جاءوا ليجوبوا أعماق تلك المنطقة ويستمتعوا بمشاهدة الشعاب والأسماك في تلك المنطقة المميزة. سألناه صراحة، هذا المكان رائع، لكن هل من مزيد من الجمال والروعة في تلك المدينة؟ فأجاب بالتأكيد. علي بعد ساعة أخري من المشي بقعة أروع من تلك التي نحن فيها، يطلقون عليها إسم Blue Lagoon أو اللاجونة كما نطقها المرشد. قال عنها أنها بقعة يذهب إليها هواة رياضة الكايت سرفنج، وهي مزيج بين رياضة التزحلق علي الماء ورياضة المظلات، حيث تصعد الرياح بالمتزلج للطيران عالياً ثم يعود مرة أخري للماء. وهي منطقة غاية في الروعة والجمال.
استغربنا تلك الكلمات، هل هناك أبدع من هذا وأجمل من هذا؟! إذاً فلا مجال للتفكير، لابد لنا أن نري ونشاهد ونحكم بأعيننا. مشينا تلك المسافة التي وإن كانت طويلة لكنها ممتعة. فأنت لا تسير وسط إزعاج السيارات وضوضاء المدينة ولا تمشي في شوارع زينتها القمامة وطابعها الاتساخ. بل إنك تمشي في الطبيعة التي لا مثيل لها في العالم. طبيعة لا تراها سوي في مكان واحد فقط هو سيناء، طبيعة بها مزيج خلاب من الجبال والصخور والرمال والبحر الشفاف، الذي من الممكن أن تري فيه الشعاب دون الحاجة للنزول للماء. هذا المزيج لا يمكن أن تراه في أي مكان آخر سوي هنا. لا تحاول أن تراه في أي مكان آخر.
وبعد ساعة من المشي الممتع، رأينا من بعيد ملامح لمكان يبدو أنه مختلف تماماً عما نراه حولنا. رأينا هلالا من الرمال البيضاء النقية، يحيط ببقعة من البحر شفافة، براقة، لونها أزرق سماوي ينم عن عمق ضئيل جداً للمياه في هذه البقعة. رأينا من بعيد لاعبي الكايت سيرفنج وهم يطيرون في الهواء. رأينا عششا متجاورة بشكل لا يؤذي طبيعة المكان. شيء المذهل في دهب أن التدخل البشري لا يؤذي الطبيعة بل يضيف إليها. في المدينة لا تري أبداً أي مبني يرتفع عن طابقين، ولا تري أي حاجز يمنعك عن رؤية البحر. وحتي في هذه البقعة وسط الصحراء والفضاء فإن العشش التي تم بناؤها مرتبة بشكل يضيف لمسة جمالية غير عادية، كأنه رسام أراد أن يضع لمسته فوضع عشة صغيرة علي يسار اللوحة، ووضع عشتين بحجم أكبر في أوسطها، ووضع ثالثة علي يمينها بقليل، لتعطي تناسباً في الرؤية مع الخلفية الزرقاء الداكنة للبحر العميق، والمقدمة ذات اللون الأزرق السماوي. مشهد لا يمكن وصفه بكلمات. تلك البقعة ربما لا يعلم عن وجودها كثير من الناس، لكنها بلا شك وبلا أي مبالغة أجمل بقعة في سيناء علي الإطلاق. هناك رأينا عددا قليلا من الأجانب الذين ربما سمعوا عن المكان من مغامرين آخرين استكشفوا هذه البقعة وسحروا بها، فحكوا لأصدقائهم ومعارفهم عن روعتها، فشوقوهم لرؤيتها. ورأينا مصريين، ليسوا كالمصريين الذين نراهم كل يوم. مجموعة من الأصدقاء من الشباب والبنات، جاءوا بسيارتين شيروكي، ربما مروا في طريقهم علي متجر ضخم للأدوات الرياضية والبحرية، اشتروا العديد من النظارات المائية والقوارب الهوائية. حتي الكلب الذي جلبوه معهم وضعوا له سترة السباحة، ليعوم بحرية، بينما هم ارتادوا مركباً هوائياً علي شكل كنبة ضخمة جلسوا فيها جميعاً وسط الماء وبدأوا في التقاط الصور لتذكرهم برحلة لن ينسوها بالتأكيد. عالم آخر تعيش فيه يجعلك تعتقد أنك سافرت بعيداً، لكن بعيداً إلي أين؟ نحن في مصر، نحن في سيناء. هل هناك بقعة علي وجه الأرض أجمل من هذه؟ هل هناك هواء وماء وأجواء مثيلة لما هو في دهب سيناء. لا يمكن أبداً، إنها الجنة بلا أدني مبالغة. إنها مكان يذهب إليه المرء مرة، ويذهب بعيداً ليحلم بشيء واحد، هو اليوم الذي يعود فيه مرة أخري لهذا السحر والإبداع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.