«الفن في مواجهة الإرهاب» كان عنوان محاضرة د.مصطفي الرزاز أول عميد لكلية التربية النوعية بجامعة القاهرة في احتفالها باليوبيل الفضي بمؤتمرها الدولي الأول الذي أوضح فيه أهمية الفن في السمو بالروح والنفس في مواجهة التطرف فكان لابد من حوار يقدم فيه روشتة تطوير التعليم المصري، والنهوض بالمعلم المصري ودور الفن في مواجهة الارهاب والتطرف الطلابي في الجامعات المصرية. ٭ بداية ماهو دور التربية النوعية ومتي أنشئت؟ - أنشئت الكلية 1988 وتوليت عمادتها 8 سنوات عندما صدر قرار الرئيس بالتوسع في إنشاء كليات التربية في الجامعات فكانت جامعة حلوان بها عديد من الكليات النوعية تربية موسيقية ورياضية وفنية واقتصاد منزلي فأصدر رئيس الجامعة قرارا بإنشاء كلية تربية ويضم لها الكليات السابقة وكانت هذه الكليات الوحيدة في الوطن العربي ولها مكانة كبيرة وبها مدارس قوية لتعليم الطلبة وعند إصدار القرار بتجاوب من وزير التعليم العالي كانت وقفتنا واعتراضنا علي القرار من استقالات جماعية ووقفات احتجاجية لعدم ضم الكليات وإدراجها تحت مسمي أقسام وتم إلغاء القرار وأحضرنا مستندات من جامعات عالمية لتحديد موقع كليات التربية الموسيقية من الكليات الأخري فتبين أنها كلية مستقلة ذات طابع نوعي فجميع المواد الأخري تعتمد علي التحصيل الذكي للمعلومات.. أما كليات التربية النوعية فهي تعتمد علي مهارات الطالب وإبداعه. ٭ كيف تقيّم مستوي التعليم سواء الأساسي أو الجامعي؟ - المستوي التعليمي هذه الأيام متدهور للغاية وأعتقد أنه مخطط من الحكومات السابقة في الدولة وذلك لعدم رغبتها في إنشاء جيل من المتعلمين ومثال علي ذلك عندما حضر سليم الأول مصر فكان أول قرار اتخذه بإغلاق المدارس وطبعا لولا ادعاؤه بأنه سلطان المسلمين لكان أغلق الجامع الأزهر ولكنه ظل منارة التعليم الوحيدة في مصر في ذلك الوقت، وحينها كان يوجد تاجر مسيحي يريد أن يعلم ابنه ولا يوجد أمامه إلا أن يذهب به إلي الأزهر للتعليم وأشهر إسلام الولد فقبله الأزهر وأظنه أصبح شيخا للأزهر وهو محمد المهدي (والكلام علي لسان الدكتور مصطفي الرزاز). والأنظمة الدكتاتورية الاستعمارية الانتهازية لا تحب التعليم ولا المتعلمين فالحكومات المصرية كانت حريصة علي جعل التعليم شكليا وتزج إليه الفساد الموجود في دواليب الوزارات الأخري فأصبحت المدرسة لا تعلم والمدرس يعطي دروسا خصوصية ولا يطالب بحقه من الدولة مادام يعطي الدروس الخارجية وأصبح المدرس موجودا في المدرسة كنوع من الروتين وينظم مواعيد دروسه ويهين من لا يأخذ عنده درسا وأصبح هناك تآمر رسمي علي خراب التعليم المصري فنحن عندنا تعليم منحط من ينجح فيكون بكفاءته الذاتية. ٭ ماهو دور الفنون في النهوض بالمجتمع؟ - في عام 2006 أكدت اليونسكو أن الفنون لغة مثل بافي اللغات فهي لغة بصرية مؤثرة ومهيمنة علي حياة الناس في الوقت الحاضر وفي هذا الوقت يخرج علينا وزير التربية والتعليم ليلغي التربية الموسيقية والفنية من المدارس ويجعلها مواد اختيارية وهذا معناه أنه علي الأقل 70% من طلبة المدارس لا يدرسون المجال الفني الذي يمارس فيه الخيال والإبداع مما يؤدي إلي تخرج جيل خامل مستسلم لا يوجد عنده إبداع أو قدرة علي التخيل، وجيل من أسهل ما يمكن السيطرة علي عقولهم وقد نبهت علي خطورة ذلك في مقال تم نشره في جريدة أخبار الأدب في عام 2006 تحت عنوان "انتظروا جيلا من الإرهابيين بقرار من وزير التعليم.. والطالب في الابتدائي أو الاعدادي أو الثانوي إن لم يجد وسيلة لنفسه للتنفيس عما بداخله سيتطرف وهل تتصور أن طالبا يعزف الموسيقي أو يرسم من الممكن أن يمسك في يده مولوتوف أو يقتل الناس، فالذي يتعامل مع الفنون من الصعب السيطرة عليه لأن لديه إشباعا ذاتيا ويصعب اختراقه أو تجنيده لصالح إحدي الجماعات المتطرفة. والتاريخ المصري مليء بالدروس في كل الفنون فلا يمكن للكليات العالمية سواء في إسرائيل أو اليابان أو حتي الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تتجاهل التاريخ المصري في الزراعة أو الفنون أو الرسومات الموجودة علي جدران المعابد الفرعونية وعندما يدرس الطالب المصري تاريخه القديم يجب أن يحس بالاعتزاز والفخر فنحن أبناء الفراعنة. ٭ كيف يمكن إعداد المعلم ليواجه المتغيرات الحالية؟ - إعداد المعلم أو الأستاذ الجامعي والمناهج أسهل لأنه يوجد علوم كثيرة يمكن تطبيقها علي التعليم المصري ولكن.. ما دام يوجد أفكار رجعية لا تريد النهوض بالتعليم فستغلق هذه القنوات التي يمكن من خلالها تطوير التعليم فمصر تمتلك عقولا ومخططين ممتازين ولكن لا يوجد إدارة رشيدة غير ديكتاتورية ويجب أن يكون هناك نية حقيقية لدي الحكومة لإخراج جيل من المعلمين وتطوير وتطبيق التعليم في مصر إذا كانوا يريدون إصلاحا. ومن المصادفة أن كليات التربية النوعية الموجودة في مصر لا يكون بها إضرابات ولا مظاهرات هذه الأيام لأن الطلبة بها يدرسون الفنون رغم قربها من جامعة القاهرة بثلاث كيلو مترات فقط. ٭ هل من الممكن إنشاء كلية للتربية النوعية داخل جامعة الأزهر؟ - لابد من إنشاء كلية للتربية النوعية داخل جامعة الأزهر ويوجد فيها بالفعل كلية للتربية الفنية فعلاج الاضطرابات هو علاج ثقافي فيجب توعية الشباب وتنمية الثقافة للشباب سواء الثقافة الحسية أو الفنية أو الموسيقية. فالتجديد في الموسيقي العربية حدث من الأزهر ابتداء من سلامة حجازي وسيد درويش وسيد مكاوي فكانوا يدرسون الموسيقي داخل الأزهر ولو أنشئت الكلية فسيحدث فارق ويجب استعادة الفن القديم لمحاربة التطرف داخل الأزهر.