حجاج أقباط فى القدس سفر نحو 550 قبطياً خلال أسبوع الآلام، أثار دهشة البعض فيما التزمت الكنيسة الصمت، إلا أن مصادر كنسية كشفت ل"آخر ساعة" أن البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أصدر توجيهات غير رسمية بعدم إثارة الموضوع علي وسائل الإعلام، وأنه لن يتخذ أية عقوبات كنسية ضد من يسافر إلي القدس لأن قرار السفر يعد مخالفة لقرار سياسي وهو ما لا يمكن معاقبته كنسياً. من جهته، قال (مينا.ج) أحد أبناء المشاركين في الحج إلي القدس، ل"آخر ساعة" إن والده قرر المشاركة، لأنه لا يعلم متي تنتهي مشكلة القدس ويتم تحريرها من الاحتلال الإسرائيلي، لذلك قرر زيارة القدس خشية ألا يراها أبداً، ولم يذهب للتطبيع مع إسرائيل فهي العدو للمصريين جميعا وستظل كذلك، وهو يحدثنا من القدس بعد وصوله مؤكداً أن أهل المقدس من المسلمين والمسيحيين يطالبون المصريين بزيارتهم وتقديم الدعم لهم حتي يشعروا أن خلفهم من يهتم بقضيتهم في ظل هجمة شرسة من إسرائيل لتهويد المدينة المقدسة، بطمس المعالم الإسلامية والمسيحية علي حد سواء. المفكر القبطي، جمال أسعد، أكد ل"آخر ساعة"، أن زيارة الأقباط لمدينة القدس بغرض التبرك الديني، علي الرغم من أن الزيارة لا تعد من صلب العقيدة المسيحية كما هو الحال في الحج عند المسلمين، فالحج عند الأقباط يقتصر علي التبرك بالأماكن التي زارتها العائلة المقدسة في فلسطين، وغني عن البيان أن مصر مليئة بالأماكن التي زارها السيد المسيح والسيدة مريم مثل الدير المحروق، الذي أقام فيه المسيح لعدة أشهر، وهو ما يجعل زيارته مساوية للقيمة الدينية لمن أراد البترك بآثار المسيح في كنيسة القيامة بالقدس. أن الأقباط الذين زاروا القدس من منطلق ديني لا علاقة لهم بالقرار السياسي الذي اتخذته الكنيسة أيام البابا شنودة الثالث نهاية السبعينيات، في ظل صراع شنودة مع الرئيس السابق أنور السادات، ومسايرة البابا للرأي العام العربي الرافض لفكرة التطبيع مع الكيان الصهيوني، وللأسف فإن الأخير يستغل زيارة الأقباط للقدس من أجل الترويج بأن التطبيع مع المصريين يمضي علي قدم وساق، وأن من يطالبون بقطع العلاقات مع إسرائيل قلة. وطالب أسعد الأقباط بالنأي بأنفسهم عن الاستغلال السياسي من قبل بعض المتربصين سواء في إسرائيل أو من معارضي التطبيع في مصر. وذهب المفكر القبطي كمال زاخر، إلي أن زيارة الأقباط إلي القدس لا تعد مخالفة لتعاليم الكنيسة، ولا هي تعدياً علي الثوابت الوطنية، بل علي العكس هي إحياء لتقليد قديم يعود إلي سنة 325م، فالقاعدة هي زيارة القدس لكن البابا شنودة قرر تعليقها في حدث استثنائي بسبب الظروف السياسية، ومن المعروف أن الاستثناء لا يلغي القاعدة الأصلية. وأشار زاخر إلي أن الظرف التاريخي تغير منذ قرار البابا شنودة بتعليق الزيارة، فوقتها كانت تهمة التطبيع مخيفة مسلطة علي الرقاب، الآن لم تعد التهمة تخيف أحداً كما أن زخم التطبيع قل، مؤكداً ل"آخر ساعة" أن الكنيسة لا تملك إلا التحذير من الزيارة، وهو ما عبر عنه صراحة البابا تواضروس الثاني، الذي انحاز لموقف شنودة بالتحذير من الزيارة دون إنزال العقوبة بمن يقوم بها، لأن الكنيسة لا تمتلك معاقبة رعاياها كنسياً علي مخالفتهم لقرار سياسي. وتابع زاخر: علي المستوي الشخصي عندما التقيت ببعض الشخصيات المقدسية من المسلمين والمسيحيين، وجدت رغبة قوية لديهم في أن زيارة المصريين للقدس، لتقديم الدعم المعنوي والمادي لأهالي القدسالشرقية، الذين تحاصرهم إسرائيل وتعمل علي اقتلاع جذورهم من المدينة عبر تشويه المعالم الإسلامية والمسيحية، لذلك طالبوا باستمرار تلك الزيارات لكي يشعروا بأن هناك من يقف خلفهم في مواجهة العدوان الصهيوني. في المقابل، شن الناشط الحقوقي، نجيب جبرائيل هجوماً حاداً علي الأقباط المشاركين في السفر للقدس بتأشيرات إسرائيلية ما يعد تطبيعاً صريحاً، قائلاً: "لابد أن يكون هناك عقوبات كنسية توقع علي الأقباط المسافرين للقدس، لأن الموضوع خطير ويعد تطبيعاً مجانياً مع العدو الإسرائيلي الذي يستهدف طرد المسيحيين قبل المسلمين من القدس، لأنهم خرجوا علي الإجماع الوطني الرافض للتطبيع مع قوات الاحتلال الإسرائيلي" وأضاف جبرائيل: "البابا شنودة مواقفه الوطنية كانت واضحة في هذه المسألة بما لا يجعل هناك مكاناً لمتأوّل، فموقفه المعلن جاء كرد فعل علي قرار السادات بإجبار الأقباط علي الحج للقدس خدمة لإسرائيل كنوع من أنواع التطبيع المجاني، وهو ما رفضه البابا شنودة تماماًَ، الذي رفض حتي استقبال أي مسئول إسرائيلي رغم إصرار السادات علي ذلك". جدير بالذكر، أن البابا شنودة الثالث (الذي توفي في 17 مارس 2012) كان أعلن بوضوح رأيه الرافض لزيارة القدس قبل تحريرها، متمسكاً بضرورة دخول المسلم والمسيحي معاً للمدينة المقدسة عند المسلمين والمسيحيين، في إطار معركته السياسية مع الرئيس السابق أنور السادات في السبعينيات. وقال شنودة للأقباط الراغبين في السفر إلي القدس: "أدعو الأقباط المتشوقين إلي زيارة القدس لضبط النفس، وعدم الاندفاع العاطفي، لأن الوقت المناسب لم يحن بعد، وفي مصر الكثير من الأماكن المقدسة التي يمكن التبرك بها، أما القدسالمحتلة فيجب ألا نندفع عاطفيا نحو زيارتها، دون النظر إلي البعد الوطني والسياسي، والسلام غائب في تلك المناطق، وما زال شعبها الفلسطيني يعاني من ويلات الاحتلال الإسرائيلي وقهره". مضيفاً: "من الصعب التراجع عن قرار الحظر في المرحلة الراهنة، ما لم يتم التوصل إلي السلام الشامل والعادل، لأن السماح للأقباط سيدفع بمئات الآلاف منهم إلي زيارة الأراضي المقدسة، خاصة في عيد القيامة، ما يروج للاقتصاد الإسرائيلي، ويؤدي إلي إساءة العلاقات بين الأقباط والأشقاء العرب".